عرض مشاركة واحدة
  #86  
قديم 07-25-2011, 01:24 PM
 
الفصل السـابع [ أتفاق يؤدي لخداع ]

أجابه جيف بهدوء و هو مغمض العينين :
- أصبح الأمر كعادة لدي .
- أنا لا ألومك ، فكلينا لم يذق الحنان منهما .
سحبَ جيف نفساً أخر من السيجارة ليقول :
- لكنك كنتَ دوماً المفضل لديهما.
سخر واتسون من قول جيف بقوله :
- هه ، هذا واضحُ وضوح الشمس ، لدرجة أنهما أصبحا يطلبان منك مراقبتي .
فتح جيف عيناه ليضيف إلى كلامه السابق :
- كما أنك كنتُ الأعند و الأكثر عصياناً دوماً .
انتبهتُ إلى أن واتسون جعل يده اليسرى قبضة واحدة و أخذ يضغط بشدة عليها ، يبدو أنه غاضب و غاضب لدرجة كبيرة ، كما يبدو أن جيف أنتبه إليه لأنه ألقى بنظره على قبضة يد واتسون لثواني ثم رفع بصره لينظر في وجه واتسون ويسأله :
- ما الذي تفكر فيه الآن ؟
أجابه واتسون بهدوء نسبياً :
- كنتُ أعتقد دوماً أنني سوف أبقى بخير رغم جميع محاولاتكم ، لكن .....
توقف قليلاً لينظر إلى جيف بحدة و يكمل كلامه بغضب :
- لكن يبدو أن محاولاتكم تعدتني ، و أصبحتم تستهدفون القريبين مني ....
ثم صاح بقوة :
- لماذا أحرقتم منزل أبي ؟
ببرود أجابه جيف :
- هدئ من روعك ، ليس من الجيد لشخصيتك أن تفقد برودها .
خطى واتسون باتجاه جيف خطوات بطيئة و أخذ غضبه يتلاشى شيئاً فشيئاً لأنه كما بدى لي أصبح يتحكم في أعصابه بطريقة بارعة جداً حيث أنه قال ببرود لا يُصدق :
- قد أبدو بارداً كالثلج ، لكن عندما يتعلق الموضوع بأحدٍ أحبه فصدقني ، لن أكون ذاك البارد .
و نطق أخر أربع كلمات بقليلٍ من الحدة ..
وضع جيف سيجارته في فمه ليأخذ نفساً ثم قال :
- ما زلتَ بارعاً كما كنت ...... أحياناً أشك في أن لديك مشاعر ، فأنتَ تجيد إخفائها بطريقة لا تصدق .
بهدوء قال له واتسون :
- بعض الأمور لا يستطيع المرء أن يفقدها .
انتبهت إلى أن الغراب الذي كان واقفاً على كتف جيف أبتعد عنه ليحلق باتجاه عمود إنارة ، و يقف عليه ليحث الغربان الأخرى على اللحاق به و الابتعاد عن قدمي جيف
نظر جيف إلى الغربان نظرة سريعة ثم عاد بنظره لواتسون الذي وقف في مكانه بهدوء و قال :
- على أيه حال يا واتسون ، أنا لا أتمنى عودتكَ إلى ظل والديكِ أبداً ، فهذا يعني انتهاء هذه اللعبة و هي في بدايتها .
رد عليه واتسون بسخريته المعتادة :
- في بدايتها ؟ أتمزح ؟ لقد مضت عشر سنوات .
تكتف جيف ليغمض عينيه و يقول بهدوء :
- عشر سنوات ؟ حقاً أن الوقت يمر بسرعة هنا ! ....... لا أعلم أن كان ذلك بسبب أن الوقت هنا يمر بسرعة ! ، أم بسبب حصولي على متعة كثيرة فلم أعد أشعر بالوقت !
ثم قام بفتح عينه اليسرى فقط ليلقي بصرها باتجاهي و ينظر إلي لثوانٍ ، ثم نظر إلى واتسون مجدداً ليسأله :
- تلك الفتاة ، أتعلم ماذا سوف يكون مصيرها ؟
أدار واتسون رأسه بسرعة باتجاهي لينظر إلي بقلق واضح لم يستطع إخفائه ثم عاد برأسه باتجاه جيف ليقول له :
- لا أظن أنكَ سوف تأذي فتاةً يا جيف ، فكما تقول أنتَ ، الفتيات الرقيقات يجب معاملتهن برقة .
سخر جيف مني بطريقة أغضبتني بشدة وجعلتني أتمنى لو أقوم بصفعه بقوة حيث أنه قال :
- رقيقة ؟ تلك ؟ بالله عليكِ ، لا تجعلني أضحك .... إنها أشبه بثورة صغيرة تحتاج إلى ترويض .
كم وددتُ لحظتها أن أقوم بإيساعه ضرباً ، إنه بالفعل يشبه واتسون بطريقة لا تصدق!
سمعتُ صوتاً أنثوياً من الخلف :
- عذراً ! .......... لكن ما الذي تفعلينه ؟
ألتفت إلى الخلف لأرى فتاةً شابةً تنظر إلي ، إنها موظفة استقبال العمارة
