عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 02-11-2012, 01:17 PM
 
(7)

ماذا ..؟ بهذه السرعة؟

شعرت وكأنني أرى بصيصاً من الضوء، وتساءلت :
- ألم تقل أسبوعاً على الأقل ..؟
- إن الأمور تسير على ما يرام، لقد كان تغيير النظام سهلاً لأن تلك المركبة من تصنيع بلامنيت في الأساس .


هتفت وأنا أحمد الله في قلبي :
- هذا رائع. إذاً بعد ثلاثة أيام سأصبح في بانشيبرا .. هذا لا يصدق .

كان كاميو ينظر لي بعدوانية وبدا غاضباً ولكنه لم ينطق بكلمة وبدلاً من ذلك توجه إلى الفندق بتلك الخطوات الواسعـة ..

اقتربت رايلا وقالت :
- سيّد جيرودا. .، هل ستذهب حقاً إلى بانشيبرا؟

مشينا متجاورين وقلت :
- صحيح .
- لكن، إن ذهبت هكذا .. سوف تفقد كل شيء.

كنت أفكر .. لقد كان كلامها صحيحاً، فليست لدّي خطة بديلة الآن، في السابق لم أكن اهتم لموتي ...
لكن الآن ..
إن والدتي بحاجة إلي، لا يمكنني التفريط في حياتي بسهـولة.
كاميو! إنه يعترض طريقي ..!

قاطعني صوت رايلا :
- هناك شيء غريب في هذا الكوكب..
- ماهـو؟

ابتسمت رايلا وقالت :
- رأيته عندما اكتشفت المكان في المرّة السابقة .

نظرت متساءلاً فأشارت نحو إحدى المباني المرتفعة وقالت:
- هناك .. يوجد مكان، يمكنه تغيير الكثير من الأشياء في شكلك. إنه كالتنكر ..
- تنكر ..؟

اسرعت رايلا بالخطى ولحقت بها وهي تتابع كلامها :
- أجل، إنه ليس مثل التنكر الموجود عندنا في كوكبنا، إنه تنكر مثالي .. إذا قمت بتغيير لون شعرك ولون عينيك .. لن يجعلك هذا تالتن ماكنزي.

كان كلامها مقنعـاً، وتبعتها وأنا أفكر إن كان حقاً يوجد شيء مثير كهذا.

عندما وصلنا إلى المبنى، وقفنا فوق رصيف يرتفع إلى الأعلى، كان يسير بشكلٍ حلزوني ويقف كل بضعة ثوانٍ ليهبط بعض الناس من فوقه إلى المكان المراد الوصول إليه.

وبعد ذلك هبطت رايلا وهي تمسك بسترتي ولحقت بها .
وصلنا إلى مكانٍ غريب مليء بالأشخاص الذين يقومون بوضع ألوانٍ غريبة على شعر الناس الآخرين.
تكلمت رايلا :
- إنه مصفف الشعـر..
- وكيف سنشرح لهم الأمر ..؟

ابتسمت رايلا وقالت بمرح :
- لا بأس أنا استطيع التفاهم مع فتاة هنا، يمكنها سؤالي بالصور وسأختار لك شيئاً مناسبـاً .
كنت خائفاً وقلت بتردد :
- هل سيكون هذا جيدا ..؟

دفعتني إلى الداخل وقالت تحثني على قبول الأمر :
- هيا سيد جيرودا إنه الحل الأمثل.

جلست على احد المقاعد المرتفعـة وأنا أتأمل كل شيء بتوتر ..
كان أصحاب ذلك المكان يبتسمون بود وشاهدت رايلا تشير نحوي وإحدى الفتيات تعطيها كتيباً ..

اقترب أحد الشباب العاملين وبدأ بخلط مادة غريبة ثم بدأ بوضعها فوق شعري.
كنت متوتراً لدرجة لا تصدق وحاولت أن أبقى هادئاً ولكن بلا فائدة!!

حركت عيني أبحث عن رايلا ولكنني لم أجدها، وظل الشاب يضع ذلك الشيء البارد فوق رأسي، وبعد أن انتهى أشار لي بأن آتي معه ..

دخلت إلى غرفـة ذات جدران بيضاء مغطاة من المنتصف بالمرايا .
وهناك كرسي كبير في الوسط .

