عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 07-23-2011, 03:36 PM
 
الفصل الثانى

شعرت كاسى أن هناك سكينا يغمس فى صدرها . لم تكن ترغب إلا فى شئ واحد . أن تفر من صورة وجهها المنعكسة فى المرآة ولكن أبت ساقاها أن تستجيب . مالت إلى الأمام . وفحصت عينيها الذهبيتين ، وتظللهما الهالات الزرقاء .ثم شاهدت الرباط فوق جبينها .أغلقت عينيها .وتعلقت بالحوض حتى لا تسقط تأوهت :
- يا إلهى
صاحت الممرضة ذات البشرة الحمراء بعد أن فتحت باب الحمام :
- أنسة فارو ! ستقتلينى خوفا لا يجب أبدا أن تنهضى من سريرك .
- مضت خمسة أيام وأنا راقدة فى السرير . بما أن على أن أعيش بهذا الوجه فإن لى الحق فى أن أرى ماذا يشبه .
أجابت الممرضة :
- تحدثت إلى الدكتور . ستستحمين غدا . أعتقد أنك ستشعرين بتحسن . سنخبئ جبينك تحت شعرك أرجوك يا آنسة. السيد ماردوك سيغضب كثيرا إذا علم أنك ..
- ماذا فعلت له بحق السماء ؟ لقد أخرجنى من سيارتى ولم أره أبدا قبل الحادث .
كانت كاسى حزينة تماما لدرجة أنها كانت غاضبة من العالم أجمع .
قالت الممرضة :
- لا يهم . هذا الرجل يدفع لى حتى أعتنى بك . وهذا ما أفعله . أعرف ما تشعرين به يا آنسة فارو
صاحت كاسى :
- مستحيل ... إنى أعمل فى مجال التجميل . انظرى إلى وجهى ! انظرى إلى يدى ؟ أستطيع أن أخفى جسدى ولكن ليس كل هذا .
همست يائسة وقد لمعت الدموع فوق خديها :
- أرجوك ساعدينى حتى أعود إلى السرير.
الآن حملقت كاسى فى السقف وهى مستلقية فى سريرها .لم تكن تتخيل أبدا أنها ستشعر يوما ما أنها هرمت وأصبح عمرها قرنا من الزمان .انهارت الحياة التى أرست قواعدها فى صدمة واحدة اتصل نيل من لوس انجيلوس حيث ذهب ليفتتح فرعا جديدا .أخبرها أنه سيعود إلى بورتلاند فى نهاية الأسبوع . وأنه سيمر ليراها .
أضاف :
- يؤسفنى أنك لم تحضرى الاجتماع . لقد حدث شئ لا يصدق . تعرفين هذه العارضة التى حاولت الحصول عليها جنيفر كاويلد هذه الفتاة ذات الشعر الأسود والبشرة النحاسية ؟ إنه حسنا . لقد حصلت عليها ! ستكون عارضة رائعة لأدوات التجميل .
فكرت كاسى بمرارة : حتى طبقة ثقيلة من كريم الأساس لن تفلح فى إخفاء عيوب وجهها . كانت ممددة فى صمت . يغلفها اليأس كالمعطف الضيق .
جاء إيدى فارو بعد الظهر ومعه باقة ورد ضخمة . الوقت القليل الذى عرفت فيه كاسى والدها سمح لها أن تكتشف أن والدها محب لمظاهر العظمة : سيارة فارهة ، شقة واسعة ، هدايا فخمة ... وديون باهظة . يجد صعوبة فى دفعها .
ابتسم عندما رأى ابنته :
- ما الذى حدث لك يا عزيزتى ؟
أحيانا كان ضعف وحساسية والدها يحطمان قلب كاسى . كان إيدى فارو غير جدير بتوفير احتياجاته وعلى الرغم من ذلك لقد أجزلت له الطبيعة العطاء فمنحته وجها صبوحا وقواما ممشوقا .
- صباح الخير يا أبى . هل أبد إلى هذا الحد من السوء .
أجاب بصراحة :
- أسوأ مما كنت أتوقع . ولكن أدعى هذا المدعو ماردوك أنك فى حالة لا بأس بها ، وأنه لا داعى من أن أسرع بالمجئ إليك . لقد نسى أن يخبرنى أنك تشبهين العائدين من الحرب .
