عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 02-11-2012, 01:23 PM
 
- كنت أريد السؤال عن طريقتك في الرفض! بما إنك معترضٌ على طريقتي .

تابع سيره فقلت :
- لكنك تكلمت معها بغرورٍ شديد.
- إن الفتيات مثلها لا يستحقون سوى ذلك .

بدأ يضحك ضحكة مغرورة، وعندما وصلنا كانت الأميرة تجلس في انتظارنا ومعها وصيفتها.
عندما شاهدتنا الوصيفة قالت :
- أوه! زالين هنا!

ما الأمر؟! هل هو محبوب من قبل جميع الفتيات هنا؟
رمقها زالي بنظرة احتقار شبيهة بالسابقة فخرجت الفتاة على الفور!!


كانت الأميرة مختلفة قليلاً، فقد بدلت ثيابها ورفعت شعرها، وقالت وهي تركض إلى الخارج :
- هيا بنا! سوف نتأخر ..

ركضنا خلفها وصحت قائلاً لأوقفها:
- لا تركضي!!

توقفت عن الركض ونظرت إلي بضجر وهي تقول:
- ما هذا ألا تستطيعان حتى اللحاق بي!
قلت بغضب :
- هل أنتِ متأكدة بأنكِ أميرة!!
- أجل!

نظر زالين إليّ وقال:
- لكن، تاري .. يجب أن لا تتحدث مع سيدتي بتلك الطريقة!

صرخت في وجهه بعصبية :
- ما فائدة حراستها الآن عندما تركض إلى الخارج ونحن لسنا برفقتها!! ألا يمكن لأي شخص أن يستغل الفرصة ويقتلها!

صمت زالين وحدق إلى السقف وهو يلوي فمه وكأن كلامي لا يعجبه، ولهذا عدت لأقول بهدوء:
- هيّا بنا إذاً .

مشى زالين أمام لوشيا ومشيت خلفها، قبل أن نخرج سمعتُ صوتاً ينادي :
- تاري إينوي!

التفت خلفي فوجدت أحد الجنود في القصر يقترب وتكلّم بهلع :
- لقد حصل حادثٌ للمركبة التي تقل ابنتك الصغيرة إلى هنا ويجب أن تتوجه إلى الموقع مع القائد روسو على الفور!

__________________

(14)

شهقت الأميرة بفزع، أما أنا فقد شعرت بالصدمة تؤثر على توازني!!
قلت بسرعة وصوتي لا يكاد يخرج :
- أين هو .. روسو ؟

ركض الجندي وهو يقول:
- اتبعني!
قبل أن أتبعه التفت وتكلمت موجهاً الكلام إلى زالين :
- اهتم بالأميرة حتى عودتي.

ركضت ألحق بالجندي، ولكن الأميرة تبعتني وخلفها زالي .

كان روسو ينتظرني في مركبةٍ سريعة، وركبت بسرعة بجانبه، وركبت الاميرة لوشيا مع زالين في الخلف.
وانطلق روسو بسرعة بدون أي كلمـة ..!

كان يتكلم في جهاز اللاسلكي مع أحد الضباط الموجودين في مكان الحادثة .
كان الضابط يقول بأنهم لا يستطيعون إخراج أي شخص بسبب سقوط الكثير من الصخور الثقيلة فوق المركبة!!

هل فقدت صغيرتي ريوري؟!
كانت مشاعر متضاربة تجتاح صدري وتخنقني وكأنني لا استطيع التنفس على الإطلاق!

وصلنا أخيراً إلى موقع الحادثة، وكانت هناك مركباتٌ أخرى ترفع الصخور التي سحقت المركبة التي تحوي ابنتي ..!
دمعت عيناي وحاولت أن أتماسك، اقتربت من المركبة المغطاة بالصخور وأنا أصرخ :
- ريوري!! ريووووري!!

كدت اصابُ بالجنون. وأمسك زالين بكتفي وهو يحاول تهدئتي وقال:
- اهدأ تاري!! أرجوك .. صراخك لن يفيد بأي شيء!

