عرض مشاركة واحدة
  #40  
قديم 02-11-2012, 02:11 PM
 
ضربت يد كاميو بسيفي مباشرة وجرحته بقسوة متعمدة فسقط السيف من يده، كانت تلك الحركة المؤلمة مني تعذب قلبي بشدة، ولكن علي أن أنهي الأمر الآن، سحبت سيفه بقدمي ثم امسكت به ورفعته في وجهه .
امسك كاميو بيده متألماً ولكنه نظر لي بحقد ، صرخ امرجيز بهلع :
- كاميو .. اقتله !

استدرت إلى أمرجيز وقذفت بسيف كاميو إليه، عندما التقطه وجهت سيفي نحوه وقلت:
- دعنا نتبارز إذاً .. أفضل لك من الاختباء خلف الآخرين، وستكون نهاية تلك المبارزة إما أنت أو أنا .



-------------------------------

22)


أعرف جيداً أن أمرجيز تدرب على استخدام السيف منذ نعومة أظفاره . يجيد استخدامه بوحشية إذا أراد أن يقتل شخصاً ما ..
استطعت أن أرى تلك النظرة المتطلعة للدماء في عينيه وبهذه الطريقة بدأ بمهاجمتي على الفور!

إنه مبارز قوي، لكنه يستخدم أساليب حقيرة، فهو يضرب بالسيف .. وبكل شيء حوله ليشتتني ويصيبني في مقتل .. من الجيد أنني أعرف كل هذا ,, طالت فترة قتالنا وسيوفنا تصطدم ببعضها بلا فائدة ولكنه في النهاية التصق بي وهو يحاول قطع رقبتي بسيفه وصرخت وأنا ادافع بسيفي :
- سوف تموت بسبب قتلك لـ لوليانا .. وبسبب جاميان وامي ولوشيا!

بدا الذعر في عينيه فواتتني القوة وقذفت به بكل قوتي لأسقطه أرضاً، سقط السيف من يده ولكنني لم اسمح له بالتقاطه ووجهت سيفي نحوه فصرخ مذعوراً:
- لا شأن لك بما فعلته بأختي ولوشيا! لماذا تحاكمني أنت لاشيء! لا يمكنك استجوابي ..

قلت بصوتٍ خفيض وأنا أكتم غضبي الذي سيحرقني بالكامل :
- أنا لا استجوبك، ولن أحاكمك! بل سأتخلص منك وأريح العالم بأسره من شرّك!

كان امرجيز يصرخ بحرقة ونظر لي بفزع ثم وجه اصبعه نحوي :
- إذا قتلتني سيطاردك جنودي حتى تموت، لا تظن أنك ستنجو بفعلتك!

ابتسمت ابتسامة باهتة وقلت:
- ألستُ ميتاً في جميع الأحوال؟ فلنمت سوياً إذاً!
عاد للصراخ وهو يلتقط أنفاسه :
- كاميو!! اقتله .. آمرك بقتله!

القيت نظرة نحو كاميو الذي كان يحدّق نحو امرجيز والعرق يتصبب من جبينه ويده السليمة تقبض على تلك المصابة بإحكام ..
لم أرى كاميو بهذا الشكل من قبل، التوتر والحيرة تسيطران على شخصيته الهادئة، لكنه لم يستجب لأمرجيز ولم يتحرك من مكانه مع أنه سيفه ملقاً على الأرض خلفي .. عدت بنظري نحو أمرجيز وقلت :
- كاميو لن يساعد شخصاً مريضاً على العودة لقتل الآخرين! على عكس تيمالاسيا، في بانشيبرا ليست هناك محاكمة عادلة للملك، لهذا ...
قاطعني امرجيز :
- كلهن استحققن الموت! حتى والدتك تلك المرأة الحقيرة التي أنجبت خائناً مثلك!!

شعرت بأن الغضب يحرقني من الخارج ويفقدني صوابي .. وبدون تفكير طعنته بسيفي في صدره فخرج النصل من ظهره ..
حملق في وجهي بعينين حمراوين وتمتم بصعوبة :
- تباً لك!

كان جسدي وصوتي يرتجفان بالكامل وأنا أقول :
- لقد ترددت حقاً في قتلك .. ولكني لن أسمح لك بشتم المرأة التي أنجبت رجلاً عظيماً مثل جاميان! يجب أن تعرف أيضاً .. بأنه أخي من أبي وأمي ..

