عرض مشاركة واحدة
  #181  
قديم 09-28-2011, 03:21 PM
 
انتصب بصعوبة وجلس على حافة السرير ,
ثم نهض وعانق ابنته وشدها الى صدره ثم قال بصوت ثقيل :
" كنت احلم , عفواً يا ابنتي , لم انتظر ان اراك بهذه السرعة بعد الزواج , والا لرتبت غرفتي ,
إقبل مني احرّ التهاني يا دييغو .."
ثم ابتعد عن ابنته قليلاً ليتأملها عن قرب .
واستغربت لورا ان ترى بشرته داكنة . فقال دان بابتسامة طبيعية :
" ارى ان الزواج يليق بكِ يا صغيرتي , لم يسبق لي ان رايتكِ مشعةً كاليوم واني سعيد جدا لذلك ".
قالت بصوت خافت :
" كنت اود لو حضرت حفلة العرس , يا ابي , لم يكن هناك احد من عائلتي .."
ضغط دان على يدها وقال بانفعال بعد صمت طويل :
" كان هناك زوجكِ , انه يساوي كل اهلك و اصدقائك ".
كتمت لورا احاسيسها والتفتت عفويا الى دييغو وفوجئت أن رأت في عينية الحنان والمحبة ,
فقالت بصوت منخفض :
" نعم .... كان هناك دييغو ".
قال دان :
" لنجلس ونتحدث قليلا , لا اريد ان احتجزكما كثيرا ,
لا شك انكما ترغبان ان تكونا وحيدين . كما اننا لسنا في فندق من الدرجة الاولى .
لكن منذ زيارة لورا الاخيرة , اصبحت غرفته مريحة جدا , وضعت المقاعد الجلدية حول الطاولة وخزانة مليئة بالملابس , وعلى الطاولة اباريق القهوة والشاي وبراد يحوي على المشروبات المنعشة .
" دييغو اريد ان اشكرك لكل ما فعلته لتجعل هذا المكان مريحاً , كما احب ان اشرب شيئاً على شرفكما .
ماذا تريدين ان تشربي يا لورا ؟"
كانت على وشك الرفض , لكن نظرات دييغو جعلتها تغيّر رأيها ,
فقالت :
"اريد قليلاً من الشاي ".
وقام دييغو يسكب الشاي للجميع . واذا بدان يرفع كأسه ويقول وهو ينظر الى ابنته بانفعال كبير :
"ليكن زواجكما سعيداً كما كان زواجي ".
احمرت لورا خجلاً وجرعت الشاي وكادت تختنق ثم قالت :
" اعرف جيداً يا ابي ان زواجك كان فريدا من نوعه ".
لم يكن بامكانها التصور انه سياتي يوم ويشرب والدها على شرفها في زنزانة مكسيكية , كان عرسها من رجل حقير ؟
هي التي كانت تحلم ان يرافقها والدها الى العرس ويسلمها الى برانت ,
امر غريب للغاية ....
فجاة , عادت الى وعيها وتبين لها ان والدها و زوجها يتحدثان كانهما صديقان قديمان .
آه لو انها قادرة على ان تفتح قلبها لدان , او ان تبقى معه لوحدها بضعة دقائق , خلال الفرص المدرسية التي كانت تمضيها برفقة والدها على متن سفينته بربارة , كان دان دائما يصغي اليها بانتباه لكل مشاكل واحزان الطفولة والمراهقة .
اما اليوم والوضع معها متازم , فان والدها هو اخر من يمكنها ان تشكو اليه او تفتح له قلبها .
نهض دييغو كانه احس بمدى توترها , ووضع فنجانه على الطاولة وقال في محبة :
" يجب ان نذهب الآن يا حبيبتي ".
ثم اضاف وهو يلتفت نحو عمه :
" تأمل خادمتي ان يكون العشاء الليلة انجح مما كان عليه عشاء الأمس ...."
ابتسم دان ترانت بينما ابتعد دييغو نحو الباب تاركاً الابنه والاب يودعان بعضهما البعض على حدة ..
همس دان في صوت مبحوح :
" لقد عثرتِ على زوج محبٍ يا حبيبتي .. اعتني به جيداً , هذا ما فعلته امكِ ولم تندم ابداً على هذا ".
ارادت لورا ان تصرخ له انها نادمة على زواجها من هذا الرجل الذي لا تحب ولا يمكنها ان تحبه ابداً ".
