أياكو بارتباك: هـ.. هيي كوسكي سان، أبعِد هذا الشيءَ عني رجاءً..!
عدّل كوسكي من وضعية نظارته و تكلم بهدوء: يجبُ أن تكوني سريعة و متأهّبة دائما يا آنسة، فالأشباح لن يستأذنوا منكِ قبل أن يهاجموكِ.
ابتسمت أياكو بارتباك: عذرا .. سأكون أكثر حذرا في المرّة المقـ .. آآآه!!
قطعت أياكو حديثها حين سدّد كوسكي ضربة أخرى لها، و تتابعت ضرباته الخاطفة، و أياكو تتفاداها بتوتّر و ارتباك بينما تتراجع للخلف، إلى أن سقطت أرضاً..
تحدّث كلٌّ من آيزوكو و كوسكي بقلق: أياكو تشان! دايجوبو كا(أأنتِ بخير)؟!
قامت أياكو و هي تضع يدها خلف رأسها: أ.. أجل. سأحاول مرّة أخرى..
وقفت أياكو من مكانها و تأهبت، بينما أعاد كوسكي شعره إلى الخلف، و استعدّ مجددا.. << و انطلَق
كوسكي بابتسامة واثقة: لن أتساهل معكِ الآن! خُذي هذا!!
حين سدد كوسكي العصاة مجددا على أياكو فإنها ضربت العصا بحركة كاراتيه فكسرتها من الوسط..!
أصيب آيزوكو و كوسكي بالذهول، فتكلّم كوسكي: لا.. أصدق هذا!
بقي آيزوكو صامتا، و لم يُعلّق، التفتت أياكو له لكنها بقيت صامتة أيضاً، و أعادت نظرها إلى كوسكي و ابتسمت بثقة: الآن.. أنتَ خُذ هذا!!
تراجع آيزوكو للخلف و هو ينظر إلى سحابة الغبار التي تتعارك فيها أياكو و كوسكي، و قال بتوتّر: يـ .. يا إلهي..!
لم يمضِ وقتٌ طويل حتّى توقّفت أياكو و ابتسمت و هي تنفض يديها بينما كوسكي ممدّد على الأرض و هو متكسّر>> مسكين
آيزوكو: هيي، أأنتَ بخير كوسكي سان؟
رفع كوسكي يده: هـ .. هاي.. .
ضحكت أياكو باعتزاز: أرأيت؟ لا تفكِّر في قتال فتاة تجيد الكاراتيه!
قاطعها صوت آيزوكو الهادئ و الحازم: أياكو..!
التفتت أياكو إليه: مـ .. ماذا؟
آيزوكو: لماذا لم تخبريني أنكِ تجيدين هذا؟
قام كوسكي من مكانه و هو ممسك برأسه و تحدّث: ما دمتِ تجيدين الدفاع الجسدي عن النفس فإن الدرس اليوم انتهى هنا.
آيزوكو مُحاولا أن يبقى هادئاً: شكرا لك كوسكي سان لإعطائنا شيئا من وقتك، سننتظرك غدا أيضا.
كوسكي: لا، لم يكُن هذا شيئا، في الحقيقة الشكرُ لأياكو على هذا الوقت، أنا لا ألقى شخصا مثلها كل يوم. و الآن، إلى اللقاء.
خرج كوسكي بعد أن انحنى باحترام، فأطبق الصمتُ لوهلة في الغرفة الواسعة، كانت أياكو تفكّر بحزنٍ و هي مُخفِضَةٌ رأسها، لكنها استجمعت شجاعتها للكلام..
أياكو مُتظاهِرة بالحزم: آيزو سان..!
نظر إليها آيزوكو بنظراته التي تخلو من التعابير..
تابعت أياكو بارتباك: أ .. أ.. أنا أعتذرُ لأنـني .. لأنني لم أخبرك بذلك، هذا خطأي، آسفة.
أبعد آيزوكو نظره عنها ثم أغمض عينيه، لكنه لم يردّ عليها بشيء.
شعرت أياكو بالحزن أكثر فأخفضت رأسها و تابعت الكلام: هل أنتَ غاضب مني لدرجة أنك لا تريد الحديث؟ .. حسناً، أنا المخطئة، ظننتُك ستغيّر نظرتك نحوي، و تقرّ بأنني فتاة قويّة، و أنني سأكون حارسة جيدة، لكن.. لقد كنتُ أتوهّم كل ذلك..
ردّ آيزوكو مُقاطِعا: أجل.. إنكِ مخطئة.
تعجّبت أياكو فرفعت رأسها لتنظر إليه، شعرت باليأس و ازداد عمق حُزنها.. لكن آيزوكو فاجأها حين تكلّم مجددا...
آيزوكو: أنتِ مُخطئة لأنني قد غيّرتُ نظرتي تلك، أياكو، أحسنتِ صُنعا اليوم، حقّا.
رفعت أياكو نظرها إلى وجه آيزوكو و قد اعترتها الدهشة و الذهول مما تسمعه، و ازدادت دهشتها حين وجدتهُ يبتسم.
أخفضت رأسها و ابتسمت بخجل: شكرا لك..
آيزوكو: إييه(لا) ، لم أفعل شيئا..، حسنا، لا تغترّي بنفسِكِ كثيرا، فما هذا إلا اليوم الأول فقط.
ابتسمت أياكو بارتباك و تحدّثت بعد أن ارتفعت معنوياتها قليلا: حسنا.. إذاً، فأنتَ لستَ غاضبا، أيها الأحمق، سأجعلك الآن تدفع ثمن وصفي بالمجنونة!
