شعر أبي بكر فيها
قال ابن إسحاق فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في غزوة عبيدة بن الحارث قال ابن هشام : وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر هذه القصيدة لأبي بكر رضي الله عنه
أمن طيف سلمى بالبطاح الدمائث
أرقت وأمر في العشيرة حادث
ترى من لؤي فرقة لا يصدها
عن الكفر تذكير ولا بعث باعث
رسول أتاهم صادق فتكذبوا
عليه وقالوا : لست فينا بماكث
إذا ما دعوناهم إلى الحق أدبروا
وهروا هرير المحجرات اللواهث
فكم قد متتنا فيهم بقرابة
وترك التقى شيء لهم غير كارث
فإن يرجعوا عن كفرهم وعقوقهم
فما طيبات الحل مثل الخبائث
لأن يركبوا طغيانهم وضلالهم
فليس عذاب الله عنهم بلابث
ونحن أناس من ذؤابة غالب
لنا العز منها في الفروع الأثائث
فأولي برب الراقصات عشية
حراجيج تخدي في الريح الرثائث
كأدم ظباء حول مكة عكف
يردن حياض البئر ذات التبائث
لئن لم يفيقوا عاجلا من ضلالهم
ولست إذا آليت قولا بحانث
لتبتدرنهم غارة ذات مصدق
تحرم أطهار النساء الطوامث
تغادر قتلى تعصب الطير حولهم
ولا ترأف الكفار رأف ابن حارث
فأبلغ بني سهم لديك رسالة
وكل كفور يبتغي الشر باحث
فإن تشعثوا عرضي على سوء رأيكم
فإني من أعراضكم غير شاعث
فأجابه عبد الله بن الزبعرى السهمي فقال
أمن رسم دار أقفرت بالعثاعث
بكيت بعين دمعها غير لابث
ومن عجب الأيام والدهر كله
له عجب من سابقات وحادث
لجيش أتانا ذي عرام يقوده
عبيدة يدعى في الهياج ابن حارث
لنترك أصناما بمكة عكفا
مواريث موروث كريم لوارث
فلما لقيناهم بسمر ردينة
وجرد عتاق في العجاج لواهث
وبيض كأن الملح فوق متونها
بأيدي كماة كالليوث العوائث
نقيم بها إصعار من كان مائلا
ونشفي الدخول عاجلا غير لابث
فكفوا على خوف شديد وهيبة
وأعجبهم أمر لهم أمر رائث
ولو أنهم لم يفعلوا ناح نسوة
أيامى لهم من بين نسء وطامث
وقد غودرت قتلى يخبر عنهم
حفي بهم أو غافل غير باحث
فأبلغ أبا بكر لديك رسالة
فما أنت عن أغراض فهر بماكث
ولما تجب مني يمين غليظة
تجدد حربا حلفة غير حانث
قال ابن هشام تركنا معها بيتا واحدا ، وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر هذه القصيدة لابن الزبعرى .
شعر ابن أبي وقاص في رميته
قال ابن إسحاق : وقال سعد بن أبي وقاص في رميته تلك فيما يذكرون
ألا هل أتى رسول الله أني
حميت صحابتي بصدور نبلي
أذود بها أوائلهم ذيادا
بكل حزونة وبكل سهل
فما يعتد رام في عدو
بسهم يا رسول الله قبلي
وذلك أن دينك دين صدق
وذو حق أتيت به وعدل
ينجي المؤمنون به ويجزى
به الكفار عند مقام مهل
فمهلا قد غويت فلا تعبني
غوي الحي ويحك يا بن جهل
قال ابن هشام : وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها لسعد .
أول راية في الإسلام كانت لعبيدة
قال ابن إسحاق : فكانت راية عبيدة بن الحارث - فيما بلغني - أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام لأحد من المسلمين . وبعض العلماء يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه حين أقبل من غزوة الأبواء ، قبل أن يصل إلى
المدينة .
شرح القصيدة المنسوبة
إلى أبي بكر وقصيدة ابن الزبعرى وأبي جهل
فصل
وذكر ابن إسحاق القصيدة التي تعزى إلى أبي بكر ونقيضتها لابن الزبعرى ، والزبعرى في اللغة السيئ الخلق يقال رجل زبعرى ، وامرأة زبعراة والزبعرى أيضا البعير الأزب الكثير شعر الأذنين مع قصر قاله الزبير . وفي هذا الشعر أو الذي بعده ذكر الدبة وهو الكثيب من الرمل وأما الدبة بضم الدال فإنه يقال جرى فلان على دبة فلان أي على سنته وطريقته والدبة أيضا ظرف للزيت قال الراجز
ليك بالعنف عفاص الدبة
والدبة بكسر الدال هيئة الدبيب وليس فيها ما يشكل معناه .
وقوله . . . تحدي في السريح الرثائث
السريح شبه النعل تلبسه أخفاف الإبل يريد أن هذه الإبل الحراجيج وهي الطوال تحدي أي تسرع في سريح قد رث من طول السير قال الشاعر
دومى الأيد يحبطن السريحا
وذكر
العثاعث ، واحدها : عثعث وهو من أكرم منابت العشب قاله أبو حنيفة ، وفي العين العثعث ظهر الكثيب الذي لا نبات فيه .
وذكر ابن هشام أن قوما من أهل العلم بالشعر أنكروا أن تكون هذه القصيدة لأبي بكر ويشهد لصحة من أنكر له ما روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت
كذب من أخبركم أن أبا بكر قال بيت شعر في الإسلام
رواه محمد البخاري عن أبي المتوكل عن عبد الرزاق .
وقول ابن الزبعرى : بين نسء وطامث والنسء حمل المرأة في أوله والطامث معروف يقال نسئت المرأة [ نسأ ] إذا تأخر حيضها من أجل الحمل . من كتاب العين .
وقول أبي بكر رأب ابن حارث . يعني : عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب .