استيقظت مبكراً وذهبت للاطمئنان على صغيرتي ريوري، كانت يدها تؤلمها ولكنها حافظت على ابتسامتها الجميلة محاولة ابعاد القلق عني.
تركتها وذهبت لالتقي بزالين، عندما وصلت رأيته يتحدث إلى فتاة لا تبدو من وصيفات القصر بسبب زيّها الذي يبدو مثل زي الأميرات، في البداية ظننت بأنها الأميرة لوشيا، ولكن عندما اقتربت كانت فتاة أخرى ..
كانت تقول :
- ما الأمر زالين، ألا تريد الاعتراف بهذا؟
- أنا آسف.
- ليس عليك بأن تتأسف، فقط يجب أن تقوم بتصليح خطأك.
تركته الفتاة وانصرفت غاضبة، ورأيت ملامح زالين الذي كان ينظر أمامه بثقة وغرور.
اقتربت أكثر وأنا أقول:
- صباح الخير، زالي.
- مرحباً تاري، كيف حال صغيرتك؟
- إنها بخير.
توجهنا معاً لاصطحاب الأميرة إلى المكان الذي ستجرّب فيه فستانها الجديد، كان بمثابة قصرٍ آخر.
دخلت لوشيا إلى المكان المخصص لدلذك وهي تثرثر كالعادة .
وبقيت مع زالين بالخارج فتكلم قائلاً:
- ألا يجب علينا أن ندخل معها ونطمئن على أن المكان آمن ..؟
لم أشعر بأن المكان خطر ولهذا قلت :
- لا بأس. سنبقى هنا.
جلسنا على المقاعد الخشبية المخصصة للانتظار وعندها قال زالين:
- هذا هو القصر القديم .
تكلمت معقباً:
- كل القصور في بانشيبرا متشابهة.
- لكن، انظر .. هنا أيضاً توجد صور الجندي الذهبي.
نظرت إلى الجدران .. كانت صور جاميان والجندي الذهبي السابق معلقّة في كل مكان.
تبسمت تلقائياً .
بشكلٍ مفاجئ سمعت صوت خطواتٍ سريعة تدلف إلى المكان، ولهذا وقفت متأهباً ولكن بدأ كاميو في الظهور وهو يسير بثقة كعادته وكان خلفه .... أمرجيز!
حدقت إلى أمرجيز مبهوتاً وتسارعت دقات قلبي وأنا لا أصدق بأن أكثر شخص أكرهه على وجه الأرض، أصبح يقف أمامي بكل بساطـة.
يمكنني أن أفتك به في لحـظة، وشعرت بأنني غير قادرٍ على التحكم في نفسي ولكن سرعان ما هدأت وأنا استمع إلى كاميو الذي تساءل:
- منذ متى وصلت الأميرة؟
كان زالين يقف بجانبي صامتاً، فأجبت :
- منذ فترةٍ قصيرة.
تلكم أمرجيز بذلك الصوت الخبيث قائلاً:
- لماذا لم تقوما بتحيتي ..؟
انحنى زالين ليحيي أمرجيز، بينما وقفت أحدّق إلى وجهه بكراهية وأنا أحاول السيطرة على مشاعري، كانت ابتسامته تؤذيني وتحرق قلبي!!
واقترب امرجيز بخطواتٍ بطيئة مني وهو يقول:
- تعجبني تلك النظرة في عينيك! أنت قلباً وقالباً تشبه جاميان ديوفري! لقد ظننت بأنها مجرّد إشاعة!!
حاولت أن أبعد نظراتي بعيداً عن أمرجيز قبل أن يحترق داخلي بالكامل .
وعندها قال كاميو ببرود :
- إنه حقاً يشبه الجندي الذهبي، لكنه ليس قوياً مثله .
سمعت صوت أمرجيز يقول بعد ضحكة قصيرة:
- ما رأيك تاري ..؟ هل يمكنك المنافسة على لقب الجندي الأبيض؟
رفعت رأسي أنظر إليه بذهول!
لم أكن المندهش الوحيد فقد كان كاميو وزالين كذلك أيضاً . وتكلم كاميو معترضاً:
- هذا مستحيل سيدي! هل نسيت بأنه أسير متدرب، كيف يمكنه الحصول على هذا اللقب العظيم؟
ابتسم أمرجيز ووضع يده على كتفي وعاد يقول بإصرار :
- إنه يعجبني! أريدك أن تخوض المنافسـة، نحن لن نخسر شيئاً، فما رأيك .. تاري؟
رفعت عيني ونظرت إليه ثم قلت بثقة :
- أنا موافق. (15)
وقفت في الساحة التي كانت خالية من البشر، حركت سيفي في حركاتٍ قتالية متتالية.
إنني الآن بكامل قوتي لكي أحصل على اللقب، فقط المزيد من التدريب !
