07-27-2011, 03:41 PM
|
|
الفصل العاشر
كانت كاسى فى المطبخ مع العمة بولا عندما سمعت الكلبة تنبح وأبواب سيارة تصفق . ارتفع صوت امرأة يأمر :
- أحمل الدجاج إلى المطبخ يا جون . جيم وجولى أمسكا الطفل ولا تقتربوا من سالى . لا تهرب يا جوستان . هناك الكثير الذى يجب ان تحمله .
تركت كاسى نفسها لتسقط على مقعد . إن ساقيها لا تستطيعان أن تحملاها . قالت لنفسها : ابتسمى يا كاسى . لا تكشفى عن انفعالاتك . تظاهرى بالهدوء . تبا ! كفى عن التوتر لك كل الحق فى أن تكونى هنا . إن دان هو من أراد ذلك . تشجعى يا كاسى . تشجعى !
على الرغم من ذلك نظرت إلى العمة بولا نظرة كلها قلق .
قالت الاخيرة لتشجعها :
- اعتمدى على يا كاسى . هذه سكين ابدئى فى تقطيع الكعكات الصغيرات ست قطع والكبيرة ثمان
وضعت الحلوى على الطاولة .
بعد قليل قالت السيدة العجوز :
- هذه مارجى واطفالها الخمسة . إنها أم مثالية .
أمسكت كاسى سكين المطبخ . كانت سعيدة , لأنها لديها شيئا تفعله .
سمعت صوت دان . لقد وعدها بأن يكون معها .
صفق باب المطبخ . دخل خمسة أطفال فى نفس الوقت .
قالت العمة بولا :
- يا صغار ضعوا الطعام على الطاولة فى الشرفة .
اندفع الصغار . سمعت صوت المرأة الحاد للمرة الثانية :
- اذهبوا لتلعبوا فى الخارج يا أطفال ! لا تقتربوا من النهر , وراقبوا جاين جيدا , وعندما تبدوءن مباراة الكرة أحضروا لى الصغير .
لم يسعف كاسى الوقت لترسم فى خيالها صورة صاحبة هذا الصوت . سيدة قصيرة شعرها أسود وقصير , دخلت إلى المطبخ مبتسمة , مرتدية بنطلون جينز , وقميص مربعات وحذاء رياضيا .
نظرت إلى كاسى بعينين ضاحكتين فلم تستطع كاسى إلا أن ترد لها ابتسامتها .
- أنت كاسى ؟
أجابت العمة بولا بسعادة :
- بالتأكيد . منذ ان رأيتها عرفت أنها الفتاة التى خلقت من أجل دان . لو رأيتهما مع بعضهما هو أسمر وهى شقراء مثل العسل .
تقدمت مارجى نحو كاسى بابتسامة لطيفة :
- أنا مارجى زوجة فريد . أنا سعيدة جدا بلقائك . انتظرت هذه اللحظة طوال اليوم .
احتضنت كاسى بحنان ثم ابتعدت , وما زالت الابتسامة على شفتيها .
صاح دان عائدا من الشرفة :
- هيه ! مارجى أرى أنك قد تعرفت بالفعل على زوجة المستقبل .
احاط كتفى زوجة اخيه بذراعيه .
- نعم , حدث ذلك بالفعل . كيف حالك يا دان ؟
- طيب جدا يا صغيرتى مارجى وأنت ؟
قبل جبينها .
- حسن .
صاح رجل دخل توا :
- هيه ! اترك زوجتى أيها الصبى .
كان هذا الرجل أقصر من دان ولكنه قوى البنيان مثله . شعره أسود , وبه بعض الخطوط من الشعر الأبيض . وله شارب .
صاحت مارجى وهى تقترب نحوه :
- عزيزى ! لم أتوقع ان تصل مبكرا . ألم تمر على البيت لتبدل ملابسك . أعطينى معطفك وأخلع رابطة عنقك ولتكن على راحتك .
- أردت ان اكون جميلا لمقابلة كاسى .
قالت بصوت ماكر :
- لا تحتاج لأن تكون جميلا من أجل كاسى . فأنت لى .
مد اخو دان يده مصافحا كاسى :
- أنا فريد .
- اهلا فريد . سعيدة جدا لمقابلتك .
- انا سعيد . لأن هذا الصبى الشيطانى قد وجد أخيرا من تشاركه حياته ! أهلا عمة بولا كيف حالك ؟ ماذا أعددت لنا من طعام شهى ! لا يوجد فى بيتنا طعام !
قالت العمة بولا ضاحكة :
- أنصت إلى . لو كنت مكانك يا مارجى لما طهوت أى طعام . فى هذه اللحظة وصلت هيلين وأسرتها .
