وزي ماوعدتكم
طويل
الجزء الثاني
الباارت الثاني
أدركت في الليلة الماضية أن تشارلي ماكان يستطيع طبخ أي شيء يجاوز البيض المقلي مع اللحم . لذلك طلبت منه أن أتولى مايتعلق بالمطبخ خلال فترة إقامتي معه . أعجبه ذلك فناولني مفاتيح غرفة الطعام . وقد أكتشفت أيضاً أن البيت خالٍ من الطعام . لذلك وضعت قائمة تسوق وأخذت بعض النقود من علبة في الخزانة كتب عليها (( نقود الطعام )) . وكان علي الان أن أذهب إلى متجر ثريفتواي .
شغلت محرك سيارتي الذي يصم الاذان متجاهلة تلك الرؤوس التي استدارت باتجاهي وتراجعت بالسيارة فجعلتها تقف في صف السيارات التي تنتظر الخروج من الموقف . وبينما كنت أنتظر محاولة التظاهر بأن ذلك الضجيج المخيف كان يأتي من سيارة شخص غيري شاهدت الاخوين كولن والاخوين هيل يركبون سيارتهم . كانت سيارتهم هي تلك الفولفو اللامعة . نعم ، طبعاً . لم أكن قد لاحظت ملابسهم من قبل لانني كنت مذهولة بوجوههم . أما الان فرأيت بوضوح أن ملابسهم كانت جيدة على نحو استثنائي . كانت ثياباً بسيطة لكنها توحي بوضوح بأنها من صنع مصمم معروف . وحتى لو كانوا يرتدون خرقاً وأسمالاً لما قللت من حسنهم ومن جمال حركتهم . بدا لي أن من المبالغة أن يجمعوا الحسن والمال معاً . لكن الحياة تكون هكذا معظم الاوقات ، حسب معرفتي . يبدو أن ذلك كله لم يستطع أن يحقق لهم القبول هنا .
لا ، لم أكن أعتقد ذلك تماماً . لابد أن تلك العزلة جاءت بسبب رغبتهم هم أنفسهم . لم أكن لاتخيل أن باباً يمكن أن يظل موصداً في وجه هذا الجمال كله .
عندما مررت بجانبهم نظروا إلى سيارتي ذات الضجيج ، تماماً كما كان الجميع ينظرون اليها . ظللت أنظر أمامي وشعرت بالراحة عندما غادرت أرض المدرسة أخيراً .
لم يكن متجر ثريفتواي بعيداً عن المدرسة بل كانت شوارع قليلة تفصله عنها إلى جنوب الطريق السريع . شعرت بالراحة عندما دخلت ، لقد بدا المكان عادياً . كنت أقوم بالتسوق عندما عشت مع أمي . وسرعان مااندمجت في هذه المهمة المألوفة . كان المتجر كبيراً إلى حد جعلني لاأسمع صوت المطر على سقفه لاتذكر أين أنا .
عندما عدت إلى المنزل أفرغت مشترياتي الكثيرة من الاطعمة في كل مكان . آمل أن لايمانع تشارلي في هذا . لففت بعض حبات البطاطا برقائق الالمنيوم ووضعتها في الفرن ثم غلفت شرائح اللحم ووضعتها فوق صندوق البيض في البراد .
وعندما انتهيت حملت حقيبة كتبي إلى الاعلى . وقبل أن أبدأ مراجعة دروسي بدلت ثيابي ورفعت شهري المبلل فلففته فوق رأسي وتفقدت بريدي الالكتروني للمرة الاولى . كانت لدي ثلاث رسائل .
كتبت أمي :
(( بيلا ! إكتبي لي فور وصولك . أخبريني كيف كانت سفرتك بالطائرة . هل تمطر عندكم ؟ اشتقت إليك منذ الان . أكاد أفرغ من حزم حقائبي من أجل الذهاب إالى فلوريدا ، لكنني لم أجد قميصي الوردي . هل تعرفين أين وضعته ؟ تحية من قبل . أمك ))
تنهدت ومضيت إلى الرسالة التالية فوجدت أن أمي أرسلتها بعد ثماني ساعات من إرسال الاولى .
