السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
في سياق ما طرحناه سلفا في مقال
نورد فيما يلي تصور حول رهان المثقف بين الدور و الواقع:
كلما كانت الغاية الاسمي للمثقف طلب المعرفة و تحديد الدور الايجابي في المجتمع وفقا لقيمة الإنسان ككائن مشٌرف بالعقل و النطق و الوجدان , كان من الضروري,بداية, الوعي بقيمة التفكير بوصفه أداة من أدوات العقل و حتى يكون الفهم و الإدراك مصاحبا لأي حالة تفكير عليه إن يتسم بطابع الحرية و الإنعتاق من أي فكر مسبق و بالتالي أن يقف وقفة موضوعية أمام مصادر المعرفة التي تتميز بالتراكم و هي جملة إسهامات الإنسان على مدى تاريخه و من ناحية أخرى أن ينفتح على الإرث الثقافي بكليته المتسم بالخصوصية و التنوع في مشهد متجانس من الأطر و القواعد.
و سواء كان النظر في قيمة الوجود من منظور ديني أو فلسفي أو غير ذلك تتحدد قيمة أي مصدر بما يتوفر له من وجاهة في الدليل و انسجاما في الطرح ما يوافق جوهر الإنسان العاقل المتكلم الجدير بالاحترام تبعا لمكانته السامية بين المخلوقات.
و من هذا المنطلق يكون المثقف:
- بفهمه لقيمة التفكير و حريته
- مدركا لعمق مجال المعرفة و تراكمها
- مميزا لمدى انتشار الثقافة و تنوعها
- ناقدا فاهما و معبرا موضوعيا عن مضامين المصادر المعرفية في تحديد قيمة الإنسان و دوره
يجد نفسه بهذا المنحى الموضوعي على عتبات دور جليل و مسؤولية عظيمة:
أن يدفع بالوعي الجمعي إلى الإمام و أن يعدل بوصلة الواقع بما يخدم الصالح العام و يكون مثريا للمعرفة خادما للإنسانية وما يزيد هذا الدور صعوبتا هو تبدل واقع المثقف من واقع قديم يعبر عن مجال معرفة نخبوية محدودة لأسباب ذاتية و اجتماعية إلى واقع جديد فتحت فيه التكنولوجيا أبواب الثقافة للعموم بالفضائيات و الانترنت فقد كان بوسعه توجيه الناس على اعتبار نقص اطلاعهم و عدم إلمامهم بشتى المواضيع أصبح الرهان البديل للمثقف إقناع الرأي العام الجديد بأطروحاته بكل ما يثري معرفة الناس و ينمي وعيهم و يتصل بمصيرهم و هي مسؤولية كبرى.
يبدو واضحا أن قيمة الوجود الإيجابي للمثقف في القيام بدوره الفاعل في المجتمع و تبعا لذلك عليه أن يبرز و يتحرر....
فكم من مثقف مضى قدما مجانيا دوره و قد اختار العزلة و الانكفاء...
و آخرون شغلهم الهم اليومي و ألهتهم المحن الخاصة بعيدا عن أي إسهام ثقافي...
و مثلهم من اجبروا على التقوقع و حرموا من هذا الإسهام بظلم اجتماعي أو سياسي غير مبرر.....
و في جملة هذه الأسباب مجالات أخرى للبحث و الدرس
خلاصة القول :
على المثقف إن يعي بقيمة التفكير و أن يكون حرا في ممارسته يتعاطى مع المعارف بفهم و إدراك و موضوعية واعيا بقيمة الثقافة خادما للإنسانية.
على الـــــــمـــثـــــقــــــــــف أن يـــــتــــحـرر و يـتــم تـــحــــــــريــــــره
بقـلم ابو هبة التونسي