قاطعتها ريو و قد أظهرت ابتسامة لطيفة على وجهها: لا بأس، سأخبرها أنكِ تحتاجين للراحة و لا تستطيعين المجيء، عليكِ أن تستمعي لما أطلبه منكِ فأنا السؤولة عنكِ الآن أوجوتشان، [ ثم التفتت إلى الخادمة ]، رافقي الآنسة إلى غرفتها، ماي سان.
انحنت الخادمة باحترام ثم طلبت من أياكو مرافقتها ففعلت بعد تردد، صعدت السلالم إلى الطابق الأول ثم الثاني، حيث غرفتها، توقّفت هي و مايْ عند عتبة الباب، ثم فتحت الخادمة الباب لها و ابتسمت ابتسامة لطيفة ثم اختفت.. قبل أن تدخل أياكو غرفتها التفتت إلى غرفة آيزوكو الذي كان بابها مُغلقاً، نظرت بحزن لتلك الغرفة، ثم اقتربت من عتبة بابها و وقفت أمامه، ثم طرقت الباب و قد تسارعت نبضات قلبها..، لكنها لم تلقَ جواباً فأدارت مقبض الباب لتجد أنه كان مفتوحاً، لكن الغرفة كانت خالية فارتابت لذلك.
تفاجأت بصوتٍ يحدّثها: أتبحثين عن آيزو ساما؟ .. لقد شاهدتُه يصعد للطابق الرابع، أظنه متجه لغرفة السيد الحاكم..
التفتت أياكو ناحية الصوت لتجد قطّة صغيرة تنزل عبر السلالم من الطابق الثالث إلى الثاني، ثم تحوّلت فجأة إلى فتاة تابعت المسير إلى أياكو حتى صارت على مقربة منها.
تحدّثت أياكو بارتياب: سايومي..؟ إذاً.. أين تقع غرفة السيد الحاكم تماما في ذلك الطابق؟
ابتسمت سايومي باعتلاء: الطابق الرابع بأكمله هو غرفة السيد الحاكم، لكن، لا يمكنكِ الدخول إليها فالوحيد المصرّح له بالدخول هو سيدي الأمير فقط.
صمتت أياكو لوهلة و هي تفكّر، ثم عادت للتحدث و قد ظهرت ابتسامة مزيفة على وجهها: إذاً.. يبدو أنني لا أستطيع محادثة آيزوكو حالياً، حسناً، لماذا غادرتِ الطابق الثالث؟
عادت سايومي لهيئة القطّة و استدارت مبتعدة: لم أكن لأغادره، كنت فقط جالسة على السلّم، و حين وجدتكِ تبحثين عن آيزو ساما قلتُ أنه من واجبي أن أعلمكِ بمكانه، و .. تعرفين، ليس من الأدب الحديث إلا وجهاً لوجه..
ابتسمت أياكو بسخرية و هي تتبعها صاعدة السلّم: أوه حقّاً..؟ أراهن على أنكِ تبحثين دائماً عن أي شيء يجعلكِ قادرة على النزول إلى الطابق الثاني، أنتِ تخترقين القوانين بطريقة ملتوية..
أجابت سايومي و لا تزال تلك الابتسامة على وجهها صاعدة السلّم الأخير إلى الطابق الثالث: خطأ.. لا يوجد أي قانون يمنعني من النزول، قال آيزوكو ساما في المرة الماضية أنه لا يجب علي مغادرة هذا الطابق فقط لأنه اعتاد أن يراني فيه دائما..
- أحياناً أتساءل ما هي قصّتكِ تماماً؟ لاحظتُ أنكِ تلاطفين آيزوكو كثيراً، و.. لماذا أنتِ تعيشين داخل القصر أصلاً؟
- سبب ملاطفتي لآيزوكو ساما طبيعي جداً، آيزوكو ساما فتىً وسيم، قوي، << يا ربّي << و على الرغم من تصرفاته الظاهرية إلا أنه شخصٌ رائع جدا من الداخل و مختلف كثيراً عمّا يظهره، لكنه بدأ يتصرّف بغرابة بعد أن أنهى دراسته قبل خمس سنوات..
