في ذلك القصر الغاية في الفخامة و الرائع بأضوائه التي تحيطه هو و حدائقه ...
توقفت العربة ...ليتأتي الخادم الذي كان ينتظرهم و يفتح لهما الباب ..
خرجت السيدة أروين أولا ..
ثم نزلت ليديا ..
أبهر الجميع في داخل القصر وهم ينظرون محدقين بها ...
:" أهذه هي أبنه رولاند ..؟ ".
:" قد تكون أميرة أخطأت المكان ..".
كانت ليديا تسير بجمود و صمت مع جدتها التي أخذت توزع ابتساماتها الزائفة الى الحضور...
:" ابتسمي ليديا ... انه يوم سعدك ...".
عم ماذا تتحدث ... يوم سعدي ؟!!!!.... لكم أرغب بالخروج من هذا المكان ..
فتح باب كبير على مصراعيه أمام القاعة المجتمع بها الضيوف و خرج بعض الرجال ..
ثم .. ذلك الرجل الذي يبلغ الأربعين من العمر ... كان حاد الملامح يرتدي زيا رسميا و قد وضع وردة حمراء على سترته ..
أفسح له الرجال الطريق بين الحضور حتى يتقدم الى ...
ليديا و جدتها التي ابتعدت وهي تبتسم بخبث لتقف خلف ليديا ..
تقدم وهو يبتسم ابتسامة جلبت الغثيان لـ ليديا ... وقف أمامها مباشرة و قال
:" أهلا .. بغاليتي أهلا .. ليديا رولاند ... لا تعلمي قدر سعادتي برؤيتك ... صدقيني سوف أفرش لك الأرض ذهبا .. لن تسير إلا عليه ..".
شعرت ليديا بالقشعريرة تسري في جسدها ... زمت شفتيها و ألقت نظرة خاطفة حولها .. الجميع يحيطون بها... ينظرون إليها
بل يحدقون و ينتظرون ما تقوله ..
اقترب الرجل قليلا وهو يقول بخبث :" ألم تري هديتي لك بمناسبة هذا اليوم العظيم ... أنه قصر فاخر مع أراضيه التي تحيط البحيرة .. أعلم أنك تحبين هذا ..".
من بين الحضور تقدم شخص يرتدي زيا كالأمراء و قبعة تغطي عينيه .. قال بهمس وهو يراقب الموقف
:" هذه الملاك الحسناء .. أمام ذلك الوحش الخبيث .. لا يمكن ..".
مد يده على سيف تحت عباءته... لكن نظر الى ليديا التي بدأت مسلمة نفسها ... لم تعترض أو تتكلم حتى ... ذلك العجوز أستر يكبرها بأكثر من عشرين عاما .. وهي لم تزل في ربيعها السابع عشر !!! ... ترى .. مالذي تفكر فيه ..؟؟؟ علي أن أتريث قليلا ..
قال الرجل المدعو أستر :" هيا آنسة ليديا ..لنبدأ مراسم الحفل .."
مشت ليديا معه وبجانب جدتها حتى وصلوا عند طاولة كبيرة عليها الكثير من باقات الورود الرائعة و كؤوس من العصير..
أتى الحكيم معه كتابا كبيرا و أخذ يثرثر قليلا عن الحياة و الزواج ..
ليديا لم تكن تشعر بشيء أو تسمع .. كانت جامدة بلا حراك ..
قال الحكيم فجاءه :" لنتم هذا الفرح .. أسألك سيدي ... هل تقبل أن تتزوج بآنسة ليديا رولاند ؟".
قال أستر بكبرياء :" بالطبع ..".
قال الحكيم وهو ينظر الى ليديا .. التي تفكر .. هل هذا مراسم خطبة .. أم زواج ... أنه مجرد كتابة العقد لكنني
:" آنسة ليديا رولاند ... هل تقبلين بالسيد أستر جوزيف زوجا لك ؟ ".
قالت ليديا ببرود و تجمد :" بالطبع لا ..".