اقترب دان من كاسى وسألها :
- هل كل شئ على ما يرام يا عزيزتى ؟
أجابت بكل صدق :
- تماما .
كانت هيلين سيدة طويلة , شعرها مائل للون الرمادى . استقبلت كاسى بلطف , ولكن ليس فى نفس حرارة ماجى .
أطفالها يعشقون العم دان . قالت إن هانك زوجها لديه كثير من العمل وهم مضطرون للعشاء بدونه . كانت أختها معها . إنها شقراء مدت إليها كاسى يدها لتصافحها لكنها لمستها بالكاد .
اختفى قلق كاسى تماما , وأدركت أنها لم تكن على صواب عندما خشيت من استقبال عائلة دان . التى أثبتت أنها عائلة طيبة وودود .
سار الحديث فى جو عائلى جميل . كانت كاسى تتحدث إلى فريد والسيدتين فى سعادة بينما ذهب دان ليلعب الكرة مع أولاد اخويه . ثم عاد بهم لتناول العشاء . أثناء العشاء كان دان يربت على يدها أو على خدها . ينظر إليها كأنه يريد أن يظهر لعائلته كم يحبها .
بعد العشاء . عاد الأطفال للعب ونهضت كاسى لتساعد العمة بولا فى تنظيف المائدة.
قالت لها العمة بولا :
- لا تتحركى . تحدثى مع مارجى بينما تأكل جاين . ستساعدنى هيلين ولوسى .
بكت ماريان .
- أريد أن تلعب أمى معى .
نظرت إلى كاسى ببغض .
قالت مارجى :
- لا تبكى يا عزيزتى . اجلسى على المقعد العالى فى المطبخ وراقبى أمك وهى تساعد العمة بولا .
ثم ابتسمت مارجى . ونظرت إلى فريد بعينين مشرقتين .
شعرت كاسى بالحنان الذى يربطهما . وقبل فريد زوجته بحب .
هذان الزوجان متحابان بل إن كليهما يعشق الآخر ودان أيضا سيكون زوجا محبا , وأبا واعيا . إنه يرغب فى كاسى وهى لاتشك فى ذلك . لكن الحب ؟ هل من الممكن أن يكون قد احبها فى هذا الوقت القصير ؟ لا يجب الخلط بين الشفقة والشعور بالذنب . وبين الحب .
فى نهاية السهرة جمع فريد ومارجى أطفالهما وذهبا . وعدت مارجى بأن تعود لترى كاسى فى غياب دان . أخذت هيلين أطفالها فى سيارتها الكبيرة عندما وصل زوجها . قال الأطفال إلى اللقاء ل كاسى , ثم قبلوا والدهم قبل أن يرحلوا مع هيلين .
شعرت كاسى بالارتياح , لأن عائلة ماردوك عائلة مترابطة . راقبت هانك وهو يتقدم نحوها .
كان طويلا مثل دان , ولكنه أكثر نحافة يضع نظارة . قال :
- آسف على التأخير . كان هناك عطل فى قطاعة الخشب . واضطررت للانتظار حتى أعرف إذا كان عطلا جسيما .
مد يده ليصافح كاسى مبتسما :
- أهلا كاسى . أعتقد أنك عانيت من الضوضاء . هكذا تقول العمة بولا إن الضوضاء تكون حيث يكون الاطفال .
- لا إنهم فى غاية الظرف .
احتضن دان كاسى وقال محدثا أخاه :
- تعال إلى المطبخ يا هانك لقد احتفظت لك ببعض الطعام .
بعد أن رحل هانك بعد ساعة تقريبا كانت كاسى مقتنعة بأن هانك لا يقدر وجودها فى المنزل .
عندما جلس إلى طاولة الطعام تحدث مع دان عن العمل وكانت هناك مشكلات بسبب العقود الاجنبية . ويجب ان يعود دان إلى اليابان لتسوية هذه المشكلات . أثناء ذلك تحدثت كاسى مع العمة بولا فى المطبخ . ثم عادت هذه الأخيرة إلى بيتها . عادت كاسى إلى غرفة المعيشة حيث لم يوجه لها هانك كلمة واحدة باستثناء تحيته لها قبل أن يرحل .
بعد رحيل أخيه أعلق دان الباب .
إيه حسنا . كيف كان الأمر؟
- مؤثر . حتى هذه الليلة لم أتعرف على عائلة كبيرة العدد مثل عائلتك . أعتقد أننى أفضل أن أكون بمفردى مع العمة بولا أو مارجى .
قال فاتحا ذراعيه :
- أو معى . تعالى إلى يا أميرتى .
استطرد :
- الباب مغلق بالمفتاح ولن يأتى أحد ليزعجنا هذه المرة .
- دان . أنا لا أصدق .
