خرجتُ من المطبخ لأسمع صوت جلبة في الحمام فعلمت أن مصدرها من جيف، فتوجهت للحمام و وقفتُ بقرب الباب لأسأله باندهاش :
- هل أنتَ بخير ؟!
ما الذي حدث له فجأة ؟ هل من المعقول أنه وضع في البيضة شيئاً ما ونسي ذلك ؟
خرج لي بعد ثوانٍ ليجيبني بقليلٍ من الغضب بعد أن مسح فمه بيده :
- تباً لهذا البيض ! أنه مقرف ! كيف تأكلون شيئاً كهذا؟
استغربتُ بشدة من هذا المخلوق العجيب ، فبيضي ! بيضي مقرف !
قال لي وهو يمر بجانبي :
- هيا دعينا ننسى موضوع الإفطار و لندخل في صلب الموضوع و ننتهي .
تكتفتُ لأقول له بجدية :
- و ها أنا اسمع .
جلس على الكنبة بهدوء ليقول لي :
- اسمعي ، أنا هنا لأعقد اتفاق و أن وافقتي عليه و نفذتي شروطه بحذافيرها فأنا أعدكِ بأنكٍ لن ترينني مجدداً و ... أجل ، سوف تعود صديقتكِ أليسون إليك .
أليسون ؟ .........
ضربتُ جبيني براحة يدي بخفة فقد نسيتُ أليسون تماماً ، سحقاً ، كيف نسيتُ صديقتي العزيزة؟ ....... لحظة لحظة لحظة ! ماذا قال للتو ؟ ، ألم يقل سوف تعود صديقتكِ إليكِ؟
توسعت عيناي صدمة لأقوم بالصراخ صرخة كانت كفيلة بهز العمارة :
- أنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت .
اندفعت لجيف لأصيح في وجهه بحدة :
- أنتَ من خطف أليسون إذاً !
تراجعت للخلف قليلاً لأقول و ضميري يؤنبني بشدة :
- اااوه ، كيف أنسى أن تلك الغربان لك و أليسون اختفت بسبب الغربان .
حدقت في جيف الذي كان على حاله ، نفس تعابير وجهه الباردة و نفس جلسته ، سألتهُ بصوتٍ واهن :
- هل فعلتَ لها شيء؟
بهدوء أجابني :
- ليس بعد .
أغضبتني جملته هذه بشدة ، هدوءه استفزني فهو بكلامه هذا يعني أنه سوف يؤذيها لكنه للآن لم يفعل لها شيئاً ما ، حاولتُ التحكم في أعصابي و قلتُ بهدوء أخفي داخله غضب وخوف شديدان :
- إذاً ؟ ما الذي تريده مني ؟ ما هو الاتفاق ؟
أخرج علبة السجائر خاصته والتي حفظتُ شكلها أكثر من أي شيء أخر ، وقام بتدخين إحدى السجائر ثم نفث الدخان من فمه ليجيبني و هو يجلس بأسترخاء :
- سهلُ جداً عليكٍ ... أعتقد ذلك ...
نطق أخر كلمتين بسخرية ليكمل :
- واتسون ، عليكٍ أن تجلبي واتسون إلى إحدى الأماكن التي سوف أقول لك ما هو لاحقاً ، و أنا سوف أعيد صديقتكِ إليك .
شعرتُ ببعض الخوف من كلامه ، فذاك الحوار الذي دار بينه وبين واتسون يدل على وجود عداوة بينهما .. أو هذا ما أظنه ، لكن ... لكن كيف سوف أخذ واتسون إلى هناك ، إلى الخطر ، لا بد أن جيف سوف يؤذيه ، أليس بتصرفي هذا أؤذيه ... آآآآآه أنها مسألة صعبة و معقدة للغاية
فأنا لكي أمنع أحدهما من التأذي أوذي الآخر عوضاً عنه ، أغمضت عيني بخوف لأهمس :
- لكن .. ألن تأذي واتسون ؟
- أؤذيه ؟ بالتأكيد كلا ، لدي أوامر بأن أعيده إلى السيد والسيد كيد سالماً ..... لكن هذا لن يمنع من إعطائه كم ضربة تفشي غليلي منه ... فلقد تركني أطارده لعشر سنوات ، كقطٍ يطارد فأراً تماما .
قال أخر جملة بغيض شديد ثم أضاف :
- لكنني لا أنكر أنني استمتعت بمطاردته ، لكن هذه المطاردة كلفتني الكثير من وقتي ، و أنا أعلم جيداً أن ذاك البغيض كان يستمتع برؤيتي ألاحقه من مكان لأخر كما لو أنني لا أملك شيئاً أهم منه ....... ذاك الفتى المدلل .
