الموضوع: أمنية شهيد
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-09-2012, 05:35 PM
 
أمنية شهيد

أمــنية شهيــد
أخرجوه من الزنزانة و قادوه الى المذبحة, لم يفعل شيئا غير أنه أحب وطنا ما كان عليه أن يحبه ليعيش.
كانت له هدئة الأسد اذا ربض,و فرحة المشتاق الى عالم الملائكة , كانت خطواته تسابق خطوات الجنود .
أوصلوه و قبل أن يطرحوه سألوه:ماذا تحب أن تقول؟. و ربما أرادوه أن يندم على حب وطنه, لكنه لم يفعل.ابتسم ثم رفع رأسه و قال : أريد أن أعود طفلا.
استغرب الجميع و استرسل هو قائلا:في الطفولة كنت ألعب لا أعي لا أفهم
لا أتعب, أشكل العالم كما أشاء, أجعلالصغير ان شئت كبيرا , و السود أبيضا, والصعب سهلا , والبعيد قريبا. لا أعرف الحدود في السؤال و الفعل و المقال , أفعل ذلك بحرية دون أن يلومني الكبار .
مقاييس الأمور عندي غير مقلييس الكبار و حساباتهم.
لا أعرف مكرهم و خداعهم وسياساتهم .
ان أحببت فبصدق و ان كرهت فبصدق و بسبب.
و أجمل ما في الطفولة أني أحببت المدرسة , أحببت الكراسي و المناضيد , و الصبورة و الطبشور.
أعطي لمكتب المعلم هيبة البيت الحرام فكيف بالمعلم .أحببت في الطفولة المستقبل و رأيته بعين الأمل و النشاط و العمل.
وأحببت كما قرأت بالمقررأول ساعة السبت و آخر ساعة الخميس ,نقف في انضباط و اجلال نحيي راية سقط من أجلها أجيال بكلمات تخترق خلايا جسمي الصغيرفأحس بالقشعريرة و تلك الأصوات المليئة بالحماسة تدوي بكلمات النشيد.
أحببت في الطفولة دروس الأدب و التاريخ و حديث المعلم عن مجد الأمس,
يغرس فينا حب الأمل و العمل و التضحية للوطن فأحببت ذلك الغرس و اعتنيت به. و في الجغرافيا حدثنا عن الأرض الأم, عن عطائها و ثرائها ووحدتها بالأمس.
قال:وحدة ستعود فاعملوا لتعود.
فحدثت والدي عن ذلك فزادوني شربة أقوى من كأس الوطنية.
و مضيت أبني و أحلم و الجميع يشجعني .
لكني وصلت الى خط أحمر, عندها عرفت الحقيقة.
كان عليا أن أفهم أنه من خط المقرر هو من خط الخط الأحمر, لم يكن يريدني أن أصدق , كان يريد أن يبقى ذلك حبرا على ورق, أما أبي و أمي فعلماني حتى لا أكون أمي أما عن التطبيق فشئ بعيد عن التحقيق.
لكن لم أستمع اليهم و واصلت طريقا رأيته حق فأوصلني الى ما هو على الجميع حق .
التفت الى الجندي و قال:لا تظن أني أريد أن أهرب من موت الحياة الى الطفولة بل أريد أن أعود لأشرب جرعة أقوى فتلك الجرعة التي شربت لم تكفي لتزيلكم من على وجه الأرض, اقطع هذا الرأس فليس لائقا أن أترك الملائكة تنتظر.
سكت كل شئ.
ثم سمع صوت الفصل, فصعدت الروح تبشر ملائكة السماء أن الأرض لا تزال تروى بدماء الحق, دماء الشهداء.