(( بيلا ... لماذا لم تجيبي على رسالتي حتى الان ؟ لماذا تنتظرين ؟ أمك ))
أما الرسالة الثالثة فكانت واردة هذا الصباح :
(( إيزابيلا ... إذا لم أتلق منك شيئاً حتى الخامسة والنصف بعد ظهر اليوم فسوف أتصل بتشارلي ))
نظرت إلى الساعة فوجدت أنها تقارب الرابعة والنصف . لكني كنت أعرف طبع أمي العجول . فكتبت :
(( أمي ... اهدائي ... سأكتب لك فوراً . لاتتسرعي . بيلا ))
أرسلت هذه الرسالة ثم بدأت الكتابة من جديد .
(( أمي
الامور على أحسن مايرام . إنها تمطر طبعاً كنت أنتظر أن يحدث شيء حتى أكتب لك عنه . المدرسة ليست سيئة باستثناء بعض التكرار الممل . قابلت أولاداً وبناتاً لطيفين يجلسون معي وقت الغداء .
قميصك الوردي في محل تنظيف الملابس ... كان يجب أن تأخذيه يوم الجمعة .
لقد اشترى تشارلي لي سيارة ، شاحنة صغيرة ... فهل تصدقين هذا ؟ لقد أحببتها . إنها قديمة لكنها قوية فعلاً ، وهذا أمر جيد بالنسبة لي كما تعرفين .
اشتقت إليك أيضاً . وسأكتب لك قريباً ، لكنني لن أتفقد بريدي كل خمس دقائق . تنفسي بعكق واسترخي ... أحبك
بيلا ))
قررت أن أقراأ (( مرتفعات ويذرينغ )) ( الرواية التي ندرسها الان في صف اللغة الانكليزية ) . لكنني كنت أقرأها لانني استمتعت بها ... هذا ماكنت أفعله عندما عاد تشارلي إلى المنزل . لم أنتبه إلى الوقت طيلة قراءتي . أسرعت إلى الاسفل وأخرجت البطاطا من الفرن ووضعت شرائح اللحم فيه .
صاح أبي عندما سمعني أهبط درجات السلم : (( بيلا ! ))
ومن غيري ؟ قلت في نفسي .
(( أهلا أبي ، أهلا بعودتك )) .
(( شكراً ))
وبحلول يوم الجمعة صرت أشعر براحة تامة عندما أدخل صف البيولوجيا . ولم أعد قلقة من وجود إدوارد فيه . ظننت أنه ترك المدرسة . وحاولت عدم التفكير فيه . لكنني لم أستطع أن أتخلص تماماً من فكرة كانت تقلقني ، مهما تكن سخيفة وهي أنني السبب في غيابه .
مرت عطلة الاسبوع الاولى من دون أي حادث . أما تشارلي الذي لم يكن معتاداً على قضاء الوقت في المنزل الذي يكون فارغاً عادة فقد أمضى معظم العطلة في العمل . نظفت المنزل وأنجزت معظم واجباتي المدرسية وكتبت رسالة أكثر بهجة لامي . ثم ذهبت بالسيارة إلى المكتبة العامة يوم السبت لكنني وجدتها فقيرة إلى درجة جعلتني لا اهتم بالحصول على بطاقة ارتياد المكتبة . علي تحديد موعد قريب لزيارة أولمبيا أو سياتل لابحث عن مكتبة جيدة . فكرت في استهلاك سيارتي من البنزين . وجعلني ذلك أرتجف خوفاً .
ظل المطر يهطل طيلة العطلة لكنه كان خفيفاً هادئاً فاستطعت أن أنام جيداً .
وفي صباح الاثنين حياني الطلاب عند موقف السيارات في المدرسة . لم أكن أعرف أسماءهم كلهم ، لكنني رددت تحية الجميع وابتسمت لهم . كان الطقس أكثر برودة هذا الصباح ، لكنني سررت لانها لم تكن تمطر . وفي درس اللغة الانكليزية جلس مايك قربي كعادته .
