08-13-2011, 09:01 AM
|
|
الفصل الأول
،،
المشهد الأول:
إنه اليوم الثاني لنا هنا في هذا الحي ،،
قد حل المساء وخرجت أتجول في ممرات هذا الحي الواسعة
إنه حي راقي بالرغم من وجود بعض المنازل المتواضعة كمنزلنا ، وصلت إلى نهاية الطريق وعلي الآن أن اختار " إما العودة أو الطريق الأيمن الذي يؤدي إلى الشارع الرئيسي وموقف الحافلة"
ليس هناك مكان ما أرغب في الذهاب إليه لذلك قررت أن أعود أدراجي إلى المنزل قبل أن تقلق أمي ،وأنا في طريق العودة لاحظت بأن الطريق قصير ولا أعلم لماذا أخذت وقتا طويلا عند ذهابي!! ، واعتقد بأن تفسير ذلك هو أنني كنت استكشف ما حولي أثناء مسيري ولكن الآن أنا اعرف الطريق جيدا ، بينما كنت أحدث نفسي انتبه إلى أنني أقف في منتصف الطريق وذلك أعاق سيارة قادمة نحوي لذلك مشيت لأصل إلى الرصيف وأكمل طريقي، لم يعد منزلي بعيدا ،لقد تخطتني السيارة لتسبقني ، إنها حقا سيارة فاخره ..
أقف عند باب حديقة منزلنا ليلفت انتباهي السيارة الفاخرة التي كانت تقف أمام القصر الحزين أو هكذا أسميته ،أنها عادتي أن طلق مسميات على الأشياء حولي جماد كانت أو حية ، ما زلت أقف أمام باب حديقة منزلنا أحدق في السيارة الفاخرة ، آملة أن أرى احد أصحاب هذا القصر الحزين، كانت الثواني حقا طويلة نزل السائق ليفتح الباب لسيدته أو سيده ، أي كان... كنت راغبة في أن أرى احد سكان هذا القصر ، انزل قدمه ،" انه رجل " هذا ما تبادر إلى ذهني سريعا ، كانت عيناي قد بدأتا من الأقدام وكأن الستار قد بدأ يرفع لأرى رجلا في الستين من العمر أو اكبر، وهنا شعرت بالإحباط ولا أعلم لماذا ؟ حينها ضحكت على نفسي لأنني شعرت بالإحباط ، حقيقة كنت انتظر عازف أو عازفة الكمان ،وكنت أتمنى أن يكونوا في مثل عمري ... هذا ما تمنيت .. فتحت الباب ودخلت المنزل وكنت مازلت أفكر بسكان القصر لأنسج قصتهم ، انه رجل عجوز غني جمع الأموال ليعيش وحيدا الآن في ذلك القصر المليء بالأشباح والوحدة ، يستيقظ كل صباح يتوجع ويعزف ألحانا حزينة ، هكذا تخيلت القصة ولا أعلم ما هي الحقيقة..
كما هي العادة اقضي الليل مع كتبي ، أوراقي وأقلامي انسج القصص الخيالية ، أو ارسم في دفتر الرسم ما يجول خاطري ، وقد فعلت الاثنان الليلة ،،،وذلك لاني اشعر بأن الوقت يمر ببطء شديد ولا أعلم لماذا ؟.
تدق الساعة الثالثة اذهب إلى فراشي لأحاول النوم ، بعد مرور بعض الوقت
لا.. لم أنم.!~
ولا أعلم إن كنت أحلم.!~
ولكن يصلني الآن ذلك اللحن الحزين ، التفت إلى جانب السرير اليمين المنبه على الطاولة انظر إلى الساعة إنها الساعة الثالثة و 10 دقائق ، أعود لأضع رأسي على الوسادة واستقر في وضعية مريحة أغمض عيني وأنصت إلى لحن العازف الحزين ، انه لحن مختلف عن المرة السابقة ويحمل ألما جديدا ، أشعر بالعازف يستنجد ولكن هذا اللحن يعيقني يجعلني أكثر كسلا ، أكثر نعاسا ، أشعر بأن عازف الكمان يبحث عن الدف الذي تعطيني إياه تلك الألحان التي يعزفها .....
،
،
أصبحت عادة هي أن أنام على صوت الكمان كل فجر في تمام الساعة الثالثة 0 دقائق ،،
إنها الليلة العشرون لنا في هذا المنزل ، وكما هي العادة اذهب إلى غرفتي بعد أن أشعر بالملل من مشاهدة برامج التلفاز المكررة على كل القنوات الفضائيات ،، أفضل أن اجلس في غرفتي بين كتبي ، أوراقي ارسم واكتب ، إنها أفضل وسيلة لتمضية الليل ...كانت الساعة الحادية عشر مساءا ، فخطر ببالي أن استخدم الانترنت اليوم وارى بريدي الالكتروني ولربما دخلت ( المسنجر ) لأتحدث مع أصدقائي هذا إن كانوا مستيقظين في هذا الوقت ،جلست على السرير و فتحت حاسوبي المحمول لأغوص في عالم الانترنت ........ لم ينقذني من غرقي في هذا العالم الالكتروني إلا صوت الألم ..آه إنها الساعة الثالثة ولم اشعر بالوقت يمضي ..هنا ضحكت فقد أصبح صوت الكمان دليلي لمعرفة الوقت وليس ساعتنا القديمة !!
