الموضوع: مفاتيح الفرج
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-14-2011, 04:10 PM
 
rفضيلة الدعاء

فضيلة الدعاء
رغَّب الله عباده في السؤال والدعاء فقال وقال ربكم ادعونى استجب لكم)( 60غافر)
فأطمع المطيع ، والعاصي ، والداني ، والقاصي ... في الإنبساط إلى حضرة جلاله ، برفع الحاجات والأماني ، بقوله 186البقرة:فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[
وقوله تعالى فى55الأعراف (:ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ )
وفي الحقيقة ، ليس بعد تلاوة كتاب الله عز وجل عبادة تُؤَدَّى باللسان أفضل من ذكر الله تعالى ، ورفع الحاجات بالأدعية الخالصة إلى الله تعالى ، ولذلك روى أصحاب السنن والحاكم والترمذي عن النعمان بن البشير رضي الله عنه أن النبي r قال :
إِنَّ الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةِ ، ثم قرأ ادعونى استجب لكم [
وروى الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله قال :لَيْسَ شَئٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ عز وجل مِنِ الْدُّعَاءِ ، و أيضا :مَنْ لَمْ يَسْألِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيهِ ، و أيضا :
مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ الله لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ والكُرَبِ ؛ فَلْيُكْثِرِ الْدُّعَاءِ فِي الْرَّخَاءِ
الدُّعَاءُ سِـلاحُ المُؤْمِنِ ، وعِمَـادُ الدِّينِ ، وَنـُورُ السَّــماواتِ وأَلارْضِ ، وفى الحديث الآخر :إِنَّ الْعَبْدَ لا يُخْطِئِهُ مِنَ الْدُّعَاءِ إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّـــلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا .
سَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ ؛ فَإِنَّ الله عز وجل يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ ، وَأَفْضَلُ العِبَادَةِ انْتِظَارُ الفَرَجِ
إِنَّ رَبَّكُمْ حَيٌِّ كَرِيمٌ، يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى الْسَّمَاءِ ؛ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَا
وفي الحديث القدسي ( فى سنن الترمذى ) عن أنسر رضى الله عنه
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ، وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ، وعنه أيضا فى صحيح ابن حبان أنه قال :.
لا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ
لاَ يَرُدُّ الْقَضَــاءَ إِلاَّ الدُّعَــاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُــرِ إِلاَّ الْبِـرُّ ، وعن ابن عمر قال : قال صلى الله عليه وسلم:مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَمَا سُئِلَ اللَّهُ شَيْئَاً أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَافِيَةَ، إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ ، وفى رواية : فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الإِجَابَة ، وفي أخرى : أَبْوَابُ الْجَنَّةِ
وفى الحديث الآخر :
منْ نَزَلَتْ بِهِ فَـاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ ؛ لَمْ تُسَدّْ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ، فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ، و أيضــا قال عليه أفضل الصلاة والسلام :مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ
وعن عَائِشَةَ رضى الله عنها فى مسند الشهاب ومجمع الزوائد ، قالت :
قَالَ النَّبِيُّ. : لاَ يُغْنِي حَـذَرٌ مِنْ قَـدَرٍ ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ ، وَإِنَّ الْدُّعَاءَ لَيَلْقى الْبَلاَءَ فَيَعْتَلِجَانِ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وفى الحديث الآخر :قال: صلى الله عليه وسلم
دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بالصَّدَقَةِ ، وحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بالزكاةِ ، وأَعِــدُّوا للبــلاءِ الدُّعَــاءَ
وروى ابن عساكر عن كعب رضى الله عنه فى جامع الأحاديث والمراسيل :
قالَ النَّبِيُّ. صلى الله عليه وسلم: أَوْحَى اللَّهُ تَعَالى إِلى دَاوُدَ : مَا مِنْ عَبْــدٍ يَعْتَصِمُ بي دُونَ خَلْقِي ، أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ ؛ فَتَكِيدُهُ السَّموَّاتُ بِمَنْ فِيهَا ؛ إِلاَّ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ ذلِكَ مَخْرَجَاً ، وَمَا مِنْ عَبْــدٍ يَعْتَصِمُ بِمَخْلُوقٍ دُونِي ، أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ ؛ إِلاَّ قَطَعْتُ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَرْسَخْتُ الْهَوِيَّ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ ، وَمَا مِنْ عَبْــدٍ يُطِيعُنِي ؛ إِلاَّ وَأَنَا مُعْطِـيهِ قَبْلَ أَنْ يَسْـأَلَنِي ، وَمُسْـتَجِيبٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْعُـوَنِي ، وَغَـافِرٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَنِي
وعن حُذَيْفَةَ رضى الله عنه.: لَيَـأَتِيَنَّ عَلى النَّـاسِ زَمَـانٌ ؛ لاَ يَنْجُـوَ فِيـهِ إِلاَّ مَنْ دَعَـا بِدُعَــاءٍ كَدُعَـاءِ الْغَرَقِ
وعن عائشة رضى الله عنها فى مسند الشهاب والدرر المنتثرة ، قالت :قال رسول الله : إِنَّ الله يُحِبُّ المُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ.
وعن أنس رضي الله عنه فيما رواه الطبرانى ، قال : قال؛ صلى الله عليه وسلم
افْعَلُوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ ، وتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ الله ، فِانَّ لله نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وسَلُوا الله أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ
كما روى الحاكم فى المستدرك ، عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأنه قال :يَدْعُو الله بِالْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقيامَةِ حتّى يُوقِفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقولُ : عَبْدي إِنّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعوني وَوَعَدْتُكَ أَنْ أَسْتَجيبَ لَكَ ، فَهَلْ كُنْتَ تَدْعُوني ، فَيقولُ: نَعَمْ يا رَبّ ، فَيَقُولُ : أَما إِنَّكَ لَمْ تَدْعُني بِدَعْوَةٍ إلا اسْتُجِيبَ لَكَ ، فَهَلْ لَيْسَ دَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ ؛ فَفَرَّجْتُ عَنْكَ ، فَيَقولُ : نَعَـمْ يا ربّ ، فَيقولُ : فَإِنّي عَجَّلْتُها لَكَ في الدُّنْيا ، وَدَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ ؛ فَلَمْ تَرَ فَرَجاً ، قالَ : نَعَمْ يا ربّ ، فَيقولُ: إِنّي ادَّخَرْتُ لَكَ بِها في الْجَنَّةِ كَذا وَكَذا، قال رسول الله : فَلا يَدَعُ الله دَعْوَةً دَعَا بِهَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ إِلا بَيَّـنَ لَهُ ؛ إِمَّا أَنْ يَكونَ عَجَّلَ لَهُ في الدّنْيا ، وَإِمَّا أَنْ يَكونَ ادَّخَرَ لَهُ في الآخِرَةِ.، قَال : فَيَقُول الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ : يَا ليْتَهُ لَمْ يَكُنْ عُجِّــلَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْدُّنْيَــا مِنْ دُعَـائِهِ

آدَابُ الْدُّعَاء
وهي التي بالوقوف عليها ، والعمل بها ، يُرزق العبد الإجابة من الله عز وجل، وقد أشار إلى بعضها اح الصالحين ، حين سأله رجلٌ قائلاً : قال الله عز وجل : ادعونى استجب لكم ، فمــا بالنا ندعو فلا يستجاب لنا !! ؟؟؟؟فقال الرجل من أجل خمسة أشياء :
- عرفتم الله فلم تؤدُّوا حقه .- وقرأتم القرآن فلم تعملوا به .- وقلتم : نحبُّ الرسول ، وتركتم سنَّته .- وقلتم : نلعن إبليس ، وأطعتموه .- والخامسة : تركتم عيوبكم ، وأخذتم في عيوب الناس .
