عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-12-2012, 10:22 PM
 
تعظيم السلف للنبي صلى الله عليه وسلم

ولم تكن محبته عليه الصلاة والسلام حكرا على الرجال من الصحابة رضي الله عنهم، بل كان لنسائهم رضي الله عنهن حظ وافر من تلك المحبة؛ ابتداء بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن حين خيرهن الله تعالى بين البقاء معه عليه الصلاة والسلام والصبر على شظف العيش، وقلة المئونة، وشدة الحال، وبين الفراق والتمتع بطيبات الدنيا، فاخترنه عليه الصلاة والسلام على متاع الدنيا.

قالت عائشة رضي الله عنها: فبدأ بي أول امرأة، فقال: إني ذاكر لك أمراً ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك، قالت رضي الله عنها: قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك، ثم قال عليه الصلاة والسلام إن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب: 28، 29]
قالت عائشة رضي الله عنها: أفي هذا أستأمر أبوي؟! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم خير نساءه فقلن مثل ما قالت عائشة"البخاري.
وللصحابيات الأخريات رضي الله عنهن حظهن من محبة النبي صلى الله عليه وسلم، وتقديمه على الآباء والأزواج والأبناء والإخوان؛ كما فعلت إحدى الأنصاريات لما قتل أقرب الناس إليها في أحد فما سألت إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال أنس رضي الله عنه: "لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة، قالوا: قتل محمد حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة فخرجت امرأة من الأنصار متحزمة فاستقبلت بابنها وأبيها وزوجها وأخيها لا أدري أيهم استقبلت به أول، فلما مرت على آخرهم قالت: من هذا؟ قالوا: أبوك أخوك زوجك ابنك، وهي تقول:
ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: أمامك، حتى دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه، ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالي إذ سلمت من عطب"الطبراني.
وقد كان أصحاب رسول الله صلى عليه وسلم أسرع الناس امتثالا لما يقول، روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو تركنا هذا الباب للنساء؟))، قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات"ابوداوود
ومن تعظيم الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم وتوقيرهم له: أنهم يلتزمون الأدب بحضرته، ولا يتكلمون أو يفعلون الفعل إلا بإذنه؛ حتى أنه بلغ من أدبهم معه عليه الصلاة والسلام أن أحد الرواة يُشبِّه هدوءهم، وسكينتهم بمن على رؤوسهم الطير، يقول البراء بن عازب رضي الله عنه يصف حضورهم جنازة يجهز لحدها: "فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله، وكأن على رءوسنا الطير"ابو داوود
رد مع اقتباس