جلست بعيداً وأنا أنظر إلى المركبات التي ترفع الصخور، لم أكن أفكر بأي شيء سوى ريوري، لا أريد التصديق بأنه من الممكن أن تكون قد ماتت. لقد أحببتها حقاً واعتدت عليها في حياتي .

- تاري! ربما تكون بخير، لا تجزع.
كانت تلك الكلمات التي خرجت من فم الأميرة، وعندما نظرتُ إليها كانت دموعها تغطي وجهها!!

لم استطع قول شيء، لكنني أشعر بالضعف عندما أرى فتاة تبكي، ولذلك لم أنظر إليها مجدداً.
حملت المركبات آخر صخرةٍ كبيرة وركضت نحو المركبة وأنا أشاهد المسعفين الذين بدأوا بإخراج جثة السائق ..
لقد كانت الدماء تملؤ المركبة من الداخل!!
وأخرج أحدهم حذاء صغيرتي ريوري، ثم بدأوا في سحبها برفق،، كان رأسها مليء بالدماء ويديها وبزتها المدرسية الفاتحة اللون ..
صرخت وأنا أمسك بها :
- ريوري!! أجيبي يا صغيرتي ..

كانت تتنفس ببطء وصرخت بفرح ودموعي تنزل من عيني :
- إنها على قيد الحياة !!

التقطت أنفاسي أخيراً، وبدأت دقات قلبي في الاتزان وعندها حملتها وأنا أقول:
- سآخذها إلى مكان العلاج بنفسي.
اقترب روسو وقال :
- لا تقلق سوف تكونُ بخير.

ركبنا في المركبة مع روسو ولكني في تلك المرة كنت أعانق طفلتي بين ذراعي، ووصلنا إلى القصر بسرعة ثم وضعتها على السرير في غرفةٍ خاصّة وكان الطبيب حاضراً وأخبرنا :
- إنها بخير، بعض الرضوض وكسرٌ في ذراعها الأيمن.

خرجت وانا أشعر بإرهاق شديد وكأنني كنت أحمل الأثقال طوال الليل!!
وقفت الأميرة لوشيا أمامي فاعتذرت قائلاً:
- أنا آسف، لقد فشلتُ في أول مهمة لي كـ ..
قاطعتني وهي تقول :
- لا تقل هذا، إنها ابنتك!! لقد كنتُ خائفة جداً من أن تكون أصيبت بمكروه.

ارتميت على أحد المقاعد وشاهدت زالين يتحدّث مع روسو . جلست الأميرة بجانبي وقالت:
- أنا مرهقة جداً من ما حدث، ولكنني سعيدة لأن الصغيرة بخير.

نظرت لها مستغرباً .. إنها تشعر بالإرهاق، وهذا دليلٌ على أن أمر صغيرتي ريوري قد أثرّ عليها بالفعل وليس كذبة أو مبالغة .

لم تكن تنظر لي، كانت تفكّر في شيء ما فقلت :
- ألن تذهبي إلى صديقتك؟ سوف نأخذك الآن.
أجابت بتلقائية :
- لا، سأبقى حتى تستيقظ ريوري ونطمئن عليها.

وقفت وأنا أقول :
- لكن آنستي، لا يجب أن تقومي بذلك . إنها بخير الآن وإذا استيقظت سوف يتصل بي طبيبها على الفور .

نظرت نحوي قالت بعناد :
- لا! أنا أريد أن أنتظر ..! هذا ليس من شأنك .

جلست في مكاني مجدداً، لقد أردت شكرها حقاً ولكن لم أعرف ماذا أقول، وسمعتها تتكلم بنبرةٍ حزينة :
- إذا كنت في مثل هذه الحالة ولم تجد أحد والديك ينتظر إلى جانبك بقلق، سوف تشعر بالحزن وخيبة الأمل، حتى انك لن تنسى ذلك الإحساس إلى الأبـد.

لقد كانت حزينة بحق وهي تقول تلك الكلمات، وكأن هذا حدث معها من قبل، اتيحت لي الفرصة لأقول:
- شكراً لكِ.

