مسحت أياكو دموعها و تكلمت بانفعال: آسفة، لكنها حساسيتي الشديدة، أخبرتُكَ أنني أستطيع قراءة المشاعر و الإحساس بها..!
نظر آيزوكو إليها بتضجّر ثم تحدّث: لا تقلقي فأنا سأنتهي من أمر كوسكي قريبا، تأخر الوقتُ الآن، اخلدي إلى النوم فيوم الغد سيكون مُتعبا..
نظرت أياكو إلى ساعتها فدُهِشت: اقتربنا من منتصف الليل!! الوقتُ هنا يمرُّ بسرعة حقّا! .. (فكّرت في نفسها) "ما الذي قصده حين قال أنه سينتهي من أمر كوسكي قريبا؟، لا يهم، أظنه يمزح فقط."
اتجه آيزوكو إلى الباب، ثم تحدّث و هو يخرج: ليلة سعيدة.
ابتسمت أياكو لكن ابتسامتها اختفت بمجرد أن أغلق آيزوكو الباب و أدركت أنها صارت وحيدة، فبدأت ترتعش خوفا حين تسرّبت إليها مخاوفها..
حين فتح آيزوكو باب غرفته و قد بدا منزعجا تفاجأ بشخص يطوّقه من الخلف بقوّة و حين التفت إليه صرخ به: أيتها الحمقاء!! ابتعدي عني!
خرجت أياكو من غرفتها مُتسائلة عن سبب ارتفاع صوت آيزوكو، ففوجئت لرؤيته يعاتِبُ قطة واقفة أمامه ناظرة إليه!!
أياكو بابتسامة مرتبكة: هـ .. هيي، ظننتُ أن هناك ما حدث لك، و تعاتبُ الآن قطّة صغيرة؟!
آيزوكو بغضب: تبّا لكِ و لهذه القطّة الغبية أيضاً، سايومي! سأفصل رأسكِ عن جسدكِ إن أزعجتِني ثانية!
أمسكت أياكو بالقطة و حملتها و هي تعاتب آيزوكو: لا تصرخ عليها هكذا! ليست إلا قطّة لطيفة .
تكلّمت القطة: لستُ كذلك، مياو!
شعرت أياكو بالذعر فرمت القطة من يديها و اختبأت خلف آيزوكو و قالت و هي تشير إلى القطة: هـ هذه القطة مسحورة!
التفت آيزوكو إليها و تحدّث بتضجّر: ماذا تظنين؟ أنتِ في عالم الأشباح و ليس تحدُّثُ القطة إليكِ بالأمر الغريب، سايومي، كُفّي عن هذا، عودي إلى شكلكِ الآخر.
أياكو بخوف: شكلها .. الآخر؟!
القطّة و هي تتحوّل إلى فتاة: هاي(حاضر) آيزو ساما.. ميا
=!
تعجّبت أياكو: أهذه الفتاة هي القطّة نفسُها؟
سايومي بتدلل: أجل أيّتها الدخيلة.. مياو 3=، آيزوكو ساما، لماذا هذه المغفّلة هنا؟ بل منذ متى هي هنا؟
أياكو بعصبية: هيي! لستُ مغفّلة أيتها القطة السخيفة! ما الذي تفعله قطة مثلكِ في القصر؟!
أطلق آيزوكو تنهيدة و تابع السير إلى غرفته، لكن أياكو و سايومي أمسكتا به و أعادتاه إلى مكانه على الرغم من أنه حاول أن يخلّص نفسه من قبضتيهما..
أياكو و سايومي بحدّة: أجِب أولا عمّا سألناك عنه!
وقف آيزوكو باعتدال و هو يتثاءب ثم أجابهما بلهجة غير مبالية: سأفعل ذلك حتى تتركاني و شأني، لكنني لن أغفر لكما إن أزعجتماني ثانية..، أياكو، سايومي تشان هي إحدى سكّان هذا القصر الكبير، كان من المفترض أنها لا تغادر الطابق الثالث، لا أعلم ما الذي جعلها تأتي في هذا الوقت، لكن لا رغبة لي في أن أعاتبها الآن، سايومي، أياكو ستظل هنا لمدة من الزمن لأنه يجب عليها التعرّف على عالمنا بعد أن صارت حارسة البوابة..
سايومي: لماذا هذه الفتاة هي الحارسة؟!! كان من الأفضل لو كنتُ أنا حارسة البوابة، سأشكّل ثنائيا رائعا معك آيزوكو ساما! مياو ..!
قبل أن تردّ أياكو بشيء، أوقفها آيزوكو، ثم أدخل يده بهدوء إلى جيبه و تكلّم بنبرة هادئة أيضا: سايومي تشان.. انظري إلى هذه..