هززتُ كلتا يدي بالنفي لأجيبها بارتباك :
- لا شيء ..... لا شيء ..... لا شيء أبداً .
على ما يبدو ، أن تحديقي بالشارع من خلال الباب الزجاجي للعمارة أثار استغراب الموظفة ، في الحقيقة معها حق ، فأنا لو كنت مكانها ، و رأيت أحدهم يقف أمام الباب ، و ينظر من خلاله لأسترعى كامل انتباهي و فضولي ، و لكن رغم أنني قلتُ لها لا شيء ، وجدتها تنظر من خلال الباب إلى الشارع ، فألتفت بسرعة للشارع لأرى أن كل من واتسون و جيف قد .... قد اختفيا !
ذُهلت من هذا ، متى اختفيا ؟ وكيف ؟ و ماذا حدث ؟
سحقاً أن الفضول يقتلني ، كل هذا بسبب هذه الموظفة الحمقاء،من أين ظهرت لي فجأة؟!
تكلمت الموظفة لتسألني :
- عذراً ، لكن هل أسمكِ روز ؟
شعرتُ بقليلٍ من الغرابة ، لماذا تسألني عن أسمي يا ترى ؟ ، هززتُ رأسي بالإيجاب بخفة لتبتعد هي عني قليلاً وتذهب إلى طاولة الاستقبال و تقوم بأخذ ظرف ثم تعود لي وتسلمني الظرف وهي تقول :
- هذا لكِ ، لقد وصلني ظهر هذا اليوم .
أخذتُ الظرف منها لأسألها :
- هل تعلمين من كان الشخص الذي أحضرها ؟
رفعت الموظفة رأسها قليلاً لأعلى لتتذكر و تقول :
- هممم ، في الحقيقة ، كان شاباً ، شعره اسود وبعض خصله كانت ملونه بالأحمر ، بشرته بيضاء ، طويل بعض الشيء و وزنه مناسب ... هذا ما أتذكره .
حسناً ، هناك شخصُ واحد يمتلك هذه المواصفات .... لا لحظة ، هناك اثنان ، جيف و واتسون ، لكن من منهما أرسل هذا ؟ ..... تذكرتُ شيئاً ، شيءُ بالتأكيد سوف يجعلني أعرف من منهما ، لون العينين ! ، لون عينيهما مختلفين ... أسرعتُ في سؤال الموظفة :
- ما كان لون عينيه ؟
استغربت الموظفة قليلاً و قد وضح ذلك من خلال قولها :
- لون عينيه ؟
توقفت قليلاً لتضع يدها على ذقنها وتنظر لأسفل ، هه هذه هي تصرفات الإنسان عندما يحاول تذكر شيئاً ما ، بعد ثواني رفعت رأسها لتجيبني :
- لا أعلم ، لا أتذكر .
أحسستُ بخيبة أمل كبيرة فشكرتُ الموظفة و أسرعتُ في فتح الظرف ، في حين ابتعدت هي لتقف في مكانها قرب طاولة الاستقبال ، كان داخل الظرف رسالة جعلتني أستغرب أشد استغراب فخط كاتب هذه الرسالة كان خط أمي ! ومرسل الرسالة هو أمي
( مرحباً عزيزتي روز ، كيف حالك ؟
ما أخبار نيويورك ؟ أعلم أنها مدينة رائعة فقد زرتها العديد من المرات
أحببتُ أخباركِ بأنني سوف آتي لنيويورك غداً ، لدي عملٌ هناك ، لذلك ربما قد أمر عليكٍ و أنتٍ تستطيعين أن تأتي معي للعمل أن أحببتِ فقد اشتقت إليك كثيراً ، و أيضاً سوف يسرني أن أرى صديقتكِ أليسون فأنا أعلم أنها سافرت إليكِ و أنا لم أرها منذ زمن
تحياتي الحارة
والدتكِ ماري )
صُدمت من محتوى الرسالة ، فالرسالة قادمة من أمي لكن الشخص الذي جاء بها إلى هنا لا يعرف أمي ........ جيف أو واتسون ، ما علاقة أمي بهما ؟ هل تعرف أحداً منهما ؟ و لماذا جاء أياً كان منهما الذي أحضر الرسالة إلى هنا و طلب من الموظفة أن تسلمها لي ؟
قرأت محتوى الرسالة من جديد و ابتسمت بسخرية على كلمة ( اشتقت إليكِ )
هل تمزحين يا أمي ؟ أنتِ لا تشتاقين لأحد سوى لنفسكِ ، لم تحبيني يوماً فما الذي تنوين له برسالتكِ هذه ؟
ألتفتُ مجدداً لأنظر من خلال الباب الزجاجي إلى خارج المبنى ، كان خالياً تماماً من المارة و هادئاً لدرجة كبيرة كما لو أنه لم يحدث فيه نقاشُ حاد قبل قليل ، تذكرت أليسون فهمستُ بصوتٍ خائفٍ عليها :
- أليسون !

----------------------
__________________
رد مع اقتباس