عرض مشاركة واحدة
  #102  
قديم 08-02-2011, 02:22 AM
 
7_ بيت على الشاطىء

دام تنقل رادولف ولين من خيم إلى مخيم آخر مدة أسبوعين جابا خلالهما أنحاء واسعة من أيرلندا. قطعا الجبال والسهول ، والبحيرات والأنهار ، والوديان والمراعي.. ولم يكن هاجس الفرار ماثلاً في ذهنها لاعتبرت لين نفسها سعيدة إلى درجة لا توصف.

لم يقترب رادولف منها منذ أن صفعها المرة الأخيرة ، حتى أنه كان ينام على كنبة ويترك لها السرير لتنام وحدها. صار يعاملها بكل لطف وعناية وإن لم يخل الأمر أحياناً من كلمات جارحة تأتي رداً على زلات لسان تبدو من لين. لكن القضية لم تتعد الكلام المؤلم الفظ.

حاول الغجري أن يظهر الجانب الحسن وباتالي سحق شخصيته الشريرة المرعبة. وقد نجح لا في إزلة خوف لين فحسب ، بل بإنشاء علاقة ودية بين الإثنين. فأضحت قوته خالية من البطش وسطوته بعيدة عن الظلم. كما غاب عن لين الشعور بالأسى والمرارة اللذين رافقاها كظلها في أيام إختطافها الأولى. ولكنها لم تكف مع ذلك عن الحديث عن الهرب في أول فرصة تلوح لها.

وفي الحقيقة صارت لين مقتنعة تقريباً بحياتها كزوجة لغجري متجول ، لاسيما وأن رادولف لا يترك مناسبة بأن مكان المرأة هو ان تكون دائماً بجانب زوجها. لكن ذلك لايعني شعوراً بالإستقرار بل كانت المرأة الشابة في حالة إنتظار وتوقع دائمين متوقعة أن عثور زوجها على من سيبحث عنه سيغير مسار حياتها.

سألت لين زوجها يوماً وهما في طريق العودة إلى كيلاني:

_ إلى متى سنظل ننتقل هكذا؟

_ أعتقد أننا سنكون في بيتنا بعد حوالي الأسبوعين.

أوقف رادولف السيارة إلى جانب الطريق وأخرج زجاجة عصير البرتقال ليتناولا كوبين منعشين ، في حين كان تفكير لين يعمل جاهداَ لإستيعاب كلمة "بيتنا". عن أي بيت يتكلم زوجها؟

_ أتعني أننا سنستقر في مخيم محدد؟

قالت لين ذلك وهي تهز رأسها وتفكر بوجودها في مخيم للغجر وبالحياة المتعبة التي تنتظرها. وبرغم ذلك فهي تقرأ أنها لاتتصور نفسها تعيش بدون رادولف من دون أن تعلم السبب. عادت صورة توماس إلى ذهنها في الأيام الماضية لكن رادولف كان مصيباً عندما قال أنه لايناسبها ، فهو رجل طيب لكنه ليس خلاقاً مما يساهم في زيادة الرتابة في حياتها التي علمت من خلاللا تجربتها الجديدة مدى سخافتها ، وإنسيابها الجرد من أي طعم ومعنى.

قطع رادولف حبل أفكارها بقوله:

_ لابد أن ننتهي من رحلة التنقل هذه ونستقر.

اعترضت لين بلهجة ناعمة قريبة إلى التوسل:

_ لا أستسيغ فكرة العيش في مخيم ، ألا نستأجر منزلاً؟

رمقها بنظرة ملؤها الحيرة والتردد كأنه يخاف من البوح لها باشياء يكتمها في نفسه على مضض. لذلك إختار كلماته بدقة وقال بتمهل:

_ أفهم من هذا أنكِ أصبحتِ مقتنعة بالعيش معي؟

هربت لين من نظراته وأخذت تفكر لماذا لم تعترض على ذلك بشدة كما كانت فعل في السابق. وبعد أن وزنت الأمور في رأسها وتراءت لها حياتها المقبلة وما يمكن أن تعانيه في المجتمع الغجري من عبودية تدمر المرأة وتذلها ، صاحت بأعلى صوتها:

_ لا! لم أقتنع بذلك! سانتهز أية فرصة وسأنجح في ذلك! أنت لا تستطيع مراقبتي إلى الأبد ، لا تستطيع أن تراقب تحركاتي لسنوات وسنوات حتى. نصبح عجوزين هرمين!

ارتفعت حدة نبرة لين حتى جفل رادولف منها وازدادت:

_ أرجوك دعني أمضي في سبيلي ، أرجوك دعني أعود إلى بيتي!

بكت المرأة بمرارة وغشى كيانها واضطراب كبير فأخذت ترتعش حتى أوقعت كوب العصير على ثوبها.

تناول الغجري الكوب من حتى استكانت ، وبالفعل عادت لين إلى هدوئها السابق وتكلمت بكل واقعية:

_ لنعقد اتفاق بيننا. تعطيني حريتي مقابل سكوتي عن حادثة الإختطاف وتعهدي بأن لا أطلع أحداً على ما جرى.

بلعت لين ريقها لتزيل الثقل القابع في صدرها وأعصابها الثائرة تجعل منطقاً مغلوطاً ، وفكرها شارداص ومشوشاً. لم يعد شيئاً في ذهنها واضحاً. و أحست برغبة في الصراخ عندما رأت أمامها الصور متدافعة ن صور الحرية والعودة إلى الوطن ، صور رادولف وسطوته القاسية تطردها صور طيبته ولطفه الا متناهي. ودار في أعماقها صراع قاس بين الحياة مع رادولف والحياة بدونه ، فالأولى رحلة لا تنتهي بين المخيمات حيث شظف العيش ، والثانية حلقة مفرغة تبحث فيها عن سعادة تائهة.

برزت الحقائق من بين غيوم عقلها المنهك. وعجزت لين عن الإختيار فلم تجد إلا صرخة صادقة تطلقها من أعماقها:

_ ساعدني يا الله!

_ لين مابكِ يا عزيزتي؟ بالله عليكِ لاتفعلي هكذا بنفسك!

لم تنبس المرأة ببنت شفه بل نظرت إلى الغجري لا تصدق أن ما يختلج في قلبها حقيقة. همست في نفسها:

لا ، هذا ليس صحيحاً ، لا يمكن أن يكون صحيحاً..

معليش التكملة قصيرة بس أنا مشغولة بكملها بعدين
__________________



لا أقبل صداقة الأولاد