قالت كاسى بصوت متكسر :
- - أشكرك بشدة .
التفت إيدى عندما شعر أن هناك من دخل الحجرة
ابتسم إلى الممرضة قائلا :
- هل تستطيعين أن تضعى هذا الورد فى زهرية يا جميلتى .
مد يده بالباقة إلى السيدة الشابة واضعا يده على ذراعها . توردت بينما حملق إليها كأنه لا يستطيع أن ينزع نظرته من عليها
قالت مبتسمة :
- سأذهب لأحضر زهرية جميلة .
أجابها إيدى :
- بسرعة .
ابتعدت الممرضة فى دلال . قالت كاسى بصوت جاف :
- أنت لا تضيع فرصة دون أن تمارس هوايتك فى إغواء النساء . فى ظروف أخرى كانت ستضحك من سلوك والدها .
أجابها :
- المغازلة فن يا كاسندرا . أنا ...
قاطعته رافعة يدها وقد نفذ صبرها. إنه حقا رجل جذاب ، بشرته برنزية بفعل شمس هاواى حيث ذهب فى رحلة مع آخر صديقاته ، شعره الأسود الذى خطه الشعر الأبيض يمنحه سحرا ووقارا . ورثت عنه كاسى عينيه الذهبيتين وقوامها الفارع . حمدت الله على أن لها نفس الطابع الرصين الذى كانت تتمتع به أمها .
قال إيدى :
- إذا كنا لاعبين حاذقين فسيمكننا الاستفادة من هذا المدعو ماردوك . إذا كنت قد فهمت جيدا فهو من اصطدم بسيارتك أى محكمة بمجرد أن تراك ستستنتج أن حياتك العملية قد دمرت .
قالت كاسى بعصبية :
- اصمت . لن تكون هناك قضية . الأخطاء متبادلة . كان هناك ضباب كثيف مساء الحادث ، وكانت الرؤية منعدمة ، وكنت مجهدة ومسرعة للعودة إلى البيت بالإضافة إلى أن الشرطى قد طلب منى تقليل السرعة .
قال إيدى فى عناد :
- هذا لا يمنع أن يكون الشرطى قد طلب من ماردوك نفس الشئ .
أذعنت كاسى :
- هذا صحيح . لكن ليس هذا سببا كافيا لمقاضاة الرجل . يمكنه أن يحول القضية ضدى . هل فكرت فى ذلك ؟
- أنت تفتقدين الواقعية . رجل فى مركزه لابد أن يكون لديه تأمين ضخم .
ازداد غضب كاسى :
- ماذا تقصد يا أبى ؟ لقد طلبت منك ألا تتدخل فى حياتى .
قال إيدى بصوت حازم :
- لا تغضبى ... لست فى حالة تسمح لك باتخاذ قرار . دان ماردوك رجل ثرى
صاحت بصوت منكسر :
- أبى . أنا قادرة تماما على الاهتمام بشؤونى بدونك و ... بالمناسبة أريد أن أقول لك : أريدك أن ترد إلى الخمسمائة دولار التى استعرتها منى العام الماضى .
أخذ إيدى يضحك :
- أنت تشبهين أمك عندما تغضبين .
أجابت كاسى :
- دع أمى فى سلام . كانت طيبة تجاهك . وأنت تعرف ذلك تماما . لا أستطيع أن أتجاهل ما لى عندك من مال . قد أفقد وظيفتى .
- سبب آخر حتى ...
- لا لدى تأمين . لقد أنقذ دان ماردوك حياتى ولن أجرجره أمام المحاكم.
سألها إيدى فجأة مفعما بالأمل :
- يبدو أنك معجبة به يا صغيرتى . ربما كان لديك مشروعات أخرى .
أجابت كاسى بصوت أكثر هدوءا :
- أنت تغضبنى حقا بهذه الكلمات . أفضل أن تذهب وتأتى لترانى فيما بعد . بالمناسبة ، ماذا ذهبت لتفعل فى سياتل ؟
- أعمال ... وحب . واحدة من صديقاتى تمتلك بيتا هناك . وحرصت على دعوتى .
- كان يجب أن تعمل بالتمثيل .
