لما سأله أهل القصيم عن عقيدته
((بسم الله الرحمن الرحيم
أشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأشهدكم:
أني أعتقد ما أعتقدته الفرقة الناجية , أهل السنة والجماعة ,
من الإيمان بالله وملائكته
وكتبه ورسله والبعث بعد الموت , والإيمان بالقدر خيره وشره
ومن الإيمان بالله : الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه
على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولاتعطيل
بل أعتقد
أن الله –سبحانه وتعالى –ليس كمثله شىء وهو السميع البصير فلا أنفي عنه
ما وصف به نفسه , ولاأحرف الكلم عن مواضعه , ولاألحد في أسمائه وآياته
ولاأكيف , ولاأمثل صفاته- تعالى – بصفات خلقه , لإنه –تعالى
لاسمي له , ولاكفؤ له , ولاند له ولايقاس بخلقه .
فإنه –سبحانه –أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً
فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون ,
من أهل التكييف والتمثيل وعما نفاه النافون
من أهل التحريف والتعطيل فقال (( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ,
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ))
التعليق:
أي أنه يثبت ماورد في القرآن و السنة الصحيحة من صفات لله عزوجل مثل صفة اليد لله سبحانه و تعالى
قال تعالى( قالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) [ص : 75]
فيثبتها كما جاءت دون تحريف كأن يقال يد الله أي قوته , ولا يشبه يده سبحانه بيد الإنسان أو أي يد من أيادي خلقه سبحانه
بل يقول لله يد فيثبت معنى الكلام أما كيفية الصفة أو اليد هنا يدعها لعلم الله سبحانه و تعالى
والفرقة الناجية : وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية والجبرية
التعليق:
أي أنه يثبت إرادة للأنسان في أفعاله و تصرفاته ولكنها تابعة لإرادة الله العامة , فأثبتوا للعبد مشيئة و لله مشيئة
أما القدرية: فيقولون أن العبد خالق أفعاله و أن الله لم يقدرها علية , وأما غلاتهم فنفوا علم الله المسبق للأفعال
و الجبرية: يقولون بأن الإنسان ليست له مشيئة بل هو مثل الريشة التي يحركها الهواء ولا إرادة لها
وهم وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية
التعليق:
أي وسط في النصوص التي وردت في القرآن و السنة سواءً في الوعد منها مثل(من قال لا إله إلى الله دخل الجنة)
أو الوعيد الشديد وأمثلتها كثيرة في القرآن , فيعمل بالنوعين , فلا يغلب جانب الوعد و الرجاء ولا يغلب جانب الخوف فيكون بين الخوف و الرجاء , فالوعيدية هم الخوارج و يغابون جانب الخوف , والمرجئة غلبوا جانب الرجاء و الوعد
وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية
التعليق:
أي وسط بين الحرورية وهم الخوارج و المعتزلة الذين يقولون بكفر أصحاب الكبائر , وبين المرجئة و الجهمية الذين يقولون أن إيمان أفسق الفاسقين مثل إيمان جبريل فلا أثر للعمل على الإيمان , ولذلك حتى من وقع بمكفر وتوفرت فيه شروطه لم يكفروه
وهم وسط في باب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج
واعتقد أن القرآن كلام الله , منزل غير مخلوق منه بدأ , وإليه يعود , وانه تكلم به حقيقة
وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه , وه بينه وبين عباده نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم
وأؤمن : أن الله فعال لمايريد , ولايكون شىء إلا بإرادته , ولايخرج شئ عن مشيئته
وليس شىء في العالم يخرج عن تقديره , ولايصدر إلا عن تدبيره , ولامحيد لأحد عن القدر المحدود
ولايتجاوز ما خط له في اللوح المسطور .
وأعتقد الإيمان بكل ماأخبر به النبي مما يكون بعد الموت
فأؤمن بفتنة القبر ونعيمه , وبإعادة الأرواح الى الأجساد , فيقوم الناس لرب العالمين
حفاة عراة غرلاً تدنو منهم الشمس وتنصب الموازين وتوزن بها اعمال العباد
(( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون , ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا انفسهم
في جهنم خالدون )) ( المؤمنون 102-103)
وتنشر الدوواين فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله
وأؤمن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
بعرصة القيامة , ماؤه أشد بياضاً من اللبن , وأحلى من العسل , آنيته عدد نجوم السماء
من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً .
وأؤمن أن الصراط منصوب على شفير جهنم , يمر به الناس على قدر أعمالهم .
وأؤمن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أول شافع , وأول مشفع ,
ولاينكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال
ولكنها لاتكون إلا من بعد الإذن والرضى كما قال الله تعالى
(( ولايشفعون إلا لمن ارتضى )) ( الأنبياء 28)
وقال تعالى (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) ( البقرة 255)
وقال تعالى (( وكم من ملك في السماوات لاتغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ))
وهو لايرضى إلا التوحيد ولايأذن إلا لأهله
وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب
كما قال الله تعالى ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ))
وأؤمن أن الجنة والنار مخلوقتان , وأنهما اليوم موجودتان , وأنهما لايفنيان ,
وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة , كما يرون القمر ليلة البدر لايضامون في رؤيته.
واؤمن أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم
خاتم النبيين والمرسلين , ولايصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ,
ويشهد بنبوته
وان أفضل أمته أبوبكر الصديق , ثم عمر الفاروق , ثم عثمان ذو النورين ثم علي المرتضى
ثم بقية العشرة , ثم أهل بدر , ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم
وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأذكر محاسنهم وأترضى عنهم وأستغفر لهم , وأكف عن مساويهم , وأسكت عما شجر بينهم
وأعتقد فضلهم عملاً بقول الله تعالى :
(( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلاً
للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )) [الحشر10]
وأترضى عن امهات المؤمنين المطهرات من كل سوء
وأقر بكرامات الأولياء ومالهم من المكاشفات
إلا أنهم لايستحقون من حق الله شيئاً ولايطلب منهم مالايقدر عليه إلا الله
ولاأشهد لأحد من المسلمين بجنة أو نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولكني أرجوا للمحسن الثواب وأخاف على المسئ .
ولاأكفر أحداً من المسلمين بذنب ولاأخرجه من دائرة الإسلام
وأرى الجهاد ماضياً مع كل إمام : براً كان أو فاجراً
وصلاة الجماعة خلفهم جائزة
والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلا أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال
لايبطله جور جائر ولاعدل عادل .
وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم مالم يأمروا بمعصية الله ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به
وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه
وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا وأحكم عليهم بالظاهر
وأكل سرائرهم الى الله
وأعتقد أن كل محدثة بدعة
وأعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها لاإله إلا الله
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق
وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
على ماتوجبه الشريعة المحمدية الطاهرة .
فهذه عقيدة وجيزة حررتها وأنا منشغل البال لتطلعوا على ماعندي والله على مانقول وكيل .))
الدرر السنية (( 1/29-30-31-32-33))
فرحم الله العا لم الرباني مجدد الدعوة الإسلامية والملة الحنيفية .
منقول
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!