رصـــيف الــذاكرة ...!
رأيته وقد شارف على الجلوس بمقعده المعتاد
في المقهى العتيق . . و بالتحديد في ركن من الأركـــان
تناول قهوته من دون سكر
و سحب السيجارة من جنب الفنجان
وقفت أراقبه و كأني أحرسه
من عيني,من رمشي . . و ماذا بعد الآن .. ؟؟
فسيدي المنعزل في سيارته
غريب عن بـــلدتي بـلا عنـوان
لم أدري له اسما أو رسما . . لكن قيثارته أثارت المكان
فالقبعة المتوسدة على شعره الحريري
منعتني من رؤية محياه الفـــتان
أشـــار على النادل بــرفع مــعطفه
فهو الآمــر و الكل لديه خـــدمــان
من دون ســابق إنــذار سحب محفظة
و أخرج الـعود و الـــسندان
و راح يعزف أغنية . . صغت لها العيون و الآذان
فقام المشاة في الطرقات .. و الجلوس على حواف الممرات
يــصفقون من دون إذعــــان
و غدوت أسيرة لموسيقى . . حلقت معها في عالم من الخيال
فلم أفق إلا و الصوت الــشجي
يخاطبني و يحـــاول إخراجي من التياهان
أجلسني بجنه في مقهى المرجــان
على شاطئ البحر كانت أصوات الأحلام
فهل أنا بجزيرتي.. أو ملقاة في زورق فـــنان
و سألني ما بال صغيرتي غارقة في بحر من الهذيان
لم تنطق شفتاي بحرف من الحروف
فــأنا في حلم.. أو أنه نـوع من الــغثيان
راقبت حركاته في حــالة إدمــــان
ناولني السكر فوضعته على السندان
تبسم الغريب من حالي الحيران
و حمل أجزاؤه و راح من غير عنــوان
و بعد مرور سنين الخيال
و أنا على حافة الطريق المؤدي إلى الشمال
رأيت علامة كنت لمحتها في زمن من الأزمـان
فرأيت القبعة المزركشة بخليط الألوان
تتوسد شعرا حريريا تمازج بالأبيض و لون الرمان
و تكرر المشهد أمامي دون نسيان
فرصيف الذاكرة أيقضني من لحظة عايشتها من دون كتمان
. . .