- هل كان يجب على ذلك ؟ إنى ممثل بالفطرة . الحياة ليست إلا سلسلة من المسرحيات ، وإنى أمثل فى كل واحدة منها لكنى أعشق طفلتى الوحيدة .
- كيف تأكدت من ذلك ؟
- من ماذا ؟ من أنى أعشقك ؟
- لا من أننى طفلتك الوحيدة . أليس لدى أخوات وإخوان فى جميع أنحاء العالم ؟
قال إيدى بصوت ميلودرامى :
- من يعرف ؟ من يعرف البذور التى نبذرها على طريق الحياة .
قاطعته كاسى :
- إلى اللقاء يا أبى . وشكرا على الورد .
تأخرت الممرضة فى العودة ، وأدركت كاسى أن والدها قد نجح فى احتجازها عند السلم . أخذت تفكر فى دان ماردوك لم تره منذ بضعة أيام لكنه يتصل بها فى كل مساء . لقد حدثها عن نفسه : عائلته تمتلك استثمارات فى أعمال الأخشاب بالقرب من بند ، وهو موجود هناك للتفاوض مع أحد المشترين . سألها إذا كان أبوها قد جاء ليراها . وإذا كان لديها أخبار عن صاحب العمل. أخبرته أنها لا تحتاج إلى ممرضة خاصة لكنه أصر .
عندما اقترب المساء نظرت كاسى عبر النافذة محاولة تذكر وجه دان ماردوك : إنها تتذكره بالكاد بملامحه لكنها ترى بوضوح فى ذاكرتها كتفيه العريضتن ، وهيئته الرياضية . قالت فى نفسها إنه رجل جذاب حقا .
أثناء حديثهما التليفونى كان يحدثها بلطف . يجيب عن أسئلتها ولا يطرح عليها أى سؤال . هل هو مهتم بها ؟ هل يشعر بالذنب ؟ جزء منها تمنى لو لم يتصل مرة أخرى ،وآخر كان يترقب رنين التليفون .
لم تقابل كاسى أبدا رجلا مثل دان ماردوك لكنها تمنت لو لم تره على المدى البعيد . إنها ليست فى حاجة إلى شفقته
كانت تشعر بالفزع كلما فكرت فى صورتها : عيناها المظللتان بالسواد ، وجهها المتورم تحت الأربطة . يداها المشوهتان . أخبرها الجراح أنها لا تستطيع أن ترتدى المايوه ولا فساتين السهرة المكشوفة كما يجب أن ترتدى ملابس ذات أكمام طويلة .
فتح الباب وأغلق بهدوء . استمرت كاسى فى النظر إلى النافذة ومسحت عينيها . لابد أن الممرضة ذات البشرة الحمراء قد انتهت من فترة خدمتها . لن ترى هذه الفتاة وهى تهتم بها . همت بفتح فمها لتطلب منها ألا تضئ النور عندما استنشقت عطرا رجاليا : شعرت بوخزه فى قلبها عندما تعرفت على صوت دان ماردوك .
- صباح الخير يا كاسى
أدارت رأسها . نظرت إليه بعينين دهشتين ، ثم أخفت يديها بسرعة تحت الملاءة لكن قامت بحركة سريعة فشعرت بألم فظيع فى أذنها .
- صباح الخير
صمت :
- هل أستطيع الجلوس ؟
أجابت :
- تفضل .
- شكرا
أخذ مقعدا واقترب من الفتاة . اضطرت هذه الأخيرة إلى النظر إليه : كان يرتدى بنطلونا بنيا ، وقميصا لونه بيج وحذاء بنيا . لم يكن فى ملابسه ما يلفت نظرها ولكن وجهه الأسمر وملامحه الحادة
لمعت عينا كاسى الذهبيتان بلمعة تحد عندما تقابلتا مع عينيه السوداوين . ظلت متحفظة : إنها لا تعرف ما سبب شعورها بأنها تحتاج إلى أن تحمى نفسها منه .
- صباح الخير مرة أخرى يا كاسى . لماذا أنت متكدرة هذا المساء ؟ هل كان يومك سيئا ؟
أرادت أن تجيبه : نعم كان يومى فظيعا : لكن هذا من الوقاحة
قالت بصوت مرتفع :
- اسفة . لم أكن أدرى أننى أبدو متكدرة .
