رفعت أياكو رأسها و التفتت إلى هارومي و إينوي مجددا، بدا و كأنها تذكّرت أمرا مهمّا: أين هو؟!
إينوي بتعجّب: من هو؟
أياكو بخوف و قلق ملحوظين في صوتها: آيزوكو سان، أين هو؟! هل هو بخير؟ أجيباني!
قامت هارومي من مكانها و تقدّمت بهدوء نحو أياكو: أياكو تشان.. اهدأي! آيزوكو سان بخير..
أصيبت أياكو بصدمة فتكلّمت و كأنها منوّمة: لقد.. لقد قلتِ لي مثل هذه الجملة قبل قليل.. كلّا..، لن أسمحَ للأمور أن تتكررّ.. لا أريد رؤية الحدثِ نفسِه مرة أخرى!!
توقّفت هارومي عندما وصلت إلى القرب من السرير، و قد كان إينوي يتبعها أيضا..
تكلّمت هارومي بتعجب: ما الذي تقولينه أياكو تشان؟ قلتُ لكِ آيزوكو سان بخير، لقد عاد إلى عالمه، أخبرها بذلك إينوي كن..
رفعت أياكو رأسها و تحدّثت بانفعال: لكن .. ماذا عن الأكوما؟! أنتِ تكذبين!!
ازدادت حيرة هارومي، و فجأة شعرت أياكو بصفعة طُبِعت على خدّها و أيقظتها من ذلك الوهم، فالتفتت هي و هارومي إلى إينوي..
خاطبت هارومي إينوي بانزعاج: هيي إينوي كن..!
لم يلتفت إينوي لها، بل ظل هادئا و هو ينظر إلى أياكو: آسف ميازاكي سان، يبدو أنكِ رأيتِ كابوسا ما، و يبدو أن تأثيره استمر حتى بعد أن أفقتِ مجددا، لهذا اضطررتُ إلى إيقاظكِ بتلك الصفعة، أعتذر مجددا..
أمسكت أياكو بخدّها، و أخفضت رأسها: لـ .. لا بأس، شكرا لك لأنك حررتني من ذلك الكابوس..، لكن.. شعرتُ أن الكابوس يحذّرني من شيء.. لا أعلم ما هو أو متى سيحدث، لكني قلقة جدا..!
ابتسمت هارومي ابتسامة رقيقة و هي تنظر إلى أياكو، و تكلمت بنبرة هادئة: لا تقلقي عزيزتي، تلك مجرّدُ خيالات يصنعُها العقل حين يُرهَقُ الجسد.. > يا ربي هذي الانسانة علمية جدا >> مثلي
رفعت أياكو رأسها و قد شعرت ببعضِ الراحة بفضلِ السكون الذي بثّتهُ هارومي فيها: أجل، معكِ حق.
صمتت بعدها و بدأت تفكّر: "هل يعني أن كل ما رأيتُه من آيزوكو.. تابع للحلم فقط؟ لكن، هناك شيءٌ يحيّرني فيما رأيته..، سأحاول أن أكتشفه.."
فجأة قاطع تفكير أياكو صوت ثلاثِ طرقات على الباب الواقع على يسارها، فالتفتت هي و إينوي و هارومي ناحيته.. فمشى إينوي نحوه ليفتحه..
أصيب بالدهشة حين فتح الباب: ماساكا (مستحيل)!! قمتم بعملٍ رائع حقّا شيرو سان! عاد المعمل كما كان تماما في وقتٍ قياسي!! أريغاتو(شكرا) على الرغم من أنها لا تفي بحقّك!
فُتِحَ الباب أكثر ليظهر شيرو على عتبته و قد ابتسم: دووإيتاشيماشتيه(على الرحب و السعة)، لا تتعجّب فهذا واجبٌ علينا، كما أخبرتك، إنها توصية من الأمير بنفسه..
