عرض مشاركة واحدة
  #88  
قديم 12-01-2011, 02:03 PM
 
--- الجزء الأخير... !



فتحت عيناي بتعب وأنا أشعر بأحد يمسك بيدي , شيئا فشيئا وضحت صورة أمي..
كانت قلقه و سعيدة بنفس الوقت , قالت : آوه حبيبتي فلور هل أنتِ بخير ؟! أتشعرين بألم..؟
ظللت أحدق بها و أنا أتذكر ما حدث , لقد .. ذهـب آرثـر بلا عودة , و معه قلبي..!
سالت دموعي , فبكت أمي أيضا وهي تشد على يدي و تمسح على وجهي .
قالت بأسف : فلور .. أرجوك , قول لي ما بك ؟! لقد أتصل بي والدك و أخبرني عنك , أتيت بسرعة..
لم أقدر على النطق ! لقد فقدت كل شيء.. لا يوجد سبب لأعيش حتى..
لا أريدها.. حياتي , أنني قد كرهت نفسي..
...
مر أسبوع كامل.. طرق والدي الباب و دخل و معه كأس حليب ساخن بالشوكولا..
قال بحزن : فلور.. حبيبتي ما بك يائسة هكذا , لقد بدأت الدراسة و أنت كزجاج متكسر.. مشتته أن المدرسين متعجبون منك..
قلت ببرود و أنا جلسة على سريري أمام النافذة : أريد أن أسكن عند أمي عدة أيام..
-----

استيقظت فزعة و أنا أصرخ : لااا .. لاااا ..
دخلت أمي فزعةً أيضا وهي تحتظنني و أنا أتمسك بها..قالت: فلور , هل أنتِ بخير؟!
بكيت و أنا أضمها : لقد كان كابوسا.. كان هناك وحشا يلاحقني.. وقد خدش ظهري..
_ لا بأس .. لا بأس.. كان مجرد كابوس.. اهدئي..
ظللت مستيقظة يومين كاملين بدون نوم , سوى غفوات مميتة تسبب لي رعبا لا يطاق..
النوم أصبح عذابا و الاستيقاظ أحلاماً , لم أعد أعرف واقعي..
لقد حدثت الكثير من الأمور لا أعرف كيف تمت , ففجأة أجد نفسي مع "آشلي" نتناول الطعام
في المطعم , و فجأة أجد نفسي في حوض الاستحمام أراقب الفقاعات التي تنفجر ببطء واحدة
تلو الآخرى , "توم" أنه يزورني وهو يزداد شحوبا و قلقا لا أدري مما .. لعله واقع بمشكلة..
كنت جالسة أمام والدي أعبث بكوب قهوة هو صنعه لي, لكنني لا أحب القهوة , لقد تغير مزاجي لها
قلت و أنا أحدق بـ أبي الذي يمسك بكتاب ما : هل.. كل شيء على ما يرام ؟!
~ كنت أقصد على ما يرام بينه و بين أمي.. !~
نظر نحوي والدي ثم اعتدل و أخفض كتابه . قال بهدوء : غريب, لكنني أشعر بأنك توجهين هذا السؤال لنفسك ؟!
ظللت أنظر نحوه بصمت , فقال متسائلاً : أين ذهب صديقك آرثر ؟!.
بهتت ألتماع عيناي و أظلم الجو فجأة في عقلي , فقلت بصوت لا يسمع : آر...
لم أقدر على نطق اسمه , فاغرقت عيناي بالدموع.. قلت و أنا التفت بعيدا :
_ لقد غادر الى بلده.. هو ليس بذلك الصديق المقرب !
كأن سؤاله أيقظ عقلي المظلم.. الذي أقفل و أبى أن يدخل أحداً بعد مغادرته , ذلك الشخص
الذي عذبني طويلا..
قلت و أنا أنهض : أريد أن أنام عند أمي قليلا..
كنت أتهرب منه فوالدي يسأل كثيراً , و أمي لا تعرف ذلك الشخص"آرثر" فلن تسألني عنه..
نهض والدي خلفي وهو يقول بيأس و حزن : فلـور.. أرجوك.. حديثيني..!
ضربت باب غرفتي من خلفي و أنا أضع رأسي على الوسادة التي بللتها ببكائي طويلا..
و ها قد بدأت مجددا , تسيل الدموع بصمت , كان الشهقات بالبداية موجودة .. الآن الصمت
هو أيضا يساهم بقتلي شيئا فشيئا من الداخل..
في اليوم التالي , حاولت , أعني حاول والدي أن يفتح الموضوع مجدداً لكن بشكل أكثر لطفاً
كنا بالمطبخ , فقال لي متبسما _لكنني أعلم بأنه حزين_ : هذا شراب كاكاو دافئ..فالجو بدأ يبرد..
تبسمت بصعوبة في وجهه و أنا أخذ الكوب قلت له : آسفة أبي..
قال وهو يرفع حاجبيه : على خروجك ليلة أمس الى الحديقة و أنتِ نائمة !!
حدقت به و قلت بتوتر : خـ.. هل خرجت ..أمس..
_ كانت السماء تمطر.. بالكاد لحقت بك.. لكن حمدا لله لم تبتعدي كثيراً أو تصابي بمكروه..!
تنهدت بحزن ~ حالتي تزداد سوءا.. ~
قال والدي مخففا عني وهو يجلس أمامي : لا بأس عليك لقد غيرت قفل الباب و سأحتفظ به معي..
ثم أكمل متبسما : أخشى أن تأتيني إلي نائمة و تسحبينه من جيبي .. !
فتبسمت له و قلت و أنا أرتشف قليلا من الكاكاو : سأحرص على نفسي أيضا..
_ فلور.. يابنتي أسمعي , أن أردت الحديث بأي شيء فأنا منصت عزيزتي, حتى لو كنت في عملي اتصلي بي فقط سأتركه لأجلك , لأنك أهم شيء في حياتي الآن ..
قلت بغباء أو كان هذا تأثير الكاكاو : و ماذا عن أمي..؟!
حدق بي أبي قليلا متعجبا , فقرب إلي صحن من البسكويت و قال وهو يرتب على ظهري و ينهض
_ كلي هذا أيضا...
قلت بنفسي و أنا أراه يخرج بسرعة من المطبخ ~ الآن من هو الذي يتهرب من الحديث !!! ~
اشتقت لأمي بالفعل , فاتصلت بأبي و قلت له بأنني سأذهب لزيارتها.. حتى لا يقلق علي..
عندما قدمت إليها فرحت بي كثيراً , و أصرت أن أنام عندها عدة أيام فهي متعبة قليلا أيضا.
.. أخبرت أبي بهذا أيضا..
لا أعلم لكن كل الأيام التي أمضيتها بمنزل أمي الصغير كانت لياليها ملئيه بالكوابيس..
و الجو بدأ يسوء و السماء تمطر بقوة.. شعرت بأنني في ضيق شديد .. و مختنقة بشدة..
أفقت فزعة أيضا لكنني لم أصرخ بسبب ضوء الرعد القوي..!

ضربت جرس الباب عدة مرات كثيرة.. سمعت صوت خطوات والدي في الداخل...
ففتح الباب بسرعة و قلق.. صدم وهو يحدق بي.. كنت أقف مبللة بالكامل بالمطر..
و شعري على وجهي , أراهن على أن والدي فزع مني..
كانت عيناه متسعتان . فجذبني بسرعة إلى الداخل وهو يلفني بمعطفه المعلق قرب الباب..
أجلسني على الأريكة و كان يتكلم بسرعة.. لكنني لم استطع فهمة..!!
جلب بطانية و لفها حولي ثم صنع سريعا شرابا دافئا و أعطاني إياه..
جلس بجانبي وهو يحطني بذراعه , قال بقلق : فلور.. أخبريني يا بنتي.. ما بك؟! لم أتيت هنا في هذا الوقت المتأخر..؟! هل أنتِ بخير؟! انطقي أرجوك..
قلت له بتعب : أنا بخير , لكنني اشتقت إليك..
_ ألم تقدري على الانتظار الى الصباح .. حسنا , كان عليك الاتصال بي.. مالذي جرى لك هل فقدت عقلك..؟!
حدقت بالفراغ قليلا ثم قلت بهمس : آسفة..
~ لقد كنت أنانية , الجميع قلق علي.. لكنني لا أقدر , صدقوني بعد ذهابه.. لم أعد أريد شيئا بهذه الحياة , حتى أنني لا أقدر على الشرح أو قول إي شيء.. سوف اختنق مجدداً و لا أعرف متى سأهدأ قليلا..!
ربما الموت سيكون رحيما أكثر بي منه "آرثر". . ~
_ فلور .. آه يا ألهي .. فلور..
حدقت بـ والدي متعجبه قلت : ماذا ؟!.
نهض وهو يقول بغضب : هذه الحالة لا يسكت عنها.. سأكلم والدتك , أبقي هنا.. أقسم بأنك كنت تسيرين و أنتِ نائمة..!!
حدقت بأبي وهو يتحدث بالهاتف و يحك شعره كان ظريفا بملابسه البيضاء هذه و قميصه نصف مفتوح
فكرت ليت أمي تراه , ستجن.. ~ لكن عبوسا محا ابتسامتي لأفكر بنفسي البائسة
دمعت عيناي , لقد سرق آرثر روحي و هرب بها. .
بعد أسبوع كامل..~
خرجت من غرفتي و للتو أفقت من نوم غير مريح البتة , كان حلما آخر بشعا لكنه.. أكثر أزعجاً لقد تحركت كثيرا حتى سقطت من السرير.. ركزت و أنا أسمع أصواتهما العالية .. أمي و أبي..!!!
بقيت فوق السلالم أحدق فيهما.. كانا يقفان متواجهين.. ربما أتيت بمنتصف الحديث
قال أبي : ...فلور تهذي و قد خرجت من المنزل عدة مرات وهي نائمة..
قالت أمي بغضب أكثر من أنها قلقة : حقا ؟! , ألم تلحظ بأنها منذ مكوثها معك وهي بحالة يرثى لها..
قاطعها والدي : هذا غير صحيح , دائما تريد الذهاب إليك و أنا لم أمنعها قط أو أجبرها على شيء..
_لا تزال صغيرة في السن وقد انهارت هكذا.. عليك فعل شيء..!!
_ لا استطيع فهمها تماماً , حاولت الحديث معها لكن.. أنني أريدك أن تكلميها أنتِ ثانية..!
قالت أمي بوجهه بغضب : أن بالتأكيد تمازحني , لقد اختارت العيش معك .كان عليك أن تكون لينا أكثر معها أنتِ جاف بالتعامل ..
بدا والدي يائسا و هو يمسح على وجهه قال : هالي , أرجوك فلور تحتاجك أيضا , اقترح بأن تأخذيها الى باريس معك فأنت تنوين العودة..
