ملة الرفض واحدة - شواهد من سوريا الشقيقة
في الذكرى الحادية والثلاثين للعدوان الإيراني على العراق العظيم
الدكتور طه الدليمي
عندما بدأنا المسيرة ضد التشيع وشيعته في العراق أوائل التسعينيات كان الكثير من أصحابنا السنة يصفنا بالتجاوز وعدم الاعتدال. أذكر أنني كنت في تلك الأيام أبحث عن كتاب (الكافي) للكليني حتى أطلع على دين الشيعة من مصادره الأصلية، وكنا آنذاك نعجب مما ينقله عنهم الأستاذ إحسان إلهي ظهير رحمه الله إلى درجة يصعب علينا تصديق بعض تلك النقولات، وحين نحتاج إلى الاستشهاد بها نفعل ذلك على تخوف واستحياء؛ فربما ادعى السامع كذب المنقول ما دام النقل ليس عن المصدر. سمعت أن أحد الفضلاء في بغداد - وكان من الإخوان المسلمين - لديه ذلك الكتاب فشددت الرحال إليه. وأعارني الرجل الكتاب مع توصية مشددة أن لا أثير ما فيه من بلايا وطامات؛ لأن ذلك يسبب الفتنة بين الشيعة والسنة ويزرع الشقاق بين الفريقين في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى توحيد الجهود ضد أمريكا وإسرائيل. هذا والإيقاع بين المسلمين خطة أمريكية صهيونية!
ابتسمت في سري ساخراً، ولم أعلق بشيء خشية أن أخرج من بيته صفر اليدين. احتلال العراق .. بداية الصحوة ووقع العراق فريسة الاحتلال الشيعي الإيراني حقيقة، والأطلسي الصليبي ظاهراً. فصدق كثير من الناس ما كنا نقوله ونحذر منه وننذر. لكن فريقاً آخر لم (يصحصح) إلا على وقع (الدريل)!
أباح الشيعة بلادنا للكفرة الحاقدين.. استباحوا مساجدنا وأعراضنا.. تبوأوا ديارنا.. قتلوا شبابنا وشيبنا.. شووا أطفالنا بالنار وقدموهم في الأواني مع المطيبات طعاماً لأهاليهم! مارسوا أشد أنواع التعذيب في السجون، مصحوبة بالإهانة وسلب الكرامة وطعن الرجولة. قذفوا عائشة الصديقة في شوارع بغداد، وسبوا الصحابة في طرقات الفلوجة، وكتبوا على جدرانها "اليوم دياركم وغداً أعراضكم". وغزت جنودهم المدينة العزيزة يحملون صورة شيطانهم شاراتِ تحد وإثبات وجود على صدورهم.
ومع كل ما تحملناه من عذاب لم نفقد الأمل، بل كنا نقول: استثمار الحدث أهم من الحدث. فلنجعل ما حل بنا ثمناً لصحوة قومنا ثم نهوضهم. ونبشر من حولنا أن الفرج قريب وأن النصر آتٍ. وحين نخلو بأنفسنا نجأر بالدعاء باكين نردد مستحين قول الرسول والذين آمنوا معه: (مَتَى نَصْرُ اللَّهِ) (البقرة:214)؟ حتى إذا خرجنا على الملأ وسمعنا يائساً يقول: لن يخرج الأمريكان، كيف ومن يخرجهم؟ كنا نتلو عليه قوله الله جل في علاه: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) (الحشر:2) فإذا هو يقول: ونِعْمَ بالله! أي أنعم بالله.
هذا كان زادنا. وبه كنا نمشي نكابر جرحنا. وكلما اتسع الجرح استطالت قاماتنا بقدره حتى نتمكن من الاستمرار والمطاولة.
كنا نجتر مأساتنا شبه وحيدين. لم يقف أحد معنا من الأمة سوى أفراد من نزاع القبائل وأفناء الناس، الذين كانوا هم الناس. واتسع الخرق اتسع خرق الشيعة واستكلبت إيران بعد سقوط العراق بين أيديهم، فقالوا: إن ما سواه أسهل وأقرب. فقلنا: ها قد بدأ الشيعة يرتكبون حماقتهم الكبرى. إن الزرازير لما طار طائرها توهمت أنها صارت شواهينا
وكنت أقول: دعوهم يسيرون إلى حتفهم بظلفهم. أين شراذم الشيعة من محيط الأمة؟! إنهم يتوسعون أفقياً ويسقطون عمودياً. وما أسرع ما أقبلت الأيام تصدق ما نقول. نحن خبراء الداء الشيعي، ونحن أطباءُه وحكماءُه. كثير الدعاة منشغلون بدعوة الشيعة بالحجة والمنطق، والخبير يقول: التشيع عقدة نفسية قبل أن يكون عقيدة دينية. إنه سوء قصد لا سوء فهم. ولكل من الداءين علاجه. العقدة وسوء القصد له علاج يختلف عن العلاج المطلوب للعقيدة وسوء الفهم. وضمنا ذلك كتاب (لا بد من لعن الظلام) الذي انتهينا منه بداية 2002، وكتاب (التشيع عقيدة دينية أم عقدة نفسية؟) الذي انتهينا منه آخر 2006. وما زال كثير من الدعاة، بل العقل الجمعي السني، يضع الأولوية لتسنين الشيعة، بينما الخبير يقول: إن الأولوية لتحصين السنة، و(إعادة تسنينهم): التحصين وإعادة التسنين هو واجب الوقت. مواجهة الشيعة مقدمة على مجاملتهم من أجل دعوتهم، فدفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة. تسنين الشيعة سيكون تحصيل حاصل لذلك. اكسب السنة تربح الشيعة مجاناً. الفاضحة الجائحة
ثم كانت أحداث البحرين ودخول درع الجزيرة إليها في 14/آذار/2011 وانكشاف المخطط الإيراني – الأمريكي ضد دول الخليج؛ فانقلبت قناة الجزيرة إلى الضد مما كانت عليه من اتجاه! (من كان يتصور ذلك؟!) حتى إذا جاءت أحداث سوريا قبل خمسة أشهر ونيف كانت الفاضحة الجائحة! انظروا أيها السنة! انظروا إلى تشابه أخلاق الشيعة في كل بلاد سكنوها، ووحدة سلوكهم. انظروا إلى العقد النفسية الواحدة: كيف توحد سلوكهم! حتى تجعل من الشيعي العراقي والشيعي اللبناني والشيعي الإيراني والبحريني والسوري والتركي نسخة طبق الأصل. لقد ذاق سنة لبنان في طرابلس وغيرها الويل على يد عصابات حافظ الأسد التي غزت لبنان في سبعينيات القرن الماضي. لكن الإعلام العربي ما كان يسمي الأشياء بمسمياتها، فما كان الجمهور العربي يدرك أنها حرب دينية (شيعية – سنية). هذا وقد سحق شيعة الأحواز قبل ذلك بنصف قرن على يد شيعة إيران لتبرز حقيقة أخرى من حقائق الصراع وهي الحقيقة العنصرية الفارسية ضد كل ما هو عربي حتى لو كان شيعياً. فإيران تضطهد الشيعة العرب في داخل حدودها؛ لأنهم عرب، وتستغل الشيعة العرب خارج حدودها باسم التشيع لتركبهم إلى أهدافها. والشيعة العرب يقتلون السنة تديناً وعقيدة تعبر عما في نفوسهم من عقد نفسية جمعية. هذه هي أبعاد الصراع. العراق هو النموذج
وقد برزت أبعاد الصراع هذه في العراق كأجلى ما تكون. لكن الإعلام ظلم العراقيين - وأقصد السنة – حين لم يعنون الصراع بعناوينه الصحيحة. ولما تكلمت عن هذه العناوين في كلمتي في مؤتمر نصرة العراق الذي عقد في إستانبول آخر 2006 لم تنقل قناة (الجزيرة) كلمتي، وكان ذلك بإشارة وتوجيه من هيئة علماء المسلمين. وظلوا يكتمون صوتنا ويلاحقوننا في كل منبر إعلامي حتى أتاح الله تعالى لنا قناة (صفا)، وكانت فكرة أوحينا بها منذ أواخر 2005 وظللنا نلح عليها ونسعى إليها حتى تكللت الجهود بالنجاح بفضل الله ثم بفضل الخيرين.
