(17)
دخلت إلى صغيرتي التي كانت تجلس على الأريكة مبتسمة، بدا أنها بخير .. اقتربت منها فعانقتني:
-جيرودا!
ضممتها بلطف فنظرت إلى وجهي وتحسست الخدش وبدت مستاءة..
ابتسمت وأنا ألوح لها، كيف ستفهم انه مجرد خدش؟!
حملتها لتجلس على الأريكة وجلست إلى جوارها بصمت، سرحت بفكري قليلاً فقالت :
-جيرودا.
إن نطقها لهذا الاسم بشكلٍ شائع ليس من صالحي، فهي لا تناديني تاري وأخشى ان شخصاً ما يمكنه معرفة من أكون .. أو يحتمل بان يصنع به كاميو الماكر دليلاً ضدي. سوف يمنعني من الوصول إلى اللقب بأي ثمن، هذا ما أعرفه .
نظرت لها مجدداً واكتفيت بابتسامة . فأشارت إلى عنقي ، ظننت أنه خدش آخر ولكن ما إن وضعت يدي حتى تحسست تلك القلادة التي أهداني إياها لوريس .
ابتسمت صغيرتي ريوري وأشارت نحوها مجدداً ولذا فقد خلعتها وقمت بإعطائها إياها .
ارتدتها وهي تحرك رجليها بسعادة.
لم استطع فعل شيء لها، فقد اكتفيت بالنظر إليها وهي تضحك، إن مجرد رؤيتها يمدني بالقوة .
وبتلك القوة التي حصلت عليها من رؤيتي ليوري انصرفت متوجهاً إلى غرفة زالين .
اطمأننت عليه .. واخبرته ان اختباري في الغد .
اندهش كثيراً لأنه اقترب بسرعة وتساءل عن صحتي مراراً .
طمأنته وعدت إلى غرفتي بالقصر وذهبت في نومٍ عميق، تركت الأمور على ماهي عليه بدون تفكير .
----------
-هل انت الجندي المتدرب تاري إينوي.؟
-أجل سيدي.
قام الضابط المسؤول عن الاختبار بالتحقق من هويتي وسلمني بطاقـة بيضـاء كتب عليها اسمي والرقم سبعـة. فتساءلت :
-من فضلك، هل هناك سبع متسابقون فحسب؟
-أجل .
لقد كنت أنا المرشح الأخير كما هو متوقع .
دخلت إلى قاعة كبيرة أراها للمرة الأولى في حياتي ، يبدو ان الاختبار مختلفٌ هذه المرة ... هناك الكثير من الضباط الآخرين،، وقفت بصمت وشاهدت إحدى الوصيفات تقترب مني وتهمس بتهذيب:
-سيد تاري . . من فضلك لحظة فقط .
تبعتها وأنا أتأمل المكان ، وعندما وصلت إلى غرفة صغيرة كانت الأميرة لوشيا تنتظر هناك .
كانت ترتدي ثياباً سوداء عادية، وجهها شاحب وتحاول الجلوس بشكلٍ لائق رغم مرضها...!
وقفت مذهولاً لا أعرف ما أقول!
وعندها نظرت إلي وقالت وهي تبتسم :
-لم تخبرني أن اختبارك سوف يكون سريعاً هكذا.
قلت بعصبية لم اتعمدها على الإطلاق :
-لماذا جئتِ كل تلك المسافة وانتِ مصابة! هذا خطر!
-أنا بخير .
أجابت بعناد ثم وقفت ببطء وتابعت :
-أردت فقط أن اخبرك بأنه يجب أن تفوز اليوم. أنت تستحق هذا اللقب .. أيضاً انت تشبهه .
علمت أنها تقصد جاميان.
شعرت بقلبي يضطرب، نظرت حولي وأنا أحاول إيجاد كلمات مناسبة ولكني نظرت إليها في نهاية المطاف وقلت :
-سوف أفوز .
كانت مبتسمة وقالت :
-في الحقيقة أنا هنا لاشكرك على انقاذي.
جلست بشكلٍ مفاجئ واغمضت عينيها وهي تمسك رأسها بيد واحدة .
شعرت بالذعر واقتربت وانا أقول :
-هل انتِ بخير؟!
كانت تتألم وأومأت بالايجاب .
وعندها سمعت صوت كاميو الذي لا تخطئه اذناي :
-إنها بخير، لهذا انصرف قبل أن تبدأ المسابقة بدونك .
نظرت خلفي إلى كاميو وقلت :
-إذاً من سيهتم بها؟ أنت؟
حدجني كاميو بنظرة غريبة وقال:
-أجل.
وقفت وأنا أخاطب لوشيا :
-سوف تكونين بخير، إن كاميو يهتم جيداً بالآخرين .
ابتسمت لوشيا بصعوبة وتمتمت:
-أرجوك اذهب بسرعة .
نظرت إلى كاميو الذي كان يرمقني باستغراب . ضربت كتفه وخرجت مسرعاً .
في النهاية لم استطع قول شيء جيد للأميرة لوشيا التي جاءت كل تلك المسافة لتشجيعي . هكذا أنا دائماً أصمت أو اتكلم في الوقت الغير مناسب !
وصلت الأخير.
وقفت بجانب المتسابقين الستة الآخرين . حدقنا إلى وجوه بعضنا بتفحص ... كان فيهم شخص عرفته جيداً، لقد كان معي أنا وجاميان أثناء الخدمة العسكرية التأهيـلية ، يدعى شيل .
لم أعد انظر لوجوههم ولكنهم لم يكفوا عن التحديق بوجهي!
وفي النهاية تساءل أحدهم :
-ماهو اسمك؟
-تاري .
تبادلوا نظرات الاستغراب وعندها قال شاب آخر :
-هل تقدمت إلى هذا اللقب لأنك تشبه الجندي الأبيض السابق؟ سوف يكون إذا من السهل هزيمتك .
لم أنظر إليه حتى . اكتفيت بالتركيز فيما سأفعله . وعندها انفتحت البوابة الكبيرة وخرجنا إلى ساحة مكشوفة..
الساحة محاطة بالمقاعد التي جلس عليها الضباط والأمراء واعيان البلاد .
كانت الضوضاء عالية ولكن الجميع صمت عندما بدأ صوت امرجيز يتكلم في مكبر الصوت :
-اختبار تأهيل الجندي الأبيـض للمرة السادسة والعشرون . هذه المرة سوف يكون مختلفاً .. ارجوا من المتسابقين السبعة أن يتقيدوا بالنظم والقوانين التي تخص المسابقة ، وهي كالتالي :
صمت امرجيز وتكلم روسو :
-كل متسابق سوف يدخل من النفق الذي يحمل نفس رقمه، الذي سيخرج من الجهة الأخرى أولاً هو المنتصر ، من المحتمل أن يستغرق المرور في النفق ساعات عديدة .
تعالت الأصوات المستنكرة
إنه ليس مبارزة أو قتال أو ما شابه .
نظرت أمامي إلى النفق المظلم الذي يحوي رقم سبعة (7) .
هذه المرة الاختبار مختلـف عن العادات والتقاليد . أهي فكرة كاميو أيضاً؟
__________________
الى اللقاء |