07-23-2011, 03:51 PM
|
|
الفصل الثالث
أخذ نيل هاملتون يروح ويجئ فى الغرفة بعصبية وقال :
- إذا أنشأنا مكتبا جديدا فسنخبرك يا كاسى . فى انتظار ذلك سأدفع لك تعويضا . يعلم الله كم كلفنى ذلك؟
كانت لهجة نيل غاضبة إلى حد كبير.
فكرت كاسى فى صمت أنا وأنت نعلم جيدا أن وجهى هذا لا يصلح للعمل فى بيت موضة . لمعت عيناها بالحزن القاسى : إنه حتى لا ينظر إليها .
- ستأخذ جينيفر مكانك . الحمد لله كم أنا محظوظ بلقائى بهذه الفتاة سأرسلها إليك حتى تعطيها بعض النصائح .
تحملت كاسى نظرات صاحب العمل المحملة بالعداء واستجمعت كل شجاعتها لتواجه هذا الرجل :
- لا تعتمد على مساعدتى يا نيل . سأترك بورتلاند .
- ترفضين مساعدتى بعد كل ما قدمته إليك ؟
- نعم . تماما كما ترفض مساعدتى للتشوهات التى حدثت لى لسوء حظى . ستعلم جينيفر بمفردها مشقات المهنة .كما فعلت من قبلها .
ارتفع صوت كاسى على الرغم من محاولتها الاحتفاظ بهدوئها . كانت ممزقة بين الغضب والكراهية .تلك المشاعر التى لم تتطلب إلا أن تخرج .
قال هاملتون بنبرة فاترة :
- سأدفع لك مقابل الساعات التى تقضينها مع هذه الشابة . إنها ذكية وتتعلم بسرعة بالإضافة إلى أنك ستحتاجين لشهادة خبرة إذا كنت ستحاولين البحث عن عمل جديد .
- لا داعى للابتزاز يا هاملتون . إنك رجل أنانى أبله . سنتنكس أعمالك من هنا إلى خمس سنوات . لأنك غير قادر على مواجهة الشرق .كل ما تفلح فيه هو مراقية الفتيات الجميلات . والآن أخرج من هنا .
بدا الغضب على وجه نيل ربما هو بضربها . لقد أصابته كلماتها كأنها صفعة :
- وأنت ؟ من أنت يا كاسى فارو ؟ إنك لست سوى فتاة مشوهة . لن يفلح أى مكياج فى مواراة ندباتك . لن تعملى أبدا فى بيت لمستحضرات التجميل .
صاحت كاسى :
- اخرج ! اذهب ! اذهب .
نهضت على مرفقها وكبحت صرخة وهى تشعر بألم هائل يخترق رأسها . أخذ كل شئ محيط بها يدور . سقط رأسها على الوسادة .
قال هاملتون وهو يلوح بقبضة يده :
- ستندمين على ذلك يا كاسى .
جاءها صوته بعيدا ، لم تسمع صوت الباب وهو يفتح . سأل دان مقتربا من السرير :
- تبا ... من أنت أيها السيد ؟
نظر إليه دان شزرا محاولا كبح ثورته حتى لا يضربه
- إننى مديرها السابق والأخير فهى غير صالحة للعمل فى بيت لمستحضرات التجميل
أمسك دان كتفى هاملتون وجعله يدور حول نفسه وهو يقول :
- سيدى هل تعلك أنك تواجه خطر أن تفقد بعض أسنانك ؟
رأى هاملتون الشر فى عينى دان . خلال بضعة ثوان كادت كاسى أن تفقد الوعى هل دان ونيل يتشاجران ؟
حاول نيل أن يحرر نفسه من قبضة يدى دان القويتين بينما دفعه دان إلى باب الخروج بقوة ريح ثائرة .
لم تسمع كاسى صوت الباب وعاد إليها دان عيناها مغلقتان ، يداها مضموتان تحت الملاءة . لم تكف عن ترديد كلمات نيل : مشوهة ... مشوهة ... مشوهة .
لم ترغب إلا فى شئ واحد :أن تغرق فى النسيان . لم تنصفها الحياة ،أى إحباط ويأس تشعر بهما . سالت الدموع على خديها .دموع نابعة من أعماقها المحطمة .
تحركت لتعطى ظهرها إلى الباب .. تحركت الملاءة من فوق كتفيها وعلى الرغم من حزنها أمسكتها ورفعتها حتى رقبتها .
النحيب يمزق حلها ، ويهز صدرها وكل جسدها .لأول مرة فى حياتها كانت محطمة وضائعة .
جلس دان إلى جوارها :
- كاسى . لا تبكى .هذه ليست نهاية العالم . كفى عن البكاء .
كان يحدثها بصوت مفعم بالود واللطف ولكن لم تستجب كاسى . إنها فريسة للخزى والإهانة التى سببها لها حديث نيل .دفعت عنها يده التى وضعها على كتفها على الرغم من آلام صدرها .
قالت منتحبة :
- اذهب . اخرج من هنا ! لا تنظر إلى .
أخفت وجهها تحت الملاءة .