تجمد الجميع ... مالذي قالته ؟؟؟...........بالطبع ؟.............. أو بالطبع لا ...؟؟؟؟
اعتدل الحكيم و قال بجدية :" لا خطبة بينهما ... سأعتذر ..".
و خرج مبتعدا .. بينما نظر أستر الى ليديا باندهاش صرخت جدتها بعد أن استيقظت من الصدمة ..
"مالذي قلتيه يابلهااااء ؟... لقد أفسدت الحفل ...".
قال أستر بصرامة وهو يمسك كتفي ليديا الصغيرين بيديه الكبيرتين بشدة .. حتى ان ليديا أغمضت عينيها ..
" مالذي تظنين نفسك فـــ...".
لم يكمل جملته إلا بذلك السهم الذي مر كالبرق بين يديه ...
التفت الجميع بعد أن كسر السهم تحفة فنية ... مالذي يجري ؟؟؟.... من أين اتى السهم ..؟؟!!!
بدون سابق إنذار تحطمت النوافذ الكبيرة ليقفز منها أشخاص غريبون يرتدون الأسود و أقنعة على وجوههم ...
بدون بالتكسير و أحداث الفوضى .... تعالى الصراخ في كل مكان ..و هربوا الضيوف ..
استيقظت ليديا من صدمتها و قالت :" آه ماهذه الفوضى ؟..".
الجميع هرب من عندها ..... أستر و رجاله ..... جدتها اختفت أيضا ؟؟؟!!!! ....
علي الخروج أيضا ... الضيوف هربوا و ليديا تمسك بثوبها و تركض ... لم تكن سريعة جدا بسبب الثوب الكبير ...
نظر إليها أحد اللصوص و قال :" أمسكوا هذه الفتاة ...".
فزعت ليديا و أسرعت لكنهم أحاطوا بها ..
قالت وهي تتمالك نفسها من الخوف :" مـ ..ماذا تريدون مني ؟؟ ".
:" تبدين ثرية جدا .. ترى كم سيدفعون فدية ؟ ...".
لم يتقدم أحد منهم خطوة ... إلا بـ ..
ذلك الشخص يقفز بينهم ... و يقف أمام ليديا .. وهو ساحبا سيفه في وجوههم ...
قال بصوت مخيف خفيض :" اقتربوا أن كنتم تجرءون ..".
" من هذا ؟؟ الأبله ألا يعرف من نحن ؟ ".
كان رجلا يرتدي زيا أسود و عباءة سوداء يضع قناعا على وجهه بالكامل ..
اندهشت ليديا من يكون ؟.... آه ... لا يمكن ان يكون جيف !!!...
اقتربوا وهم يضيقون الدائرة حولهما قال هامسا لها :"آنسة ليديا ... أغمضي عينيك ..".
قالت ليديا بتوتر :" مـ. ماذا ؟ ".
عندها صرخوا وهم يهجمون .. قال زعيمهم " أقضوا عليهم ... لا صحيح .. دعوا الحسناء فقط ...".
خافت ليديا و أغمضت عينيها و تضع يديها على وجهها ..
سمعت أصوات ضرب السيوف بقوة ... ثم ارتطام أجساد على الارض.... و تأوه ... في النهاية ..
سمعت صوته يقول :" أفتحي عينيك آنسة ليديا ... لقد انتهى الأمر ..".
فتحت عينيها و رأت اللصوص مرتمين على الارض بلا حرآك ..
فجاءه ظهر من البوابة الجانبية أستر و معه كثير من الرجال ... أشار عليهم و قال بغضب ..
" أقتلوا ذلك الشخص و أمسكوا بالفتاة ..".
تقدموا نحوهم بسرعة ..
قال جيف :" آنستي اهربي ...الحصان في الخارج ... و أنا سأوقفهم ...".
قالت ليديا بقلق :"لكن .. لكن .. ماذا عنك ؟..".
رد بسرعة وهما يتراجعان :" دعكِ مني و أهربي آنسة ليديا ...أسرعي أرجوك ...".
ركضت ليديا بسرعة الى الخارج ... رأت الحصان و امتطته و أخذ يركض بكل مالديه من قوة ...
سمعت صوتا خلفها .. التفتت .. و " آه ..." فزعت عندما رأت
أستر راكبا حصانا يلحق بها !!!.. وهو ممسك ببندقية ...!!!
قال " توقفي يا ليديا فورا .. و إلا سأطلق النار على الحصان ...".
خافت ليديا كثير و لفت بالحصان الى الغابة المجاورة.......... بالرغم من حلول الظلام ... و قد خيم بالمكان إلا أنها قررت أن تاخذ هذا الطريق ..
ركضت كثيرا بالحصان بين الأشجار و الأحراش في الظلمة .. بالكاد كان يركض ... كان الطريق صعبا حتى بالنسبة لحصان !..
وهي هكذا سمعت صوتا قويا ... لقد أطلق رصاصة !!
أحست ليديا بألم فضيع من جنبها فقد القدرة فجاءه على أمساك الحبل وضعت يدها على جنبها الأيمن أحست بالدم يتدفق ..!
ثم صوتا أقوى ... كان قريبا جدا ..
لكن .. لم يصبها لقد أصاب ...
سقط الحصان بقوة على الارض ومعه ليديا .. وهو يتنفس بصعوبة ...
لم تستطع أن تقف جيدا كانت منحنية واضعة يديها على جانبها الأيمن الذي تتسرب منه الدماء من بين أصابعها .. تغطى ثوبها بنفس لونه لكن بدرجة أدكن ... كان الجرح ينزف بغزارة ..
انحنت على الحصان وهي ترتب على رأسه " يالا الحصان المسكين ... ذلك الرجل ليس بقلبه رحمة.. ".
أخذت تسير بصعوبة الى مساحة خالية ... نظرت الى الجانب ... جرف كبير ... و يبدو أن
لا نهاية له ...
نظرت ثانية ناحية الغابة إلا به ... أتى وهو يمتطي حصانه ..
قال بصوت غاضب " أتعتقدين أنك ستهربين مني يا أبنه رولاند ؟ ..".
قالت ليديا من تحت ألمها :" أنت لست سوى وحش بزي رجل ..".
غضب بشدة .. لكنه أظهر ابتسامه خبيثة و قال :" هه .. في كل الأحوال أنا سوف أمتلك ثرواتكم كلها ... حتى لو لم أتزوج بك ..".
أكمل وهو يشد بقوة على سلاحه :" لكن ما يثير غضبي ... هو قوتك تحملك .. أنت تتظاهرين بالقوة .. مثل أمك و أبيك الحمقى ..".
شعرت ليديا بالغيض .. كان الشيء الوحيد الذي تغضب من أجله هو إهانة والديها ..
قالت تحت الألم :" أنت لن تنجو بأفعالك ..".
قال وهو يبتسم بخبث ثانية :" لكنني أنجو بالفعل ..ألا تفهمين فتاة صغيرة لا تفهم في أمور الكبار شيئا ..لقد ألقى والدك بنفسة الى الهلاك .. كما ستذهبين أنت أيضا ...".
صوب إليها البندقية في صدرها ببعد هذه المسافة الكبيرة ..
لكن ليديا مازلت محافظة على قوتها و لم تخف ...قال بغيض :" هذا ما يغيظني .. حتى و أنا أريد قتلك ..".
أطلق الرصاصة فأتت بجانب ليديا الأيمن أيضا ... ربما بسبب الظلام .. لم يصبها جيدا...
لكنها هذه المرة كانت أعمق .. أظلمت الدنيا بوجه ليديا أكثر مما هي عليه ..
ترنحت و فقدت توازنا ... لتسقط من أعلى الجرف الــ بلا نهاية ..
~ :glb: ~
سقطت وهي تسمع ضحكات شيطانية .. تتردد في عقلها ...
تمتمت في داخلها و الألم يزداد بشكل فضيع ..
" ليديا .. لا تحزني على نفسك .. لا تحزني ...".
رأت النور يسطع بقوة بالرغم من أنها أغلقت أجفانها ..
