عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-31-2011, 11:38 AM
 
سيداتي سادتي ... ,, لم أتلق أي تعليقات ، لكني مصرة على عرض بعض الحقائق والأوهام اليومية في حياتنا ،فأهلا بكم في عالمي الحقيقي والوهمي..على أرقام ..عفوا أقصد أجزاء,,
الجزء الثاني:
الحقيقة الثانية : : سعادة حقيقية أخرى !!
غربتها صعبة جدا، كيف يمكن لحلم جميل ان يتحول لمصدر آلام ، بعد عدة شهور من غربتها بدأت تشعر بالوحدة ،تشتاق لشوارع لبنان، أزقتها ، طريق ضيعتهم الجبلي الملتف معانقا أشجار خضراء يانعة من الحمضيات، أشجار العناب الطويلة والزيتون وحباته الخضراء، كل ما تقع عليه عيناك أخضر، وهنا أصفر، يا لتباين الألوان ، وتلاعبها بنا ، كانت تكتم آلامها ووحدتها خوفا على نعمة تلك البلاد الصحراوية المتطورة الجديدة ، تتذكر قول جدتها (يا ستي في ناس بتجيهم النعمة من فوق على راسهم بضلوا ينزلوا فيها تيشلحوها من إجريهم وفي ناس بتيجي النعمة ع إجريهم بضلوا يطلعوا فيها تيحطوها ع راسهم ) ترد بقوة :ستي سأكون من الذين يضعون النعمة على رؤوسهم .
تظل تتذكر تلك الكلمات ( اللي برضى بعيش ستي ,,) سأكون من الراضين جدتي بكل ما يمنحني إياه إلهي من نعم ,,
وكأن الله يمتحننا ، يختبر صدقنا ، سأكون دائما في حالة رضى ، إذا تنعمي بهذه الغربة والوحدة ، وساعات طويلة بينما زوجك في عمله، يأتي في الساعة العاشرة مساء، دوام تلك البلاد وساعات العمل تختلف عن لبنان ، فهي ليلية أكثر منها نهارية ، في لبنان تغلق المحلات ويتوقف العمل في الساعة السادسة وقبيل غروب الشمس ، هنا تبدأ بعد الساعة الرابعة والنصف عصرا ، وهكذا تبقى لساعات طويلة لوحدها ، دون أنيس إلا تلفاز وبرامج تراها أحيانا سخيفة مملة ، معادة ، مكررة ، مشوهة ، رغم ذلك سأبقى راضية وسعيدة ، ما أن يفتح باب منزلهم ، تهب لمعانقة زوجها الذي يضمها بقوة ـ يشم رائحة شعرها ، بعمق، بشوق ، يظلان هكذا لدقائق عند باب المنزل في كل يوم ومساء وصباح ، عند ذهابه وعند عودته ، أتلك نعمة جدتي ، وكان تلك الغربة والساعات الطويلة ما هي إلا شرارة ربانية لتجعل حبهما متجدد دوما .
تشعر بسعادة غامرة وهي ترتب منزلها تنظفه،،تتذكر أيام الجبل ومنزل البستان ، وتقارن أثاثهم البسيط جدا بأثاث منزلها الفاخر جدا ، وغسالة اتوماتيكية وموقد كهربائي وخبز يأتي طازجا يوميا، وهيا اختاري نوع الخبز الذي تحبين !
زوجها حنون جدا، تزوجته بعد خطبة سريعة ، كان يعرفها منذ طفولتها يراقب حركاتها ومشيها في تلك الضيعة ولكن دون كلام، أحبها بصمت لعدة سنوات ، لم يجرؤ على خطبتها حتى سافر وعمل بالخليج وبدأ يفكر في بناء منزل بضيعتهم الجبلية ،يعمل بالتكييف والتبريد ,, مهنة رائعة ، وتدر مالا جيدا ، وكأن الدنيا تفتح ذراعيها الواسعة لها ، لم تكن تحلم بالخروج من ضيعتهم إلا لسوق المدينة قبل موسم الأعياد ، وها هي تركب الطائرة وتشتري من بيروت أجمل الملابس، واختاري ما تريدين حبيبتي ، تختار رداء فيشتري لها اثنين ، عشقته وبادلته الغرام ،
بدأت تعتاد على تلك السعادة القوية الهادئة ، بعد سنوات .. سنوات .
نحن والآخرين :....
بدأت سحب الأحزان تطل بقوة ،عدم إنجابها لمدة عشر سنوات متواصلة كانت كالسم البطيء يقتلها يوميا ..كلما زارهم أحد وسأل عن السبب !تضطر دوما لقول:... الله كريم .. اتفقت مع زوجها بعدم خوض تلك القضية مع أحد، لا داعي لنشر قصصنا أمام الأصدقاء،أنت، أنا ،كلانا واحد ،حتى والدتها، عندما كانت تنزل لبنان وسؤالها عن السبب، تقول الله كريم ، حاولت الأم كثيرا معرفة سبب عدم الإنجاب .