أمي ، إنني قادم .. سوف أجعلك فخورة بي، كما جعلكِ جاميان فخورة به .
قاتلت بكل قوتي وكأن هناك خصماً حقيقياً .
لقد أصبحت الأيام تمرّ ببطء ونحن نمشي مع تلك الفتاة الثرثارة في كل مكان، صغيرتي ما تزال طريحة الفراش ولكن منافستي ستبدأ مباشرة بعد انتهاء مهمتي بحراسة لوشيا أثناء حفل خطوبتها لأمرجيز .
من الجيّد أن أمرجيز يوصلني إلى رقبته بتلك الطريقة السريعة، سمعت شخصاً ما يقترب من خلفي فأوقفت حركة سيفي على الفور والتفت .
- هل تنوي الحصول عليه حقاً..؟
كان هذا كاميو يضع يده في جيبيه ويحدّق لي بنظراتٍ غريبة كالعادة.
ابتسمت بثقة وقلت وأنا أعيد سيفي إلى غمده :
- ولم لا، إنه سهل بما أنه استطعت الحصول عليه من قبل!
لماذا أشعر بأن كاميو غاضبٌ بشدة . إنه يريد أن يفترسني بعينيه، انتزع سيفه بسرعة وحاول مهاجمتي ولكنني تفاديته بسهولة ثم قفزت إلى الخلف وأنا أعطي نفسي فرصة لأن اخرج سيفي !
تمتم قائلاً مع ابتسامة قاتلة وعينان لامعتان :
- مناورة رائعة!
سحبت سيفي وأشرت به إليه وأنا أقول:
- هل تريد مبارزتي كاميو؟
- أجل.
قمنا بالهجوم في وقت واحد فتضاربت سيوفنا واصدرت صوت احتكاك قوي!
كنت أراوغ مرة وكان يراوغ مرة! إنه بارعٌ حقاً .. ، حاول إصابة وجهي عدة مرات ولكنني ابعدت سيفه بحركة سريعة!!
في النهاية استطاع النيل مني وجرح وجهي بخدشٍ بسيط .
لكن، أنا لم استخدم كل ما في جعبتي، كانت هناك حركة رائعة يقوم بها جاميان، أمسكت سيفي جيداً وقلت :
- هيّا، هل ستراوغ طوال الوقت .
بأي طريقة أريده أن يعاود مهاجمتي، وبالفعل اقترب كاميو مني وحاول إصابة وجهي مجدداً لكنني حفظت اسلوبه عن ظهر قلب ولم يعد ذو جدوى، التففت حوله وضربت نصل سيفه إلى الأسفل، حاول سحبه فاحتك بالأرضية ..
وعندها رفعت سيفي بطريقة مفاجأة فاختل توازنه، ضربت قدمه اليمنى ولامس سيفي رقبته فقلت ونحن نتبادل نظرة قوية :
- هزمتك!
أعاد سيفه إلى غمده وقال بخفوت :
- للأسف، أنت أكثر براعةً مما اعتقدت، تالتن ماكنزي!
ابتسمت، فتساءل:
- ألا تكره ذلك الاسم المشوه؟
- ولماذا أكرهه، إنه يعيد لي ذكرياتٍ رائعة ، لقد كنت في مكانك بالضبط.
ثم لامست بطرف سيفي أحد أزرار ملابسه المميزة وتابعت :
- وكنت أرتدي ذلك الزيّ، ولكنني كنت المسؤول عن حراسة إيموكيا.
قال بحنق :
- هل تريد العودة إلى ذلك اللقب بأي ثمن ..؟
ضحكت ضحكة ساخرة وقلت:
- اسمع كاميو، حتى لا تسألني مجدداً هذا السؤال السخيف .. أنا أريد أن أعرف أين هي والدتي! إذا كنت الجندي الأبيض سوف أعرف بسهولة وسأتمكن من تهريبها، وفوق هذا، لن أجعلها خائبة الأمل لأن ابنها الكبير مشوه السمعـة. هل فهمت؟
تساءل وهو يحدق لي بنظراتٍ غاضبة :
- وهل ستعرفك بعد أن تغيرت على هذا النحو؟
- لقد عرفتني جدتي، ألن تعرفني والدتي التي حملتني في بطنها وقامت بتربيتي؟
صاح غاضباً :
- إذاً حاول الاقتراب من امرجيز، وسوف اسحق أحلامك بالكامل.
قلت وأنا أنظر إليه نظرة تحدٍ كبيرة:
- سوف نرى من الذي سيسحق الآخر، لن أقوم برحمتك إذا أصبحت درعاً لذلك المجرم أمرجيز.
أصبح كاميو لا يطيق أي كلمةٍ أقولها ، ولهذا اندفع خارجاً من ساحة المبارزة بدون أي رد.
__________________
الى اللقاء |