أغلقت الحاسوب و وضعت راسي على المخدة أنصت إلى صوت الكمان الحزين ، في الحقيقة السرير واسع ويكفي لشخصين ولكني اشعر بأنه مزدحم وذلك لكثرة الأوراق المبعثرة والكتب وعلب الألوان ،أنه مزدحم ولكني لا أستطيع أن أتحرك من مكاني وكأنما صوت الكمان يخدرني كل ما سمعته ولا أعلم ما السر ، لقد أصبحت ألحانه البديل للحبوب المنومة ،،
هذا أخر ما كنت أفكر به وهذا أخر ما أتذكره من تلك الليلة ... والسؤال الذي ما زلت أردده من الليلة الماضية من هو عازف الكمان ؟!.
أصبح هذا الأمر يزعجني أو بالأحرى يشغل تفكيري ، ربما لأنني اشعر بالفراغ وذلك لا يهم، كل ما أريد أن اعرفه من هو عازف الكمان ،من هو عازف هذا اللحن الذي يخدر جسدي وكأنه أقوى أنواع الحبوب المنومة ، لماذا الساعة الثالثة فجرا ؟ كثير من الاسألة تدور في بالي ليقطعها صوت أمي ~
....: ما بك لا تفطرين ؟
...: آه كنت أفكر
أمي : في ماذا ؟ يبدو بأنك أصبحت تستطيعين النوم من دون استخدام الحبوب المنومة منذ جئنا إلى هذا المنزل ؟ ( رسمت ابتسامة جميلة على شفتيها ، سعيدة هي بأن تراني اترك تلك الادويه التي كانت تخشى أن أدمنها )
...: نعم ، لم اعد احتاجها فقد وجدت دواء ذو مفعول أقوى أنه " دواء روحي " .. ( هنا ضحكت بصوت عالي نعم ذلك ما وجدته في هذا المنزل دواء روحي بعيدا عن تلك الحبوب المسكنة لأوجاع قلبي وسهري وخوفي من أنام ولا أستيقظ مرة أخرى كما حدث مع والدي .....
أمي : احمد الله حبيبتي ( تمسح بكفها على راسي وترسم علامات التعجب على وجهها لتكمل ....) ما هو يا حبيبتي ! ما هو دواءك الروحي ؟
... : لحن الألم ( ابتسم وأحاول كتم ضحكتي عندما أرى علامات التعجب على وجه أمي ، امسك بيدها التي كانت تمسح على راسي لأقبلها وأنهض عن طاولة الطعام حاملة طبقي واذهب إلى المطبخ لأغسله تاركة أمي مع علامات التعجب خلفي ).....
اليوم قررنا أن نرى احد الجيران فلا يمكننا العيش وحيدتين وكأنما أمي شعرت بوحدتي ،كانت أمي قد أعدت الفطائر والبسكويت الذي أستطيع أن أعيش على أكله لمدة سنه كاملة دون أن اشبع منه، نعم إن البسكويت الذي تعده أمي لذيذ جدا خاصة مع الشوكلاته الذائبة فوق أطرافه الهشة ، هنا أنا أتلذذ بمجرد النظر إليه ~
... : أمي ضعي القليل منه لي أنه يبدو لذيذا ( أمد يدي لأخذ قطعة من البسكويت فلا يمكنني تجنب تلك الرائحة التي تعطر مطبخ منزلنا )
أمي : " رانسي " لقد أكلتِ كل البسكويت حبيبتي سوف اصنع لك لاحقا هذا للجيران !!
رانسي : حسنا حسنا فقط قطعه واحده تفي بالغرض !!
أخذت قطعتين لأخرج مسرعة و ألتفت إلى أمي واخرج لساني محاولة بطريقة مازحه أن اغيضها ، كانت تحاول أن تخفي ابتسامتها بوجه شبه غاضب أو ذلك ما حاولت أن تبديه لي ، ابتسمت وذهبت اسبق أمي إلى حديقة المنزل ..
،
،
حديقة منزلنا صغيره مقارنة بالقصر المجاور ، خلعت حذائي الوردي ، ممسكة به بيدي ، ورحت امشي حافية الأقدام على العشب شبه المبلل من ندى الصباح ، الشمس مشرقة ولكن هناك بعض السحب المتجولة التي تغطي الشمس تارة لترسم الظل في حديقتنا ، ومحلقة بعيدا تارة أخرى لتترك الشمس ترسل خيوطها الدافئة إلينا ، كنت ألبس ردائي المشجر وشكرا لذلك أستطيع أن أنام على العشب دون أن اخشي أن تترك الأرض الخضراء بقعا على ثوبي، اخترت مكانا قريبا من الأزهار التي كانت أمي تزرعها وتهتم بها منذ وصولنا إلى هنا ، أعجبني الموقع ألقيت بالحذاء الوردي ونمت على العشب الأخضر، أغمضت عيني ، أشم رائحة الأزهار الجميلة في حين الشمس تصفع وجهي، هنا تنهدت وقلت محدثة نفسي :"آآآه إنها رائحة الشمس" !!!
.. : مجنونه !!!!!
رانسي : نعم أنا مجنونه وهل للشمس رائحة ( ضحكت بصوت عال )
صمت حل بالمكان حتى ضحكاتي توقفت.!
لم أرغب في أن افتح عيني .!
الصوت لم يكن أمي.!
لا أستطيع التفكير.!
الشمس أنهكتني.!
افتح إحدى عيني لأرى شخص يجلس على الجدار لا أعلم إن كان حقيقي أم من صنع خيالي..!
أغمض عيني مرة أخرى ،،
افركهما بيدي،،
الآن أستعد لأفتح عيني لأضحك على نفسي وخيالي الواسع ، أو ذلك ما تمنيت أن يحدث ~
،،
،،
__________________ |