التكملة
كالعادة ، هجم الرجال والنسوة والأطفال لملاقاة رادولف مرحبين به بلغتهم الغجرية. تكلم رادولف فنظر الجميع باعجاب إلى لين وهم يطلقون عبارات الدهشة والفرح. ففهمت المراة أنه شرح لهم أنها زوجته. بعد ذلك توجه وإياها إلى إحدى العربات الخالية وكأنهم كانو ينتظرون رادولف وأعدت العدة لإستقباله.
بعد أن أصبحا في الداخل طرحت لين السؤال الذي يقلقها:
_ إلى متى سنبقى هنا؟ أحش وكأني سلعة يتفرج عليها الجميع في معرض!
_ سيعتادون عليكِ ويعتبرون وجودك طبيعياً مع الوقت.
_ ألم يفاجئه أمر زواجك؟
ابتسم رادولف مجيباً:
_ لم يفاجئهم بل أدهشهم.
_ أيدهشهم ذلك لأنك كنت معروفاً باصرارك على عدم الزواج؟
_ تماماً.
_ من المؤسف أنك رجعت عن مبادئك وتخليت عن اصرارك!
امتلأت نفس لين بالحزن والخيبة من جديد. فاليوم الممتع الوحيد الذي مر أصبح جزءاً من الماضي والذكريات ، وهاهي الآن تعود إلى أحاسيس الوحدة والضجر من جديد. أعادت إليها العربة الجديدة دور السجينة مرة أخرى عندما اختطفها رادولف وأجبرها على أن تصبح زوجته. لكن ما يخفف من وطأة المرارة هو كون العربة الجديدة في حالة أفضل بكثير من العربة السابقة ، فالجديدة أحدث وأنظف.
لا حظ رادولف حزنها فسألها:
_ ما بك الآن؟ أنا لم ار في حياتي انساناً متقلب المزاج مثلك!
_ ماذا عن مزاجك؟ أليس حاداً وقاسياً كمزاج وحش مفترس؟
_ لم أقل أن طباعك حادة بل متقلبة فحسب ، أحياناً أراكِ فرحة واحياناً أخرى حزينة!
أجال طرفه في العربة وأضاف:
_ انظري من حولك ، ألا تجدين أن العربة نظيفة ومريحة؟ سأجلب حقيبتك من السيارة لتضعي ثيابكِ في الدولاب.
أحضر رادولف حقيبتي زوجته وحقيبة ثالثة وضع فيها ثيابه. جلست لين تراقب بدهشة يخرج ثياباً أنيقة من حقيبته لا يملكها إلا الأثرياء وأصحاب الذوق الرفيع.
أدرك الغجري أن زوجته فوجئت بما يملك فقال:
_ تركتك نائمة البارحة وسرقت كل هذه...
قاطعته لين بحدة غير آبه بالنتائج:
_ لا تحاول تفسير أي شيء فأنا لست مهتمة أبداً بمصدر هذه الملابس!
ابتعدت عنه وأخذت تحدق في قمم الجبال المتخبئة وراء حمرة الشفق. تمنت لو تكون هذه اللحظة جالسة هناك حيث الهدوء والبعد عن الضجيج وكذب حضارة العالم. تجمعت دموع الغضب في عينيها.
غضب آثاره فشلها وخيبتها المرة.
_ أنصكِ يا لين بأن لا تثيري أعصابي ، فأنت تعرفين النتائج.
استدارت المرأة حانقة ويداها على خصرها قائلة:
_ أتهددني كل لحظة بالضرب؟ هيا افعل ما فعلته بالأمس! فهذا أفضل ما يتوقع من... من متشرد حقير!
توقف رادولف عن توضيب ثيابه ونظر إليها والشرر يتطاير من عينيه.
_ ألن تكفي عن التحقير بي؟ أتحاولين ارغامي على استعمال العنف معكِ؟
تقدم منها وأمسك بكتفيها وقال:
_ سأقطع لسانكِ الطويل فأنا لست مستعداً لتحمل الإهانة تلو الإهانة!
هزها بعنف ولكنه لم يتماد كما فعل في الليلة الماضية بل ضبط أعصابه وسرعان ما تركها. تحسست لين آثار يديه القويتين على كتفيها وتساءلت كم من الآلام ستتحمل قبل أن تفلت من قبضته.
_ من الأفضل أن تضعي ملابسك في الدولاب لأننا قد نبقى هنا بضعة أيام.
_ إلى أين نذهب بعد ذلك؟
تنهد رادولف وأجاب:
_ لا أعلم.
يا له من تغيير كبير من غجري عنيف إلى رجل يائس مثبط العزيمة. انتقت لين كلماتها بدقة عندما تكلمت:
_ أتبحث عن شخص معين؟
لم يكن رادولف على علم أنها سمعت كلام العجوز وسمعت قبل ذلك كلام أولاف. فرمقها بنظرة متسائلة:
_ مالذي يجعلك تجنين ذلك؟
_ انه التفسير الوحبد الذي يفسر سبب هذا التجوال المستمر.
_ فهمت.. سأخرج بعد حوالي الساعة وأطمئنك أن العربة محروسة جيداً فلا تحاولي الهرب.
قال رادولف ذلك بلهجة عادية كان الموضوع ليس ذا أهمية مما آثار لين فصرخت:
_ وكم ستغيب؟ لا أستطيع تحمل الوحدة! سأفتح النافذة وأملأ الدنيا صراخاً! لن أستطيع الصمود..
_ لا تكوني عصبية بهذا الشكل المسرحي فلن أغيب عنكِ طويلاً.