عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-19-2012, 04:05 PM
 
Post فنجان القهوة و ورقتي البيضاء

...


في المساء حين أكون أنا وفنجان قهوتي
أحتسيها و تغازلني برائحتنا الشجيّة الفواحة
وأنهل منها كأنما لم أتذوّقها يوما..
أستلذّها..أتذوّقنا بسائر حواسي وأطرافي..
وتزيدني روقانا تلك الهبوب الحنيّة
وتحرّك شال الحرير على كتفي..
فأشعر بدغدغته على بشرتي

فأزداد حماسا لاحتساء المزيد من القهوة

مغمضة العينين
تُسامرني تلك الهبوب و تلاطف حواسّي

وتُحبّ تأثيرها على عواطفي
تُهيّئني إلى بوح وكتمان ربّما لم أكن أشاركه غير قهوتي

فترسل لي تلك النسمات المارة عليّ وريقة

صغيرة..بيضاء..نقيّة ..

مرسوم عليها ريشة سوداء الحبر..

فأسرع بالتقاطها هُياما و افتتانا بمنظرها التوّاق..
ألتقطها وأسبلها إليّ بكل رفق و حنوّ حتى لا أخدش بياضها

وأضعها على بساطي مبعدة قهوتي عنها..

فقد صرت أكن لقهوتي البنية القاتمة عزوفا

سببه بياض ورقتي الصافية..
نعم.. أحبها وأحب بقاءها بيضاء

ولا أريد تلاقيا بينها و بين فنجان قهوتي..
ماذا فعلت لي قهوتي؟..
لا شيء يُذكر !...

فقط كانت تزيدني حسّا و تهيُجا فكريّا فأزداد تفكيرا

و تحسّرا على أماني لم تشأ أن تلقاني في معمعة أحزاني

كانت تربك هدوئي و صفو تفكيري

كانت تعيق انتعاشي ومنظر الحياة
....
أما تلك الورقة..فكانت كالحمامة البيضاء تماما

فقد حلّقت على أغصان شجرة الحزن التي كنت أعتليها..

ولاطفت جوّي و محيطي بنقاءها..
وهبتني نفسها و بياضها حتى ألوّنه كما يشاء لي الهوى

ورضيَتْ أن أفسد أطرافها النقيّة

وأن أحدث عليها تعاريجا يأباها الورق..
فعزمت أن أجعلها رفيقا لي..
و سكبت على ورقات شجرتي فنجان القهوة

حتى تموت حناياها..
وأصبحَ أنا و ورقتي البيضاء الطاهرة وحدنا..
حتى أروي لكم قصتي معها..





مقتبسة من مدوناتي الخاصة

لا يُسمح بنقل أو نسب حرف منها

مسك الروح