ونجمل هذه الآداب باختصار شديد فيما يلي :
تجنُّب الحرام في المأكل ، والمشرب ، والملبس ، والكسب ، لقوله عليه أفضل الصلاة و أتُّم السلام يدعو الرجل ) يَـمُدُّ يَدَيْهِ إلـى السماءِ يا ربِّ يا ربِّ ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، ومَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وقَدْ غُذِِّيَ بالـحَرَامِ ، فأَنَّى يُسْتَـجَابُ لَهُ
{ راجع الحديث بالحاشية لتمام الفائدة
الإخلاص لله تعالى ، وتقديم عمل صالح ، ويذكره عند الشدَّة كما فعل أصحاب الغار الثلاثة الذين ذكرهم النبي ، ولقوله تعالى انما يتقبل الله من المتقين)(27) المائدة.
التنظُّف ، والتطهُّر ، والوضوء ، واستقبال القبلة ، وتقديم صلاة الحاجة إن أمكن .
يستحسن الجثو على الركب عند الدعاء ، والثناء على الله تعالى أولاً وآخراً ، والصلاة على النبي r كذلك ، وبسط اليدين ، ورفعهما بحذاء المنكبين ، وعدم رفع البصر إلي السماء .
أن يسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى ، وصفاته العليا .أن يتجنَّب السجع وتكلُّفه ، وأن لا يتكلَّف التغنِّي بالأنغام ..خفض الصوت ، والتأدُّب ، والخشوع ، والتمسكن ، مع الخضوع ، والإقرار بالذنب .أن يتخيَّر الجوامع من الدُّعــاء ، وخاصة الأدعيــة الصحيحة الواردة عن النبي. صلى الله عليه وسلم
أن يبدأ بالدُّعاء لنفسه ،وأن يدعو لوالديه ، وإخوانه المؤمنين ، وأن لا يخصَّ نفسه بالدعاء إن كان إماماً .أن يسأل بعزم ، ويدعو برغبة ، ويكرر الدُّعاء ، ويلحَّ فيه .
أن لا يدعو بإثم، ولا قطيعة رحم، وأن لا يدعو بأمر قد فُرِغَ منه، وأن لا يعتدي في الدعاء بمستحيل، أو ما في معناه، وأن لا يتحجَّر ، وأن يسأل حاجته كلها .
أن لا يستبطئ الإجابة ، أو يقول : دعوت فلم يستجب لي .
أن يمسح وجهه بيديه بعد فراغه ، وأن يؤمِّن الداعي والمستمع.
أوْقَاتُ الإِجَـابَة
وقد حصر الأئمة الكرام ، الأوقات التي يتأكد فيها إجابـة الدعاء على ما ورد في الأحاديث الصحيحة فيما يلي :
ليلة القدر ، ويوم عرفة ، وليلة الجمعة ويومها ، ونصف الليل الثاني ، وثلثى الليل الأول والآخر ، وجوف الليل ، ووقت السحر ، وساعة الجمعة : وهي في أصح الأقوال ما بين أن يجلس الإمام في الخطبة إلي أن تقضى الصلاة ، وشهر رمضان: وخاصة عند الإفطار لقوله
( الصَّائِمُ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُ )
وكذلك بيَّنت الأحاديث الشريفة الأحوال التي يُرْجَى فيها إجابة الدَّعاء ، وهي :
عند النداء بالصلاة ، وبين الآذان والإقامة ، وعند إقامة الصلاة ، وعند الحيعلتين (أى حىَّ على الصلاة و حىَّ على الفلاح اللتان بالآذان ) لمن نزل به كرب أو شدَّة ، وعند التحام الصف في سبيل الله ، ودبر الصلوات المكتوبات ، وفي السجود ، وعقيب تلاوة القرآن ولا سيما الختم .... لما رواه الإمام السيوطي في جامعه الكبير : ( أن العبد إذا ختم القرآن صلَّى عليه عند ختمه ستون ألف مَلَك ) ، وفي رواية الأذكار للنووي : ( أمَّن على دعائه أربعة آلاف ملك ) ، وعند صياح الدِّيكة ، وعند اجتماع المسلمين ، وفي مجالس الذكر ، وعند قول الإمام ]ولا الضالين [ ، وعند تغميض الْمَيِّت ، ، وعند نزول الغيث ، وعند رؤية الكعبة .
