الفصل الثامن ..... [ قُبـلة لـم أحـصل عليهـا ]
أجابني أيريك بهدوء و هو ينظر حوله :
- كـلا .. أبداً ، لماذا تعتقدين ذلك ؟ هل هناك أحدٌ ما يضايقك ؟
فكرت في كلامه بهدوء ، يضايقني ؟ ليس كذلك ، بل قل يحاول السيطرة على حياتي و يجعلني أقع في حبه .. لا أنكر أنني أصبحتُ أفكر فيه كثيراً هذه الأيام ولا أعلم لماذا؟
ابتسمت لأيريك بزيف لأجيبه :
- كلا ، أبداً ، فقط شعرتُ بأحدهم يتبعنا ، أعتقد أن الظلام أثر فيني .
مسح أيريك على شعري بحنان ليقول لي :
- لا عليكِ يا عزيزتي ، مع أيريك سوف تشعرين بالأمان .
لم أمنع نفسي من القهقهة بسعادة ، فحقاً اشتقت لهذا الفتى و لدعاباته التي تجعل الإنسان يبتسم رغماً عنه ...
واصلنا مشينا بهدوء لأسأل أيريك :
- كم يوماً سوف تبقى هنا ؟
أجابني بخيبة أمل :
- للأسف الشديد ، اليوم و غداً فقط .
ألتفت إليه بسرعة لأرغمه على التوقف ثم سألته بسرعة :
- لماذا ؟ ألن تبقى أكثر ؟
- كلا ، لا أستطيع ، علي أن أعود بعد غد إلى لوس أنجلوس ، فكما تعلمين ما زلتُ في الجامعة و لقد اضطررت إلى الغياب الأمس واليوم وغداً أيضاً و ذلك كله لرؤيتك .
شبكتُ يدي معاً لأسأله مجدداً :
- إذاً ما الذي كنتَ تقصده بـ ( ألم تخبركِ أمكِ ) ؟
- همم،اتفقنا أنا و والدتكِ على أن نأتي معاً إلى هنا و قد قامت بإرسال رسالة لكِ تخبركِ بمجيئنا،ألم تفعل؟
أجبته بهدوء و أنا مستغربة من عدم ذكر أمي لأيريك في رسالتها :
- لا لم تفعل ، ربما نسيت .
- ربما .
عدنا للمشي مجدداً إلى أن وصلنا إلى عربة تبيع المثلجات فتوقف أيريك في مكانه ليسألني بمرح :
- ما رأيكِ بأكل المثلجات ؟ كما في أيام الخوالي عندما كنا أطفالاً .
تذكرتُ ما كان يقصده ، فعندما كنا أطفالاً كان هناك سيارة مثلجات تمر دوماً بالقرب من منازلنا و كأطفال كنا دوماً نركض إليها لنتذوق المثلجات اللذيذة ، آآآآآه كانت أياماً جميلة
أومأت برأسي بفرح لأراه يتوجه للعربة و يشتري اثنان ، له ولي ، ثم عاد إلي و أعطاني مثلجاتي لنقوم بلعق مثلجاتنا بلساني سوية
حدقت بأيريك و هو يلعق مثلجاته ، كان يصغرني بعامٍ واحد ، لكن ملامحه لا توحي بذلك فمن ينظر إليه يظنه شاب في نهاية عقده الثاني وليس في بدايته ، أنه أطول مني و ضخمٌ قليلاً ، شعره أشقر كثيف و عيناه زرقاء ، بشرته بيضاء تميل للسمرة قليلاً .. لم يتغير كثيراً ، أنه كما هو تماماً منذ أن رأيته أخر مرة ، تذكرتُ فجأة مارك و جوليان فسألته عنهما :
- أوه ، بالمناسبة كيف هما مارك و جوليان ؟
ألتفتَ إلي ليجيبني بهدوء :
- بخير و قالا لي أن أسلمَ عليكِ نيابة عنهما ، أوه وأجل يسألان أيضاً عن سبب عدم ردكِ على أخر رسائلنا ، فقد أرسل كل منا لكِ رسالتين و لم نحصل على جواب منكِ ، فما السبب ؟
تفاجأت كثيراً من هذا ، فأنا أعلم أن مجموعة منها تمزقت على يدي واتسون ، و سبق و أن أرسلتُ رسالة لهم تخبرهم بكذبة اختلقتها في ذاك الوقت ، أفلم تصل إليهم رسالتي ؟ ثم أيضاً لم تصلني أي رسالة بعد تلك الرسائل التي تمزقت ، فماذا يحدث هنا ؟
سألته بدهشة :
- كيف ذلك ؟ لم تصلني أي رسالة منكم ..... ثم أنني سبق و أن أرسلت لكم رسالة تخبركم بعدم تسلمي رسالة منكم ، ألم تصل لكم ؟
أندهش أيريك هو الأخر و أجابني بذهول :
- كلا،أبداً، هذا غريب ، ربما عليكِ تفقد مركز البريد لتتأكدي من أن الرسائل قد وصلت أليكِ أم لا.
أومأت برأسي لأقول :
- و هذا ما سأفعله .
ثم تذكرت المشاكل التي أعاني منها الآن و اختفاء أليسون أو بالأحرى اختطافها على يدي جيف ذاك و الاتفاق بيننا فقلت في نفسي بسخرية
( هذا ما سأفعله بعد أن أنتهي من ما أعاني منه الآن )
سألني أيريك سؤالاً جعلني أفيق من تفكيري في مشاكلي :
- تبدين متغيرة كثيراً ، أعني أراكِ أصبحتِ أكثر هدوءاً .
هه ، هدوءاً ؟ قل بل أكثر مشاكلاً ! أوه يا أيريكِ ليتك فقط تعلم عدد المجانين الذين دخلوا في حياتي مؤخراً !
لعقتُ مثلجاتي بهدوء و أنا شاردة الفكر و لم أعلق على كلام أيريك ، لا أود أن أقول شيئاً ما
ألتفتُ إلى الخلف ببطء فلم أشعر بوجود أحدهم خلفي ، لم أعد أشعر بأن أحدهم يراقبني
ربما كنتُ أتخيل وجـود أحد ما يراقبني بسبب تأثير الظلام ..
انتبهت إلى أن أيريك وضع يده على شعري ليمسح عليه بخفة ثم يقول وهو يبتسم بهدوء :
- عليَ أن أذهب الآن لأرتاح قليلاً فقد وصلتُ لنيويورك للتو وجئتُ إليكِ مباشرة ، فقد كنتُ مشتاقاً لكِ كثيراً ، لذلك أراك غداً .
قبل وجنتي بهدوء ليبتعد عني فبادلته القبلة لأقول له و أنا أصطنع المرح :
- حسناً ، سأنتظر زيارتكَ بفارغ الصبر .
أبتعد عني أكثر وهو يلوح بيده ثم ألتفت للخلف ليمشي بعيداً ، بعيداً نحو الظلام ليقوم بالتهامه و يختفي عن أنظاري .... فجأة أحسستُ بيداً تقبض على ذراعي بقوة ثم تسحبني بسرعة لزقاق أشد ظلمة ليرتطم ظهري في الجدار بقوة ..
رأيت واتسون يقف أمامي و عيناه تشتعلان غضباً استطعت ملاحظته و يا ليتني لم أفعل فقد قفز قلبي من مكانه و أنا أراه ينظر إلي هكذا ، سمعته يسأل بصوتٍ ساخرٍ شابه الغضب :
- كم هذا ظريف ! أيام الخوالي ها ؟ ماذا بعد كل هذا يا روز ؟ ألم أخبركِ سابقاً أن تقطعي علاقتكِ بالشبان ، أنهم جميعهم يثيرون غضبي و .. غيرتي .
قلتُ بصوتٍ متقطع من جراء الخوف :
- واتسـ...ـون .. هدأ .. من .. روعك .. أنـ..ـه .. مجـ...ـرد صـ..ـديق .
قال لي بحده وهو يركز من قبضته على ذراعي :
- لهذا لم أضربه ، لا تعلمين كم صارعتُ نفسي لكي أمنعها من إيذاء صديقك ذاك ، كل هذا من أجلكِ يا روز ، ألا تستطيعين تقدير ذلك فقط و تنفذي ما أريده ؟
همستُ بصوتٍ واهن:
- واتـ...ـسون ؟
أنزل رأسه لتخفي خصلاته ملامح وجهه و همس لي :
- ألا تستطيعين تقدير ذلك ؟
قلتُ له بارتباك :
- واتسون ، أنا ....
رفع رأسه ببطء لينظر إلي نظرات واهنة مما جعلني أقطع كلامي ، قال لي و هو يبتعد عني :
- فقط أبتعدي عن أصدقائك الشبان ، لا أطلب منك أن تقطعي علاقاتكِ معهم بعد الآن بل أن تبتعدي عن القيام بالأشياء التي تغضبني ......... رغم أنني أفضل أن تقطعي علاقتك معهم .
آآآآآه واتسون لماذا تقول هذا ؟ ما الضير في علاقتي مع أصدقاء طفولتي الشبان ؟ علاقتي معهم لا تتعدى الصداقة ... آآآآآه واتسون ليتك تعلم بالذي في داخلي الآن ، ليتك تعلم بخطة جيف ، ليتك تعلم أنني بحاجة إلى خداعك لأنقذ صديقتي ، لا أريد خداعك ولا خداع غيرك لكنني مضطرة لفعل ذلك ، أنا آسفة للذي سوف يحدث لاحقاً ... آسفــــة
أمسك واتسون ذقني بيده ليرفع رأسي فأنظر في عينيه السوداوتان المحمرتان ، عينيه غريبتا اللون ، أتساءل أن كان أحدهم قد أنتبه إلى لون عينيه الغريب ! وسأله عن سبب لونهما الغريب هذا !، سألني واتسون بهدوء :
- ما رأيك بالذي قلته ؟ هل أنتِ موافقة ؟
قلتُ له :
- واتسون .. أنا لا أستطيع ..
__________________ |