ظلّ إينوي صامتا و الابتسامة على وجهه، كان سعيدا جدا، و حدّث نفسه: "آيزوكو سان من النوع الشديد تحمّلا للمسؤولية، يبدو هذا..، إن ذلك ما يجعله رائعا.."
قاطع تفكيره صوت هارومي: كم أنا سعيدة من أجلكَ إينوي كن.. لكن اعذرنا أنا و أياكو، يجبُ أن نتركك الآن..
التفت إينوي إليها و قد بدا متعجّبا قليلا: همم؟؟ حسنا، لا بأس، سأرافقكما في الطريق..
خرج الثلاثة من ذلك المعمل، و اتجهوا أولا إلى منزل أياكو، و حين وصلوا إليه ودّعتهم أياكو و اتجهت إلى داخل المنزل.
حين ابتعد إينوي و هارومي عن منزل أياكو، تعجّبت هارو من إينوي حين توقّف فجأة.
تحدّثت هارومي متسائلة: ما بك؟ لماذا توقّفت إينوي كن؟
أخفض إينوي رأسه و ابتسم بخجل: لا شيء، لكن كنتُ أودّ أن أعرف، هل .. هل أنتِ متفرّغة في إجازة نهاية الأسبوع؟
تعجبت هارو لكنها أجابت: أوه، أجل، ليس هناك أي مشاغل في نهاية الأسبوع.
رفع إينوي رأسه و قد اعتلت وجهه ابتسامة: إذاً هل بإمكاننا الخروج في ذلك الوقت؟
احمرّ خدّا هارومي خجلا، فأخفضت رأسها لكنها أجابته: أممم.. حسنا. >> أنا أكره هذي السوالف لكن مضطرة أكتب و إلا ما تتسمى القصة رومنسية >> أعصابج
شعر إينوي بسعادة، ثم تابع المشي و هارومي أيضا، و أوصلها إلى منزلها. ثم ودّعها و على وجهه ابتسامة، حين استدار مغادرا المكان أدخل يديه في جيبه و أخفض رأسه و بدا و كأنه يفكّر بعمق.. لكنه تفاجأ بضربة قوية قادمة من كف أحدهم على ظهره فكادت تفقده توازنه، لكنه استطاع أن يحافظ على توازنه ثم قرّب قبضته من فمه ليغطي سعاله الطفيف..
التفت إينوي إلى ذلك الوجه الذي كان يحدّق به بابتسامة مريبة، لقد وقف شخصان خلفه، أحدهما كان طويل القامة نوعا ما، ثم تحدّث ذلك الشخص بمرح: هيي، مرحبا.. ما الذي تفعله هنا؟
انقلبت ملامح إينوي إلى التضجّر فأدار نظره للأمام و أغمض عينيه و عاد للمشي ثانية: ماذا تريدان مني.. إيكيرونو سان، و أنت ني سان؟
تكلّم كوهاكو إيكيرونو بسخرية و هو يمشي من خلفه برفقة أخِ إينوي أيضا: أيها الصغير، حين يحدّثك أخوك الأكبر يتوجّب عليك أن تحترم ذلك.. ألا تظن ذلك يوسوي؟
قطّب إينوي حاجبيه و هو لا يزال غاضبا فتكلّم بضجر: اسمعاني جيّدا أيها المشاغبان، لا تقحماني في مشكلة معكما، و لا تنعتني بالصغير ثانية إيكيرونو سان..!
أسرع يوسوي -شقيق إينوي الأكبر- و اعترض طريق إينوي ليجعله مضطرا للوقوف، فتكلّم يوسوي بابتسامة واثقة: أخي الصغير العزيز، لا تحدّث كوهاكو ساما هكذا.. أتفهم؟ >> حسيته إيتاتشي في هاي اللقطة
فتح إينوي عينيه بضجر و أخرج يديه من جيوبه و وقف باعتدال: هه.. لماذا تدافع عنه؟ للتذكير فقط، أنا أخوك و ليس هو.. ثم قلتُ لا تنعتني بالصغير يا أحمق، فرق العمر بيني و بينكما سنة فقط!