أسكتها بقبلة ثم همهم " لا تصدقى شيئا " ثم ابتسم إليها منتصرا .
صاحت :
- هذا ليس من العقل يا دان .
انتزعت نفسها من بين ذراعيه وابتعدت .
- ليس من العقل ؟
قالت :
- لا يجب ان نتمادى فى ذلك . لا أريد حملا غير شرعى .
- تريدين أطفالا. أليس كذلك يا كاسى ؟. حتى لا يطردك أفراخ أخى من العش .
توجهت إلى حجرة المعيشة ودان يتبعها . قالت :
- أريد أن انشئ أسرة فى يوما ما . لكن ليس الآن . لابد أن أجرى عملية تجميل أولا . كما أنه ليس لدينا ما نقدمه لطفل .
أجابها بصوت اجش :
- تبا . ماذا تقصدين ؟ نحن متحابان . سنكون أبوين متازين .
انزل من فوق سحابك يا دان . نحن متعارفان بصعوبة .
أمسك ذراعها واجبرها على أن تجلس على الأريكة وقال :
- أنت تكذبين ليس هذا هو السبب . ما زلت تخشين الارتباط .
فى الماضى كانت تهرب من نظراته أمام اليوم فهى غير قادرة على ذلك , تحشرج صوتها , وارتعشت ساقاها , إن دان يقول الحقيقة . استندت إلى الوسادات مضطربة . كانت تعرف أنها غير قادرة على المقاومة . ستجد نفسها بين أحضان دان ضعيفة وخاضعة مرة اخرى .
استطرد :
- لست أفهم لماذا لا تريدين أطفالا على الفور يا عزيزتى ؟
احتضنها . نظرت إلى عينيه فقرأت فيها الحنان .
- لست على استعداد لمحاربتك .
شعرت بوخز فى قلبها .
- أحبك يا أميرتى .
رفع هامتها بإصبعه وقبلها فى حنان .
لاذت كاسى الصمت . ذلك لأنها لا تعرف بماذا تجيب . لقد قال دان الحقيقة فهو يحبها بالفعل . لقد أصابهما شئ يفوق العادة منذ اللحظة الأولى التى رأيا بعضهما . ابتسمت إليه . كل ما يهمها الآن أنها معه .
أسندرت رأسها الأشقر إلى كتفه .
- هل سمعت هانك وهو يتحدث عن المشكلة المتعلقة بعقد اليابان ؟ يجب ان أسافر غدا .
- كم من الوقت ؟
- خمسة أو ستة أيام . ستكونين بخير هنا .
العمة بولا تسكن إلى جوارك . وطلبت من مارجى ان تأتى لتراك .
قالت كاسى مترددة :
- هل أنت متأكد أنه يجب على أن أبقى ؟ أفضل أن أعود إلى شقتى . لا أعتقد أن هانك يستحسن فكرة وجودى هنا .
- هانك رجل عملى جدا . إنه لا يقرر شيئا إلا بعد دراسة . فهو لا يعيش إلا للعمل ولاطفاله . لا أريد القول بأنه غير سعيد مع هيلين . إنها زوجة طيبة . فهى تأخذ منه القليل من الوقت . لها اهتماماتها الخاصة : الرحلات , الجولف .. هانك محب للعمل .
أما فريد وأنا فمصنع الخشب بالنسبة لنا مجرد وسيلة للعيش . فهو ليس الحياة . حياة فريد هى مارجى إنه يحبها بشدة . لقد أحبها دائما . وأسال نفسى ماذا سيفعل إذا حدث شئ لزوجته .
رفعت كاسى رأسها :
- تتكلم كأن شيئا سيحدث لها ...
- واجهت مارجى مشاكل صحية . أرادت أن يكون لها خمسة أطفال إنها أم رائعة .
أجابت كاسى :
- تبدو مارجى فى صحة طيبة . عيناها البراقتان , وضحكتها المشرقة .
- إنها بخير الآن . وأنا سعيد لأنها أعجبتك .
اجتذبها دان نحوه بشدة .
- أريد أن أحتجرك بين ذراعي وأسمع دقات قلبك .
- دان عزيزى . لا يجب ان ..
انتزعت نفسها من بين ذراعيه ونهضت قائلة :
- سأعود خلال لحظات .
ذهبت إلى غرفتها , وتوجهت نحو الحمام , وأغلقت الباب خلفها .
قالت لنفسها بصوت مرتفع :
- إنه محق فى رغبته فى الزواج . سيكون زوجا , وأبا ساحرا , إنه أنا من يتشكك . سأصاب بخيبة الامل ما لم ينجح زواجى ,. أخرجت رداء للنوم من الدولاب . قبل أن ترتديه نظرت إلى نفسها فى المرآة . كم تخشى أن تثير اشمئزاز دان بكل هذه الندبات التى شوهت جسدها الجميل .
