من روائع إيليا أبو ماضي كم تشتكي وتقول إنك معدم = والأرض ملكك والسما والأنجم
ولك الحقول وزهرها ونخيلها = ونسيمها والبلبل المترنم
والماء حولك فضة رقراقة = والشمس فوقك عسجد يتضرم
والنور يبني في السفوح وفي الذرا = دورا مزخرفة وحينا يهدم
هشت لك الدنيا فما لك واجما؟ = وتبسمت فعلام لا تتبسم؟
إن كنت مكتئبا لعز قد مضى = هيهات يرجعه اليك تندُم
أو كنت تشفق من حلول مصيبة = هيهات يمنع أن تحل تجهم
أو كنت جاوزت الشباب فلا تقل = شاخ الزمان فإنه لا يهرم
انظر فما زالت تطل من الثرى = صور تكاد لحسنها تتكلم
قال السماء كئيبة وتجهما = قلت ابتسم يكفي التجهم في السما
قال الصبا ولّى ! فقلت له ابتسم = لن يرجع الأسف الصبا المتصرما
قال التي كانت سمائي في الهوى = صارت لنفسي في الغرام جهنما
خانت عهودي بعدما ملكتها = قلبي فكيف أطيق أن أتبسما
قلت ابتسم واطرب فلو قارنتها = قضّيت عمرك كله متألّما
قال التجارة في صراع هائل =مثل المسافر كاد يقتله الظما
أو غادة مسلولة محتاجة = لدم وتنفث كلما لهثت دما
قلت ابتسم ما أنت جالب دائها = وشفائها فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرما وتبيت في = وجل كأنك صرت أنت المجرما؟
قال العدى حولي علت صيحاتهم = أَأُسر والأعداء حولي في الحما؟
قلت ابتسم لم يطلبوك بذمّهم = لو لم تكن منهم أجلّ وأعظما
قال المواسم قد بدت أعلامها = وتعرّضت لي في الملابس والدمى
وعليّ للأحباب فرض لازم = لكنّ كفّي ليس تملك درهما
قلت ابتسم يكفيك أنك لم تزل = حيّاً ولست من الأحبة معدما
قال الليالي جرعتني علقما = قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعلّ غيرك إن رآك مرنِّما = طرح الكآبة جانبا وترنما
أتراك تنغم بالتبرم درهما = أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما؟
يا صاحِ لا خطرٌ على شفتيك أن = تتثلما والوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى = متلاطمٌ ولذا نحب الأنجما
قال البشاشة ليس تسعد كائنا = يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما
قلت ابتسم ما دام بينك والردى = شبرٌ فإنك بعد لن تتبسما
أيهذا الشاكي وما بك داء = كيف تغدو إذا غدوت عليلا
إن شر الجناة في الأرض نفس = تتوقّى قبل الرحيل رحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى = أن ترى فوقها الندى إكليلا
هو عبءٌ على الحياة ثقيلٌ = من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال = لا يرى في الوجود شيئا جميلا
فتمتّع بالصبح ما دمت فيه = لا تخف أن يزوا حتى يزولا
وإذا ما أظلّ رأسك هم = قصَّر البحث كيلا يطولا
أدركت كنهها طيور الروابي = فمن العار أن تظل جهولا
ما تراها والحقل ملك سواها = تخذت فيه مسرحا ومقيلا
أيهذا الشاكي وما بك داء = كن جميلا ترى الوجود جميلا