وهذا للعبد الذي لا يستطيع جمع قلبه على الدوام مع الله عز وجل ، أما العبد الذي رزقه الله عز وجل الإخلاص ، ووفقه لتصفية القلب ، وتنقيته من الأغيار ، فأصبح همه مجموعاً على مولاه ، فهذا عبد يستجيب الله عز وجل له في أي وقت يدعو ، ومن ذلك ما روى عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال :
{{ ما احتجت إلى شئ إلا قلت : يا رب ، عبدك يحتاج إلى كذا ، فما استتم هذا الكلام؛ إلا وهذا الشئ بجواري }}.
أمَاكِنُ الإِسْتِجَابَة
وهي المواضع الشريفة ، وقد جمع الإمام الحسن البصري أماكن الإجابة في مكة المكرمة فقال :
{{ إن الدعاء هناك مستجاب في خمسة عشر موضعاً : في الطواف ، والملتزم ، وتحت الميزاب ، وفي البيت ، وعند زمزم ، وعلى الصفا والمروة ، وفي السعي ، وخلف المقام ، وفي عرفات ، وفي المزدلفة ، وفي منى ، وعند الجمرات الثلاث }}.
ويضاف إلى ذلك :
الروضة الشريفة ، وعند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الإمام الجزري :
{{ وإن لم يجب الدعاء عند النبي. صلى الله عليه وسلم ففي أي موضع ؟
وكذلك عند قبور الأنبياء والصالحين ، لما ورد في رواية الإسراء والمعراج المذكورة في الصحيحين عن أنس أن سيدنا جبريل قال له. r:
انْزِلْ فَصَلِّ ، فَفَعَلْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتُ بِطَيْبَةَ وَإلَيْهَا الْمُهَاجَرُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ، فَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتَ بِطُورِ سَيْنَاءَ حَيْثُ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ، فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتَ بِبَـيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ
والصلاة هنا هي الدعاء ، وفي هذا يقول احد الصالحين رضي الله عنه
{{ ومن هذا نأخذ أن الأماكن تبارك بما يلامسها، وأن الدعاء يقبل في الأماكن المباركة ، وأنه من السنَّة أن الإنسان إذا زار قبر نبيٍّ أو وليٍّ يصلِّي فيه - أي يدعو الله تعالى - معتقداً أن تلك الأماكن يستجيب فيها الدعاء }}
ومما يزيدنا يقيناً في هذا الأمر ؛ ما حكاه الله عز وجل ، عن عبده ونبيه زكريا .... حيث يقول :
] كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }[ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ 39-37آل عمران
أَهْلُ الإِطْلاقِ وَأَهْلُ الْتَّـقْييد
يصنِّف العارفون حال أهل الإيمان عند الدعاء إلى فريقين :
فريق ينشط للعبادة عند المقتضيات من مكان أو زمان : ... فتراه يشهد في مكان خاص مشهداً يشوِّقه إلى الدعاء والابتهال والتقرب بنوافل البِّر.( كالكعبة والمسجد النبوي الشريف ، وبيت المقدس ، ومقابر الصالحين من الأنبياء والصديقين ، والأولياء المقرَّبين ) ، ويشهد في مكان آخر مشهداً ينسيه التقرَّب ، ويسلِّيه عن التودد ؛ وذلك مثل الأسواق ، ومجالس اللهو ، ومجامع الغفلة .