حدّثت أياكو نفسها: " صحيح... إن آيزوكو كما قالت عنه تماماً.." [ ثم تكلّمت ] ما الذي تعنينه حين قلتِ أنه بدأ يتصرّف بغرابة بعد أن أنهى دراسته؟، بل.. هل كان لديه دروس لينهيها أصلا؟
أجابت سايومي و قد أغمضت عينيها: أجل، كان يرتاد المدرسة الخاصة بالنبلاء، و قد أنهى الدراسة حين بلغ الثانية عشر، أوه.. نسيتُ أن البشر ينهون المدرسة على سن الـ18، أتساءل كيف تحتملون كل هذه المدة في الدراسة؟!
ابتسمت أياكو بارتباك: معكِ حق نحن بالكاد نحتملها.. ..، حسناً، هناك سؤالان لم تجيبي عليهما بعد: لماذا قلتِ أنه بدأ يتصرف بغرابة بعد أن أنهى المدرسة و ما الذي أوصلكِ لهذا القصر؟
قطّبت سايومي حاجبيها و أجابت بانزعاج: لستُ مضطرة للإجابة لكنني سأفعل، لا أعلم ما الذي حدث له، لكنه منذ ذلك الوقت أصبح يغضب سريعاً، و أصبح أشد انطوائية، أما عن كيفية وصولي إلى هذا القصر، فكل الأمر أن باكي سان قد أحضرني إلى هنا حين كنتُ صغيرة، هذا ما قيل لي فأنا لا أذكر شيئاً عن الماضي و لا أهتم له.
ردت أياكو بتعجّب: أمركِ غريب نوعاً ما، ممم، هل باكي سان يمتلك غرفة خاصة هنا؟
أجابت سايومي بتضجّر: مياو.. أنتِ تسألين كثيراً، بالطبع يمتلك واحدة فهو حارس الأمير، غرفته تقع في الطابق الثاني في الجهة المقابلة لغرفة آيزوكو ساما، همم، ذكّرتِني بأمر تلك الغرفة، فلسبب ما السيد الحاكم يمنع الجميع من الدخول إليها خصوصا آيزوكو ساما، و لا أعلم لماذا؟
تعجّبت أياكو: الدخول إلى غرفة باكي سان محظور كذلك؟! لكن.. لماذا آيزو بالأخصّ محظور من الدخول أيضاً؟ أليس من المفترض له أن يُسمح له بذلك بما أن باكي سان حارُسه؟
جلست سايومي على الأرض: قلتُ لا أعرف لماذا.. مياو ..
نظرت أياكو إليها بغضب بسبب أسلوب كلامها، لكنها أطلقت تنهيدة و استندت على الجدار و هي تفكّر، بينما صعد أحدهم إلى الطابق الثالث لتلتفت إليه.
تحدّث القادم بتساؤل: أوجوتشان ألم أطلب منكِ التوجه لغرفتكِ لأخذ قسط من الراحة؟ ( التفتت إلى سايومي ) مرحباً سايوو تشان، لم أركِ منذ مدّة.
ابتسمت سايومي و عادت للوقوف على قوامها الأربعة الرشيقة: مرحبا ريو سان، أجل و أنا أيضاً لم أركِ منذ مدة.. سعيدة بلقائكِ ثانية.
ابتسمت ريو ثم عادت لتتحدث إلى أياكو: أوجو تشان، أرجو منكِ أن تعودي لغرفتكِ.
ألقت أياكو نظرة سريعة على ريو لتستقرئ ملامحها، ثم أخفضت رأسها: أريد أن أحدّث آيزوكو أولاً..، لكن أخبريني الآن ما الذي كانت تريده هانا سان؟
أجابت ريو: قدرتها على الإحساس بما يجري للأشخاص المقرّبين منها جعلتها تستدعينا لأنها شعرت بأن أمراً ما قد حدث لكنني أخبرتُها أن كل شيء بخير..، لم أشأ أن أخبرها بأمر باكي سان حتى لا تقلق أكثر.