" انت تحب دييغو كثيراً .. اليس كذلك يا ابي ؟".
اجابها دان وهو يتفحصها بنظراته :
" نعم , سيكون صالحاً لكِ يا صغيرتي . لقد عرفت ذلك منذ المرة الاولى , عندما رايته ينظر اليكِ في الميرادور
, كما انني فخور جدا بابنتي , واعتقد ان دييغو محظوظ ايضا و مسرور لانه تعرف اليكِ , لقد قلت له ذلك . وكا من رأيي ".
سالته لورا من دون ان تخفي مرارتها :
" والآن ؟".
قال دان وقد فاجأته لهجتها الحزينة :
" كأن شيئاً ما يزعجكِ يا ابنتي , الستِ سعيدة ؟
احيانا يشعر المرء بالانصدام بعد ليلة العرس الاولى , لكن الامور تتبدل بسرعة , سوف ترين ذلك ".
ادركت لورا انها تشكو بطريقة غير مباشرة , فقامت بجهد وابتسمت وقالت :
" بلى انا سعيدة , لا يمكنني ان اتصور العيش من دون دييغو ".
فرح لجوابها . غصّت لور وخرجت لتوها من الزنزانة . طوّقها دييغو بذراعيه ورافقها في الممشى ولم تتمكن من اخفاء دموعها .
ولما وصلا الى السارة سألها دييغو :
" هل هناك ما يزعجكِ ؟".
" طبعاً . لماذا الاستغراب ؟ اني متزوجة من رجل ترعبني مجرد رؤيته ووالدي مسجون في هذا المكان المرعب ".
قامت بحركة غاضبة باتجاه السجن الواقع على الجهة الثانية من الطريق .
وبالصدفة وقع نطرها على وجه دييغو , فانتبهت الى تغيّر ملامحه بهذه السرعة الرهيبة . فقدت عيناه لمعانهما وحرارتهما العادية .
وتقلص وجهه ومن دون كلمة اقلع بسيارته .
وخلال الطريق عمّ الصمت , مرة او مرتين القت لورا بنظرة خاطفة باتجاهه
اوقف السيارة امام المنزل واخذ لورا بذراعها وجذبها بقوة نحو الشقة من دون ان يلاحظ نظرة جوانيتا المتفاجأة وكانت لورا تنتظر في ان تراه ينتقم منها بطريقة .. طبيعية .
لكنها ظلّت جامدةً مستعدة لكل شئ ما عدا رؤية ملامح وجهه الجامده ..
فهمست بعدما دفعها بقوة الى داخل الغرفة :
" دييغو "
ثم رددت بصوت مرتجف وهي ترفع عينيها نحوه :
" دييغو .. دييغو ". " اجلسي "
تقدّمت خطوة منه وفي نظراتها توسل .....
" اجلسي . اني آمركِ ان تجلسي , اسمعيني جيداً ".
جلست لورا في مقعد وهي تحدق فيه ..
توجه دييغو الى النافذة وادار لها ظهره وبعد صمت طويل قال بدون ان يلتفت اليها :
" لقد أخطأت ,,, أخطأت عندما تزوجتكِ بعدما انتزعتكِ من خطيبكِ ,, وأخطأت في الاستفادة من وضع والدكِ لأرغمكِ على الزواج الكريه بنظركِ .
كنت اعتقد بأني قادر على التوصل الى ان اجعلكِ تحبينني .. لكن ... "
التفت نحوها وهو يهز كتفيه . فهمست لورا في صوت متقطع
" الحب .... لا يمكن فرضه ".
أضاف وهو ينظر الى النافذة :
" أعرف هذا الآن .. ولذلك , لن أفرض عليكِ شيئاً .. من الافضل ان نظلّ متزوجين لمدة من الوقت .
هذا يسهّل علىّ القيام بالمساعي الضرورية لاخراج والدكِ من السجن ومتى اصبح حراً أعيد لكِ حريتكِ ".
" اتريد ان تقول .........."
" سوف نطلب فسخ الزواج "
" لكن ... دييغو ...."
هذا ما كنتِ تريدينه منذ البداية .. اليس كذلك ؟
ان تخرجي والكِ من السجن والالتحاق بالرجل الذي تحبين ؟"".
حزن قلب لورا وتلعثمت وهي تقول بصوت خافن :
" نعم "
بينما ادار دييغو ظهره وخرج من الغرفة ...
الرجاء عدم الرد