ويكون ذلك التقيد بالأزمنة أيضاً : ... فترى النشاط والهمة يقويان على عمل البر والقربات في شهر رمضان ، والليالي المرجوِّ فيها الخير ، فإذا انصرفت تلك الأوقات ، وانقضت تلك اللحظات ، فترت الهمَّة ، وكلَّت تلك العزيمة ، وذلك لأن العمل مقيد بدائرة الفكر ، وهو مقهور بحيطته التي تحيط بها من زمان ومكان .
أما الفريق الثانى فهم أهل الإطلاق ، أو أهل المشاهدات ، الذين ترقُّوا عن التكلِّف والاستحضار ، فإنهم وقعت بهم عين اليقين بكمال التسليم ؛ على نور الحق المجلوِّ في الخلق ، وسرِّ القيومية التي قامت بها العوالم ؛ فوقع بهم العلم على حقيقة الأسماء ؛ فاطمأنت بها القلوب .... فتمكنت الخشية من أفئدتهم ، والخوف من قلوبهم ، فهم مع الله لا يغيب عنهم في كل زمان وفي كل مكان، لا يخصصون مكاناً بعمل دون مكان ، ولا زماناً بعمل دون زمان ، إلا ما خصصه به ربهم، وأوجبه فيه خالقهم .
ولذلك ترى عزائمهم في جدٍّ ، وهَّمتهم في نشاط ، لأن الأمكنة والأزمنة غير مقصودة لهم ، ولا معظَّمة في قلوبهم ، وإنما المقصود ربُّهم والمعظَّم أمره وحكمه ، فإذا خرجوا من الزمان المخصوص بحكم ما ، والمكان المخصوص بأمر ما؛ كانوا مع الله بلا كون ، لأنه كان ولا كون .
وهؤلاء هم أهل الميراث المحمَّدي الذين لا تحجبهم الآيات ، ولا تبعدهم الكائنات ، فنَّزهوا ربَّهم سبحانه وتعالى عن أن يعظِّموا غيره أو ينشطوا له في وقت دون وقت ، أو مكان دون مكان إلا بما أمر وحكم ، فلا يكون التعظِّيم للمكان ؛ إنما يكون للحاكم الآمر سبحانه وتعالى .
وإن كان الواجب على أهل هذا المقام ؛ أن يسيروا مع أهل مقام التقييد بما يناسبهم .... تنشيطاً لهم ، وإعلاءاً لعزائمهم ؛ حتى لا يفوتهم الفضل في كل زمان ومكان ، فربَّ نشاط بمكان خاص أيقظ القلب فقرب ، وربَّ ذكر مع سهو عن المذكور ، ونسيان لمكانته ، اشتدَّ فأنسى الذاكر عن شئون نفسه ، وقذف به إلى مرابض أنسه ، وإنما المذموم ... غفلة القلب واللسان ، واحتجاب الجسد والجنان .
مُسْتَجَابُو الْدُّعَاء
وأما الذين تتحقق الإجابة من الله عز وجل لهم ، فهم :
المضطر ، والمظلوم وإن كان فاجراً أو كافراً ، والوالدان لأبنائهم ، والإمام العادل ، والرجل الصالح ، والولد البار بوالديه ، والمسافر ، والصائم حتى يفطر ، والمسلم لأخيه بظهر الغيب ؛ ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم ، أو يقول : دعوت فلم يستجب لي ، قَالَ النَّبِيُّ. :.
 إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنَ النَّارِ وَإِنَّ لِكُل مُسْلِمٍ فِي كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً ، و قال :
 أَرْبَعُ دَعَواتٍ لاَ تُرَدُّ: دَعْوَةُ الْحَاج حَتَّى يَرْجِعَ ، وَدَعْوَةَ الْغَازِي حَتَّى يَصْدُر َ، وَدَعْوَةُ الْمَرِيضِ حَتَّى يَبْرَأَ ، وَدَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْب ِ، وَأَسْرَعُ هٰؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ إِجَابَةً ؛ دَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ
بَاعِثُ الإِجَـابَة
إن الأصل الأول في إجابة الدعاء : .... هو التزام الداعي بالأدب الباطن الواجب عليه ملاحظته مع الله ، ويكون ذلك بالتوبة ، وردِّ المظالم ، والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمَّة .
فقد روى الإمام الغزالي في الإحياء عن كعب الأحبار أنه قال :
أصاب الناس قحط شديد على عهد موسى رسول الله عليه السلام ، فخرج موسى ببني إسرائيل يستسقى بهم ، فلم يُسْقَوْ ، حتى خرج ثلاث مرات ولم يُسْقَوْ ، فأوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام : أني لا أستجيب لك ولا لمن معك وفيكم نمَّام ، فقال موسى : يا ربِّ ومن هو حتى نخرجه من بيننا ؟ ، فأوحى الله عز وجل إليه : يا موسى أنهاكم عن النميمة وأكون نمَّاماً !، فقال موسى لبني إسرائيل : توبوا إلى ربِّكم أجمعكم عن النميمة ؛ فتابوا ، فأرسل الله تعالى عليهم الغيث .
وقال سفيان الثوري :
بلغني أن بني إسرائيل قحطوا سبع سنين حتى أكلوا الميتة مـن
المزابل ، وأكلوا الأطفال ، وكانوا كذلك يخرجون إلى الجبال يبكون ويتضرعون ، فأوحى الله عز وجل إلى أنبيائهم عليهم السلام : لو مشيتم إليّ بأقدامكم حتى تحفى ركبكـم ، وتبلغ أيديكـم عنان السماء ، وتكلَّ ألسنتكم عن الدعاء ، فأني لا أجيب لكم داعياً ، ولا أرحم لكم باكياً ، حتى تردوا المظالم إلى أهلها ، ففعلوا فمُطِرُوا من يومهم .
وقال مالك بن دينار :
أصاب الناس في بني إسرائيل قحط ، فخرجوا مراراً فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم : أن أخبرهم أنكم تخرجون إليّ بأبدان نجسة ، وترفعون إليّ أكفَّـاً قد سفكتم بها الدماء ، وملأتم بطونكم من الحرام ، الآن قد اشتدَّ غضبي عليكم ، ولن تزدادوا مني إلا بُعْداً .
وقال أبو الصديق الناجي :
خرج سليمان عليه السلام يستسقى ، فمرَّ بنملة ملقاة على ظهـرها ، رافعة قوائمها إلى السماء ، وهي تقول : اللهم إنَّا خلق من خلقك ، ولا غنى بنا عن رزقك ، فلا تهلكنا بذنوب غيرنا ، فقال سليمان عليه السلام : ارجعوا ! ، فقد سيقتم بدعوة غيركم .
وقال الأوزاعي :
خرج الناس يستسقون ، فقام فيهم بلال بن سعد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر من حضر !. ألستم مقرين بالإساءة ؟ فقالوا : اللهم نعم ، فقال : اللهم إنا قد سمعناك تقول( ما على المحسنين من سبيل التوبة ، وقد أقررنا بالإساءة ، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا ! اللهم فاغفر لنا ، وارحمنـا ، واسقنا ، فرفع يديه ، ورفعوا أيديهم ..... فسقوا .
ورُوِىَ أن عيسى صلوات الله عليه وسلامه ، خرج يستسقي فلمَّا ضجروا ، قال لهم عيسى عليه السلام : من أصاب منكم ذنباً فليرجع ، فرجعوا كلهم ولم يبق معه في المفازة إلا واحد ، فقال له عيسى عليه السلام : أما لك من ذنب ؟ ، فقال : والله ما عملت من شئ ، غير أني كنت ذات يوم أصلِّي ، فمرَّت بي امرأة فنظرت إليها بعيني هذه ، فلمَّا جاوزتني ، أدخلت إصبعي في عيني فانتزعتها ، واتبعت المرأة بها ، فقال له عيسى عليه السلام : فادع الله حتى أؤمِّن على دعائك ، قال : فدعا فتجللت السماء سحابا ً، ثم صبَّت فسقوا .