اقترب يوسوي من إينوي و ابتسم و قد انحنى جاعلاً وجهه أمام وجه أخيه، ثم دفع بإصبعه جبهة إينوي قليلا و تحدّث: لكنك لا تزال الأصغر.. << قلت إيتاتشي << إيتاتشي أحسن بمليون مرة
ظل إينوي صامتا لوهلة لكنه أبعد يد يوسوي عنه و استدار من حوله و عاود المشي ثم تكلّم بانزعاج: ربما أنا الأصغر هنا، لكن عقلي أكبر من عقليكما أنتما الاثنان معا..، أحمقان
ردّ يوسوي بغضب: هيي! انتظر أيها المغفّل! أريد أن أسألك سؤالا فقط..!
ردّ إينوي دون أن يلتفت إليه أو أن يتوقّف: لستُ مجبرا على سماعه.. اغرب عن وجهي رجاءً..
شعر يوسوي و كوهاكو أيضا بالغضب، لكنهما قبل أن يتحرّكا من مكانهما، توقّف إينوي فجأة و رفع رأسه و قد بدا متفاجئا.. في اللحظة نفسها بدأ صوت رنين ما يصدر لينبّهه إلى شيء يقترب منهم، فأخرج إينوي جهازا غريبا من تحت سترته و نظر إليه، ظهرت على الشاشة الصغيرة للجهاز رقم يدل على انخفاض درجة الحرارة، و أيضا اتجاه الشيء -ألا و هو الشبح- القادم نحوهم.. فأسرع و أخرج نظارة حرارية من جيبه، و أيضا مسدّسا فضيا، ثم التفت نحو يوسوي و كوهاكو و سدد نحوهما..
تكلّم يوسوي بارتباك: هيي إينوي تمهّل!!
تابع كوهاكو بتوتر: ما.. ما الذي تحاول فعــ ..؟!
كان يحدّق إينوي باتجاه الاثنين بنظرات حذِرة، و أخذ يلتفت حوله يمينا و يسارا بقلق.. و هو يهمس للإثنين أمامه: اصمتا و دعاني أركّز.. يبدو أن الأكوما هذه المرة أقوى لدرجة أن هناك أشباحا مصابة بهذه الحالة قد تمكنت من العبور إلى عالمنا بهذا العدد..!
تغيّرت نبرة يوسوي إلى التعجب: ماذا تقول؟ أعُدتَّ لتلك الأمور الغبية المتعلقة بالأشباح و كل تلك السخافات؟
لم يرد إينوي بل ظلّ يراقب المكان من حوله، لكنه فجأة صرخ: انخفِضا حالا!!
تعجّب يوسوي و كوهاكو لكنهما نفّذا ذلك بمجرّد أن ضغط إينوي على الزّناد، اندفعت طلقة و صحبها دوي لصوتها، و اخترقت تلك الطلقة جسدا بلازميا لأحد الأشباح المصابة التي كانت تقترب من يوسوي و كوهاكو.. و بهذا قُتِل الشبح فشعر كلّ من يوسوي و كوهاكو بنسمة رياح قوية و باردة، فأصابتهما الحيرة فهما لا يستطيعان رؤية شيء، ازدادت حيرتهما أكثر حين بدأ إينوي يطلق عددا أكبر من الطلقات.
كوهاكو: هيي! لماذا تطلق؟! بل على من تطلق الآن؟؟!
إينوي بتوتّر: كوهاكو سان، ابتعد أنت و ني سان من هنا فقط! أسرعا!!
تعجّب كوهاكو، لكن يوسوي سحبه: هيّا بنا كوهاكو، حين يكون أخي بهذا الوضع، ذلك يعني أنه يعرف ما يفعله، أيّا كان ما يفعله، و من يدري.. ربما الأشباح التي يزعم وجودها موجودة حقّا!!
