تاج محل رمز للعطاء و الحب
قيل:
تاج محل أحد ثمار الفتح الإسلامي للهند و البرتغال منذ ثلاثة قرون خلت.. و ترجع قصة بنائه إلى أواخر القرن السادس عشر الميلادي .1631م. عندما غزا التتار الهند و نصب ((تيمور لنك)) نفسه امبرطوراً عليها ثم انصرف لفتوحاته وولى حفيده ((بابار)) حكم البلاد , و جاء من بعده ((همايون)) الذي تزوج فتاة من بلاد فارس تدعى ((حميده بانو)) التي أنجبت له غلاماً أسماه (( جلال الدين محمد أكبر)). و قد شهد الإسلام في عصره بالهند ازدهاراً ولقب جلال الدين ب (( أكبر الأعظم)) لعلو شأنه.
و حكم (أكبر) البلاد خمسين عاماً , و بعد وفاته خلفه في الحكم ابنه سليم الذي عرف ب (( الامبراطور)) جيهان جير أي فاتح العالم , و تزوج من الأميرة مهر النساء أي ( شمس النساء) و لم يرق هذا الاسم للامبراطور فاسماها (نورجهان) أي ( نور العالم) و لكن شاه جيهان ما يلبث أن يحب فتاة أخرى تدعى أجمند بانو و تزوجها , و ذلك عام 1612م و أسماها ممتاز محل و معناه ( زينه القصر) و لكن الأميرة ماتت في أحد الغزوات أثناء مصاحبتها للإمبراطور و كانت تتأهب لاستقبال مولود جديد و استطاعوا إنقاذ الجنين و سمي ( جوهرار الرانش)..
و كم كان حزن الامبرطور شديداً على زوجته الذي لم يكن يطق فراقها عنه فصحبها في غزوته بين الصعاب و المخاطر , و لكن ما أن توفيت الحبيبة حتى شيد لها الإمبراطور قبراً . لا يغيب عن عينه. في حديقة ذنباد بمدينة برهايتور وسط الزهور , و ظل التابوت بهذه الحديقة تسعة أعوام إلى أن تمت رائعة الفن الإسلامي تاج محل حيث إنتقلت إليه.
و لم يكتف الأمبراطور العاشق بذلك , بل شيد صرحاً آخر مشابهاً لروعته ( لتاج محل) في كل مكان , بداخله قطع دقيقة من البلور و الزجاج المائل الذي يعكس قبر زوجته في أي مكان جالس يجلس فيه الزوج سواء بالبهو أو في مخدعة. فيكون أول من يودعها و أول من يستقبلها كل يوم.
و لقد قام المهندس الفارسي المبدع ( عيسى الشيرازي) بتصميم هذا القصر , بمعاونة العديد من مهندسي فرس و تركيا و بلاد العرب, و كانت الفنون الإسلامية فد وصلت إلى درجة عالية من الإبداع الفني في هذه الفترة .. و اشترك قرابة عشرين ألفاً من العمال في تشييد هذا الصرح الضخم في أواخر عام 1631م و استمر بنائه لمدة 17 عاماً , و انتهى في عام 1648.
يتكون القصر من مدخل به 3 أجزاء أسس فوق قاعدة مربعة من الحجر الأحمر و زخرفت البوابة باطارات رخامية قوام زخرفتها كتابات قرآنية بالخط المثلث الجميل.. و في نهاية المدخل حديقة زرعت بتنسيق رائع .. أما الممرات فكان بنائها من الرخام و تحتوي على عدد من الناورات..
و الضريح مرتكز على قاعدة ضخمة من الرخام تبلغ واجهتها ثلاثمائة متر , و يبلغ عرضها مائة و عشرين متر. و في طرف الواجهة الجنوبي و فوق القاعدة مصطبة من الرخام يبلغ طول ضلعها 100 متر و ترتفع عن القاعدة ستة أمتار يعلوها الضريح ..
كما توجد أربعة منابر وضعت في أركان المصطبة الأربعة و بنيت من الرخام الأبيض في مواجهة كل منها قبة صغيرة .
أما الضريح فهو عبارة عن شكل مثمن يقود إليه باب مقسم إلى مربعات نحاسية يحاط بأفاريز نقشت أعلاها آيات من القرآن الكريم .
و تضم القبة قبر ( ممتاز محل) و زوجها الإمبراطور و القبة تعلوها حربة مغطاه بالذهب تصل إلى ثلاثة و ستين متراً إرتفاعاً .. و يضم التابوت أشكالاً رائعة الزخرف و كتابات قرآنية تتضمن أسماء الله الحسنى , و مدون على الصندوق تاريخ وفاة الزوجة ( 1629م ) و الزوج ( 1666م) .