عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-06-2007, 03:46 PM
 
أخبار الطفيليين ونوادرهم



من أخبار الطفيليين

هم من الفئات الطريفة في المجتمع العربي , أناس طبعوا هذا المجتمع بالمرح ورويت عنهم في الكتب ألطف الحكايات , هم الذين ألفوا دخول المنازل وحضور الولائم والأعراس والحفلات دون دعوة , وربما دون معرفة أحد من أصحاب الدور.

وفي القرن الخامس الهجري وضع عنهم الحافظ المؤرخ أحمد بن علي الثابت , المعروف باسم : الخطيب البغدادي , كتابا ً دعاه "التطفيل وحكايات الطفيليين وأخبارهم ونوادر كلامهم وأشعارهم" , وفي القرن العشرين ألف الكاتب الكبير توفيق الحكيم كتابا ً كاملا ً عن واحد من أشهر الطفيليين وكلنا بلا شك نعرفه , ألا وهو أشعب.

رفع الطفيليين شعاراً ساخرا ً في الحياة , عبر عنه شاعرهم بقوله :
نحن قوم متى دعينا أجبنا = ومتى ننس يدعنا التطفيل
ونقل : علنا دعينا فغبنا = وأتانا فلم يجدنا الرسول
ومن عادات الطفيليين المضحكة أنهم يتسقطون أخبار الولائم ويتبادلون المعلومات في هذا الشأن كيلا تضيع من أيديهم أية فرصة. والطفيلي , رغم الجهامة التي يبديها حين دخول المأدبة , ضاحك الوجه , خفيف الظل , سريع البديهة , وربما عرفه أصحاب الولائم فأغضوا عنه , وتغافلوا , طمعا ً بخفة روحه ورغبة ً بمشاهدة حركاته وهو يلتهم الطعام دون اعتدال أو روية.

جعل أحد الطفيليين لنفسه حكمة مضحكة أعجب بها وراقته فنقشها على خاتمه , والحكمة تقول : "مالكم لا تأكلون". أما مجموعهم فكانوا يؤمنن بما قاله واحد منهم :
دعوت نفسي حين لم تدعني = فالحمد لي لا لك في الدعوة
وقلت ذا أحسن من موعد = إخلافه يدعو إلى الجفوة
وهذا هو شعارهم ونهجهم في الحياة , إن جفاهم الناس وصلوهم , ولا يبالون سواء دعاهم صاحب الوليمة أم نسيهم , فهم دائما ً حاضرين.إنها شعارات مرحة , تصور مدى إصرار هذه الطائفة من الناس على حضور الولائم.

وهناك نصيحة لطفيلي وجهها إلى رفاقه وصحبه وأبناء "مهنته" , وذكرها صاحب " العقد الفريد" في كتابه , يقول الطفيلي : " إذا دخل أحدكم عرسا ً , فلا يلتفت التلفت المريب , ويتميز المجالس , وإن كان العرس كثير الزحام فليمض , ولا ينظر في عيون الناس , ليظن أهل المرأة أنه من أهل الرجل , ويظن أهل الرجل أنه من أهل المرأة".

قيل لطفيلي : لا يحق لك أن تأكل من طعام لم تدع إليه , فقال : " هذا خلاف قول الله تعالى حيث قال : "ليس على الأعمى حرج " , إلى قوله : " ولا على أنفسكم ان تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم" , إلى قوله " أو بيوت إخوانكم " وقد قال الله عز وجل: " إنما المؤمنون أخوة".

ونصح إبن الدراج الطفيلي ورفاقه وزملائه في المهنة فقال : " لا يهولنكم إغلاق الباب , ولاشدة الحجاب وسوء الجواب وعبوس البواب ولا تحذير الغراب ولا منابذة الألقاب , فإن ذلك صائر بكم إلى محمود النوال , ومغن لكم عن ذل السؤال.واحتملوا اللكزة الموهنة , واللطمة المزمنة , في جنب الظفر بالبغية , والدرك للأمنية.إلزموا الخفة للواردين والصادرين , والتملق للملهين والمطربين , والبشاشة للخادمين والموكلين , فإذا وصلتم إلى مرادكم فكلوا محتكرين , واخروا لغدكم مجتهدين , فإنكم أحق بالطعام ممن دعي إليه , وأولى به ممن وضع له , فكونوا لوقته حافظين , وفي طلبه مشمرين".

أتمنى أن ينال ما سبق إعجابكم وأن يستجلب ابتسامكم أحبائي الأعضاء الكرام , والسلام عليكم.