ظلّ كوهاكو يحدق بتعجّب في وجه يوسوي لكنه أومأ بالإيجاب و تحرّك الاثنان، لكن يوسوي توقف فجأة و التفت إلى الخلف محدّثا إينوي: هل ستكون بخير إينوي؟
التفت إينوي إليه و ابتسم: أجل، لكن ابتعد عن المكان رجاءً..
ابتسم يوسوي ثم غادر برفقة كوهاكو من المكان، تابع إينوي النظر حوله ليقتل أشباح الأكوما التي توالت عليه.
كان إينوي يفكر في قرارة نفسه: "يوسوي ني سان، أتساءل لماذا استمعت إليّ على الرغم من أنك لا تصدّق بالأشباح؟ ما هو السر؟ هل .. تغيّرت فقط و أصبحتَ كما أوصاكَ أبي؟!"
فجأة ظهر إلى جانب إينوي شبحٌ أبيض و تكلّم: مرحبا أيها الفتى..
التفت إينوي بسرعة نحوه و هو موجّهٌ مسدسه إلى هذا الشبح، الذي ابتسم بارتباك و تراجع للخلف: هـ.. هيي على مهلك! إنه أنا..
أنزل إينوي مسدّسه إلى الأسفل و تكلّم بتعجب: أوه.. هذا أنت باكي سان؟ لقد جعلتني أظن أنك أحد الأكوما الذين ظهروا فجأة.
تكلّم باكي و الابتسامة العريضة على وجهه: يجب أن تعلم أن الأكوما نادرا ما يتكلّمون، كما أن أصواتهم بها جلجلة كالوحوش تماما. على كلٍّ، جئتُ لأساعدك..
فجأة تحوّل شكل باكي من شبح عادي إلى هيئة تشبه هيئة البشر، لكن ملامحه لم تكن واضحة، لأن جسده بدا مضاءً بضوءٍ قوي، بالطبع لم يشعر به أحد، إلا إينوي لأنه يرتدي تلك النظارات الخاصة، فجأة أيضا بدأ ذلك الضوء يزداد توهّجا فغطّى إينوي عينيه بمرفقه الأيسر لكنه حين أزاحه عن ناظريه تفاجأ بعدد هائل من الأشباح التي تجمّعت و لكنها بدأت تطلق صرخات متألمة و تختفي، فيظهر مكان كل شبح عاصفة صغيرة أو شعلة نارية تنطفئ سريعا أو أحيانا غبار أو قطرات من الماء، أي حسب طبيعة الشبح..
انتهى الأمر كلُّه سريعا، فعاد باكي إلى حالته الأصلية كشبح بلازمي أبيض، بدا منهكا و أما إينوي فلقد أصابه الذهول الشديد.
تحدّث إينوي إلى باكي و هو لا يزال غير مصدّق لما رآه: بـ.. باكي .. سان، ما الذي حدث الآن؟!
التفت باكي إليه و على وجهه ابتسامة، و كان يتنفس بتعب، ثم تكلّم بذلك الإنهاك الذي أصابه: لا يهمّ ما حدث أو كيف حدث، المهم أن الأمر كلّه انتهى على خير.
أصاب إينوي الإحباط فقد كان ينتظر جوابا يشفي فضوله و يُهدّئ من شدة الذهول الذي اعتراه، لكنه ردّ قائلا: معك حق ، لكن، أنت لا تبدو بخير، أما فعلتَهُ يؤذيك هكذا؟
ابتسم باكي مجددا: تقريبا، لم أكُن كذلك حين كنتُ أصغر.. كنتُ أستطيع التحمّل أكثر من هذا ><..
استطرد إينوي بسؤال: لماذا؟ كم تبلُغ من العمر الآن؟
رد باكي: 420 سنة شبحية..
إينوي: أوه، هذا يعني 35 عاما حسب أعوام البشر، لكن .. أنتَ لستَ كبيراً لهذه الدرجة و لا تزال شابّاً .
|