ــــــــ
فى أحد أركان تلك الغرفة القديمة جلس منزوياً .. يجتر أحزان الماضى البعيد
وآلام الحاضر التى تطارده فى كل مكان
شعر بالاختناق وان الغرفة بدات تضيق عليه
وينفذ معه أخر أمل له فى هذه الحياة
تذكر أنه لم يعش لنفسه .. بل ربما نسى ذلك
فى خضم بحر الحياة المتلاطم الأمواج
فقد كانت كل مهمته هى أسعاد الاخرين
رغم مرارة الآلام التى تعتصر قلبه
بنظرة واحده فى وجوه من حوله
فيشعر أنه أسعد انسان فى هذا العالم
لكنه فجأة وجد ان العمر قد تسرب من بين يديه
فنظر إلى المرآه ..ففزع لذلك
لأول مرة يشعر بالخوف من النظر إلى وجه
لأول مرة يُدرك أنه وحيداً فى هذا العالم
فتساقطت بعض العبرات الحاره من مقلتيه
لتلهب قلبه الرقيق بسياط القسوة
وتضع روحه النقية فى قيود الجحود
وتتلاعب بآماله كريشة فى مهب الريح
ودونما يشعر تحركت يداه بعفوية وتلقائية لكى تمسح تلك العبرات الهاربة
من مآقيه ..وأخذ يتلفت حوله ..
فهو الذى قضى عمره فى رسم البسمات على الوجوه
فكيف به الان تخونه عبراته
ثم شرع فى جمع ملابسه المبعثره فى أنحاء الغرفة
ليضعها فى حقيبته ثم حملها على كتفه
وخرج من الحجرة ..دون ان يدرى إلى أين سيذهب
أو أين سيبيت ليلته فى هذا الجو الماطر ..
وهذا الرعد الذى يدوى فى سماء الكون
وانتزعته من شروده تلك الكلمات التى تنامت إلى مسامعه بعدما خطت قدماه خطواتها الأولى إلى الشارع
- أين يذهب ذلك المجنون فى هذا البرد القارص
- مسكين .. أنها اخر ليلة له هنا
لقد استغنت عنه إدارة السيرك .. وأحضروا مهرجاً شاباً جديداً
فأنتفض كالعصفور بللّه القطر
كانت تلك الكلمات التى خطها قلمى تعبيراً عن بعض ما أنتابنى من مشاعر واحاسيس عندما وقعت عيناى على تلك الصورة لهذا المهرج الحزين ..
فتأثرت بها ورق قلبى له ونسج خيالى هذا التصور الذى أعتقد أنه ربما يعبر عن حالته ..وأحببت أن أضعها بين أيديكم لأتعرف على مشاعركم تجاهها
فأكيد كل واحد منّا سيكون له انطباع معين حول تلك الصورة
ولكى نحاول معاً فهم ماهية تلك الحالة الانسانية الفريدة .. التى تجعل الانسان لا يدخر وسعاً فى محاولة اسعاد من حوله ورسم البسمة على وجوههم .. بينما تعتصر الآلآم قلبه وتملأ الأحزان نفسه
...
خالص تقديرى واحترامى لكم