خرجوا و بقيت ليديا وحدها ...
مصدومة ..
و خائفة ...
حائرة مما حدث ... لم تتوقع أبدا ان يحدث هذا ..
ضمت ليديا نفسها و هي تجلس ببطء ..
هذه المرة أخذت تبكي ..
بألم و حسرة ..
لا يمكن ...لقد....
لقد وثقت بك ...
لاينــر ..
لا أصدق ...
مهما يكن هذا الشيء الذي يريده ..
لم يكن ليساوي حياة إنسان..
رفعت رأسها و الدموع قد ملئت وجنتيها .. فجاءه ... تصاعد صداع غريب في رأسها ..
أخذ يشتد ..الى حد مؤلم أكثر من سابقة ... أمسكت رأسها بيديها وهي تصر على أسنانها ..
(( هذا ليس وقتك .. أبدا ... ))..
صرخت بألم وهي لم تعد تتحمل الكتمان أكثر :" آآآآآآه ..".
ليتك هنا لتسحب هذا الألم ..!!
... لم تمر دقيقة و ليديا تمسح على وجهها و عينيها بكمها من شدة الألم ..وهي تضغط على جبينها .. حتى خف .. سقط نظرها على آلة الأوتار..
وقفت و الدموع مازالت في مقلتيها ..
اتجهت نحوها و وقف أمام " القيثارة "..
ثم ..
لعلها تبعد الألم ..
مدت أنامل يدها اليمنى و أخذت تتلاعب بالأوتار .. لتصدر موسيقى حزينة كالأنين .. كان كالهمس الخفيف ...
سقطت دموعها الدافئة أخيرا على الارض الرخامية الجامدة ..
.. توقفت و أنزلت يدها .. رأت انعكاس صورتها على الصفيح الفضي من بين عتمة هذه الزاوية التي تقف فيها...
ـــ :" أشعر بالذنب الشديد .. لأني أمرت بجلبك ..أنت أرق من أن تكوني هنا... ".
التفتت ليديا بسرعة لترى ..
دانيال يقف وراءها قرب الأريكة عاقدا ذراعية ..
قال بابتسامة متوترة :" أظني بأني سمعت صرختك ..و أنا خارج القصر المظلم هذا ...".
نظرت إليه ليديــا قليلا ثم أشاحت بوجهها وهي تتمالك نفسها و تكتم دموعها ..
سمعته يقول :" كم أنا عديم الإحساس ..ما كان علي أن أقول رسالته أمامك..ّذلك المغرور..".
لم تدري لم شعرت بالغيض التفتت إليه و قالت :" ليس لأنه عدوك يحق لك أن تشتمه..".
ابتسم ابتسامه ذات معنى و قال :" أنت تعطين التفاصيل أهتماما كبيرا ..حسنا... آسف لك أنتِ فقط .. بصراحة هو أيضا لدي لقبي الخاص عنده ..".
تقدم قليلا و قال :" عزفك رائع مع أنه يوجد بعض الأخطاء ..".
لم ترد عليه ليديــا.. و مازالت ملتفتة بعدا عنه ...
قال بهدوء :" أنا دهشت جدا بعد أن عرفت بوجودك ... لقد أثار هذا فضولي و أريد أن أعرفك الكثير عنك .. أقصد عنكم .. امم قد يبدو الوقت ليس مناسبا لكن .. بما أنك ستعودين غدا ..".
نظرت إليه ليديا بشك قالت ببرود :" و مالذي سيضمن لي العودة غدا ؟ أنا وُعِد...".
صمتت و هي تنظر الى الارض بعينين مصدومتين ... شعرت برغبة في البكاء ثانية ..
كادت أن تقول ... كادت أن تعترف بأنها فقدت الثقة به... لكن..
سمعته يقول بهدوء و بحة صوته المميزة الرائعة أظهرت صوته صادقا :" أعرف أنه وعد بحمايتك ...لكن أنا إن أردت شيئا أحضره ولو كان في أرض المستحيل ..".
صمت قليلا ثم أكمل :" أنا لست مثله ..لذا أرفعي رأسك ..".
رفعت ليديا رأسها ...
بالرغم من كل شيء .. هذا المدعو دانيــال لم يبدو شخصا سيئا جدا ...
ربما فقط بينه و بين لاينــر سوء تفاهم ..
ابتسم لها وهو يتأمل عينيها .. قال بحنان :" لم أرى بحياتي جمالا أخاذا مثل الذي أراه أمامي ..أنت شديدة الرقة ... في نفس الوقت قوية و عزيزة النفس ..".
نظر جانبا وهو يهمس مع نفسه :" يالا القهر... و طوال الوقت كانت مع ذلك المغرور ..".
....:" أحم .. اوه يالا وقاحتي ... يجب علي تقديم شيء لك ..".
التفت يريد أن يغادر... لكن ليديا قالت بسرعة :" لا .. أرجوك .. لا أرغب بشيء ..".
عاد ملتفتا إليها قال بكبرياء :" اوه نسيت ... ذلك المغرور هو السبب في جعلك تحزنين ..".