- موافق ! لن أنظر إليك إذا كنت تريدين ذلك . لكن لا تبكى . هذا الوغد لا يستحق . لا تعذبى نفسك لأنك فقدت وظيفتك .
ربت على كتفها فى حنان .
أجابت كاسى بصوت يهزه البكاء :
- لا يهمنى العمل .... لا يهمنى هذا الجبان .
- ماذا إذن ؟ اصمتى هل تردين أن تقعى فريسة للمرض بسبب بكائك هذا ؟ دعينى أساعدك يا كاسى .
صاحت :
- لا تقلق بسببى . لست بحاجة إليك ... ولا لأحد .
حاولت أن تتخلص من يده ولكنه أصر على محاولة تهدئتها .
- أنا لست قلقا عليك ....لكنك أنت القلقة ... هل كان هذا الرجل حبيبا لك ؟
رفعت الغطاء عن وجهها :
- ليذهب إلى الجحيم ! لا ! حتى لو كان آخر رجل على وجه الأرض لم أكن لأحب هذا الجبان أبدا
بدون أن تشعر حل الحزم مكان الغضب .
- حسنا ...كنت أعرف أنك لا تفضلين هذا النوع من الرجال .
- ولا أنت يا سيد دان .
- يجب أن تتعلمى يا جميلتى أن تتقاسمى أحزانك وآلامك مع شخص يحبك . مما يسهل عليك الأمور . الآن أخبرى فارسك ما الذى يضايقك بخلاف أنك فقدت عملك .
- إذا كنت تفكر فى المشاجرة من أجلى فانس ذلك يا فارسى أستطيع أن أربح المعركة بمفردى .
- لا أشك فى ذلك يا جميلتى لكن سيكون الأمر أسهل إذا حاربت إلى جانبك .
نظرت إليه شزرا وقالت :
- بالمناسبة أنا لست جميلتك .
مال نحوها وقبلها
- توقف
انفجر ضاحكا .
- كنت أفضل ألا أعرفك أبدا يا سيدى .
استمر دان فى الضحك ولمعت عيناه بالمرح .
- لقد حدث ما قدر له أن يحدث .
أدارت رأسها نحوه فابتسم إليها :
- لا تتحدث أبدا عن أن هناك حياة سالفة تقابلنا فيها . وإذا كان هناك حقا شئ من هذا القبيل فبالتأكيد كنت أنا كليوباترا وأنت الثعبان الذى وخزها .
تحدثت كاسى فى غضب وانفجر دان فى الضحك من جديد .
- أعشق ذلك .
صاحت كاسى مبتسمة رغما عنها :
- انا سعيدة لأن ذلك يفرحك .أنت أجرأ رجل قابلته فى حياتى
أخرج دان منديلا ورقيا من العلبة الموجودة فوق الطاولة ومسح عينى السيدة الشابة
أجاب ساخرا :
- أشكرك لقد استحققت على الأقل اجتذاب انتباهك . حسنا .لقد تخطينا العقبة الأولى .بقى لنا أن نتخطى التاليات .
- أى عقبة ؟
- اصمتى واسمعى . سأذهب إلى مكتبك وأحضر حاجياتك .
- لا طائل من ذلك ستتولى جودى هذا العمل وستتخلص لندا ماكنيس السكرتيرة من المكتب .
أمسك دان سماعة التليفون وسألها :
- ما رقمك ؟
أخبرته بالرقم وضربه على الفور :
- لندا ماكنيس من فضلك . صباح الخير يا لندا .أنا دان ماردوك خطيب كاسى فارو . عندما سمع اعتراض كاسى وضع يده على السماعة :
- ألا تعلمين أنها مخطوبة ؟ إنى مندهش لأنها لم تخبرك . لقد قررنا أن نتزوج فى القريب العاجل . لندا من فضلك ضعى أشياء كاسى جانبا ، وسأحضر لأخذها مع راتبها . شكرا جزيلا . نعم أنها بخير . إنى أعتنى بها . إلى اللقاء .
وضع دان السماعة
انفجرت كاسى قائلة :
- ليس ... ليس لديك الحق فى قول ذلك ! نحن لسنا مخطوبين .لقد تعرفنا بصعوبة .
ابتسم دان أمسك يد كاسى :
- هل تريدين أن أوخزك .
منعت نفسها من الضحك
- دان توقف أنت ترى أننى لست فى حالة تسمح لى بالمزاح . أريد أن أكون شريرة . اذهب ودعنى أتالم وحدى .
- يمكنك أن تكونى شريرة الأسبوع القادم ولكن ليس اليوم ولا غدا .
- لماذا الأسبوع القادم ؟
- لأنى لن أكون هنا سأذهب إلى اليابان مدة عشرة أيام سيكون لديك كل الوقت لتكونى شريرة أثناء غيابى .
- هل سأوحشك ؟
شعرت كاسى أن مشاعر غريبة وقوية تنتابها . نظرت إلى دان . صوت إرادتها يناديها بأن تطرده . وعندما أراد احتضانها صاحت معترضة :
- لا
قبل وجنتها . قال مهدئا :
- صه .... صه ... هل أخيفك ؟ أنا لا ألهو يا كاسى . عندما أريد شيئا ما فإنى أحصل عليه .