ظل امرجيز يحدّق لي بعينين جاحظتين وهو يتمتم بكلام غير مسموع .. وما لبث أن خفتت نظراته وتحجر في مكانه .

لقد مات !! ، طعنته بسيفي الخاص وقتلته! ولهذا شعرت بأن قدماي لا تقويان على حملي، ولكن كان علي التفكير في أمي وابنتاي اللذين تركتهم خلفي ..

أخذت سيف كاميو، ونظرت حولي فالتقت عينانا حيث كانت مقلتيه تتحرك بذعر في ذبذبات غريبة وكأنه بدأ يفقد عقله .. !
تركته بدون أي كلمة، وخرجت من المكان بسرعة، ركضت بكل قوتي وأنا أعطي تنبيهاً لزالي على جهازه، سمعت صفارات الإنذار تملؤ المكان واحتشد الجنود والضباط من كل حدب وصوب فاختبأت بين الاعمدة الرخامية وابتعدت عن المخرج .

مئات الجنود يدلفون إلى القصر بخطى سريعة ، وبذلك الجميع يعرف بأن الجندي الأبيض هو المطلوب، وسوف يكتشف أمري بسهولة إذا دخلت بينهم ..

كنت اراقب بحذر وتأكدت بأن هروبي من القصر في الوقت المناسب شبه مستحيل.
لم أرد أن يتم الإمسـاك بي!
واشتعل عقلي بالتفكير وشعرت بأن الوقت يمر بلا فائدة وعندها سمعت صوتاً يتحدث بخفوت:
- ارتدي هذا .

استدرت أنظر إلى مصدر الصوت، كان كاميو يمسك بزي الضباط الأسود وأصبحت متعجباً من وجوده المفاجئ لم أقم باي حركـة .. ولهذا ضغط بالملابس على صدري متعجلاً فأمسكت بها وأنا أقول :
- شكراً لك .

بينما بدلت ملابسي ظل كاميو يراقب المكان بحذر وعندما انتهيت مشينا ببطء وترقب في الممر المؤدي للخروج، نظرت إلى يد كاميو التي كانت تنزف وشعرت بالكآبة فقلت على الفور:
- يجب أن نضمد يدك بسرعـة ..
- لا بأس .
لا إعرف إن كان صوت كاميو أصبح مبحوحاً ومتغيراً حقاً، أم انني اتوهم ..

عندما خرجنا، كان زالي ينتظرنا مع مركبة كبيرة، وبالخلف جلست الأميرة لوشيا شاحبة الملامح.
توليت القيادة وجلس زالين بجواري أما كاميو فقد جلس في المؤخرة بجوار لوشيا.

اسرعت نحو القبـة، إلى مخبأ جاميان ..

كان الجنود يملؤن الشوارع والأرصفـة وكأنما جيشاً احتل العاصمة!
حاول احد الجنود إيقافي ولكنني تجاهلته وانحدرت بداخل الغابة، وبدأت لوشيا في الصياح بخوف وهي تنعتني بالمتهور وتضرب كتفي من الخلف حتى ابطأ من سرعتي .

عندما وصلت إلى القبة وجدت روسو يقف هناك أمام البوابة، وصرخ في وجهي حتى قبل أن افتح باب المركبة للنزول :
- تأخرتَ كثيراً!

دخلت بسرعة وشاهدت أمي تجلس وهي تضع ريوري ورونا على رجليها وتحكي لهما شيئاً تأملت أمي لوهلة مأخوذاً وكأنني في حلـم صنعه خيالي، ولكنني انتبهت على وقتي واسرعت بحديثي:
- امي، الآن، هيا بنا ..

نزلت الفتاتان تتمسكان بي وعانقتني أمي بحرارة ..
لقد اشتقت إليها كثيراً . أردت أن أبقى في حضنها إلى الأبد .

شعرت بالراحة عندما وصل الجميع إلى المركبة. وتكلم روسو بصرامة كعادته :
- لقد أمرت المربية بالانصراف.
أومأت بالموافقة ، فتابع :
- سبيرسو ينتظرك عند المركبة هينوا، ستقلع بعد نصف ساعـة .. احذر من أن تتأخر أكثر من هذا. لقد رتبت كل شيء لرحيلك بأمان .

أجبت :
- مفهوم .
- أبلغ تحياتي لجاميان .

وكأنني رأيت في عيني روسو الصارمتين القليل من الدموع لمفارقتنا.
__________________
الى اللقاء