عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-17-2011, 05:28 AM
 
احذروا الرياء ، فهو الشرك الاصغر

الحمد لله ولي الحمد واهله وصللى الله على سيدنا محمد نبيه وصفوته من رسله وعلى اله وصحبه وبعد السلام عليكم ورحمة الله احبني في الله هذا الباب في ذم الرياء وبعض ما قيل عنه
اعلم أن الرياء حرام والمرائي عند الله ممقوت، وقد شهدت لذلك الآيات والأخبار والآثار.
أما الآيات: فقوله تعالى " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون " وقوله عز وجل " والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور "

قال مجاهد هم أهل الرياء. وقال تعالى " إنما نعطمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا " فمدح المخلصين ينفي كل إرادة سوى وجه الله، والرياء ضده وقال تعالى " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا نزل بعد ذلك فيمن يطلب الأجر والحمد بعباداته وأعماله.

بيان حقيقة الرياء وجوامع ما يراءى له :
الرياء مشتق من الرؤية ، وأصله طلب المنزلة في قلوب الناس بإرائهم خصال الخير ، والمراد به كثير ويجمعه خمسة أقسام وهي جوامع ما يتزين به العبد للناس وهي : للبدن والزي والقول والعمل ولاتباع والأشياء الخارجة .

فأما الرياء في الدين بالبدن فبإظهار النحول والصفار ليوهم بذلك شدة الاجتهاد وعظم الحزن على أمر الدين وغلبة خوف الآخرة .

وأما الرياء بالهيئة والزي فمثل تشعيث الشعر ، وإطراق الرأس في المشي ، والهدوء في الحركة ، وإبقاء أثر السجود على الوجه ، كل ذلك يراءى به .

وأما الرياء بالقول فرياء أهل الدين بالوعظ والتذكير والنطق بالحكمة والآثار لإظهار شدة العناية بأحوال الصالحين وتحريك الشفتين بالذكر في محضر الناس .

وأما الرياء في العمل فكمراءاة المصلى بطول القيام وطول السجود والركوع وإطراق الرأس وترك الالتفات .
وأما المراءاة بالأصحاب والزائرين كالذي يتكلف أن يستزير عالما لمن العلماء ليقال : إن فلانا قد زار فلانا .

عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « قال الله تعالى ذكره : أنا خير الشركاء ، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري ، فهو للذي أشرك وأنا بريء منه »

وعنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يقول الجبار تبارك اسمه : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن عمل لي عملا ، وأشرك معي غيري فأنا منه بريء ، وهو للذي أشرك »

وعنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قال الله عز وجل : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشريكي »

وروى عبد الله بن المبارك بإسناده عن رجل أنه قال لمعاذ بن جبل: حدثني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبكى معاذ حتى ظننت أنه لا يسكت ثم سكت ثم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال لي " يا معاذ " قلت لبيك بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال " إني محدثك حديثاً إن أنت حفظته نفعك وإن أنت ضيعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله يوم القيامة،

يا معاذ إن الله تعالى خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السموات والأرض، ثم خلق السموات فجعل لكل سماء من السبعة ملكاً بواباً عليها قد جللها عظماً فتصعد الحفظة بعمل العبد من حين أصبح إلى حين أمسى، له نور كنور الشمس، حتى إذا صعدت به إلى السماء الدنيا زكته فكثرته فيقول الملك للحفظة: اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا صاحب الغيبة أمرني ربي أن لا أدع عمل من اغتاب الناس يجاوزني إلى غيري "

قال " ثم تأتي الحفظة بعمل صالح من أعمال العبد فتمر به فتزكيه وتكثره حتى تبلغ به إلى السماء الثانية فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه أراد بعمله هذا عرض الدنيا أمرني ربي أن لا أدع
عمله يجاوزني إلى غيري إنه كان يفتخر به على الناس في مجالسهم "

قال " وتصعد الحفظة يعمل يبتهج نوراً من صدقة وصيام وصلاة قد أعجب الحفظة فيجاوزون به إلى السماء الثالثة فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بها العمل وجه صاحبه، أنا ملك الكبر أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري إنه كان يتكبر على الناس في مجالسهم "