لم تدري ليديا لم تشعر بالغيض كلما ذكر لاينــر بسوء ..
هذه المرة شمرت عن قدميها النحيلتين و كانت مرتدية كعبا عاليا ..
تقدمت نحوه و هي ترفع فستانها ذا الطبقات الكثيرة و ..
داست على قدمه ..!!!!!
بالرغم من أنه كان مأخوذا منها و متفاجئا ..
إلا أنه قال بتظاهر :" آه مؤلم ..لمَ فعلت هذا ؟؟!! ".
وهي لم تؤلمه حتى ... بالكاد شعر بالضربة ..!!
قالت ليديا بكبرياء وهي ترجع لمكانها و تترك فستانها :" هذا تقليد لدينا ... عندما يفقد السيد لباقته أمام آنسة عليها أن تذكره بنفسها ..هه ".
وهي تشيح بوجهها ..
لم يستطع دانيــال كتم ضحكة خفيفة من الخروج ..
قال وهو يتقدم و يخلع قفازة ليمسك بيدها برقة و يقبلها :[color="rgb(154, 205, 50)"]" أعتذر مجددا .. عزيزتي الآنسة ليديــا ..".[/color]
أحمر وجه ليديا لأقصى الدرجات سحبت يدها و قالت بخجل :" مالذي تفعله ؟؟ ولم خلعت قفازك ؟؟ "..
أعتدل واقفا و قال بابتسامه :" أنا أعتذر فقط .. طريقة تذكير جميلة جدا ..أحببتها.. تجعلك قريبة جدا من المخطئ ..".
همس مع نفسه :" سأشتم لاينــر طوال الوقت ..".
نظر إليها بعينين متلألئتين و قال بحنان :" لكني خشيت على يدك الناعمة .. من قفاز يدي ..لذا خلعته..".
أشاحت ليديا بوجهها عنه وقد شعرت بضربات قلبها تزداد لترفع حرارة وجهها ..
قال مجددا بهدوء :" آنسة ليديــا .. ".
يرديها أن تنظر إليه عندما فعلت.. أكمل :" الآن أنا أخوض معركة و اشتباكات مع قوات الأمير لاينــر .. الحقيقة لا أحبذ أن تبقي في قصري هذا كثيرا فهو خطر عليك ...حقا ..لذا أفكر بالانسحاب لأستدرجهم لمكان أخر بعيد .. ثم أأمر ديريك أن يعيدك بأمان ..".
استغربت ليديا قالت وهي لا تكاد تصدق :" حـ حقا ؟!!.... ستعيدني ؟!! ".
قال دانيال بابتسامه ساحره :" أجل اليوم قبل الغد ...أنت لن تتحملي ..و لاينــر لن يجلب الختم الذي أريده .. لم أكن أحب أبدا اختطاف آنسة .. بالرغم من أني أمرت ديريك بجلبك بلطف .. لكن هذا يظل اختطافا ..".
ثم أكمل وهو يداعب شعره الناعم :" مع هذا كانت فرصة سعيدة بلقائك و التعرف إليك ..آنسة ليديا ..".
لأول مرة ابتسمت ليديا له .. قالت وهي تخفض رأسها بإحراج :" حسنا ..أنا أعرف ...لقد كنت لطيفا جدا معي ..أيها الملك ..شـ شكرا..".
قال دانيال بمرح :" ناديني دانــيال فقط ..لا أحب الرسميات كثيرا..".
نظرت إليه ليديا ..
ما بال الأشخاص يكرهون ألقابهم ؟؟؟!!!
أقترب قليلا منها وهو يسمك يدها بيده العارية قال برقة و خفوت حتى أصبح صوته كالنسيم الرقيق :" سأذهب الآن و سأعود .. لا تخرجي من هذه الغرفة .. ديريك خلف الباب ..إن أردت أي شيء ..فقط نادي باسمه ..اتفقا ؟ ".
قالت ليديا :" حسنا ..".
اعتدل و قال :" جيد ...أنا لن أتأخر..".
ذهب و مر وقت طويل جدا ... اتجهت ليديا للـقيثارة و وهي تلامسها بإطراف أصابعها ..
تساءلت ..
و أخذت تفكر ..بـ..
لاينــر ..
وضعت يدها على جبينها و هي تقول بألم :" أنا لا أريد أن أفقد ثقتي بك ... لا أريد حتى التفكير...".
لم تنتبه إلا بدموعها تتساقط ..
جلست على الارض .. وهي لم تقدر على الوقوف حتى ...
حتى أعداءه ...
أشفقوا علي و هم ..
يريدون أعادتي ...
لماذا ؟؟ فعل هذا ..
أيا كان ذلك الشيء ....فهو ليس ...
ليس ثمينا ...
مقارنة مع حياة إنسان ...!!
وهي هكذا قد عاد الألم لها..
تشعر بحرقة و غصة الألم ..
..
أنت لن تتركنـــي هنــا ... أنا مازلــت أثق بك .. الى الأبــد ..
لكن ..
الى الآن .. لا تدري ما ســر هذه الثقة العميـــآء ...!!