لحظة تبكي أنت ،
هي ذات اللحظة التي يتناول فيها رجل وجبته السريعة ,
هي ذات اللحظة التي تجرب فيها سيدة حذاءاً ضيقاً ,
هي ذات اللحظة التي يقع فيها طفل عن دراجته ثم ينهض سريعاً وينفض الغبار عن بنطاله ,
هي ذات اللحظة التي تنشب فيها الحرب في أرض ما ,
ذات اللحظة التي ينسى فيها عاشق موعده لأن ساعته أخرت دقيقتين ,
ذات اللحظة التي ينزف فيها عجوز حتى الموت في زقاق مظلم ,
ذات اللحظة التي تنتهي فيها صلاحية علبة السردين ,
ذات اللحظة التي يصعد فيها الشيخ للمأذنة اللولبية ,
ذات اللحظة التي ترش فيها ربة بيت مزيداً من الملح على الحساء ,
ذات اللحظة التي ترتفع فيها راية بيضاء ,
ذات اللحظة التي يتلمس فيها نشال أطراف محفظة ,
ذات اللحظة التي ينهار فيها سقف على عامل منجم ,
ذات اللحظة التي تضع فيها عاهرة شعراً مستعاراً وتخبأ في جوربها سكين ,
ذات اللحظة التي ينسكب فيها الحليب الساخن على رأس القطة ,
ذات اللحظة التي يعد فيها المجنون حبات البازلاء في جيبه ,
ذات اللحظة التي تصطدم فيها حافلة بسيارة حمراء فيموت عشرون راكباً ,
ذات اللحظة التي ينبح فيها كلب الجيران ,
ذات اللحظة التي ترتفع فيها فقاعة من فم غريق ,
ذات اللحظة التي ينضج فيها الخبز في الفرن ,
ذات اللحظة التي يكذب فيها أحدهم ويضحك كاشفاً عن سن ذهبية في فكه العلوي ,
ذات اللحظة التي يقفز فيها الشاعر إلى النهر ,
ذات اللحظة التي تفلت فيها الريح المظلة من يد ,
ذات اللحظة التي تنزع فيها الممرضة الضماد عن جرح ,
ذات اللحظة التي يسقط فيها عصفور من السماء دون سبب ,
ذات اللحظة التي تصدر فيها الطبعة المسائية من الجريدة ,
ذات اللحظة التي يكتشف فيها عالم الفيزياء حل معضلته الرياضية ,
ذات اللحظة التي يدمر فيها زلزال نصف مدينة ,
ذات اللحظة التي يدخن فيها صبي سيجارته الأولى ,
ذات اللحظة التي تنسكب فيها علبة طلاء على أرضية الممر ,
ذات اللحظة التي يمضي فيها القطار سريعاً إلى محطته ,
ذات اللحظة التي يسقط فيها جسد أمام القطار الذي يمضي سريعاً إلى محطته ,
ذات اللحظة التي يعزف فيها متشرد الساكسفون على الرصيف ,
ذات اللحظة التي ترتفع فيها بالونات ملونة فوق مبنى البلدية ,
ذات اللحظة التي يقفل فيها أخوك هاتفه النقال وتنام أختك عميقاً ,
ذات اللحظة التي تعد فيها زوجة جارك القهوة لعشيقها ,
ذات اللحظة التي تنشر أمك القمصان على الحبل وهي تدندن ,
ذات اللحظة التي يتسلى فيها حارس العمارة بقراءة طالعه في الأبراج اليومية ,
ذات اللحظة التي تصاب فيها زوجته البدينة مدام لور بالسكتة وتتدحرج على الدرج الرخامي ,
ذات اللحظة التي يسأل فيها الغريب عن أقصر الطرق الموصلة للجادة 9 ,
ذات اللحظة التي تتأخر فيها سيارة الإسعاف ,
ذات اللحظة التي تموت فيها المسكينة مدام لور ,
ذات اللحظة التي يفتش فيها أحدهم عن زر لثوبه ,
ذات اللحظة التي يكمل فيها أحد آخر قراءة فصل من رواية مبتذلة ,
ثم يطفأ الضوء . .
العالم ليس شاهداً على كوارثك الشخصية
وهي تماماً لا تعنيه !
من تظن نفسك !
لتعتقد أنه سيقف ,
لحظة تبكي أنت !