البحرُ يَحْمِلُ موجَها المقتولا
والأفقُ يرسُمُ حُزْنَها المَعْلُولا
ما إنْ أتاها الفَجْرُ يحمِلُ ضَوْءَهُ
أمسى على كَتِفِ المدى مَحْمُولا
هذا الصدى مقطوعةٌ مجروحَةٌ
للرِّيحِ تعزفُ صوتها المثكولا
وعلى الشواطئِ موجةٌ محمرةٌ
بالدمِّ تَنْقُشُ جُرْحَها المَجذولا
عنْ صرخةِ الفقراءِ حينَ تجمَّعَتْ
أملاً يمدُّ بحبِّهِ الإكليلا
عن محنةِ البحرينِ حينَ تلاطَمَتْ
في الضفتينِ تأوُّهَا وذُهُولا
ما إنْ أتى الإعصارُ فوقَ ربيعها،
سَفَكَ الطبيعةَ أبحُراً ونخيلا
سَفَكَ المحبَّةَ والأخُوَّةَ والهوى
سَحَقَ الزهورَ وصَدْرَهَا المبلولا
آهٍ عليكِ أيا أخيةُ ليتني
قد كنتُ دونَ فدائكِ المقتولا
وطني وقد زَحَفَتْ إليكِ جُيُوْشُهُ
ما كنتُ فيهِ مُخَيَّراً مسؤولا
قومي أقاسِمُكِ النَّحِيْبَ فإنني
بينَ الضحايا لا أكُفُّ عويلا
كم يشتهي جيشُ الظلامِ بظلّهِ
أنْ يُطْفِئَ المِصْبَاحَ والقِنْدِيْلا
فأتاكِ في غَدْرٍ يُصَدِّرُ قَمْعَهُ
ويمارسُ التقتيلَ والتنكيلا
بلدي الذي لم يرعَ حَقَّ جوارِهِ
ومشى لسحْقِ بني الكرامِ عجولا
وأنا بذلكَ شاهدٌ مُتَحَسِّرٌ
أبكي عليكِ مُنَدِّداً مَذْهُوْلا
لم يُبْقِ لي وطني بحقِّكِ أحْرُفاً
ولفعلِهِ أنا لا أزالُ خَجُولا
وطني المجنَّدُ كي يُذَبِّحَ إخوتي
لا زلتُ أمقتُ شَرَّهُ المسلولا
لا زلتُ أمقتُ يا أوالُ صنيعَهُ
لمّا سَبَاكِ وخيَّبَ المأمولا
ومضى ليضربَ فيكِ شعباً أعزلاً
والسيفُ كانَ على العِدَى مَشلولا
إنْ كانَ يَحْسَبُ أنَّ تلكَ بطولةٌ
جهلاً لعمركِ لا يزالُ جَهولا
يا أيُّها البَلَدُ الذي أرزاؤُهُ
جعلتْ فؤادي مُوجعاً معلولا
خَدِّيْ شواطؤكِ التي أمواجُها
دمعي الحزينُ فلا يكفُّ هطولا
يا من تقاسِمُنِي بكلِّ فجيعةٍ
يا من تشارِكُنِي أسىً ورحيلا
إني سأرسِلُ بالدموعِ زوارقاً
غُسْلاً لشعبٍ لم يجدْ تغسيلا
ذاكَ الذي وَرِثَ الطفوفَ هويةً
وفجيعةً وثقافةً ودليلاً
وتناسَخَتْ قِصَصُ الطفوفُ بنُسْخَةِ الـ
بحرينِ تعكِسُ جُرْحَها المَوْصُولا
يا نينوى البحرينِ أيُّ فجيعةٌ
أدْمَتْ هنالكَ زينباً وبتولا
يا نينوى البحرينِ كيفَ تَوَزَّعَتْ
من كربلاءَ بكِ الجراحُ فصولا
فسَبَحْتِ في بَحْرِ الدِّمَاءِ جزيرةً
تَبْكِيْ الشَّواطئُ مَوْجَهَا المقتولا
يا واحةَ البحرينِ حينَ تَلَبَّسَتْ
فيكِ الطفوفُ جداولاً وسهولا
أصبحتِ في بحرِ الخليجِ غوايةً
عدواكِ تسري في الجهاتْ شمولا
حتى لقد خافتْ شياطينُ الدُّجَى
لونَ الزهورِ وعطرَهَا المعسولا
يا سبحةَ الأمواجِ حينَ تموَّجَتْ
تلقي على شطئانكِ التبجيلا
يا من رَسَمْتِ مِنَ الإباءِ قصيدةً
وعَزَفْتِهِ بفَمِ الخليجِ هديلا
وقبَسْتِ من شَكْلِ الدُّمُوْعِ خريطةً
وشَقَقْتِ من ألَمِ الجراحِ سبيلا
وجَعَلْتِ مِنْ لونِ الفِدَىْ جِنْسِيَّةً
حمراءَ تأبى للعدوِّ نزولا
يا بنتَ عِزِّكِ والخليجُ بذِرْعِهِ
عَبَثاً يطارِحُ زِنْدَكِ المفتولا
لمّا بزغْتِ على المدى حريةً
شَهَرَ السلاحَ وجاوَزَ المعقولا
إشراقةٌ أنتِ وجيشُ ظلامِهِ
يأبى بأنْ يجِدَ الصباحُ سَبِيلا
لكنَّ فَجْرَكِ والضياءُ سلاحُهُ
حاشا يسلِّمُ للظلامِ أُفُوْلا
يا ثورةَ البحرينِ حينَ تمخضَ الـ
بحرانِ مَدّاً حَطَّمَ التَّكْبِيْلا
ورسى على كُلِّ الجهاتِ لئالئاً
لَمَعَانُها قد أسقطَ التضليلا
كوني على بحرِ الخليجِ علامةً
للتائهينَ ومَشْرِقاً ورَسُولا
وتصبريْ لا تستكيني لحظةً
فلسوفَ تَنْقَشِعُ الجراحُ وُصُولا
بحرين الصمود قابلناهم بالسلم
و
قابلونا بالدم