ومن أشد ما نبه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين ما ذكره عن خطورة الرياء في كثير من أحاديثه الشريفة فقال صلى الله عليه وسلم: “إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر”. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: “الرياء، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟”.
والرياء ينفي الإخلاص، ذلك أن الإخلاص يقين، والرياء شك وشرك، وقد روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: “أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً، أشرك فيه معي غيري تركتُهُ وشِرْكه”.
وحذرنا الرسول الكريم من أن يعمل أحدنا عملا على غير إخلاص، يريد أن يراه الناس ويسمعوه، وأن من يفعل جُوزي على ذلك بأن يشهره ويفضحه، فيبدو عليه ما كان يبطنه وذلك فيما رواه الشيخان البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من سَمَّع، سَمَّعَ الله به، ومن يرائي يرائي الله به”.
ولأن الرياء ممقوت من الله فقد بكى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خوفا على أمته من أن يصيبها فقد روى شداد بن أوس قال: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يبكي، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: إني تخوفت على أمتي الشرك، أما إنهم لا يعبدون صنماً ولا شمساً ولا قمراً ولكن يراؤون بأعمالهم”، ورأى عمر بن الخطاب معاذ بن جبل رضي الله عنهما وهو يبكي، فسأله: ما يبكيك؟، قال حديث سمعته من صاحب هذا القبر “يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم” يقول فيه: “إن أدنى الرياء شرك”. وفي الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري قال: “خرج علينا رسول الله ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟، فقلنا: بلى يا رسول الله، قال: الشرك الخفي، أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل”.
والرياء من كبائر الذنوب، وهو يُحبط ثواب العمل وأي عمل من أعمالِ البر دخله الرياء فلا ثواب فيه، فالثواب والرياء لا يجتمعان وذلك لحديث أبي داود والنسائي بالإسناد إلى أبي أُمامة قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذِكْر ما له؟ قال: “لا شيء له”، فأعادها ثلاثاً كل ذلك يقول: “لا شيء له”، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له، وما ابتُغي وجهه”.
جزاك الله خيرا أختي الحبيبة على الموضوع.
جعلنا الله وإياكم ممن يخلصون القول والعمل.