عندها ظهرت رايلا وقالت :
- سيد جيرودا، انت ستجلس هنـاك ولن تتحرك حتى يقومون بإنهاء عملهم.
قلت بسـرعة :
- هذا لا يعجبني!!

ابتسمت وقالت محاولة طمأنتي :
- سوف يحدثون لك تغييراً كاملاً.
- لا أريد!

شعرت رايلا بتوتري وقالت مقطبة الجبين:
- ألا تريد حقاً انقاذ والدتك! هل يمكنك فعل ذلك وانت تالتن؟ يجب أن تتغير بالكـامل!

كانت على حق. إنها الخطـّة الوحيدة، فأنا الآن لا أملك خياراً.

توجهت نحو الكرسي وجلست. كان مخيفاً قليلاً ولكن الجميع كانوا ودودين بشكلٍ ملحوظ على الرغم من أننا لا نستطيع تبادل الحديث.

اقتربت رايلا وتأملت وجهي بتمعن .. نظرت لها بتساؤل فابتسمت وقالت بعينين دامعتين :
- إنه كما لو أنني سأودع أخي للمرة الثانيـة.

هل سأتغير لهذه الدرجـة ..؟
اقتربت فتاة غريبـة وقامت بوضع يدها فوق رقبتي، نظرت لها مذعوراً .. ولكنها أشارت لي بأن أخلع القلادة .
تلك القلادة التي حصلت عليها كتذكار من لوريس في إيموكيا.

مدت رايلا ديها وقالت:
- يبدو بأن عليك خلع تلك القلادة .. لا تقلق سأنتبه لهـا.

خلعت القلادة التي كانت تختفي تحت ثيابي، واعطيتها لرايلا ..
يشعرني ذلك وكأنني سأدخل إلى عمليّة جراحيـة!!

تركتني رايلا وانصرفت مع الآخرين، وبقيت لوحدي في الغرفـة، شممت رائحـة غريبـة ..
لقد ظهرت فجأة، وكأنما رائحـة دواء ما.

وفجأة بدأت أشعر بالنعاس، ولم استطع السيطرة على جفوني التي أصبحت ثقيلة واغمضت عيني باستسلام.


***

- هل تشعـر بالدوار.. ؟
كان هذا صوت رايلا.

حاولت فتح عيني ولكنني لم استطع، ليس هناك شيء يؤلمني، ولكنني أشعر بالدوار .. والغثيان.
- سيد جيرودا هل تسمعني ..؟
أجبت بصعوبـة :
- آ .. آجل.
- لا بأس يمكنك الاسترخاء ... لا تحاول فعل اي شيء.

لم استطع الاسترخـاء،، لماذا أشعر بالضعف الشديد ..؟
مرّ بعض الوقت وأنا اسمع بعضهم يتحدثون بتلك اللغـة الغريبة. ثم شعرت بأن هناك يداً دافئة تمسك بيدي اليمنى .
- سيد جيرودا، حاول أن تفتح عينيك الآن .

فتحت عيني ببطء وتسلل النور إلى داخلهما، ثم تحرك الكرسي ليتحول إلى وضع الجلوس .
رأيت بعض الأجسام المشوشة والتي مالبثت أن توضّحت تدريجياً..

في النهاية استطعت رؤية كل شيء. وتكلمت رايلا قائلة بابتسامـة:
- سيّد جيرودا، هل انت بخيـر؟
- أجل.
كنت في نفس المكان ولكن بدلاً من ذلك يبدو بأنني غفوت لفترة .. كانت رايلا ما تزال تمسك بيدي اليمنى وقالت :
- الآن سنعود للفندق .
تساءلت وبكن صوتي لم يخرج جيداً :
- هـ .. هل ..؟
جذبتني من يدي اليمنى لكي تحثني على الوقوف وهي تقول :
- هيّا، أنت لا تبدو الآن مثل جيرودا السابق .
عندما وقفت وضعت يديها فوق عيني حتى لا أشاهد نفسي في المرايا المحيطة بالمكان .. شعرت بأن شعري يلمس رقبتي ..

كيف أصبح شعري طويلاً بتلك السرعـة ..؟ تحسست أطرافه وجذبته وأنا اتأكد ما إن كان شعراً مستعاراً لكنه آلمني وبدأت رايلا في الضحك علي!
سرت معها ببطء وأنا أحاول تذكر ما حدث. هل أنا هنا منذ شهرين!!