تشابكت يداي أمام صدري لأهمس بخوف :
- هل سوف أفعل ذلك ؟ لم يسبق لي أن خدعتُ أحدهم ، أنه شعور سيء ، سيء.
سخر جيف قائلاً :
- هيا ، بالله عليكٍ ، كل واحد منا يملك شراً في داخله ، فقط جدي ذاك الشر و أخرجيه ، وهو سوف يسره كثيراً أن يساعدك .
نظرتُ إليه لأشعر بأنواع الخوف ، كان ينظر إلي باستخفاف شديد ، يبدو أنه واثق من أنني سوف أتخذ الخيار الأصح لي و هو إنقاذ صديقتي ، و للأسف الشديد هو محق ، محق تماماً
لا أريد أن أؤذي احدهم ، لكن .. لكن لا يمكنني الوقوف مكتوفة اليدين و أرى صديقتي تتأذى و السبب هو ....... معرفتي بواتسون ..
أحسستُ فجأة بقليلٍ من الغضب ، فهذا كله بسبب واتسون ، لو أنني لا أعرفه لما حدث أياً من هذا ، لكنتُ الآن خارجة مع أليسون ، نرى المدينة ، نستمتع ونضحك ، فلماذا عرفني على نفسه و هو لديه الكثير من المشاكل ؟
مشاكل ! ابتسمت بسخرية عند قولي لهذا في نفسي فـ للتو اكتشفت شيئاً نشترك فيه أنا واتسون ...... إلا و هو المشاكل !
همستُ بصوتٍ واهن و أنا أشعر بخوف شديد :
- مـ ... موافقة .
رسمت شفتيه ابتسامة على وجهه ليقول لي و هو ينهض من الكنبة :
- عظيم ، يا ثورتي الصغيرة .
لم أشعر بغضب أو حنق اتجاهه ، فلو كنتُ في وضعي الطبيعي لرغبتُ بشدة في لكمه لكن في حالة الخوف التي أشعر بها الآن لا أرغب في أي شيء ، انتبهت له يقترب مني ويضع يده على وجنتي ليمسح عليها و يقول بمكر :
- و أقول لماذا واتسون معجب بكٍ ، و الآن أدركت لماذا ، لأنكِ إنسانة تحب أن تقوم بفعل ما تريده لكن في نفس الوقت تفكر بالآخرين قبل فعله .. لأنكِ صعبة المراس وهو يحب أن يروض صعبات المراس ... هه ، أحب ذلك .
أبعدت يده عني بسرعة فقد أربكتني لمسته ، لم أعد أحب أن يفعل ذلك لي أحدهم ، لم أعد أحب أن يقوم أحدهم بذلك لي بعد أن تعرفتُ على واتسون
تذكرتُ فجأة عناق واتسون الحار لي ولمسته الحنونة وقبلته الرقيقة على يدي فشعرت بالحرارة تسري في جسدي و برغبة كبيرة و عارمة في أن أراه الآن و أرتمي في حضنه
آآآآآآه يا له من تفكير أحمق بالفعل أفكر فيه الآن ، ما الذي حدث لي فجأة ؟ لِمَ كل هذا ؟
أبتعد جيف عني ليقول لي وهو يخرج من إحدى النوافذ :
- حسناً ، الآن يجب علي أن أقول وداعاً .
و خرج من النافذة ليسمح بدخول هواء إلى داخل الشقة و يحرك شعري بخفة فأخذت أنظر بوهن إلى النافذة ، فأنا لا أعلم ماذا سوف أفعل ، لو بقيتُ غاضبة من واتسون لحدث الأمر بسهولة ، لكن الآن .. الآن أخذت أفكر كالحمقاوات تماماً
رميتُ نفسي على الكنبة و غطيتُ وجهي بيدي لتنزل دموعي على وجنتي ، لا أرغب في أذية أليسون و أيضاً لا أرغب في أذية واتسون ولا أذية أي أحد ، فكيف سوف أخدع أحدهم و أنا لم أعتد على فعل ذلك ، كنتُ دوماً أعتبر أمي أكثر إنسانة مخادعة في الكون و الآن أنا سوف أفعل ما تجيد فعله ، أخدع أحدهم !
لم أشعر بنفسي ألا و أنا أنام لفترة لم أعلم مدتها ، ولم أستيقظ ألا بعد أن أحسستُ بيد أحدهم توضع على كتفي ثم يقوم بإدارتي بخفة باتجاهه لأرتطم بصدره القوي و يحيطني بذراعيه ، سمعتُ يهمس في أذني بصوتٍ ساحر :
- ما بكٍ يا روز ؟ ألا تودين خداعي ؟
أنه واتسون ، أنه صوته الحنون نفسه
ضغطتُ على صدره بقوة و أخذت أشده إلي أكثر ، أنني أحتاج إلى أحداً يبقى بجانبي الآن
أي أحد !
