من ترك شيئا لله عوضه خير منه:
يقول الإمام ابن الجوزي : قدرت في بعض الأيام على شهوة للنفس، هي عندي أحلى من الماء الزلال في فم الصادي، وقال التأويل: ما ههنا مانع ولا معوق إلا نوع ورع، وكان ظاهر الأمر امتناع الجواز، فترددت بين الأمرين فمنعت نفسي عن ذلك، فبقيت حيرتي، فقلت لها: يا نفسي، والله ما من سبيل إلى ما تودين ولا ما دونه، فتقلقلت، فصحت بها، كم وافقتك في مراد ذهبت لذته، وبقي التأسف على فعله، فقدري بلوغ الغرض من هذا المراد، أليس الندم يبقى في مجال اللذة أضعاف زمانها.
فقالت: كيف أصنع؟
فقلت: هأنذا أنتظر من الله عزّ وجل حسن الجزاء على هذا العمل فأسطره إن شاء الله، فإنه قد يعجل جزاء الصبر، وقد يؤخره، فإن عجل سطرته، وإن أخر فما أشك في حسن الجزاء لمن خاف مقام ربه، فإنّ من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه.
والله إني ما تركته إلا لله تعالى، ويكفيني تركه ذخيرة، حتى لو قيل لي: أتذكر يوماً آثرت الله على هواك؟
قلت: يوم كذا وكذا.
وكان هذا في سنة 561 هجرية، فلما دخلت سنة 565 هجرية عوضت خيراً من ذلك، فقلت هذا جزاء الترك لأجل الله سبحانه في الدنيا، ولأجر الآخرة خير والحمد لله.