وقال يحي الغسَّاني :
أصاب الناس قحط على عهد داود عليه السلام ، فاختاروا ثلاثة من علمائهم ، فخرجوا حتى يستسقوا بهم ، فقال أحدهم : اللهمَّ إنك أنزلت في توراتك أن نعفو عمن ظلمنا ، اللهم إنا قد ظلمنا أنفسنا فاعف عنا ، وقال الثاني: اللهم إنك أنزلت في توراتك أن نعتق أرقاءنا ، اللهم إنا أرقاؤك فاعتقنا ، وقال الثالث : اللهم إنك أنزلت في توراتك أن لا نردَّ المساكين إذا وقفوا بأبوابنا ، اللهم إنا مساكينك ، وقفنا ببابك فلا تردَّ دعاءنا ؛ فسقوا .
وقال عطاء السلمي :
منعنا الغيث ؛ فخرجنا نستسقى ، فإذا نحن بسعدون المجنون في المقابر، فنظر إليّ ، فقال : يا عطاء ، أهذا يوم النشـور ، أو بعثـر ما في
القبور؟ ، فقلت : لا، ولكنا منعنا الغيث فخرجنا نستسقى ، فقال : يا عطاء ، بقلوب أرضية ، أم بقلوب سماوية ، فقلت: بل بقلوب سماوية ، فقال: هيهات يا عطاء ، قل للمتبهرجين لا تتبهرجوا ، فإن الناقد بصير ، ثم رمق السماء بطرفه وقال : إلهي وسيدي ومولاي ، لا تهلك بلادك بذنوب عبادك ، ولكن بالسرِّ المكنون من أسمائك ؛ وما وارت الحجب من آلائك ؛ إلا ما سقيتنا ماءاً غدقاً فراتا ً، تحيي به العباد ، وتروي به البلاد ، يا من هو على كل شئ قدير ، قال عطاء : فما استتمَّ الكلام حتى أرعدت السماء وأبرقت، وجاءت بمطر كأفواه القرب ، فولَّى يقول :
أفلح الزاهدونا و العابدونا \ إذ لـمولاهم أجاعوا البطونا
أسهروا الأعين العليلة حبَّا \ فانقضى ليلهم وهم ساهرونا
شغلتهم عبادة الله حتى \ حسب الناس أن فيهم جنونا

وقال ابن المبارك : ... قدمت المدينة في عام شديد القحط .....
فخرج الناس يستسقون ، فخرجت معهم : إذ أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش قد ائتزر بإحداهما وألقى الأخرى على عاتقه ، فجلس إلى جنبي ؛ فسمعته يقول : إلهي أخْلَقَت الوجوهَ عندك كثرةُ الذنوب ومساوي الأعمال وقد حبست عنَّا غيث السماء لتؤدب عبادك بذلك ، فأسألك يا حليماً ذا أناة ، يا من لايعرف عباده منه إلا الجميل ، أن تسقيهم الساعة الساعة ، فلم يزل يقول الساعة الساعة حتى اكتست السماء بالغمام وأقبل المطر من كل جانب .
ويروى أن عمر بن الخطابرضى الله عنه استسقى بالعباس رضى الله عنه ، فلما فرغ عمر من دعاءه ، قال العباس : اللهمَّ إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ، ولم يكشف إلا بتوبة ، وقد توجَّه بالقوم إليك لمكاني من نبيك صلى الله عليه وسلم ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ، ونواصينا بالتوبة ، وأنت الراعي لا تهمل الضالة ، ولا تدع الكسير بدار مضيعة ، فقد ضرع الصغير ، ورقَّ الكبير ، وارتفعت الأصوات بالشكوى ، وأنت تعلم السر وأخفى ، اللهم فأغثهم بغياثك ، قبل أن يقنطوا فيهلكوا ، فأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، فما تَّم كلامه حتى ارتفعت السماء مثل الجبال
.
رد مع اقتباس