انتصبت سايومي و لمعت عيناها حين أخرج آيزوكو شيئا كرويّا من جيبه.. ابتسم بمكر .. ثم رمى الكرة بعيدا، و سرعان ما انطلقت سايومي وراءه و اختفت في الممر المظلم>>
نظرت أياكو إلى الأفق الذي اختفت فيه سايومي فابتسمت بارتباك قائلة: حتى في عالم الأشباح، القطط تبقى قططا..
كان آيزوكو ينظر في الاتجاه نفسه و هو مبتسم فردّ مقرّا بكلام أياكو: أفضل ما في القطط أنه يمكن التخلص منها سريعا..
ابتسمت أياكو ثم أخفضت رأسها، صمتت لوهلة ثم تكلمت: آيزوكو سان..، لا أعرف كيف أشكرك على ما تفعله لي، فمنذُ أن أصبحتُ حارسة و أنتَ تقفُ إلى جانبي و تساعدني في تخطّي العقبات مهما كان حجمها.
نظر آيزوكو إليها و بدا أنه يفكّر عميقا في شيء ما، لكنه أغمض عينيه و أجابها: كلا، لم يكن هذا شيئا..، حسنا، بصدق، لقد تأخرنا جدا، يجب أن تذهبي للنوم..
انتابت أياكو قشعريرة بمجرّد تذكّرها أنها على موعد مع ليلة موحشة في عالم الأشباح، فأجابت سريعا: لا! ألا يمكننا أن نظل مستيقظين أكثر ؟ أو..
[طاخ!]
كان الصوت الأخير الذي صدر من باب الغرفة الذي أوصده آيزوكو مُجيبا على أياكو بذلك بالنفي الواضح..
أياكو بانزعاج: سترى .. آيزوكو!
فجأة، سمعت أياكو صوتا خفيفا خلف الرواق المجاور، و التفتت سريعا إليه لتجد أن أحدا ما كان يحاول الاختباء وراء الحائط.. فعرفت في النهاية أنها هانا، و اقتربت منها بهدوء..
حين علمت هانا أنها كُشفت أظهرت نفسها بخجل، فسألتها أياكو: هانا سان، ما الذي تفعلينه هنا؟
هانا بارتباك: لـ.. لا شيء، لا تشغلي بالك، سأعود لغرفتي..
تعجّبت أياكو: غُرفتُك؟ لا تقولي لي أنكِ تعيشين هنا أيضا!
هانا بارتباك أشد: لا لا..! صحيح أنني أعيش بالقرب من القصر، لكن غرفتي تقع خارجه، فهُناك مبنىً صغير يقع خلفَ القصر و عند بداية الحديقة الخلفية، هناك أعيش أنا و أخي..
أياكو: أوه.. إذاً، هل كنتِ تريدين شيئا من آيزوكو سان؟
أخفت هانا دهشتها من سؤال أياكو، أخفضت رأسها و ظلّت صامتة لوهلة، ثم تشجّعت لتتكلم: ليس الأمر كذلك..
أياكو بـ حيرة: إذن، لا شيء لأفعله هنا، سأعود لغرفتي و أتحدّى مخاوفي.. و أحاول النوم
رفعت هانا رأسها و تحدّثت بإصرار: يمكنكِ أن تقضي ليلتكِ الأولى معي!
تفاجأت أياكو ثم ابتسمت بارتباك: حـ .. حسنا.. ، أشكركِ.
ابتسمت هانا بدورها، ثم أمسكت بيد أياكو و أخذتها إلى خارج القصر، و حيث يوجد ذلك المبنى المتوسّط الحجم، دخلت الفتاتان إلى إحدى غرف النوم التي كانت به، فتركت هانا يد أياكو و التفتت إليها و هي مبتسمة..
هانا بابتسامة لطيفة: عُدّي نفسكِ في غرفتكِ ، يمكنكِ النوم على السرير الآخر هناك.
أياكو بتعجبّ: شـ.. شكراً لكِ، لكن هذا غريب...
هانا: ما الغريب؟
أياكو: في لقائنا الأول كنتِ عصبية نوعا ما حين شاهدتِني مع آيزوكو، لكن تصرفاتكِ الآن غريبة!
ابتسمت هانا بحماس أقل، ثم أخفضت رأسها: هذا لأنني عرفتُ أنني فقدتُ كلّ شيءٍ نهائيا.
أياكو: مـ.. ماذا تقصدين؟! هـ هانا سان! لا تفهمي الأمور خطأً ><! آيزوكو معي فقط لأنني لا أزال جديدة هنا..
جلست هانا على سريرها، و تحدّثت: لا، عليّ أن أقنع نفسي أنني لم أعد أستطيع أن أفعل شيئا، لم يعُد آيزوكو ساما لي، انظري لهذا.
رفعت هانا يدها، و كان يوجد خاتمٌ بإصبع البنصر في يدها، فتفاجأت أياكو..