تساءلت سايومي: باكي سان..!؟ ما الذي حدث له؟
قبل أن يجيب أحد ما نزل شخصٌ على السلالم من الطابق الرابع، كان مخفضاً رأسه و قد بدا عليه الغضب لكنه حاول أن يظلّ هادئاً..
التفتت ريو و سايومي إليه، ثم انحنتا احتراماً، تقدّمت أياكو منه حين وطأت قدماه أرض الطابق الثالث، ثم تحدّثت: آيزوكو..
رفع آيزوكو رأسه ناظراً إليها بلا مبالاة، لكن نظرته تغيّرت إلى نظرة قلقة على الرغم من أنه حاول إخفاء ذلك القلق: ما الذي حدث لكِ..؟ هل كنتِ تستخدمين طاقتكِ مؤخراً؟!
تعجّبت أياكو من سؤاله ذاك لكنها قررت عدم إخباره بشيء: أنت تتخيّل ذلك، لم يحدث شيء فلا تقلق.
أطلق آيزوكو تنهيدة و هو بالكاد يصدّقها، ثم التفت إلى ريو و سألها: أين هو باكي؟
أجابت ريو بتردد: إنه .. إنه في غرفته حالياً، قال أنه لا يريد مقابلة أحد.
أخفض آيزوكو رأسه و بدا و كأنه يفكّر في أمر ما ثم عاد للتحدث: يبدو أنه لا يزال غاضباً، أرجو أن توصلي له اعتذاري حين ترينه، ريو سان.
شعرت ريو بالريبة فسألت بقلق: هذه المرة الأولى التي تطلب فيها هذا الأمر مني؟ أشعر أنك تقصد بكلامك أنك لن تقابله و تخبره بذلك بنفسك لسبب ما، ما الأمر؟
رفع آيزوكو رأسه مجددا و تحدّث بنبرة حازمة: يجب علي الاستعداد لحرب الأكوما، في الغد سنتحرّك باتجاه البوابة.
التفتت أياكو إليه و أردفت بارتباك: هـ.. هيي.. مهلاً..! أقلت غداً؟!! أتعني الغد نفسه؟! << شو الحين تذكّرتي تخافين ؟
التفت إليها بعصبية مشيراً بإصبعه إليها: أجل، و أتوقّع منكِ أن تتأهبي لذلك أنتِ أيضاً..
نزل آيزوكو إلى الطابق الثاني و تبعته أياكو التي بدأت تستفسر منه أكثر، تحدّثت سايومي بقلق و هي تنظر إليهما: إنها مواجهتهما الأولى معاً، ريو سان، أأنتِ متأكدة أن تلك الفتاة مؤهلة للقتال؟ على الرغم من أنني أكرهها إلا أنني بدأتُ أقلق عليها و على السيد الأمير..
أخفضت ريو رأسها بعد أن كانت تنظر باتجاههما أيضا و أجابت: في الحقيقة أياكو تشان مستعدة للأمر بل إن طاقتها قد تعادل طاقة الأمير و ربما تفوقه قوة، لكنها تحتاج فقط لدفعة مؤلمة حتى تستخدمها..، [ أغمضت عينيها بقوة ] باكي سان، ليتك لم تؤذي نفسك في هذا الوقت ><..
التفتت سايومي إليها و تساءلت بارتياب: صحيح.. لم تخبريني ماذا حدث لباكي سان؟!
في عالم البشر، كانت هارومي جالسة في معمل إينوي و هي تحدّثه: لقد أوشك الأسبوع الأول على غياب أياكو على أن ينتهي، كما أن رأس السنة قد اقترب كثيراً، أتساءل هل ستفوّته أياكو هذا العام؟
أطلق إينوي تنهيدة ثم أجاب و قد قطّب حاجبيه و هو يفكر بعمق: عليكِ أن تسألي عن حالها أولاً، في ذلك اليوم حين أبعدنا جو و كيو سان عن المنزل المهجور لم نعرف ما الذي جرى بعدها، لكن كيو ظهر مجددا منذ فترة و أخبرني أن الجميع بخير فقد استطاعوا القضاء على تلك الفتاة الشيطان لونا، المشكلة الآن أن ذلك الهجوم يعني شيئاً واحداً، و هو أن ميازاكي سان و آيزوكو سان على وشك خوض معركة عنيفة مع الأكوما.