قال " وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كما يزهر الكوكب الدري له دوى من تسبيح وصلاة وحج وعمرة حتى يجاوزوا به السماء الرابعة فيقول لهم الملك الموكل بها:قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه اضربوا به ظهره وبطنه، أنا صاحب العجب أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري إنه كان إذا عمل عملاً أدخل العجب في عمله "

قال " وتصعد الحفظة بعمل العبد حتى تجاوزوا به السماء الخامسة كأنه العروس المزفوفة إلى أهلها فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واحملوه على عاتقه أنا ملك الحسد إنه كان يحسد الناس من يتعلم ويعمل بمثل عمله وكل من كان يأخذ فضلاً من العبادة يحسدهم ويقع فيها أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري

قال " وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وحج وعمرة وصيام فيجاوزون بها إلى السماء السادسة فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه كان لا يرحم إنساناً قط من عباد الله أصابه بلاء أو ضر أضر به بل كان يشمت به، أنا ملك الرحمة أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري "

قال " وتصعد الحفظة بعمل العبد إلى السماء السابعة من صوم وصلاة ونفقة وزكاة واجتهاد وورع له دوي كدوي الرعد وضوء كضوء الشمس معه ثلاثة آلاف ملك فيجاوزون به إلى السماء السابعة فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، اضربوا به جوارحه اقفلوا به على قلبه إني أحجب عن ربي كل عمل لم يرد به وجه ربي إنه أراد بعمله غير الله تعالى، إنه أراد رفعة عن الفقهاء وذكراً عند العلماء وصيتاً في المدائن، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري، وكل عمل لم لله خالصاً فهو رياء ولا يقبل الله عمل المرائي "

قال " وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر لله تعالى وتشيعه ملائكة السموات حتى يقطعوا به الحجب كلها إلى الله عز وجل فيقفون بين يديه ويشهدون له بالعمل الصالح المخلص لله "

قال " فيقول الله لهم أنتم الحفظة على عمل عبدي وأنا الرقيب على نفسه إنه لم يردني بهذا العمل وأراد به غيري فعليه لعنتي، فتقول الملائكة كلهم: عليه لعنتك ولعنتنا، وتقول السماوات كلها: عليه لعنة الله ولعنتنا وتلعنه السماوات السبع والأرض ومن فيهن "

قال معاذ: قلت يا رسول الله أنت رسول الله وأنا معاذ قال " اقتد بي وإن كان في عملك نقص، يا معاذ حافظ على لسانك من الوقيعة في إخوانك من حملة القرآن واحمل ذنوبك عليك ولا تحملها عليهم ولا تزك نفسك بذمهم ولا ترفع نفسك عليهم ولا تدخل عمل الدنيا في عمل الآخرة ولا تتكبر في مجلسك لكي يحذر الناس من سوء خلقك، ولا تناج رجلاً وعندك آخر، ولا تتعظم على الناس فينقطع عنك خير الدنيا، ولا تمزق الناس فتمزقك كلاب النار يوم القيامة في النار قال الله تعالى " والناشاطات نشطاً " أتدري من هن يا معاذ " ؟

قلت: ما هن بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال " كلاب في النار تنشط اللحم والعظم " قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله فمن يطيق هذه الخصال ومن ينجو منها؟ قال " يا معاذ إنه ليسير على من يسره الله عليه قال فما رأيت أكثر تلاوة للقرآن من معاذ للحذر مما في هذا الحديث.

وعن سليمان بن يسار ، قال : تفرق الناس عن أبي هريرة ، فقال ناتل أخوأهل الشام : أيها الرجل ، حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو هريرة : نعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة : رجل استشهد فأمر به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟

قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال : كذبت ، ولكن قاتلت ليقال : جريء ، وقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن ، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها ، فقال : ماذا عملت فيها ؟

قال : تعلمت فيك العلم وعلمته ، وقرأت فيك القرآن . قال : كذبت ، ولكنك تعلمت العلم ليقال إنك عالم ، وقد قيل . وقرأت القرآن ليقال : هو قارئ ، فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، ورجل أوسع الله عليه وأعطاه من أنواع المال كله ، فعرفه نعمه ، فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟

قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك . قال : كذبت ، فعلت ليقال : جواد (1) ، فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار » حدثنا خلاد بن أسلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، أنبأنا ابن جريج ، عن يونس بن يوسف ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) جاد : بذل وسخا وتكرم

رد مع اقتباس