كان لدينا أختبار سريع عن رواية (( مرتفعات ويذرينغ )) كان اختباراً بسيطاً ... سهلاً جداً . على وجه الاجمال كنت أشعر بقدر من الراحة أكبر بكثير مما توقعته عند هذه النقطة . بل أكثر مما توقعته في هذه البلدة . عندما خرجنا من الصف كانت ندف بيضاء تحوم في الهواء . سمعت الناس يتصايحون مستثارين . صفعت الريح الباردة وجنتي وأنفي .
قال مايك : (( واو ! الثلج يهطل )) .
نظرت إلى تلك الندف القطنية البيضاء الصغيرة التي تتجمع على الممرات وتحوم عشوائياً أمام وجهي .
(( آه ! )) إنه الثلج . هكذا ضاع نهاري الجيد .
نظر مايك إلي مستغرباً : (( الا تحبين الثلج ؟))
(( لا . هذا يعني أن الجو صار بارداً جداً وأن المطر لن يهطل بعد الان )) . هذا واضح . (( كنت أظن أن الثلج يجب أن يهطل على شكل ندف كبيرة . كما تعلم ، ندف متماثلة ... أما هذه الندف فهي مثل النقاط )) .
سألني غير مصدق : (( ألم تري ثلجاً يهطل من قبل ؟))
(( رأيته طبعاً )) . توقفت لحظة ثم قلت : في التلفزيون .
ضحك مايك . ثم أصابت مؤخر رأسه كرة طرية من الثلج . استدرنا معاً لنرى من أين جاءت . شككت في إريك الذي رأيته يسير مبنعداً عنا في غير اتجاه صفه . من الواضح أن الفكرة نفسها خطرت في بال مايك فانحنى وبدأ يجمع حفنة كبيرة من الثلج .
تابعت السير وقلت : (( أراك وقت الغداء . أنا أذهب إلى الداخل عندما يبدأ الناس رمي كرات الثلج ))
لم يجبني الا بهزة من رأسه فيما كانت عيناه معلقتان بإريك .
وفي خلال الصباح كله كان الجميع يتحدث بحرارة عن الثلج . من الواضح أن هذا أول هطول للثلج في السنة الجديدة . لكنني احتفظت بفمي مغلقاً . صحيح أن الثلج أكثر جفافاً من المطر ... حتى يبدأ الذوبان في جوربيك .
ذهبت إلى الكافيتريا مع جيسيكا بعد درس اللغة الاسبانية . كنت متوترة حذرة لان كرات الثلج كانت تتطاير في كل مكان . كنت أحمل بيدي دفتراً حتى أحمي به وجهي عند الضرورة . ظنت جيسيكا أنني فرحة جداً بالثلج ، لكن شيئاً في تعبير وجهي منعها من أن ترميني بكرة ثلج هي أيضاً .
لحق بنا مايك عندما كنا على وشك دخول الكافيتريا . كان ضاحكاً ، وكان الثلج يذوب في شعره . وبينما كنا نقف في الدور لشراء الطعام راح مايك يتحدث بحرارة مع جيسيكا عن اللعب بالثلج . ألقيت نظرة خاطفة إلى الزاوية ... بحكم العادة . وعندا وقفت متجمدة في مكاني . كان على تلك الطاولة خمسة أشخاص .
أنتهى الباارت * __ ^ |
__________________ بعد عشرينْ عآم تقآبلآ صدفهْ .. !!
هَو : تغيرتي كثيراً .. !!
هَيْ : مَنْ أنتْ .. ؟
هَو ضاحكاً : ولم يتغير غرورك أيضاً .. !! بَعضُ الأشخَاص كَالاوْطَانِ ؛ فُرَاقَهُم غُربَه !* وَ أغَار مِنْ غَرِيب .. يَرىَ عَينَيك صُدفَة فَ يُغْرَم بهَا !
التعديل الأخير تم بواسطة أخت أم خالد ; 06-03-2015 الساعة 12:50 AM |