ارتعشت كاسى من فرط صراحته . نظر إليها دان فى عينيها وقال :
- هذه الفترة من الابتعاد ستمنحك وقتا لتفكرى فى . لا أريدك أن تتسرعى ولكن عندما أعود أريدك أن تتخذى قرارا .
بحثت كاسى فى رأسها المشوش عن أجابة . حركت رأسها يمينا وشمالا فوق الوسادة وعلى شفتيها كلمة لا . ولكن لم يخرج أى صوت من فمها . وأخيرا قال دان :
- الآن سأتحدث مع الطبيب . وبعد ذلك سأنقل أشياءك إلى الشقة .
ترك كاسى وسار بثقة حتى الباب حيث ابتسم إليها قبل أن يختفى فى الردهة .
بقيت كاسى لحظة طويلة تردد ما قاله : عندما أريد شيئا فإنى أحصل عليه : تنهدت :
- يا إلهى لم أكن فى حاجة إلى ذلك .
يجب أن يرحل دان إلى اليابان يوم الاثنين .مساء الأحد ذهب ليزور كاسى زيارة أخيرة
- عند عودتك سأكون قد خرجت من المستشفى . شكرا على كل شئ . لا تعتقد أننى لم أقدر ما فعلته من أجلى لكنى تعودت أن أتصرف بمفردى . لقد فعلت ذلك دوما .
فى ذلك المساء كانت كاسى جالسة فى مقعد بالقرب من السرير .كانت هذه هى المرة الأولى التى لا يراها فى السرير .
أجابها متجاهلا ما قالته :
- عند عودتى سنطلب من الطبيب أن يضع تقريرا عن صحتك . ثم سنذهب إلى بند هذا المكان سيعجبك.
- دان لا تعاود ذلك . لقد سئمت من ان تخطط من أجلى . لقد قلت لك مرات كثيرة . لا أعتقد أنك أبله .
- أنا لست أبله يا كاسى . إننى عنيد . هذا كل ما فى الأمر .أمى تمتلك بيتا فى بند ،وبما أنها تسافر كثيرا فإنه سيكون ممتازا بالنسبة لك.
جلس دان إنه مفعم بالرجولة والوسامة . لمس يد كاسى التى أخفتها فى جيب ردائها .
- لماذا تخفينها دائما ؟
أمسك يدها ، ثم لمس فى لطف الندبات المنتشرة فى يدها
- أنت ترى جيدا
نظرت إليه غاضبة . وحاولت أن تسحب يدها لكنه أمسكها .
- المظهر له شأن كبير إذن وأهمية بالنسبة لك .
- أنت تعتقد أننى فتاة تافهة وغبية . أليس كذلك ؟ لكن هاتين اليدين هما اللتان يسرتا لى العيش خلال السبع سنوات الماضية . اعتنيت بهما كأنهما عيناى .انظر إليهما الآن ! كيف أستطيع أن أقدم بهما علبة كريم أو زجاجة طلاء أظافر ؟
- أنا لا أراهما كذلك .
اندهشت كاسى لصوته الحزين . ازدردت ريقها وأدارت وجهها .
تبا ! لماذا يظهر لها كل هذا اللطف ؟ لقد ظهر فى حياتها نوا ، وهو يحمل لها من التعاون والتفهم أكثر من أى أحد قابلته بعد وفاة والدتها .
- سأعود بعد عشرة أيام لأخرجك من هنا .
أسندت كاسى رأسها إلى ظهر المقعد . مما أضطرها إلى أن ترفع عينيها نحو دان .
همس إليها :
- انهضى .أريد أن أراك واقفة على قدميك قبل رحيلى .
أذعنت كاسى دون أن تدرى لماذا . لكنها استطاعت أن تقف مستقيمة وعيناها مثبتتان فى عينى الرجل .تورد وجهها ، خفضت رأسها لتخفى اضطرابها . رفع هامتها بإصبعه . فعادت عيناها لتلاقى عينى دان .
قال إليها فى لطف :
- إنى حريص على أن أراك تقفين إلى جوارى . الآن ضعى رأسك فوق كتفى ، وعلى الفور سترين مدى الراحة التى ستشعرين بها .
لم تحاول كاسى المقاومة . أسندت رأسها على كتفه واستسلمت لشعور جديد عليها . شعور بالحماية والدفء .
فتحت عينيها . ماذا يحدث ؟ إنها لا تريد أن تعتمد على هذا الرجل ولا على أى أحد غيره .
قال وهى تحاول الابتعاد عنه :
- لا . لا تتحركى . هل تعرفين ماذا تشبهين ؟ إنك تشبهين عصفورا يضرب بجناحيه . أمامك عشرة أيام ستعرفين خلالها إذا كنت أحببت قربى أم لا .
همس بالقرب من أذنها :
- لم تبد أى أمرأة حتى فى أحلامى أعذب منك يا جميلتى .
ابتعد عنها ببطء
- اعتنى بنفسك أثناء غيابى .
همست فى تردد :
- وأنت أيضا . |