سمعتهُ يهمس في أذني مجدداً بنفس نبرة الصوت السابقة :
- روز ؟ ألا تودين خداع شخصاً مثلي ؟ شخصٌ تحكمه تقاليد جماعته ؟ شخصٌ يريدكِ لنفسه فقط ، و سوف يقوم بإبادة كل شخصٍ يحاول سلبكٍ منه ، شخصٌ لن يمانع إراقة دماء أحدهم حتى يحصل على ما يريده ..... روز ، ألم أخبركِ ؟ .... أريدكٍ أنتِ .
همستُ بصوتٍ خافت :
- لماذا ؟
شدني إليه بقوة أكثر لأشعر بنفسي أختنق ، قال لي :
- لماذا ؟ ألم يخبركٍ جيف قبل قليل أنني أحب ترويض صعبات المراس .
همستُ بصوتٍ واهن :
- و ... واتــ.....ــسون .
أحسستُ بدموعي تنزل على وجنتي ، أنني الآن في أسوء حالاتي فأنا لا أريد أن أقوم بشيء سوف أندم عليه كلياً لاحقاً ، لا أريد أن أكون كأمي ... لا أريد ..
همستُ بصوتٍ باكٍ :
- لا أريد .. لا .. لا .. ليس أمي .. لا .. أمي .. كـلا .. لا أريد .
همس واتسون :
- روز ، اخدعيني يا روز ، اخدعيني ولا تبالي بأحد ... اخدعيني .
صحتُ بقوة :
- كـلا .. لا أريد أن أؤذي أي أحد .. حتى لو كان ألد أعدائي ... كلا مستحيل ... لا .. مستحيل .. كلا .. لن أفعل .. لن أفعل ...
و لا أعلم ماذا حدث بعد ذلك فقد همس واتسون في أذني بكلمات لم أستطع تمييزها ، ثم غفوت بين ذارعيه ..
------------------------
أحسستُ بضوء مزعج يتسلل إلى عيني فضاقت عيناي بانزعاج لأقوم بفتحهما بعد قليل و أستوعب المكان الذي كنت فيه ، كنتُ نائمة على الكنبة في صالة شقتي ...
دعكتُ عيناي فقد كنتُ نعسة جداً ، تذكرتُ أليسون و جيف و ..... واتسون
ألتفتُ حولي بفزع أبحث عنه لكنه لم يكن موجوداً ، هل كنتُ أحلم ؟ يبدو ذلك فأنا نائمة على الكنبة وليس في الغرفة و أيضاً ، هل يقول أحدهم لآخر أن يقوم بخداعه ...
خداع ؟ حضنتُ نفسي بخوف ..
( كلا .. لا أريد أن أخدع أحدهم ، كلا ... واتسون لماذا قلتَ شيئاً فضيعاً كهذا ؟ أن أقوم بخداعك ! لماذا أحلم بشيءٍ كهذا ؟ .. أوه .. رباه ماذا علي أن أفعل )
أخفيتُ وجهي براحة يدي و أنا أشعر بمرارة شديدة ، سمعتُ صوت هاتف شقتي يرن ..
أوه ، هذا ليس وقت الاتصالات ، لا أرغب في سماع صوت أحد
و على رغم كل هذا ، نهضت من مكاني و اتجهت للهاتف بخطوات مثقلة لأرفع السماعة وأجيب بصوتِ واهن :
- نعم ؟
جاءني صوت مرح من السماعة :
- أوه ما هذا الصوت ؟ يبدو كما لو أنكِ ترغبين في الدخول في عراك مع أحدهم .
لم أستطع منع ضحكة خفيفة تفلت من فمي فقد كان المتصل أيريك ..
لحظة ! لحظة ، أيريك ؟ أليس في لوس أنجلوس فكيف يتصل علي من لوس أنجلوس على هاتف الشقة ؟
رحبتُ به بسعادة فقد كنت فرحة جداً لسماع صوت شخص أحبه :
- أوه أهلاً أيريك ، لا تعلم كم أنني مشتاقة لك ، لكن ألستَ في لوس أنجلوس فكيف تتصل بي على هاتف الشقة ؟
يبدو أن أيريك ذُهل من هذا فقد وضح هذا في صوته :
- ألم تخبركِ أمكِ بأنني قادم معها هذا اليوم؟ ... وفي الحقيقة .... أنني الآن أمام عمارة شقتك الآن ...
__________________ |