صَلُحَ الفُؤَاد (1)
صلح الفؤاد فعاف كلَّ وشيجة * إلا الأخوةَ في رحاب الباري
فعلام أرضى بالدنية خاضعاً * للجاهلية أقتدي وأجاري
أنا مسلم وعقيدتي جنسيتي * ورضاء ربي منتهى أوطاري
والحب في ذات المهيمن ميسمي * والله أكبر مبدئي وشعاري
وطَّنتُ نفسي أن أعيش لمبدئي * وأسير مقتفياً خطى المختارِ
الله ربي لا ولاء لغيره * أبداً وذلك منطق الأحرارِ
(2)
يا سائلي عن موطني وعشيرتي * طوِّف بعقلك في دنا الأقطارِ
فإذا مررتَ على المدائن والقرى * وبدا لعينك ساكنوا الأمصارِ
ورأيتَ فوق سمائهم علم الهدى * فاعلم بأنك قد حللت دياري
هاهم أولاء عشيرتي وأحبتي * ومحط آمالي وتاج فَخاري
(3)
أما اخوتي لأبي وأمي إن همو * سلكوا السبيل معي فهم أنصاري
ولئن أبوا فليعذروني إن أنا * قابلتهم بقطيعتي ونِفاري
أنا لا أحبذ أن أخلِّف ركبهم * متأرجحاً في ذلة وصغارِ
كلا ولستُ بمالك من أمرهم * شيئاً لأفعله سوى التذكارِ
إن الأخوةَ حيثما فقد الهدى * محفوفةٌ بجلائل الأخطارِ
قد لا تدوم وقد يعكر صفوها * أمل رديء سيء الآثارِ
ووشيجة الأرحام أكبرُ نعمةٍ * إذ ما تزان بصبغة الجبارِ
إني تذوقتُ الحلاوة هانئاً * في ظلها مكسوة بوقارِ
ولمستُ سَعدي إذ غرستُ بذورها * في أرضها ولقد جنيت ثماري
(4)
يا معجباً بقريحتي فيما مضى * أعدِ التفكر وانتقد أشعاري
أنا شاعرٌ مَلَّكتُ نفسي للهوى * في الجاهلية فافتقدتُ مداري
قد كنتُ في عهد الجهالة أختلي * متفرداً أَصِلُ الدجى بنهارِ
لأصوغ من شعر المجون قوالباً * حَمْقى أرتلها على السمارِ
وأظل أمطر جمعهم بقصائدي * وأخوض في دنيا الهوى وأماري
حتى تداركني الإله بنفحةٍ * وبمحضِ رحمته أقال عثاري
فبدا لعيني أنني فوق الشَّفا * وبصرتُ بالجُرُفِ السحيق الهاري
ووجدتُّنِي أسعى بنفسي جاهداً * سعي المجِدِّ لشقوتي ودماري
ربي تبارك لم يدعني للهوى * يجتاحني ويجرني للنارِ
بل قادني لرحابه واختط لي * نجْد الهداية مشرق الأنوارِ
فنذرتُ مذ غشي الضياء بصيرتي * للذود عن دين الهدى أشعاري
عَلِّي أُفيد النفس يوم ذهولها * محواً لما اقترفَتْ من الأوزارِ
(5)
فاعلم أخي أن الرباط مقدس * والعمرَ فانٍ والسنين جَوارِ
والصدرَ رحبٌ للقاء على هدىً * فهلم نحيا في رحاب الباري
علَّ الإله يخصُّنا متفضلاً * بولوجنا في زمرة الأبرارِ
(6)
لا هم سدد وَفق شرعك ألسناً * لهجت بذكرك أفضل الأذكارِ
وتولَّنا واسلل سخائمنا التي * غزت الصدور بأخبث الأقذارِ
أنزل سكينتك التي عُهِدتْ على * كل امرئ متخبط محتارِ
واهدِ الجميع إلى رحابك واستجب * لندائنا يا سابل الأستارِ
******* قصيدة د. الشيخ جمعة سهل / الأستاذ المشارك بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ( سابقاً ) وعميد كلية الدعوة بجامعة أم درمان الإسلامية - السودان ( حالياً ) .