بعد أن خرجنا إلى الخارج .. رأيت رايلا تعطي الفتاة التي تعمل في هذا المكان محفظـة صغيرة، وابتسمت الفتـاة ثم سلمت رايلاً حقيبةً جلدية أكبر من كف اليد بقليل .

تساءلت :
- ألن يحصلـوا على اي ثمن مقابل هذا ..؟
غمزت رايلا بإحدى عينيها وجذبتني من ذراعي في الشارع وهي تقول :
- لقد تدبرت الأمـر . فقد كان معي شيء أعجبهم كثيراً.
- ما هـو ..

حركت يدها أمام وجهي وهتفت بمرح :
- لا بأس! لن أخبرك بأي حال .

مهما سألت عن الأمر لم يكن بلا فائدة .. فقد كانت عنيدة جداً ولم توافق على إخباري!

الليل يغطي المدينـة والأضواء تنير وتتحرك في كل مكان ..
كان المنظر مبهجاً وظلت رايلا تنظر لي متجاهلة ذلك المنظر الآخاذ في المدينة وتضحك بشكلٍ غريب!

هل أصبحت مفزعاً ..؟
توقفت في منتصف الشارع وقلت متذمراً :
- ماذا! أنا أريد أن أرى ماذا فعلوه هؤلاء المجانين بي!
- ستراه حالما تصل في إلى الفندق، أريد أن أرى ردة فعل القائد كاميو والآخرين عندما يشاهدونك..

حيرني هذا كثيراً ولم أتحرك من مكاني فسبقتني رايلا وهي تلوّح بالحقيبة الجلدية الصغيرة وتصيح :
- هيّا سيد جيرودا! أسرع ..

أسرعت باللحـاق بهـا ووصلنا إلى الفندق، اعتقد ان الوقت كان متأخراً ، ويبدو بأن تغيير شكلي استغرق وقتاً طويلاً، وبينما نحن في ذلك المصعد اللولبي اخرجت رايلا قلادتي من حقيبتها واعطتها لي مع بطاقة غريبـة .

تأملت البطـاقة، كانت لشاب جميل الشكل لديه شعرٌ أحمر .. على البطاقة ختم بانشيبرا ومكتوب عند الاسم :
- تاري اينوي .

نظرت نحوها متساءلاً :
- لمن تلك البطاقة ..؟
- إنها لك .

لم أفهم شيئاً، وهبطنا من المصعد في الطابق الخاص بنا ، فنظرت لي وقالت :
- كانت لأخي الراحل، سوف نضع صورتك الجديدة مكان صورته، إن كايلر خبير بتلك الأمور سوف يتقن فعل ذلك .

فهمت الآن ماذا تقصد. إنها تريد تغيير هويتي بالكـامل، حتى اسمي.
يالهـا من فتاة ذكيّة!
في الحقيقـة .. لقد أثارت إعجابي .

تبادلنا نظرة طويلـة وابتسمت قائلاً :
- ياله من اسمٍ مميز، الآن سأصبح أخيكِ الحقيقي، بما أنني سأحمل اسم العائلة نفسها .

أجابت باسمة وهي تحول نظرها بعيداً :
- صحيح، سوف أعطيك إياها، لإنك سوف تعيد والدتـك وستعيش بسلام، لكن .. إن لم تفعل ذلك فسأكون نادمـة لأنني جعلتك أخي .

كنت ممتناً لها وأومأت موافقاً .

أخيراً وقفنا أمام باب الجناح الخاص بنا، وفتحت رايلا الباب ثم دخلنا.
كان كاميو يجلس تلك الجلسة المتكبرة واضعاً إحدى رجليه فوق الأخرى ، وأمامه على الأريكة الكبيرة يجلس ميليوس وكايلر ويأكلان شيئاً ما يبدو حلو المذاق .

نظر ميليوس وكايلر بطبيعة الحـال نحونا، وعندها تحول نظراتهم العادية إلى الدهشـة .
وعلى الفـور تساءل ميليوس ببراءة وهو يشير نحوي :
- رايلا، من هذا ..؟

بدا كايلر مستغرباً .
وتحرّك فضول كاميو أخيراً وحدق نحوي بتلك النظرة الغريبة، التي تحولت فجأة إلى ذهول عارم ..!
__________________
الى اللقاء