نظر آيزوكو إليها بتساؤل: هل أنتِ جادّة ؟
أياكو بنظرات واثقة و وضعيّة كاراتيه: أتراني أمزح؟
أطلق آيزوكو تنهيدة: دعكِ من هذا، تعالي معي، سآخُذُكِ إلى غرفتكِ الخاصة حيثُ ستقضين ليلتكِ فيها.
تسمّرت أياكو مكانها: أ.. أتعني .. أنام في غرفة لوحدي..؟!
أغمض آيزوكو عينيه: هاي..(أجل).
أياكو: هنا في عالم الأشباح؟!
آيزوكو بابتسامة شريرة: هاي..
هزّت أياكو رأسها نافية: مُستحيل!!
لم يُناقشها آيزوكو بل سحبها إلى خارج غرفته، و أشار إلى غرفة واقعة في آخر الممر قائلا: هذه غرفتكِ.
ظلّت أياكو تحدّق بباب الغرفة لوهلة، ثم التفتت إلى آيزوكو: أتعني هذه الغرفة؟
آيزوكو و قد أغمض عينيه: أجل.
أياكو: هذه التي بجانب غرفتك تماما؟ >> غرفة آيزوكو في آخر الممر أيضا..!
آيزوكو بتنهيدة: أجل..
أياكو: ررررائع !!.. امم .. لدي سؤال..
آيزوكو: ما هو؟
أياكو: كوسكي سان.. ما هي قصّتُه؟
أخفض آيزوكو رأسه و احتدّت عيناه و هو يتذكّر، لكنه لم يقل شيئا سوى أنه طلب من آيزوكو أن تدخل إلى غرفتها أولا.. بدا أنه لا يريد لأحد أن يسمع هذا الأمر..
داخل الغرفة، بعد أن جلست أياكو على السرير و حين أخذ آيزوكو مكانه على مقعد سحبه من عند طاولة كانت في الغرفة..
بدأ آيزوكو بسردِ ما جرى: كوسكي سان، كانَ روحاً عالقة، أو لنقل كشبحٍ تقريباً لتفهمي الأمر أكثر، لكنّه تحوّل إلى بشر بسبب امتلاكِه لقطعة من الجوهرة التي تتوسّط القلادة التي معي و معكِ.
أياكو: تعني قلادة الرؤية الثاقبة؟
آيزوكو: أجل، اسمعي، الجوهرة هذه هي التي تُعطي للقلادة قوّتها، فهي من مادّة شبحية مجهولة المصدر، أنا لا أعرف عنها شيئا، على كل حال، كوسكي سان قد استطاع سرقة قطعة منها حتّى يعود إلى بشر.
أياكو: يعود لبشر؟ هل يعني أنه كان بشرا؟! لكنك قلتَ أنه شبح!
آيزوكو: عذرا، كان من المفترض أن أخبركِ بما جرى منذ البداية، كوسكي سان كان بشرا حقّا مثلكِ تماما، والداه توفّيا حين كان طفلا صغيرا، و تركاه هو و أخته الصغيرة، إن لم أكن مخطئا فإنه من المفترضِ أن أخته كانت تبلُغ السادسة عشر، لكن، قبل سبعِ سنوات، ماتت أخته، و كوسكي أيضا، وقع ضحية في حادث سيارة فدخل إلى غيبوبة طويلة، ربّما كان جسدُه موجوداً في عالم البشر لكنّه في الحقيقة ظهر هُنا، كشبح, أو كما نسميها نحنُ روحاً عالقة.
شعرت أياكو بأسىً شديد فأخفضت رأسها و تكلّمت: مسكينٌ حقّا، كوسكي سان..
أطلق آيزوكو تنهيدة عميقة ثم تابع: ليس الأمر كما تظنّين، كوسكي هو من قتل أخته بعد أن تحوّل إلى شبح بعد الحادث..
شعرت أياكو بالصدمة: قتل.. أخته؟!! لـ.. لماذا؟!
آيزوكو: حين ظهر كوسكي هُنا كـ شبح صار ثائرا جدا، كان فقط يريد أن ينتقم من أخته.. لأنه، كما يقول، كانت سبب ما حدث له، علِمَ بطريقة ما بأمر هذه القلادة، و علِم أيضا أن القلادة قد تعيده بشرا مجددا، بشرطين، الأول أن يمتلك الجوهرة، و الثاني أن يضحّي بأحد حتّى يعود بشرا، لهذا فإنه تمكّن من سرقة قطعة من الجوهرة، و حين فعل ذلك، اتجّه إلى أخته و قتلها، ليعود كما رأيتِه اليوم.
تكلّمت أياكو بتوتّر و ذهول: هذا.. هــذا لا يصدّق! كيف له أن يكون بتلك الوحشية؟ أعني.. ما هو ذنبُ تلك الفتاة؟!!
أغمض آيزوكو عينيه: لا أنا، و لا أنتِ و لا أي أحد يستطيع تغيير ما جرى، في نهاية الأمر، استعاد كوسكي رُشده بمجرّد أن ابتسمت له أخته و هي تلفظ آخر أنفاسها، و لم يُدرك خطأه إلا حين سالت دماءُ أخته، و منذ ذلك الوقت و هو يعيشُ نادما، حين علِم الحاكم بأمره عاقبه بمنعه من العودة لعالم البشر و البقاء في هذا العالم لأنه قتل شخصا من البشر حين كان شبحاً، القانون هنا ينصُّ على أن أية أشباح مهما كانوا يجبُ أن يُعاقبوا إن قتلوا أي إنسان.
بدأت الدموع تظهر في عيني أياكو: هذا.. هذا أمرٌ مؤلم.. ما كان عليكَ أن تُخبرني به..
انزعج آيزوكو: هيي، أنتِ من أراد معرفة القصة، لا تبدأي بالبكاء..! تاكووه (يا إلهي) .. يالكِ من طفلة مدللة><.
|