شعرت بانحباس الكلمات فى حلقها .
اقترب منها دان وقال :
- لا طائل من التقيد بقواعد اللياقة يا كاسى . إذا كان يومك سيئا فأجيبى : نعم كان يومى سيئا.
يا إلهى إنه يقرأ أفكارى
انفجرت :
- إيه حسنا . كان يومى بشعا وغدا سيكون أسوأ .
- حسنا . شئ طبيعى أن يشعر المرء بالكراهية . لكن لا تدعيها تتغلغل إلى أعماقك . سيكون من الأسهل أن تدعينى أشاركك فيها .
أجابت على الفور :
- ماذا تعرف عن ذلك ؟ هذه هى المرة الثانية التى أراك فيها .
- فى هذه الحياة ولكن ليس فى الأخريات .
أجابها بنفس الصوت الهادئ . ولكن كانت عيناه تلمع بالمكر وابتسم ثم انفجر فى الضحك .
- ألم تشعرى أبدا بأن ما تفعلينه قد فعلته من قبل . أنك قابلت شخصا أو شيئا بالفعل ؟ هذا الشعور لا يستمر إلا لحظات لكنه شعورعميق . هذا ما شعرت به عندما شاهدتك . ربما نزلنا نهر النيل معا مثل مارك أنطونيو وكليوباترا . فكرى ، هل أنا غريب بالنسبة لك ؟
أدهشها هذا السؤال الأخير . لقد انتابها بالفعل هذا الشعور الغريب بأن هذا الرجل ليس غريبا عنها .
- إذا كنت قد عرفتك فى حياة سابقة فربما كنت أرنبا وأنت غزالا.
- لا . إذا كنت أنا غزالا فأنت كنت زوجتى .
لمعت عينا دان بابتسامة ساخرة بينما شعرت كاسى بالانفعال : رجل فى مثل سحره وجاذبيته لا يمكن أن يكون وحيدا حتى لو لم يلبس خاتم زواج .
كانت تريد أن تقول له إن حديثهما قد اتخذ منعطفا شخصا جدا ، وأنها لا تقدر سخريته . غاصت عيناها فى عينيه الداكنتين وفجأة ابتسم لها . قال بصوت عذب :
- لك فم جميل جدا يا كسى فارو .أحب أن أراك تبتسمين فى أوقات كثيرة .
تهللت أسارير كاسى بعدغضبها وقالت :
- لا تحاول إغوائى يا أيها الـ دون جوان . لقد أكدت لك بالفعل أننى لن أرفع ضدك قضية .
لمعت عيناه بالغضب
أضاء دان المصباح المجاور لسريرها : شعرت كاسى أنه غاضب للغاية . حملقت فى عينيه الداكنتين يائسة .قال :
- نستطيع أن نقيم علاقة طيبة يا كاسى .
كان وجه دان صارما لدرجة علتها ترتعش ،وعلى الرغم من صعوبة تنفسها وارتعاشها استطاعت أن تقول متظاهرة برباطة الجأش :
- لا يوجد أى علاقة بيننا يا سيد ماردوك .
قال بصوت حان :
- أوه بلى ! إننى منجذب إليك بقوة ... عمرى أربعة وثلاثون عاما . وأنت المرأة الأولى التى أشعر تجاهها بهذا الشعور الغريب . بمجرد أن تعرفيننى أكثر ستدركين أننى لا أعرف المجاملات العابرة
أدارت كاسى رأسها على الوسادة . تأوهت من الألم ثم قالت :
- أنت لا تعرف شيئا عنى و ....
- إنى أعرفك.
مال نحوها ، رفع شعرها وجذبه إلى الخلف :
- شعرك جميل أيضا . فى شقتك رأيت صورا لك وأنت تقدمين أدوات التجميل . سرقت واحدة .
- هل .. هل دخلت إلى شقتى ؟
بقيت كاسى مشدوهة .كم كانت دهشتها كبيرة .
- بالتأكيد . وإلا كيف وصلت حاجياتك إلى هنا ؟
ضحك عندما رأى حيرتها .
- اعتقدت أن جودى أحضرتها قبل أن تقلع .إنها مضيفة طيران وتسكن بالقرب ...