لقد وضعت هذه القناة كثيراً من النقاط على حروف بقيت عجماء دهوراً، لتعرب وتنطق أخيراً. ثم واصلت الطريق (وصال). ونحن سائرون – بعون الله – إلى ميدان (القادسية) في طريقنا إلى إخراج العجم وشيعتهم من مدائن بغداد لنلاحقهم إلى قم، وسترون بإذن الله. فـ(الطريق إلى بغداد) هو مقدمة (الطريق إلى قم). وإلا ماذا يتصور المجوس وأفراخهم؟!
ألا إن لبغداد لثمناً سيدفعونه ولن يكون دون قم. على أننا نقول: ومع ذلك فما أرخص الثمن! زلزال سوريا ما حدث في سوريا زلزال؛ لأن الإعلام كان حاضراً ينقل المأساة بتفاصيلها. ولأول مرة يرى الناس مشاهد التعذيب الوحشي الذي طال الأطفال – وقد بدأ بهم – حرقاً بالنار، وتكسيراً للعظام. جنود النظام الشيعي النصيري يدوسون الأبرياء بأقدامهم، وأمام الكاميرات! يتلذذون بتعذيب الضحايا والانتقام منهم. يجتمع بضعة جنود على ضحية يضربونه بعصيهم ويركلونه بأقدامهم ويصفعونه بأيديهم كيفما اتفق: على رأسه، وجهه، صدره، المواضع الحساسة من جسمه... وهم يزعقون ويشتمون. هدموا المساجد وفجروا مناراتها. أنظر إلى المشهد أمامي فأزفر متغيظاً، ثم أصحو لنفسي وأقول: أليس هذا ما حل بنا ومنذ ثماني سنين؟ وكأنني أرى المشاهد التي سبق وأن رأيتها في بلدي تعرض في شريط سينمائي أمامي! الفرق أن ما تعرض له إخواننا في سوريا لا يعدل عشر معشار ما تعرضنا له في العراق. غير أن الإعلام كان إلى جانبهم أكثر منا، فظللنا نجتر مأساتنا نصرخ ولا من يسمعنا أو يسمع لنا. حتى من السوريين أنفسهم. فعندما كنا نحدثهم عما يجري لنا كانوا يبادرون إلى تكذيبنا. الحقيقة الخطيرة ..! إن هذا يضع أيدينا على حقيقة في غاية الأهمية والخطورة.
تلك هي أن..................
الشيعة في كل مكان ملة واحدة:
كلهم........ لا يعرفون غير لغة القوة، ومتى ما تمكنوا لم يتفاهموا بغيرها.
كلهم........ سرطانيو السلوك اجتثاثيون حتى في مصطلحاتهم وكلماتهم (قانون اجتثاث البعث: فقانونهم الاجتثاث، والاجتثاث عندهم شريعة وقانون)، وحشيون حتى في أسماء جيوشهم (لواء الذئب، لواء العقرب)، انتقاميون حتى في شعاراتهم (يا لثارات الحسين).
كلهم....... في كل دولة يشكلون – كاليهود – (دولة داخل دولة): حاكمها المرجع، وشعبها الطائفة، وعدوها ابن البلد.
كلهم...... يستعملون الأساليب العدوانية السادية نفسها في التعامل مع خصومهم وضحاياهم.
واللطيف في الأمر أن هلاك الشيعة في سلوكهم النابع من تركيبة شخصيتهم، متى ما استيقظ السنة. ولقد استيقظ السنة بسياط القدر قبل نور الشرع. الحياة قتالاً خير من الموت قتلاً لقد وضع الشيعة – بحمقهم – أهل السنة أمام خيار واحد هو الموت قتلاً أو الحياة قتالاً.
وإذا لم يكنْ منَ الموتِ بدٌ فمن العارِ أن تموتَ جبانا
وهذا ما يجري في سوريا اليوم.
ولأن الشيعة ليسوا على قدر المواجهة فسيكون مصيرهم أسود ليس في سوريا فحسب وإنما في العراق أيضاً وفي لبنان وفي الخليج وحيثما وجد شيعي أحمق وأحمق شيعي في أي مكان.
وصدق العالم السوري الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله حين قال: (العقائد التي يبنيها الحقد يهدمها الانتقام).
وشتان شتان بين 9/4 سنة 1980 و 9/4 سنة 2011 .. لقد ذهب زمانهم وجاء زماننا.