عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 12-14-2011, 06:28 PM
 

"فوضوية البداية"

في عام 1534 م , أبحرت تلك السفينة الضخمة على مياه البحر الهائجة كثور أثاره الغضب
العاصفة تشتد قسوتها , البرق يزداد سطوع ضوؤه وكأنه يكاد يخطف أبصار من ينظر إليه
صوت البرق أثار خوف من على متن السفينة فقد بدى كوحش يصرخ بضراوه كأنه يتوعد بالإنتقام
والرياح العاتية كانت تقود السفينة نحو ذلك الإتجاه , كانت تشدها بقوة تجاه ذلك الصوت
الذي ظنه الجميع صوت الريح لا أكثر, لكنهم وأخيراً أيقنوا أنهم كانوا على خطأ
خطأ فادح أوقعهم في مصيبة وخيمة , مصيبة تقودهم نحو الهلاك , نحو رحلة إلى المجهول
نحو ذلك الصوت , الذي بدأ صداه يتجسد في هذا الظلام الدامس الذي أنارت سماءه أضواء
البرق المتقطعة كصوت يختنق وكاد يفقد أنفاسه , ما لبث أن اختفى هذا الضوء
وبدأ الظلام يفرض سيطرته المطلقة على المكان , بعد قليل ظهر هذا الوجه
أو بالأحرى تلك الوجوه الملطخة بالدماء التي تنساب على تلك الأعين الجائعة ....جائعة للإنتقام , وفجأة....
.....................................

- آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآه ...هذا يكفي
حدقت بهم زوج من العيون بلؤم من خلف الكتاب الذي أمسكه واخفى به وجهه
ثم أغلق الكتاب وقام بضبط نظارته الزجاجية لتسطع أشعة الشمس عليها بعد انعكاسها
ابتسم إبتسامة عريضة وهو يقول: لكنني لم أنتهي بعد.
كانت تلك الأعين تحدق في عينيه بذعر وقد بدا عليها الإستسلام
بدأت أجسام هؤلاء الفتية التي قد غطتها الثياب المدرسية ترتجف بقوة
لتمتد أيديهم وتحيط بأجسادهم في محاولة التخفيف من هذا الذعر .
ضحك بسخرية منقطعة النظير وهو يقول : أرجوكم , هل أخافكم هذا الهراء؟
التفت الجميع بمن فيهم قاريء الكتاب نحو ذلك الطالب بالخلف الذي جلس بغرور وأحد ساقيه متربعة على الأخرى
وأسند إحدى يديه على الطاولة أمامه ليستند عليها وجهه, نظر لهم بتلك العينين اللامعة ببريقها العسلي الفاتح نظرة إستصغار
رد أحدهم بالنيابة عن زملائه : ومن طلب منك التدخل ؟
أغمض عينيه بثقة وهو يردد بكل فخر: هه, جان يتدخل فيما يريد بدون إستئذان.
جز على أسنانه بقوة , وازداد ضغط قبضته على الكتاب الذي برز عليه ذلك العنوان (رحلة إلى المجهول)
ثم انفجر كالبركان وهو يقول: دعنا وشأننا إن كانت القصة التي أقصها لا تعجبك فلما لا ترحل.
نظر برهة من الزمن إلى ذلك الفتى ولم يرد عليه , ثم نهض ببطء وهو يهم بالخروج
مما أثار غضب هذا القاص ووصلت مرحلة الغضب لديه في أوجها
وهمّ بالهجوم على جان إلا أن جان كان أسرع منه وأمسك يده
وضغط عليها بقوة وهو ينزلها من مستوى وجهه , بينما كان يردد: لا تعجبك , ليس التعبير المناسب.
ازداد إتساع جفني هذا الطالب بعد أن فاجأته سرعة جان في تفادي ضربته ثم نظر لجان بحقد يفيض من عينيه وهو يقول: ماذا تعني؟
ترك جان يد ذلك الطالب ثم فتح الباب وبينما كان يغلقه ببطء وظهره مقابل لهؤلاء الطلبة
تمتم بصوت خافت : لم ترعبني , هذا هو التعبير المناسب . (ثم أغلق الباب)
.................................................. .....

بدأت الدماء تنساب لتتساقط على السطح وتنتشر في كل إتجاه كوباء ابتليت به هذه البقعة من الأرض
كانت تلك العين الأرجوانية والتي أخفى بريقها ظلام أسود اللون
كانت تنظر وتراقب المشهد والذعر يسيطر عليها
الدماء تغطي ذلك الوجه الصغير , ورائحتها كانت تتطاير
في ذرات الهواء لتبث تلك الرائحة العفنة في كافة الأرجاء
امتلىء المكان بصدى تلك الضحكة الشريرة الجنونية وبدأت خطوات الأقدام تقرع
على الأرض لتدهس بدورها على تلك الدماء من دون أي مبالاة
اقترب ذلك الشبح الأسود تجاه هذا الجسد الصغير الذي جمده الخوف وقد لطخت براءته الدماء الحمراء
ثم انحنى ببطء ليكون وجهه مقابلاً لذلك الطفل الصغير الذي أخفت الدماء معالم وجهه
ابتسم ابتسامة عريضة لتظهر تلك الأنياب الحادة والتي لمعت في تلك الأعين المذعورة

لا يزال هذا الصغير يتأمل هذا الوجه بدون حراك وهو يسمع هذا الوحش يهمس إليه

( ما رأيك بهذا أيها الصغير , أليست الدماء لذيذة)