تكسر صوتها . كانت تجد صعوبة فى تصديق ماردوك .
قال دان بتلقائية :
- رأيت جودى . ساعدتنى على اختيار ما تحتاجينه . قالت لى إنك لم تدفعى الإيجار بعد . دفعت للشهر القادم وبذلك لن يكون لديك مشكلة .
- أنت وقح ! أسكن هذه الشقة منذ ست سنوات ولم أطرد مرة لأنى تأخرت فى سداد الإيجار
- أدركت جيدا أن المالكة ستصبر قليلا بعد علمها بظروفك لكنى فضلت الدفع مقدما . بالمناسبة لماذا تخفين ذراعا ؟ هل تشعرين بالبرد ؟
- لا . نعم
كانت غير قادرة على التفكير وهذا الرجل يجلس بجوارها ، ينظر إليها دون أن يرفع عينيه عنها . ابتسم إليها . همس إليها وهو يربت على كتفها :
- أنا متأكد أنك ستكونين بخير وستخرجين من هنا بسرعة وسأصحبك إلى بيتى .
كادت كاسى تفقد وعيها تحت ملمس يده وفجأة ردت :
- ماذا ؟ ماذا ؟
اعترتها الدهشة . أخذ دان يضحك ناظرا إليها . أرادت أن تبقى يده على كتفها :
- سأصحبك إلى منزلى بالقرب من بند . أنت غير قادرة جسمانيا ومعنويا على أن تقيمى بمفردك . لدينا منزل كبير على بعد ربع ساعة من المدينة بالسيارة. ستحبين المكان .
- اصمت . نحن لم نعد فى العصور الوسطى أيها الفارس . نحن فى القرن العشرين .عندما أخرج من المستشفى سأعود مباشرة إلى شقتى يجب أن أنتظر ستة أشهر قبل أن أعهد بوجهى إلى جراح التجميل . أريد أن أعرف إذا كان التأمين سيغطى تكاليف الجراحة . وإذا كنت سأحتفظ بوظيفتى .
توقفت عن الحديث : ضلوعها المحطمة تمنعها من التنفس بشكل طبيعى . إنها غير قادرة على الحديث طويلا . لم ينتهز الفرصة ليتحدث .على العكس لقد انتظر فى صبر ، أصابعه مضمومة حول معصم السيدة الشابة .
قالت كاسى :
- لا تنظم حياتى . ليس شهرا ولا أسبوعا ولا يوما . والآن اتركنى بمفردى يا سيد ماردوك . إننى فتاة كبيرة قادرة على الاعتناء بنفسها بمفردها .
نظرت إليه فى تحد .
ابتسم وشعرت بالدماء تتجمد فى عروقها . حملقت إليه كاسى وقد وقعت فريسة للخوف ، ذلك لأن ابتسامتها كانت تحمل سخرية إرادة وإعجاب . وانتابها شعور غريب بأنها إذا هربت منه فسيتتبعها حتى نهاية العالم .
قال بهدوء :
- أحب فكرك المتحرر . كما أحب تحفظك مع الرجال وحذرك منهم هناك نضارة داخلية وجمال يجذبنى إليك .
ابتسم
قالت كاسى وهى كاذبة طبعا :
- للأسف . أنا غير معجبة بك على الإطلاق .
كان ذلك كأنها تعوم ضد التيار .
- لكنك لا ترفضين ، وكنت تتمسكين بذراعى الليلة الماضية .أود أن أقبلك ... هل تسمحين لى ؟
لمعت عيناه الداكنتان ووثب قلب كاسى لم تستطع أن تجيبه .
مال إليها قائلا :
- كم أنا محظوظ
قبلها بلطف . إنها المرة الأولى التى تشعر فيها بهذه الرقة وهذا الاهتمام . وعندما لم تعرتض كرر دان القبلة ، وبدأت السعادة تتسرب إلى قلبها . شعرت برغبة فى أن تحتضنه حتى لا تفقده
رفع رأسه ونظر إليها . أدارت عينيها . قال :
- أترين ! نحن لا نتحكم فى قدرنا يا عريزتى .
قبل جبهتها بلطف ورحل .
بقيت كاسى برهة تحملق فى الباب المغلق
قالت فى نفسها مفكرة : لقد بدأت أصدقه .