اغروقت عيناها بالدموع وادارت ظهرها إلى المرآة وارتدت الثوب .
سرحت شعرها بشكل يخفى أذنها وخرجت إلى غرفتها , واقفلت كل الأضواء إلا ضوء الأباجورة المجاورة لسريرها .
بعد لحظات دخل دان فى هدوء .
قالت عندما رأته :
- أنت جميل ورائحتك ذكية .
ابتسم إليها :
- يجب أن أكون جميلا فى عينى حبيبتى .
- حسن .
كان الضوء خافتا جدا .
- لماذا أطفأت كل الأنوار . أريد أن أرى وجهك الجميل .
قالت :
- ماذا ؟
- لا أريد أن يغيب عنى ملامح وجهك . ما الذى تخفينه يا كاسى ؟
لماذا تخجلين من أن أراك ؟
شعرت كاسى أن كلماته سكينا يغمس فى قلبها .
- لا . ليس هذه الليلة يا عزيزى .
همس :
- تعرفين أن هذا لن يستمر . يجب ان يكون حبك قويا بالقدر الكافى حتى تقبلى أن تزيلى كل ما بيننا من حواجز . أريد أن نكون واحدا . لا يوجد أى أسرار بيننا .
لم تجب كاسى بشئ . كانت غير قادرة على الحديث . اغروقت عيناها بالدموع ونزلت على خديها . ربت على خدها فشعر بدموعها .
همس :
- لا ياعزيزتى . لسنا مضطرين لتسوية هذه المشكلة هذه الليلة . أنت متحفظة دائما لكن لايهم , سنتحدث فى ذلك عند عودتى .
زادت هذه الكلمات الحانية حزن كاسى .
قالت بصوت متكسر :
- أمهلنى بعض الوقت .
عادت تبكى فى صمت . هل هذه هى المرة الأخيرة التى سيكون فيها معها ؟
وقعت فريسة لقلق عميق . أخذت تقبله بحب .
همس دان :
- الحب الجميل هو الذى ينمو ببطء حتى يصل إلى الاعماق .
أقفلت كاسى عينيها . وقالت : أريد حبك يا دان وليس شفقتك . لا أستطيع رؤية الاشمئزاز فى عينيك .
جلس دان فى سيارته ينظر إلى كاسى . فى عينيها قرأ القلق :
- كل شئ سيكون على ما يرام . أليس كذلك ؟
هزت رأسها ثم زفرت . بحثت عيناها عن عينى رفيقها :
- كل شئ سيكون بخير يا دان لكنك ستوحشنى .
- وأنت أيضا ستوحشيننى .
- هل ستذهب إلى هذه الأماكن ... مع الجيشا ؟
لمعت عينا كاسى بالمكر وهى تنظر إلى وجه دان
- هل ستغارين
ابتسم إليها
قالت كاذبة :
- ولا قيد أنملة .
ضحك فى سعادة وصافح يد السيدة الشابة . ثم سلك طريق المطار حيث سيستقل طائرة صغيرة إلى بورتلاند .
- ستعتنى العمة بولا بك . أنت تخشين النوم بمفردك فى الليل تستطعين أن تأتى وتنامى فى حجرة أمى .
- أعرف . لقد اقترحت على ذلك لكننى لا أخشى الوحدة .
- لقد طلبت من فريد أيضا أن يمر عليك من وقت لآخر .
نظرت إليه كاسى فى دهشة :
- لماذا ؟
- أريد أن أتاكد من أنك ستكونين محاطة بهم يعتنون بك يا حبيبتى .
- شكرا لاهتمامك بى . ولكن لا أجد طائلا فى إزعاج فريد . لن تغيب أكثر من خمسة أيام على أية حال .
- ستكون أطول ايام فى حياتى . كنت أود أن أصطحبك معى .
- وأنا أيضا .
ركن دان السيارة فى ساحة انتظار المطار الصغير
- هل ستأتين ؟
هزت رأسها .قالت وهى تعلم أنها تخشى البكاء أو الانهيار عند رؤية دان وهو يرحل :
- لا أحب لحظات الوداع فى مكان عام . لا ترهق نفسك فى العمل واعتن بنفسك .
ابتسم إليها ثم احتضنها . أقفلت كاسى عينيها . لقد اعتمدت عليه كثيرا فى الأيام الماضية ! لم تكن تعرف أبدا أنها تحتاج إليه إلى هذه الدرجة .
أحبك لا تنس ذلك يا دان
- أحبك أنا أيضا يا كاسى .
تبادلا قبلة طويلة
- يجب أن أذهب الآن . |