نظرت هارومي له بقلق ثم تحدّثت: معك حق، لقد بدأ إحساس سيء جداً يراودني، لكن.. أرجو أن يكون محض إحساس لا غير.
رفع إينوي بصره إلى هارومي و تكلّم بجدية: هارو، من واجبنا كفريق و كصديقين لهما أن نساعدهما في هذا الأمر و لو قليلاً، يجب علينا العمل بجد حتى نستعد لأي طارئ، حسنا؟
أومأت هارومي بالإيجاب، ثم قامت هي و إينوي من مكانهما ليبدآ العمل الجاد.
عودة إلى عالم الأشباح، حيث استلقى باكي بلا حراك على سرير ما داخل مكان أشبه بالمشفى، و قد وضع كيو على فمه جهاز التنفس..، و وصل جهاز قياس نبضات القلب إليه أيضاً.
تحدّث جو إلى أخيه كيو خارج الغرفة و هو ينظر إلى باكي عبر الزجاج بأسف: كم أشعر بالحزن لما حلّ به، حاولتُ منعه كثيراً و تحذيره من العواقب لكنه عنيد جدا، أخبرني كيو، أهو بخير؟
كان كيو قد كتّف يديه و نظر إلى باكي بتوتّر: من المفترض له أن يكون بخير فلقد اجتاز مرحلة الخطر لأننا نقلناه إلى غرفة تنظيم الطاقة سريعا، لكن لا تزال طاقته مضطربة، و مستواها لا يزال منخفضاً أيضاً، سيحتاج لوقتٍ طويل حتى يعود كما كان.
ظهرت ريو أمامهما فجأة و قد كانت مخفضة رأسها، فشعرا بالقلق حيال هدوئها الغريب، تساءل جو: هيي، ريو، ما الأمر؟
تقدّمت ريو من الزجاج العازل و وضعت يديها عليه و هي تنظر إلى باكي بعينين بدأتا تدمعان بحرقة: أخبراني فقط، أهو بخير؟
أظهر كيو ابتسامة متأسفة و أجابها: أجل، لا تقلقي، إنه يستعيد قوّته شيئا فشيئاً، لا داعي لأن تبدأي بالبكاء.
التفت جو إليها و أكمل: في الحقيقة، إنها المرة الأولى التي أراكِ تبكين فيها، لطالما كنتِ فتاة قوية ريو، الأمر ليس مجرد قلق عليه أليس كذلك؟
تابع كيو الحديث مجدداً: بل لقد أخبرناكِ مسبقاً أن تنسي أمر أن تهتمي لأمره.. أليس كذلك؟
ردّت ريو و قد ازدادت حدّة بكائها: أجل، لقد فعلتُ ذلك حقاً، لكنني اكتشفتُ اليوم كيف أني لا أقارنُ أبداً به أو بما يفعله، أخبرني الحاكم قبل قليل عن أمر مهم بشأن باكي سينباي..، لم أصدّق أبدا ما قاله الحاكم لكن كلامه يفسر كل أفعال باكي سينباي السابقة..
تساءل جو: ما الذي تقصدينه؟ ما الذي قاله السيد الحاكم؟
التفتت ريو إلى أخيها جو و أجابته بصوتٍ امتزج مع البكاء: لا يمكنني إخباركما بما قاله فقد طلب مني أن أبقي هذا الأمر سرّاً، كيو، جو، صدّقاني، باكي سينباي هو أعظم مما كنا نتصوّر.. لم أستطع منع نفسي من البكاء من شدّة تأثري بما سمعت..، هل تسمح لي بالدخول عنده كيو؟
احتار كلّ من جو و كيو من أمرها أكثر لكن كيو أجاب: آآ.. حسناً، لكن لديكِ خمس دقائق فقط..
|