اتسعت عيناي مما يقولان , أنمها بالأحرى يتشاجران .... بسببي ×× ~
ركضت سريعا على السلم و قلت بغضب و أنا أقف بينهما : توقفا كلاكما , أنا لا أريد العيش مع أحدكما و ترك الآخر , ثم ما حدث لي ليس بسبب أبي , أن عدتما لبعضكما ربما لو....
قاطعتني أمي قائلة بتعجب و استنكار : فلور! , بماذا تهذين ؟! هل ارتفعت حرارتك بسبب أهمال والدك.!!
قال والدي محتجاً : مالذي تقولينه , الفتاة سمعتنا , ستتفهم الأمر و...
صرخت بهما : هذا يكفيني , أنا لم يعد لدي روح أو حتى عقل يستوعب كل ما يحدث .. أرجوكما و في يوم ذكرى زواجكما تفعلان بي هذا أيضا.. أنني أكرهكما جميعا و أكره نفسي و أكره ذلك ال.. ال.. لا استطيع حتى نطق اسمه.. سأخرج من هنا و أعود لشقتي و وحدتي ><...
خرجت دون وعي أبداً و دموعي تتطاير .. كانت السماء تمطر و بسبب الغيوم الجو مظلم قليلاً..
ركضت أقطع الشارع و المياة تتطاير حولي و فوقي فجأة أتى صوت قوي.. و ضوء أقوى..
~ طوووط ~!!!
اتسعت عيناي بشدة و حدقتي تصغران لأرى شاحنة ضخمة قوية أمام وجهي ..
شعرت بضربة لا يمكنني تخيل ألمها على جسدي و وجهي , حتى أنني سمعت صوت تحطم ضلوعي..!
طرت مسافة كبيرة ليرتطم جسدي بالأرض و الدماء ترشق المكان كالسيول..
كنت أشهق و أشهق بدم يتدفق من فمي و جسدي و رأسي و كانت الدنيا كلها حمراء..
و ألم فضيع بكل مكان.. رفعت ذراعي قليلا لأراها لأنني فقدت الأحساس بها.. فرأيت شيئا أبكاني فوق ألمي
لقد فقدت يدي ,كانت شبة مقطوعة و العظم قد خرج منها , يدي اليمنى !!!
كنت أودع آخر اللحظات , و كأنني رأيت صورة آرثــر ذات الملامح الشفيقة علي يوم أصاباتي..
لكنني هذا كان يومي الأخير..
لم أرى شيئا سوى وجهه و عيناه الحزينتان , هل تراني الآن ؟؟! هل أنت مسرور لم تسببت به..؟!
والدي يبتعدان أكثر و أكثر عن بعضهما و عني , و أنا ذهبت بطريق و روحي تريد الخروج الآن..
لقد تخليت عني , و آخر كلامك كان , ستكونين بخير أكثر هنا ~
آرثـر أنا أكرهك , لو كنت معي في هذه اللحظة , لحظيت بمسامحتي قبل خروجي من هذا العالم نهائياً
أمي و أبي سامحانني .. فقط تذكرانني و أبكيا على قبري قليلا و أجلبا زهور صغيرة لأنني أحب الآزهار
أم أنت يا آرثـر فلا أريد رؤيتك حتى عند قبري هذا أن اهتممت و قدمت الى هنا متسائلا عني..
لقد أحببت , و أخبرك بهذا , لكنك أحمق .. و أنا حمقاء
سأموت بألم و قد ظننت بأن الموت سريع و غير مؤلم , لكنه بطيء و معذب جداً .. ~
:

:
لماذا لماذا طريقنا طويل مليء بالاشواك
لماذا بين يدي ويديك سرب من الاسلاك
لماذا حين اكون انا هنا تكون انت هناك.
لو كان لي قلبان لعشت بواحد وابقيت قلبا
يتعذب في هواك ...
: