الزنا يجمع خلال الشر كلها . الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا وبعد قال تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32). و قال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (الفرقان:68).و روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ما ظهرت الفاحشة فى قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا .(رواه ابن ماجة و الحاكم و صححه الألباني). ففي هذا الحديث العظيم ، الذي يتبين للعقلاء من خلاله ، من أين أصيب المسلمون ، وما سبب كثرة وتنوع أمراضهم أمراض لم تكن معروفه ، إنما هي حديثة والسبب ظهور الفاحشة إن نشر الفواحش و القبائح على الملأ من خلال وسائل الإعلام المختلفة ،ومن خلال الأفلام الهابطة وأغاني الفيديو كليب الساقطة الماجنة، والصور الخليعة في الجرائد وعلى أغلفة المجلات المختلفة، عقوبات الربانية ، تأتي نتيجة عمل المسلمين أنفسهم ، فالجزاء من نفس العمل ، فالفاحشة والمقصود بها الزنا واللواط ـ والعياذ بالله ـ إذا ظهرت وأعلن بها ، وصار المسلمون ، يمارسها بعضهم ، على شواطئهم ، وفي قنواتهم ، و لذلك لا يستغرب انتشار هذه الأمراض الفتاكة عقوبة من الله تعالى لمن تساهل في هذه الفاحشة. إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون
الزنا يجمع خلال الشر كلها .
قال في روضة المحبين : والزنا يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع ، وفساد المروءة وقلة الغيرة ، فلا تجد زانيا معه ورع ، ولا وفاء بعهد ، ولا صدق في حديث ، ولا محافظة على صديق ، ولا غيرة تامة على أهله ، فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرم وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته ، ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله ، ولو تعرض رجل إلى ملك من الملوك بذلك لقابله أسوأ مقابلة .
ومنها سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين .
ومنها ظلمة القلب ، وطمس نوره ، وهو الذي أوجب طمس نور الوجه ، وغشيان الظلمة له ، ومنها الفقر اللازم ، وفي أثر يقول الله تعالى : { إن الله مهلك الطغاة ، ومفقر الزناة } .
ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ويسقط من عين ربه ومن أعين عباده المؤمنين .
ومنها أنه يسلبه أحسن الأسماء ، وهو اسم العفة والبر والعدالة ، ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن .
ومنها أنه يفارقه الطيب المتصف به أهل العفاف ، ويتبدل به الخبث المتصف به الزناة في قوله تعالى : { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات } وقد حرم الله الجنة
وقد حرم الله الجنة على كل خبيث بل جعلها مأوى الطيبين .
قال تعالى : { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين } ، { وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم } والزناة من أخبث الخلق .
وقد جعل الله جهنم دار الخبث وأهله ؛ فإذا كان يوم القيامة ميز الخبيث من الطيب وجعل الخبيث بعضه فوق بعض ثم ألقاه وألقى أهله في جهنم ، فلا يدخل النار طيب كما لا يدخل الجنة خبيث .
ومنها أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن .
وإذا كان الله سبحانه عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه في الآخرة يوم القيامة فلأن يمنع من تمتع بالصور المحرمة في الدنيا من التمتع بالحور العين يوم القيامة أولى .
بل كل ما ناله العبد في الدنيا ، فإن التوسع من حلاله ضيق من حظه يوم القيامة بقدر ما يتوسع فيه فكيف بالحرام .
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد رضي الله عنه : لا يكون البطالون حكماء ، ولا تلج الزناة ملكوت السماء .
ولو شرعنا نتكلم على فضائح الزنا وقبائح الخنا لخرجنا عن المقصود ، ولكن في الإشارة ما يغني عن العبارة .
فيا لها من صفقة ما أبخسها ، وخصلة ما أنحسها .
قد ذهبت اللذات . وبقيت الحسرات .
وكان سيدنا الإمام أحمد رضي الله عنه كثيرا ما ينشد : تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الخزي والعار تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار والله سبحانه وتعالى أعلم . نسال الله العلي القدير أن يطهر مجتمعات المسلمين من هذه الأمراض الفتاكة وان يجنبنا منكرات الاخلاق والادواء والاهواء انه سميع قريب مجيب |