أياكو: هذا..! أهذا خاتمُ خطبة؟!
هانا: أجل، بسبب هذا الخاتم، انتهى كل شيءٍ بيني و بين آيزوكو ساما.
تساءلت أياكو: نازيه دا(لماذا)؟ دووشتا(ما الأمر)؟
هانا: اسمعي القصّة منذ البداية، حين كنّا صغارا، قبل ستّة أعوام تقريباً، نشبت الحرب المعتادة بين الأشباح الحارسة و الأكوما، كم أكره تلك الحرب، فهي تنشب كثيراً، و في كل مرة يموت فيها الكثيرون، و فيها، مات والداي، كنتُ على وشكِ أن أموت أنا أيضا، لكن آيزوكو ساما هو الذي أنقذني من مصيري، فلقد ظهر في النهاية و أبعدني من إحدى الهجمات، و بالتالي قضى من كان معه على الأكوما الذين هاجموني، منذ ذلك اليوم، و أنا أشكره على ما فعله، و منذ ذلك اليوم أحببتُه.
دُهِشت أياكو، فظلّت تفكّر مليّا فيما سمعته، ثم نظرت إلى هانا و سألتها: لكن.. كيف ظهر آيزوكو حينها؟ أقصد.. هل آيزوكو هو الحارس منذُ ثمانية أعوام؟!
هانا: كلا، في ذلك الحين كان هاتشيرو دونو هو الحارس الوحيد بعد وفاة والدة آيزوكو ساما، لكن آيزو ساما كان يرافق والده في مهمّاته رغم خطورتها، لأنه أراد أن يساهم بشدة في إيقاف الأكوما الذين قتلوا والدته أيضا من قبل أن يموت والداي..
أياكو: واكاتّا(فهمتُ).. لكن، ماذا حدث بعدها؟ ما الذي تقصدينه بانتهاء كل ما بينكِ و بينَ آيزوكو؟ هل.. هل أنا السبب؟
ابتسمت هانا على الرغم من أنها كانت تتكلم بحرقة: في الحقيقة، كنتُ في البداية أفكّر هكذا، لكنني فهمتُ أن مصيري مرتبط بابن عمّي يوشيدا، بسبب هذه الخطبة..، لأن يوشيدا ينتمي إلى عائلة نبيلة فلقد كان له الحق في أن يختار فتاةً من العائلة الحاكمة مثلي..
أياكو بذهول: مهلا مهــلا! يوشيدا، أنتِ، و العائلات النبيلة و الحاكمة؟!
هانا: أجل، في الحقيقة أنا و يوشيدا من معارف هاتشيرو دونو، بالإضافة إلى أن والداي كانا حاكمين لأحد قطاعات عالم الأشباح.
شعرت أياكو بالحيرة: أعالمُ الأشباح مقسّمٌ لقطاعات؟ ظننتُ أن هاتشيرو ساما هو الحاكم الوحيد هنا..
هانا بضحكة: إنه الوحيد، لكنه في الوقت نفسه ليس الوحيد أيضا، ليست هذه أحجية، كل ما في الأمر أن هاتشيرو دونو هو الحاكم على كُلٍّ عالم الأشباح، و القطاعِ "أ"، و يوجد ثلاثة آخرون هُم حكّامُ فرعيّون إن صحّ القول على القطاعات "ب، ج، د"
أياكو بتفاجؤ: أء.. أجل، هذا معقول فعالم الأشباح واسع ..
هانا: يبدو أن لا أحد أخبركِ بهذا، إن عالم الأشباح مقسّم لخمسِ قِطاعات، أربعة ممالكٍ و القطاع الأخير محظور و يدعى بالقطاعِ "هـ"، ففيه كل الخارجين عن قوانين عالم الأشباح، الدخول إليه ممنوعٌ لكن إن تسلّل إليه أحد خلسة فهو المسؤول الوحيد عمّا سيحدث له في الداخل، فلا نظام يوجد بذلك القطاع و يمكنكِ القول أن من به ينطبق عليه تعبير البقاء للأقوى.. سمعتُ أنه في الأصل القطاع نفسُه الذي يعيش فيه الآكوما.
أياكو: بالفعل، عالم الأشباح هذا غريب..
هانا: حسنا، لقد أطلنا الكلام، لا أظن أن آيزوكو سان سيكون سعيدا إن كنتُ سبب تأخرّكِ في الغد..
أياكو بابتسامة مرتبكة: معكِ حق ، آممم، هانا سان؟ أنتِ تماما كما قال عنكِ آيزوكو، فتاةٌ لطيفة، أنا آسفة حقا لأنني لم أُبلي حسناً في لقائنا الأول^^"..
ابتسمت هانا: أجل، أنا أعتذر أيضا عن ذلك، آآ.. أياكو تشان..
أياكو: ماذا؟