في تلك الليلة الصيفية ،بينما كان زوجها يلعب طاولة الزهرة مع زوجها ، وتترتشفان هي ووالدتها ذلك الشاي الحمر القاني ،ويجوارهما مهرجانا من أنواع الفاكهة الصيفية من قطوف العنب الأحمر والأبيض البناتي، وحبات العناب الصغيرة وطبعا البرتقال و الأجاص والبطيخ والشمام ، اقتربت منها والدتها قائلة: اسمعي جيدا ، في بداية الحياة الزوجية يكون الحب له الكلمة الأولى والخيرة ، بعد عشر سنوات تنمو في حياتنا أشجار كبيرة ضخمة،بأيدينا أم بأيد أصدقائنا ، أم هي الحياة صغيرتي ، تقتل شهقات الحب ،وأنفاسه، تخنقه، فيبدو باهتا ، باردا ، لا روح به، هنا يضج المنزل بصيحات الصغار و ألعاب الأطفال وتجرفنا همومهم ومسؤلياتهم ،من مدارس وملابس وطعام وتربية ، وتدور بين الزوجين حوارات لا تنتهي,,,أم خصومات؟؟ كلها تجدد الحب صغيرتي ، ومنزلا بلا أطفال سيموت لا محالة ، وسيتفرق الزوجان، صدقيني ، سيرى كل طرف الآخر باهتا ضعيفا ، يذوي ، يذوب في محيط من الجليد ، عدا أسئلة الآخرين وجحيمهم ، كم عدد الأولاد؟؟
أوهـ لا يوجد !!
، كم صار عمرك؟؟ منذ كم عام متزوجان؟؟ لم لم تنجبا ؟؟
وهكذا حبيبتي سيل لا ينتهي من الأسئلة بداعي الحب، الحشرية ، الفضول!!
تذكري حبيبتي ...حبيبتي الرجل مدد و المرأة عدد!!
لم تفهم جيدا نظرت إليه بعينين حزينتين تائهتين ثم قالت : لم أفهم !
ردت الأم: المرأة تنجب لسنوات محددة ، معدودة، والرجل مدى الحياة ، بعد عشر سنوات تكونين قد اقتربت من الثلاثين ، ثم الأربعين و تقل الفرص، ثم يبدأ بالتفكير بالزواج ، أهله لن يصبروا ، لن يسكتوا ، من السبب ؟؟ قولي ؟؟ أفصحي؟؟
نفس الحوار ، مرة مع خالتها ، عمتها ، جارتها ، مجتمع عربي حنون جدا ، ملكي حتى أكثر من الملك نفسه !!
تمر شهور الصيفية بصعوبة كبيرة، من جهة أشقائه وشقيقاته أيضا،والرد جاهز لا يتغير ، الله كريم..
سنوات عشر، خف الاهتمام قليلا والسؤال صار أقل ، تذكرت كلام جدتها ..الناس تريد قصة وحكاية ليتكلموا .. دعك منهم ، واهتمي بزوجك ، وحدها جدتها ، كانت تحترم صمتها ، تكتفي بالدعاء لها بالذرية الصالحة ، وكثرة الاستغفار.
اعتادت أن تملأ وقتها بتعلم التطريز، وفنون الرسم على الحرير ،وكان زوجها فنانا في هذا الموضوع، يتسليان كثيرا بعمل لوحات رائعة ،منزلهم صار قبلة لجميع الأصدقاء بنظافته وجماله ,و رقيه.
تنظر لزوجها وهو يرسم معها بألوان زيتية ،أو يعلق لوحة، ثم يضمها لصدره بقوة ، وتقول له هامسة:أيوجد سعادة أكبر من تلك السعادة ،تغمض عينيها تشكر الله قائلة :ربي لا أعتقد أن هناك سعادة أكبر من هذه السعادة
يقبل زوجها رأسها قائلا:لا أعتقد أن هناك منزلا سعيدا مثل منزلنا ..
ترد بحزن: لكني أشتاق لطفل صغير حبيبي
-أنا طفلك الصغير أنت أمي ، سأكون ولدا مطيعا حبيبتي
تضحك: حسنا أريد بنتا حلوة ألاعبها أمشط شعرها !!
يضحك قائلا: أنت ابنتي، أجمل طفلة رأتها عيناي، سأشتري لك كل الألعاب التي تريدين .
وفعلا يمتلأ منزلهم بألعاب صغيرة وملابس لألعاب رائعة , وكأن هناك أطفالا ,,يملئون المنزل حبا وصخبا !!
بعد عشر سنوات جاء الفرج ،شعرت بعوارض الحمل فجأة، وجاء ثامر طفل في غاية الجمال ،تنظر له بتأمل وفرح وتقول لزوجها ضاحكة: هل يعقل أن يكون هذا الطفل ابني، لا اعتقد أني سأنجب طفلا أجمل منه انظر إلى وجهه وكأنه قهوة محمصة ، انظر إلى عينية ورموشه الطويلة .
تضحك جارتها منها قائلة : .. قولي الحمد لله الله يحميه .طفل جميل فعلا ولكن ليس خارق الجمال .
ترد ضاحكة :.. بل خارق الجمال .
تستسلم الجارة : حسنا...فائق الجمال ..
ينام زوجها بجوارها وبينهما الصغير ينظران إليه بحب وشوق،ويدور بينهما نفس الحوار جمال طفلهما وبهائه، يقبلان أجزاء جسمه جزء جزء دون ملل..وبسعادة كبيرة ..
يتبع : شقيقتي قادمة ..يا لسعادتي..

التعديل الأخير تم بواسطة الهام بدوي ; 07-31-2011 الساعة 11:55 AM