اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bita00
ديكارت قال عبارته المشهورة هذه عندما شكّ في كل شيء ولم يجد سوى الفكر ليثبت فيه وجوده.انا افكر اذا انا موجود... |
اشكر لك تعليقك و تعقيبا على ما ذكرت أقول:
لعله من المعلوم أن ديكارت أحد الفلاسفة الكبار الذين قطعوا مع الماضي المعرفي,للقارة العجوز على أساس إعمال العقل و أسلوب المنطق و الوعي الحر فلا وجود للخرافة و لا مكان للأساطير, و لا سلطان للكنيسة على العقول و الأفراد كما لم تعد النظم السياسية محددة لأطر المعرفة و أنماط التفكير مما أدى إلى نهضة صناعية شاملة و نمط حياة حر رسم ملامح أوروبا الجديدة متربعة على عرش الحداثة و التطور و لما كان منوطا بعهدة فلاسفة الأنوار هؤلاء التأسيس لمعرفة جديدة أساسها عقلاني يقطع مع الماضي البليد
كان الشك الديكارتي احد أدوات الهدم و البناء انتهى به إلى مقولته المأثورة "أنا أفكر إذن أنا موجود" حيث أنه شك في كل شيء إلا حالة التفكير التي هو بصددها...لم يستطع ردها إلى دائرة الشك و لما ألغى بالشك كل المسلمات في تحديد معنى الوجود بقي التفكير مستعصيا على الإلغاء و بدى المعطى الوحيد المستأثر بتحديد هذا المعنى....هذا هو السياق التاريخي و المعرفي لمقولة ديكارت.
و أردف فأقول إن استغلال مقولة ديكارت ليس إيذانا بتأسيس معرفة جديدة تقوم على العقل و تقطع مع الأسطورة فالمعرفة الإنسانية تجاوزت ذلك فهي تغزو الفضاء و تسافر في لمح البصر كما أن الشك الديكارتي الذي كان أداة لهدم الفكر البليد و الأفكار المسبقة لم يعد أداة بتلك الأهمية في وقتنا الحاضر و كل ما حولنا يتنفس علما صحيحا.
و من هذا المنطلق ليست الثقافة بديلا على التفكير في تحديد معنى الوجود كما ذكره ديكارت بل إن المعرفة الإنسانية مدينة لديكارت و غيره من فلاسفة الأنوار بالثراء و التنوع مما أفضى بأكثر من معطى في تحديد معنى الوجود.
و ما كان هذا ليكون لو لم يتحرر الفكر على يد العقلانية الديكارتية ليكون أبا شرعيا لمعرفة إنسانية لاحقة.