السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
البارت الثالت و العشرون :
إستدار ببطئ درامي , ببطئ و كأنه غير مستعجل - على حتفه - ببطئ كأنه يعرف صاحب الصوت أو بالأحرى صاحبة الصوت . تغير لون وجهه فقط عندما إلتقت عيناهما , عيناه الزرقاوتين الماكرتين رغم سحرهما , و عيناها الورديتين الجميلتين , المتقدتين ثقة و كبرياء . أظن أنه قد أصبحت الأمور أكثر وضوحا , و إنقشع الضباب أخيرا عن هوية خصم جيك صحيـح ؟ فمن غيرها يجعل قلبه يرقص من الخوف ؟ من غيرها سيسحقه ؟ من غيرها سيقضي عليه ؟ من غيرها المحاربة القوية الفاتنة , و الملقبة بالعين الحمراء ســـــآكورا .
نظرات باردة ترمقه بها , نظرات ثاقبة إخترقت قناع جرأته المزيف , و تسللت إلى قلبه لتكتسي معالم الخوف ملامحه الجذابة التي طالما خدع و غش الناس بها , و لم يأبه يوما لمشاعرهم أو أحاسيسهم . طمعه في الحصول على القوة و السلطة جعله وحشا بلا رحمة و لا شفقة و كما يقال " كما تدين تدان " فقد حان الوقت لدفع الثمن , و سيكون غاليا , غاليا جدا , أليس كذلك عزيزتي ساكورا ؟
أتمنى الان لو أستطيع رؤية وجهك جيك و قد غلفه الخوف و الرعب , آهٍ كم أتمنى ذلك . أنت تشعر بالخوف أليس كذلك ؟ كيف لا ؟ و أنت في وقف لا تحسد عليه . أنت تعرف مند البداية أنك لن و لم تهزم ساكورا في حياتك لو مهما فعلت , لكن لا , أنت لم تستسلم , بل دفعتك وقاحتك إلى أن تجعل أعز صديقة لها تحاول إيذاءها , يال قذارتك و يال خبثك . ألا تخجل من نفسك , و من أفعالك ؟ هــآ أخبرني . تعودت على خداع الناس , لكنك لم تتخيل يوما أن تُخدع يوما , لم تتخيل أن تكون ضحية أبدا , دائما كنت الفائز أما الان فقد إنقلبت كفة الميزان , و أبصبح الحظ و القدر ضدك . فلتذق نفس الكأس المر . أشـاح بوجهه بعيدا عن عينيها , باحثا عن أي شيئ قد يساعده على الهروب على الاقل , هذا ما كان يفكر به و هو يحرك رأسه يمينا و شمالا كالمجنون الضائع له عقله , فهل له من مفر بعد فعلته الشنعاء ؟
بشفقة كانت تراقبه عيني ساكورا و أيضا بإشمئزاز فقد ضاقت درعا به و بتصرفاته المشينة , تعبت من حيله و من خداعه . كم تمنت أن يواجهها يوما وجها لوجه , دون خداع و لا حيل , و بمهاراته الخاصة في منازلة شريفة , عندها لن يكون عليها أن تدعه يفلت بفعلته في كل مرة . هي تدرك أن في وسعها مسحه من الوجود و بكل سهولة كما تزيح حشرة قذرة عن طريقها , لكن قلبها لم يطاوعها أبدا , دائما كانت تتركه , دائما كانت تتتغاضى عن أفعاله . فهل ستفعل ذلك اليوم أيضا ؟
إضافة إلى عيني كل من ساكورا و جيك , كانت هناك عينين سماويتين أخريين تراقبان الوضع بخوف و تطلع لما سيحصل . إنها صغيرتنا ليان , صغيرتنا الشقراء المرعوبة . كانت واقفة بذعر و قد تملكها الخوف تماما , ضامة قبضتيها إلى صدرها آملة أن لا يحدث شيئ سيئ لصديقتها , فرغم أنها لا تشك في قوة ساكورا , إلا أنها خائفة من أن يستعمل جيك إحدى حيله كالعادة , فهذه هي حال جيك المعروفة , لا أحد يأتمنه , لا قريب و لا بعيد .
خطت ساكورا خطوة للامام , ليخطو جيك خطوة إلى الوراء . خطت مجددا خطوتين إلى الامام , ليخطو هو خطوتين إلى الوراء . هكذا صار الحال بينهما كلما اقتبرت منه ساكورا بمسافة , ابتعد عنها هو بقدر المسافة عينها . و لحد الساعة لم ينبس أحدهما بكلمة و كأن النظرات التي يوجهانها لبعضهما كانت كافية . تنهدت ساكورا بملل بينما هو بدأ بالتعرق من شدة التوتر و القلق . مرر يده عبر وجهه علَّه يبعد قطرات العرق التي صارت تتراقص و تتسابق فوقه . لم يعد يستطيع الكلام , فقد بات يحس أنه قلبه قد أصبح في حلقه الان من شدة الخوف , دقاته سريعة و متتالية , لن أتفاجئ إن كانت ساكورا تستطيع سماعها . لكن فجأة ؛ إبتسامة عريضة شقت وجهه إلى أن وصلت لأذنيه , ما الهدف منها يا ترى ؟ هل معنى هذا أنه قد خطرت في باله حيلة بالية أخرى ؟ فلنتابع لنكتشف معا الحقيقة .