لكن بالرغم من أنها تظن انه بلا نهاية أيضا ....
أحست بسكاكين تقطع في جسدها ... سكاكين من جليد ... باااردة جدا... اخترقت صدري ..
أنها أشد ألما من تلك الرصاصات... لكن .. سينتهي الأمر قريبا ...
لا تتوقعي أن الموت بلا ألم ...
ذهب النور و لم يبقى سوى فراغ مظلم .. لا شيء .... سوى الألم ... في هذه الظلمة .... وقد بدأ يتلاشى ... لتفقد الإحساس بكل شيء....
..فراغ ..
..ظلام ...
الى ما لانهاية ...
مضى وقت طويل ... طويل جدا ..
بدأ شيء غريب يسري ... في أنحاء جسدي .. ... دفئ ... غريب ...
من أين أتى ؟ ... بدأت أسمع نبضات قلبي .. ضعيفة لكنه ينبض ...
بدأ يضخ الدم فيّ ... و الدفء أيضا ...
ألم في عيني ... لكنني بصعوبة أردت ان أفتحهما بعد أن أحسست بهما ... أريد من هذا الظلام أن يتلاشى...
لم أشعر إلا بنبضات قلبي و عيناي .. أردت ان أحرك شفتاي ... لأنطق بأي شيء..
أريد أن أتأكد أكثر أن كنت مازلت على قيد الحياة .... لم أظن أن ضربات قلبي الضعيفة تكفي ..
كأنه ينبض من بعيد ..
آه أنه ضعيف جدا ..
لكن الدفء .. أزداد .. و ازدادت ضربات قلبي قوة و وضوح ..
أحسست بأطرافي و بجسدي .. الممد ... عرفت هذا ..
أتى صوتا بعيدا ... لم يبين ...
.. أتى ثانية .. لم أعرف ماهيته ؟؟..
أحسست بألم شديد جدا و فضيع في عيني كأن بهما ملح ... ألم أشد .. بدأ أشعر بارتجاف في جسدي من أجل أن أفتحهما فقط ..
أصررت على فتحهما ..
لكن آه الألم أزداد أكثر .. ...... أتى الصوت ثالثة ... و قد سمعت جيدا ..
" ليــديــا ..."
هناك من ناداني باسمي .. ليديا ... هل أنا أتوهم ... لكن ..
غطت طبقة غريبة من الدفء الثقيل عيناي .. شعرت بحرارة شديدة و شيئا ما يسيل ... دموع .. محاولتي في فتحهما لم تخرج سوى دموع !!!
..أتى الصوت الهادئ ثانية يقول
" ليديا تماسكِ ...".
...
آه إذن أنا على قيد الحياة ... وهناك من يحاول نجدتي ..!
حاولت فتح عيناي لكنني لم أفلح .. أحسست بشيء يمسح عليهما .. لتأتي برودة لطيفة و تجفف الدموع .. مع هذا الشيء..
حركت لساني و فتحت فمي .. لكنني لم استطع أبدا النطق بشيء ..
شعرت بشيء ناعم و دافئ مسح على وجهي ..... ثم ثانية ...... و ثالثة.....
حتى في النهاية فتحت عيناي بعد مشقة و ألم شديد و تعب ...
رأيت ضياء شديدا ثم بدأ يخف ..
نظرت بتعب شديد و عيناها نصف مفتوحتين .. رأت .. وجه شخصا ما أمام وجهها ... لم يبين أبدا ...
لكن رأت عينان بلون بنفسجي فاتح ..
لم تكد تراهما حتى غرقت في الظلام ثانية و ألم فضيع في أجزاء جسدها كلها ... سرى الألم فيه ... و بقوة ...
فقدت الوعي .. و تلاشى الألم ...
ليسود الظلام ثانية ... بعد أن سمعت صوتا بعيدا يناديها " ليديا "....
ما يكون هذا الصوت ؟؟؟
لقد استسلمت ...
للظلام ... فاليأخذني حيث يشاء ...
... لقد استسلمت...