عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-03-2007, 11:55 AM
 
زمن الخرافة الفضائية



زمن الخرافة الفضائية

في هذا الزمن الذي غزت فيه الفضائيات بيوتنا كما كان الطاعون يغزو البلاد في القرون الوسطى , ربما صار جديرا ً برب الأسرة المسؤول عن تربية أبناءه أن يأخذ إجازة بلا راتب , ليجلس ويراقب كيف يمكن أن يتفادى مرض الفضائيات الذي يجتاحنا دون رأفة ولا هوادة.

لم يتوقف الأمر عند الفضائيات الخلاعية وأشباهها من الفضائيات ذات الأغاني الهابطة والأخرى الكفيلة بنقل أجواء الملاهي الليلية , وإنما بتنا نرى العجب العجاب في تلك الفضائيات التي تنفرد بمهمة تشويه اللغة العربية باسم التسلية , يقوم مذيع قناة تطلق على نفسها اسم الجرس تيمنا ً بالمفردة العامية (جرصة = فضيحة) وهي إسم على مسمى , يقوم ذلك المذيع بتناول بعض الفاكهة أمام الكاميرا وهو يقدم برنامجا ً عن الرسائل القصيرة ظنا ً منه أن ممارسة الهضم ( هضامة) أمام الكاميرا تصنع منه مذيعا ً مهضوما ً للغاية.بينما تتلقى مذيعة أخرى في قناة الفضيحة أقذر الشتائم الممكنة من مشاهديها على الهواء مباشرة.

طبعا ً كل ذلك يمر بسلاسة أما الطامة الكبرى التي سأطرحها الآن وهي ما تطرحه قناتي "شهرزاد وكنوز" ( ويا ضيعان الأسماء والله ) رغم رداءة المشهد الفضائي العربي , لكن يمكن لمتابع الفضائيتين المذكورتين أن يجد حلاً لأصعب المشاكل التي يمر بها مع حبة قوية تخدر له كل ما يمكن أن يساهم في إعمال عقله لحل تلك المشاكل.

منذ بعض الفترة ظهرت هذه المصيبة ووجد فيها المشعوذين والمحتالين ضالتهم في برامج دورية على هذه القنوات التي تطلق عليهم ببساطة شديدة لقب " دكتور". وبمجرد الاتصال من أي مواطن يشكو الألم أو الفقر (ولربما بعد قليل الموت) أو حتى عدم المتعة الزوجية , يطلب الدكتور منه اسمه واسم أمه والتوقف عن الكلام لأنه يعرف كل شي , بعدها بثوان قليلة يردد طلاسم كشهيق الحمير "شنهق بنهق" ( فليعذرني معشر الحمير) ليعطيه الدواء العجيب بقراءة نصوص معينة أو تناول الزنجبيل أو رش الممرات ببعض المياه تحوطه رعاية الشيخ الفاضل أو الشيخة أم فلان وعلتان التي ترتدي ويرتدي مسوح وأسمال الصنعة , وأحيانا ً يكون الحل بأن يضع المواطن المسحور دائما ً رأسه داخل حظيرة مخصصة للتيوس , وينتظر حلبهم ليصبح صحيحا ً معافى.

وصفة العباقرة تحاذيها دهشة المذيعة التي لا ينقصها الخلاعة وكثير من الادعاء بالبلاهة , وترتدي مثلهم المسوح والأسمال الخاصة.للأسف صار هؤلاء دعاية يومية لترويج الجهل والخرافة وكل ما بقي من ذاكرة جدتنا التي كانت تداوي الأمراض بالبخور والطلاسم.

لماذا؟؟ لماذا نكون نحن العرب السباقين إلى هذا؟هل تهتم الأمم المتقدمة لهذه التفاهات؟ لا والله لأنهم قوم عرفوا كيف يستغلون عقولهم ليستثمروها بينما العرب نيام وجهلاء.

وبما أن هذا المجال صار محط منافسة فقد تجاوزت قناة "كنوز" كل التوقعات وحطمت كل مقاييس الإعلام الناجح عندما استقطبت الشيخة أم وائل وهي اختصاصية بالتوليد خريجة جامعة جمهورية " زعبط زمبليطة" التي كان عمي العجوز البسيط المحب للدعابة يدعي أنه رئيس جمهوريتها.وام وائل إختصاصية بالنساء من حيث النصيب والولادة (حتى للعانس) حتى لا تبقى عانس ولا عقيم إلا وتداويها بنفس الطريقة ولكن باصطحابها وعاء تملؤه ماء البركة (بفتح الحاء).تستمد منه معرفته ودواء الغبية المتصلة حتى انها لدرجة وقاحتها تهنئ المتصلة قبل أن تتم حديثها فهي ترى حملها أو عريسها بشكل واضح (أعماها الله وشل يمينها التي تمسح بها فوق الماء وتقرأ مستقبل الناس وقدرهم).أم وائل تتفوق على نظرائها بكمية الأخطاء الفادحة إذا ما حاولت ذكر آية قرآنية فهي تتيح لنفسها الاختصار وكذلك تخلط بعض الأمثال الشعبية القديمة بالأحاديث النبوية الشريفة بينما تداوي مرضاها بعصير الخبيزة للاغتسال وحليب الفرس الذي يضمن حمل العقيمة مهما كان.

دكتورة العصر الشيخة أم وائل , وعلى ذمتي , لم تحصل ككل المشعوذين هؤلاء سوى الابتدائية , وهو ما يكتشفه المتابع امجرد سماع جملتين منها بالفصحى.

تضرب هي وغيرها مع القائمين على هذه المحطة غيرها كل ما توصل إليه العلم الحديث عرض الحائط , كما تنحي العقل والتفكير الصحيح جانبا ً ليحل محله الحل الأسهل عبر الخرافة والطلاسم , بل ترسخ كل ما تحاول الدراما والصحافة السليمة فضحه من شعوذة ضيوف هذه المحطات المنتشرة بكثرة والعياذ بالله.

فما رأيكم بالله عليكم إخوتي وأخواتي ؟؟؟ نماذج كهذه تقرأ الغيب وتهنأ به ؟ الطامة الكبرى هي في أعداد المتصلين التي تكاد لا تصدق.

ربما يكون حريا ً بالمسؤولين عن البث الفضائي العربي قبل الاحتفال بإطلاق الجيل الرابع للأقمار الصناعية (بدر) تنظيف تلك الأقمار من فضائيات الخرافة والجهل.التي تعطل العقول البسيطة وتسهل لأي غزو ثقافي واستعمار فكري.