أحست ساكورا أنه يخطط لشيئ ما ماكر , لذلك توقفت عن التقدم , ليس خوفا بل إستعدادا لأمر مثير , فهي تعرف جيك جيدا , فهذه الابتسامة تنم عن ثقة , هذا يعني أنه تقريبا متأكد من نجاح ما يفكر به .
إبتسامة جانبية كان مصدرها شفتي ساكورا و هي تراهم يخرجون من جحورهم كالثعالب , و كل واحد منهم مدجج بنوع من الاسلحة - سيوف , خناجر سامة , مسدسات , بنادق بعيدة المدى - أمعنت النظر في أسلحتهم النارية , هه كواتم صوت إذا , هذا يعني أن لا أحد سيسمع صوت إطلاق النار و لو كان بالجوار . نظر لها جيك بتشفي و قال " لن أهزم أبدا أيتها العين الحمراء , ليس هذه المرة , سأخرج من هنا فائزا , و سأحضى بما أستحقه من قوة و سلطة و إحترام , و أنت لست سوى حجرة تعيق أهدافي و قد حان الوقت لإزالتها "إبتسمت ساكورا بإستهزاء , و قالت و هي تكتف يديها " هه كنت أتسائل متى سيظهرون , فقد بدأت أشعر بالملل " غضب جيك من ردها , حيث أنها لم تعر أي إهتمام لما قاله قبل قليل , زم شفتيه بقوة حتى سالت الدماء منها , لكن سرعان ما إبتسم بخبث , لقول بأعلى صوت لديه " هجــــــــــــوم " , إستقامت ساكورا في وقفتها إستعدادا للمواجهة و إتخدت وضعية القتال . لكن مهلا ؛ أين هم ؟ لما لم يهاجمـوها ؟ ما الذي جرى ؟ أسئلة عديدة كانت تدور في خلد ساكورا . صدم جيك بشدة عندما شاهد أتباعه و كل واحد منهم يختبئ خلف الآخر . صرخ عليهم بغضب أفزعهم " ما الذي تفعلونه يا حمقى ؟ لمَ لمْ تهاجموا ؟ ما معنى هذا العصيـان ؟ هل هذا تمرد ؟ أجيـــبوني ." خاف الجميـع منه و من غضبه المرعب , تقدم احدهم يبدو كأنه قائدهم ثم قال بإرتباك و هو لا يستطيع حتى النظر في وجه جيك " آسفون سيدي , لكن أوامر المرأة التنين تقضي بعدم إيذا العين الحمراء , كما أمرتنا بإحضارها إليها فور إيجادها , و ألا نستمع إليك , لو مهما قلت أو فعلت شيئا يمنعنا من ذلك " . ليس في إستطاعتي أن أصف لكم شكل و حال جيك الآن . يبدو مشوشا , غير مصدقا لما يحدث و لما قاله ذلك التابع , فاقدا القدرة على التفكير أو التركيز , لا يصدق أنها تمكنت من خداعه و إستعماله طعما فقط ؟ و لماذا ؟ ما هدفها ؟ فهذا يعني أنها كانت تخدعه مند البداية , و انها لم تثق به يوما , هذا يعني أنه كان مجرد قطعة شطرنج صغيرة في لعبتها الكبيرة , يال العار . أحكم قبضتيه , و أنزل رأسه للأسفل حتى أصبح شعره الذهبي يغطي عينيه , قال بذل و بطريقة جعلته يبدو غامضا نوعا ما " حسـنا إذا أمسكوها فقط , أنا من سيأخذها للسيدة . " . إنحنى له الرجال الضخام بإحترام , و إلتفتوا لساكورا بشر , بينما هي كانت تقول في نفسها و قد أثارها كلام تابع جيك " هل هذا يعني أنه لا يزال لديها أمل في أن أعود , هل تظن ذلك حقا ؟ هه تحلم , هذا لن يكون لها أبدا , و لا حتى في أحلامها " . لم تنتبه إلا و هي تراهم يتخذون مواقعهم ؛ أصحاب البنادق بعيدة المدى في مكان بعيد نسبيا , و أصحاب المسدسات في الوسط , بينما أصحاب السيوف و الخناجر في الواجهة . إبتسمت بثقة و اقتربت قليلا ليبدأ القتال .