ابتسمت وتساءلت :
- ولكن، أين والدتـها؟
لقد عادت تلك الثرثارة إلى الاسئلة المحرجة!

فكرّت للحظـة أنا أحاول اختلاق قصةٍ ما وقبل أن أجيب قالت :
- لا يبدو على وجهك بأنها توفيت، هل انتما منفصلان؟

كنت أبدو في حيرة من أمري لأنني أحاول التفكير في شيء ما، ولكن عندما تكلمت هكذا أومأت موافقاً ورددت الكلمة حتى أحفظها:
- أجل، منفصلان .

إنها كلمة جيّدة، أفضل من الموت . ولكن ظهر سؤال محرجٌ آخر على السطح!!
- ولكن أين هي الآن؟
تكلمت بدون تفكير :
- في تيمالاسيا.

إنه أبعد مكانٍ لا تعرفه الأميرة، أتمنى الآن بأن تصمت ولا تعاود الحديث. لكن في كل مرة تسألني سؤالاً محرجاً أكثر من السابق!!
- هل مازلت تحبها؟؟

صعقت من هذا السؤال وصحت :
- ماذا!!
ياله من سؤالٍ غريب!! أشحت بوجهي بعيداً وفكرت بأنني سـأتجاهل هذا السؤال الغبي إلى الأبد!! وبعد ثوانٍ معدودة سمعت صوت ضحكتها وهي تقول :
- انت تحبها! لا يمكنك إخفاء هذا!!

تركتني وسارت مبتعدة ثم توقفت أمام نافذة زجاجية ضخمة وهي تحدّق إلى غروب الشمس في الخارج.


آآآآآه!
زفرت بحنق، عند جدتي .. قام هذا الصعلوك كاميو باختلاق قصّة غريبة عن وفاة زوجتي الجميلة التي قام شقيقها بالتسبب في موتها!

والآن .. تظن الأميرة بأنني منفصلٌ عن زوجتي التي ما أزال أحبها، ولكنها تعيش في مكانٍ بعيد.
كل هذه الأمور وأنا لم أتزوج في حياتي قط ولم أحب أي فتاة حتى!!


__________________

عندما استيقظت ريوري، كنت أقف عند رأسها ..
ابتسمت وضغطت على أنفها بوّد، لقد كنتُ سعيداً لأنها بخير ..

وهي بدورها ابتسمت لي تلك الابتسامة المشرقة.

- لماذا لا تقبلها؟؟
نظرتُ نحو الأميرة التي كانت تقف إلى جانبي وتلوّح لـ ريوري وتبتسم ثم عادت للهمس مجدداً :
- هيا، قبلها حتى تشعر بالدفء!

شعرت بالخجل وهمست:
- هذا ليس ضرورياً!

نظرت لي بنظراتٍ متذمرة وزجرتني وهي تهمس:
- هيّا!! لماذا لستَ أباً حنوناً!!
همست لها بعصبية:
- ولكن! هذا محرج .. انا لم أفعل هذا من قبل!
- وتدعو نفسك والداً لتلك الجميلة المسكينة!

قامت بضرب قدمي بحذائها وهي تنظر لي بإصرار، ولم أجد مفراً من فعل هذا !!
اقتربتُ من صغيرتي ريوري وطبعت قبلة صغيرة على جبهتها.

ابتسمت ريوري وأشارت لي بأن أقترب، اقتربت منها فقبلتني في وجنتي.

كنت خجلاً جداً وضحكت عليّ الأميرة لوشيا بينما صاح زالين:
- ياللروعة!! أنا أريد أيضاً أن تصبح لدي ابنة صغيرة.

بقينا عندها حتى غطت في النوم، ثم خرجنا، كان الليل قد اسدل استاره وانقضى اليوم الثاني.
تكلمت الأميرة لوشيا باسمة :
- في الغد سوف أذهب لتجربة فستان خطوبتي، ولهذا يجب أن تكونا مستعدين من الصباح الباكر، مفهوم؟

أجبت أنا وزالين في وقتٍ واحد :
- مفهوم.



*****

__________________
الى اللقاء