كان من البديهي أن يبدأ أصحاب السيوف بالهجوم , و مجاراتهم لم تكن بالأمر الصعب بالنسبة لمحاربتنا القوية , فقد كانت تتفادى ضرباتهم بخفة و سهولة , و في المقابل توجه لهم ضربات قوية غير قاتلة و تجعلهم يفقدون الوعي فقط و فهي لم تنسى وعدها لليان بأنها لن تقتل أحدا مرة أخرى نعم هي لم و لن تنسى ذلك أبدا , هي تحب ليان و لن تخلف بوعد قطعته لها . و بالطريقة نفسها قضت على جميع الأتباع المسلحين , و لم يبقى غير القناصين . نظرت لهم بتمعن , إبتسمـت بثقة كبيــرة , و إختفت , أجل إختفت و لم يرها أحد او إنتبه إليها إلا و القناصون يسقطون واحدا تلو الآخر بضربات سريعة متقنة لتظهر ساكورا بعدها بثواني قليلة , معنى ما حصل أنها لم تختفي كما ظن الجميع , بل كانت سريعة جدا لدرجة أن لا أحد تمكن من رؤيتها .
إنهار جيك تماما الآن , لم يعد هناك ما يستطيع فعله بعد هذا , فقد إستنزِفَت كل قواه أو بالآحرى كل خدعه . إلتفت يمينا و شمالا فلا يرى إلا أتباعه المهزومين المغشي عليهم , لكن و لسوء الحظ وقعت عيناه على ليان المسكينة التي كانت قد ألقت بكل إهتمامها و إنتباهها لساكورا , و ذلك كان السبب في جلب المشاكل لها , فقد إستطاع جيك أن يجعلها جزءا من جيلة أخرى ؛ حيث أسرع و فاجئها بإنقضاض الأسد على فريسته ليجعلها درعا بشريا في وجه ساكورا التي بدأت تغضب حقا . فبعد فعلته السوداء هذه , يكون قد قطع أي حبل قد يُمَدُّ لمساعدته على الهروب .أصبحت ليان كالورقة الرابحة بالنسبة لجيك , فهو يعرف طبيعة العلاقة التي تجمع بينها و بين ساكورا , و يعرف أيضا أنها لن تستطيع أن تؤذيها لو مهما حصل . إذا و حسب نظرية جيك , فما دامت ليان معه فلن تستطيع ساكورا الهجوم لفترة تسمع له بالفرار خلالها .
توهـــجت عينا ساكورا بلون أحمـر دموي قاتم , جعل مقلتي ليان تتسعان خوفا , صرخت بعدها " لا ســــآكورا أرجوك لا . " لتتسرب بعدها الدموع على خديها الناعمين , و هي كالفراشة الجميلة بين يدي طفل مشاغب متنمر ترتعش خوفا من ذلك السكين الذي وُضِعَ حد نصله رقبتها . عادت ساكورا إلى طبيعتها بعدما كان تغير لون عينيها لا يبشر بأي خير , و خف توهج عينيها المخيف , لتنظر بنظرات مرعبة لجيك , جيك الذي صار قلبه يرقص من الخوف لدى رؤيته لعينيها , و زاد إرتجاف يده الممسكة بالسكين فنزفت يد ليان التي كانت مانعة إختراق حده رقبتها من شدة إرتجاف يد جيك , فسالت قطرات دمها على طول يدها .
إكتفى ... لم يعد قادرا على التحمل , لم يعد قادرا على الإستمرار في مواجهة نظراتها الحارقة , الشرسة و المرعبة التي لا تحمل له إلا الكره , و ليان تحت رحمته تنظر لساكورا , و كل ما تخشاه هو أن تفعل شيئا قد تندم عليه . لكن معاناتها حكمت عليها بالإنتهاء فقد رمى جيك بها أرضا بقسوة و فر هاربا بما أوتِيَ من سرعة , لكن ساكورا لم تحرك ساكنا بإتجاهه فكل ما كان يهمها هو ليـــآن ... لا غـــير .
إقتربت منها و إنحنت لمستواها تساعدها على الوقوف بعينين دامعتين , و قالت بصوت خافت متقطع " هـ ل , هل أ أنت بخير ليلي ؟ " رفعت ليان رأسها بإبتسامة صادقة طمئنت قلب ساكورا الخائف و قالت " أنا بخير عزيزتي , لا تقلقي علي ." , إبتسمت ساكورا براحة و قالت بتنهيدة و عينين حنونتين " جيد " . لكن فجأة تغيرت ملامح ليان , و قالت بخوف بادي في نبرة صوتها " لكن ساكورا , مذا إن عاد جيك و حاول إيذائك مرة أخرى ؟ مذا إن عاد و معـ ... " قاطعتها ساكورا بقولها و قد رسمت تلك الإبتسامة الواثقة على شفتين الورديتين " هو لن يعود ليان , لن يعود أبدا فهو الآن في عدادا الأموات . "
إنتهى البارت الثالت و العشرون , و أتمنى إنه يكون عجبكم , و آسفين عَ التأخير و الله كانت عندي ظروف ....
ما في أسئلة بس قولو رأيكم في البارت .... و توقعاتكم للجاي .. و اسألو عن أي شيئ جاكم غامض ..
في إنتظار ردودكم المشجعة .. لا تبخلو علي ( سوري عَ الكلمة , عارفة إنكم مو هيك
^^ ) ..
صديقتكم & أختكم المجنحة ..
في أمان الله و رعـآيته .