04-10-2012, 11:51 AM
|
|
اذا سلمنا بالمقدمة الخاطئة بأن الاحلام كلها رغبات ، فهل يوجد طفل في الدنيا تسره حياة الوحدة ؟ فلا اطفال يلعب معهم ولا حتى يستعرض مواهبه امامهم ولا يتعلم منهم ؟ .. خصوصا وان اكثر الالعاب تحتاج الى اكثر من شخص ، فهل الوالدين سيلعبان مع الطفل كل الوقت ؟ اذا هذه الطفلة خاسرة ، بنفس التحليل الاناني النفعي الفرويدي المجرد من المشاعر ، اي بحسبة عقل مادي هي خاسرة ووضعها بئيس : طفلة بدون اطفال تلعب معهم . ثم يقول انه تحرى وتقصى : هل تحرى عن شعورها حول : هل كان هذا الحلم كان بهيجا ام حزينا ؟ هذه من بديهيات التحري .. نستطيع ان نقول و بكل بساطة ، انه بعدما مات طفل من اقاربها ، خافت ان يموت البقية . فيكون الخوف هو دافع الحلم وليس الرغبة كما هو واقع في أكثر احلام البشر ، و تأثرت بهذه الحادثة وظهرت لها في الاحلام . ولو كانت ترغب فعلا في ان يموتوا ، لجاءها هذا الحلم قبل ان تقع الحادثة التي تحرى عنها فرويد – وهي موت طفل من اقاربها قريبا - و ليس بعدها . دافع الخوف اكبر واكثر من بقية الدوافع الاخرى في الاحلام . بل حتى في الحياة العادية ، فلماذا نفرق بين الاحلام والواقع الى هذا الحد ؟ فالمخاوف تتحكم بنا اكثر من تحكم الرغبات ، حتى في الواقع واليقظة . فالشخص الذي يحلم هو نفسه الشخص المستيقظ ، والدوافع هي نفسها . اخبر شخصا عن شارع خطر فيه لصوص ، وعن شارع آخر فيه منتزهات واماكن للهو .. بايهما سيهتم اكثر ويحرص على عدم نسيانه ؟ اكيد انه الشارع الخطر . اذا دوافع الخوف اقوى عند الانسان من دوافع الرغبة ، والانسان هو الانسان ، مستيقظا او نائما . حياة الانسان في الدنيا محوطة بالخوف ، بل حتى الرغبات يدخل فيها خوف فقدها و ينكـّدها . و بما ان الحالم يخاف وهو في الحلم ، اذا نفس شعوره وهو مستيقظ هو نفسه وهو يحلم . و ما دام الخوف يدخل حتى في الاحلام ، اذا كيف نقول ان الاحلام كلها رغبات ؟ اين العقل الباطن ليحتال على المخاوف و يزيلها من الحلم و يمنعها ؟ لو كانت احلامنا كلها رغبات ، لكانت كل احلامنا متعة ، لكن الواقع هو العكس ، فلا يكاد يخلو حلم من لحظة خوف او قلق . بل ان الكثير من الاحلام عبارة عن خوف مجسد (فزع او كوابيس) . حتى الرغبات التي نراها في الحلم سرعان ما يتسرب اليها الخوف . والخوف هو الذي ينهي الحلم في اكثر الاحيان . مصدر ازعاج : شعور الاطفال وقتي و في حينه ، فلا يعرفون كيف يكوّنوا احقادا ، والا لماذا وصفوا بالبراءة ؟ فرويد يريد ان يجعلهم حاقدين و يستحضرون ازعاج الطفل حتى في لحظات موت ذلك الطفل . و هذا التفسير غير منطقي . و ناسيا انه لا يوجد طفل ليس ياتي منه الا الازعاج فقط . هذا غير واقعي . و كثير من الاباء والامهات يتفهمون مشاعر الطفل بعد ان ياتي طفل جديد ، فيحاولون تعويضه و تطمينه وتفهيمه ، فتزداد سعادته بضمان الحنان و زيادة فرد يدخل البهجة على حياته . و كثير من الاطفال الاذكياء يتفهمون ان الاطفال الصغار بحاجة الى عناية اكثر منهم ، لانهم ضعفاء ، و ليس لانهم مفضلين عليهم . بل هم يبدأون بالحنان نحو الطفل الصغير و يستملحونه و تعجبهم حركاته و صغر جسمه . وهذا سـُخرة من الله ، فكل صغير له قبول واستملاح عند النفوس ، صغارا او كبارا . في العادة ، كل شيء سوف يبتعد نهائيا لا نتذكر اساءاته بل نتذكر حسناته ، لهذا السبب نرى كل الناس يتالمون لموت اي احد . مع ان بينهم مشاحنات و عداوات . لهذا يقال : اذكروا محاسن موتاكم . فبمجرد ان تعرف ان شخصا قد مات او قتل ، تجد ان كراهيتك له تنسحب في تلك اللحظة ، او ابتداء من تلك اللحظة ، و تبحث له عن بعض الحسنات والميزات حتى لو لم تقلها ، بل قلت عكسها .. هذا الشيء ينطبق على الاشياء المادية التي تذهب عنا الى غير رجعة ، كل شيء يذهب الى غير رجعة يحدث شعورا بالالم . و هذا الشيء معروف عند الاطفال ايضا ، حتى عندما يموت حيوان في المنزل او يـُذهب به ليـُباع يتألم الاطفال ، حتى لو كان ذلك الحيوان مزعجا لهم ، فما بالك ان يموت احد افراد العائلة و يفرح الاطفال ؟ هذه محاولة ابلسة و شيطنة للشعور الانساني النبيل و لبراءة الاطفال واظهارهم بمظهر الشياطين ، ليس فقط الانانيين بل يحملون شعور القتل و الافناء للآخرين ، و هذا ظلم واضح لبراءة الطفولة ، اراد منه فرويد ان يبرر لظلم الكبار و امبريالية الغرب و راسماليته من خلاله . واضح انه ينتصر للجانب الشرير في الحياة و ليس للجانب الخيّر ، و من يفعل هكذا لا يقال عنه انه يضمر الخير للبشرية . ولا يستحق ان يوصف بالانسانية ابدا .. فهي منه براء .. و يسمى من مثل فرويد من المفكرين بالمفكرين الغير انسانيين .. و ما دام هناك اناس يوصفون بالانسانية ، اذا يجب ان يكون هناك من يوصف بعدم الانسانية ، يجب ان يعرف كلا النوعين احتراما للمعرفة والتاريخ .. فرويد حصل على اعلى النقاط التي تؤهله ليصنف كمفكر غير انساني .. ومن يستنكر هذا عليه ان يخبرنا بمن هم اذا المفكرون غير الانسانيين ، او يطالب بشطب كلمة"انساني" من الاساس ما دام لا يوجد لها ضد . فلا يوجد شيء الا وله ضد .. ولا صفة الا ولها عكس .. نعم فرويد و ماركس ونيتشه وسام هاريس وداوكينز (لتفضيله الحيوانية على الانسانية) مفكرون غير انسانيون ، واعلنوا هـُزْأهم بالانسانية ومقوماتها .. وليس من حقهم ان يوصفوا بما سخروا منه و حاربوه .. ومن وافق شيئا أخذ حكمه ..ومن قلدهم واحترم افكارهم فهو مثلهم .. لم يـُبقِ البشرية الا التنحية الجزئية لبعض الشرور ، و إلا لفنيت منذ القدم . إذاً وجود الخير ولو نسبيا هو سر بقاء البشرية . و كلما زادت نية الخير و ابتعدت نية الشر ، كلما زادت حياة الناس سعادة . والماديون ينكرون وجود ما ابقى وجودهم (الخير) ، فلماذا يستغرب منهم ان ينكروا وجود من اوجد الخير الذي ابقاهم ؟ الرقيب : قبل قليل يشير الى ان الطفل لا يكترث بغياب والديه او غياب اي احد ، و ان غياب امه مثل غياب الخادمة تماما . و الآن يشير إلى أنه يحمل حقدا و امنية بغيابهم !! فالولد يتمنى غياب والده ليحظى بحنان امه ، حسنا : و حنان والده الذي سيفقده : هل اصبح بلا قيمة ؟ الم يفرط باخيه الصغير و يتمنى موته لاجل حنان ذلك الوالد و تلك الوالدة ؟ الان نجده بدأ يفرط في ذلك الحنان و يوزعه على المقابر ! ماذا بقي من التناقض المثير للاشمئزاز عقليا قبل ان يكون اخلاقيا ؟ العجيب ان تلك الام التي لا يكترث لغيابها ، اصبح شعوره يقاتل لكي لا يبقى الا هي في العائلة (فكرة راسمالية لا تبقي الا على واحد) !! بعد ان يذهب اخوته و ابوه الى غير رجعة ! الم يقل قبل قليل ان مثلها مثل المربية ؟ فكيف صارت تستحق كل تلك التضحيات بالابرياء لاجلها ؟ اليس هذا تناقضا عقليا ؟ فرويد لم يبتعد عن الوصايا العشر فقط ، بل ابتعد عن العقل والمنطق وناقض نفسه بنفسه دون ان يدري .. فرويد و امثاله من الماديين يريدون القارئ المتلقي الذي يقرأ قراءة اللحظة ولا يخرج بفكره عن الصفحة التي امام عينيه الان ، لكنهم لا يريدونه ان يتجاوز هذا الخط بحيث يربط كلامهم السابق بكلامهم اللاحق . انهم يريدون القارئ للاستيعاب ولا يريدون القارئ للتفكير والنقد . فرويد يحمـّل كلام الاطفال اكثر مما يحتمل ، فهل طفلة في الرابعة تعرف معنى الزواج ؟ فرويد يريد الادانة فقط . اطفال في سن مبكرة ، يرون امهاتهم و اباءهم نظرة مثالية ، فكيف يفكرون بهم جنسيا ؟ و لو سرنا مع منطق فرويد لأحب الولد أخته التي اصغر منه بدافع جنسي و ليست امه . الم يتفرج فرويد على الاطفال وهم يلعبون ؟ الم يجد البنات يقلدن امهاتهن و الاولاد يقلدون اباءهم ؟ هذا اسمه اقتداء ، و ليس انتظارا للحظة زوالهم عن الحياة ليقعدوا في مقاعدهم في نفس الأسرّة (هذه فكرة راسمالية من سوق المال)! هذا اليهودي يرسمل العلاقات الاجتماعية ولا يفرق بين دكان المرابي وحنان الأسرة .. ! الاب و الام بالنسبة للاطفال الصغار هم المستقبل ، هم النموذج الذي سوف نكون مثله ، فهل احد يقلد احد ويعجب به وهو يكرهه ويتمنى زواله ليحل محله ؟ هذا منطق مشروخ !! ثم زوال من ؟ هذه لا يفعلها ولا حتى الموظفون في عملهم ، لا يتمنى موظف ان يٌفصل المدير ليحل محله ، فما بالك باطفال لا امل لهم بالحياة الا من خلال هذين الوالدين ؟ بل لا يثقون بأي احد بمقدار ما يثقون بوالديهم ولا يشعرون بالامن الا بصحبتهم ، ومع هذا يتمنون زوالهم ! اللعب شيء والواقع شيء آخر . لعب الاطفال تدريب وليس بدافع الحقد وإعداد المؤامرة ، البنت لا تريد ان تقوم باعمال المنزل بدلا من والدتها لأنها تعرف أنه عمل شاق ، بل تريد ان تمرح و تلعب كما تشاء ، الاطفال لا يحبون الالتزام ، و دور امها مليء بالالتزامات . لكن يسرّ الطفل ان يظهر بمظهر الكبير ، لو كان الاطفال يعرفون الدافع الجنسي مثل الكبار لفعلوه ، ما الذي يمنعهم ؟ ولماذا يتمنونه فقط ؟ و ايضا لفكروا بمن في عمرهم ، بدلا من ان يفكروا بممارسة الجنس مع اباءهم وامهاتهم الذين يفوقونهم بالوزن والعمر أضعافاً . هذه شطحات خارجة عن افق المعقول . ولا تدل على ان فرويد يفهم حتى الدافع الجنسي و مُهيـّئاته . ترى ما الذي يفهمه فرويد غير سوق المال ؟ فرويد لا نستطيع ان نقول انه يعرف اي شيء عن الانسان ، بما في ذلك الجنس . كلنا مررنا بالطفولة وخطرت على بالنا افكار كثيرة و نعرف مشاعرنا عندما كنا صغارا .. كل شيء فيها الا الاشياء التي يقترحها فرويد . ايكتب عن الانسان والبشر الذين نعرفهم ، أم يتكلم عن سكان كوكب اخر ؟ منذ الثالثة من عمري وانا اتذكر كل مشاعري وافكاري ، بل اتذكر الاماكن التي ارتبطت بها تلك الافكار . لم تزرني عقدة اوديب يوما من الايام ، و لا اظن قارئا قد زارته ، ولم افكر واتمنى زوال اخوتي الصغار من الحياة ولم أتمنى يوم من الأيام زوال أبي / بل كنت أخاف من ذلك أشد الخوف لأنني أحبه وأتعلم منه منذ أن رأته عيني وإن كنت أغضب منه أحيانا لأسباب أعرفها بوضوح ، مع انني اذكر مشاعري منذ السنة الثالثة من عمري. فمتى تكون هذه المشاعر التي يتكلم عنها فرويد ؟ في اي شهر هي من عمر الانسان ؟ و متى يعرف الطفل ان اباه يمارس الجنس مع امه حتى يتمنى أن يكون هو بدلا من أبيه كما يزعم هذا الطرح الشاذ ؟ هل يتمنى شيء لا يعرفه ؟ كل الأطفال دون سن المدرسة لا يعرفون إلا أن المستشفى أخرج طفلا من بطن أمه ، و بعضهم لا يعرف ولا حتى هذه ، حيث يتصور أن المستشفى مثل السوق وذهبت أمه و اشترت طفلا جديدا ! ولا يدري كيف تكوّن هذا الطفل . و اسئلتهم تدل على أنهم لا يعرفون العملية الجنسية برمتها ، فكيف يحسدون أمهم واباهم على ممارسة الجنس و يتمنون زوالهم ليحتلوا أماكنهم في ممارسة الجنس الذي لا يعرفونه ؟ عقل فرويد يستطيع أن يستوعب تمني شيء غير معروف ، و لا يعرف الطفل عن ممارسة الجنس و أنه سبب الإنجاب الا في سن متاخرة ، في المراهقة ربما أو قبل ذلك بقليل . و كل الاباء يعرفون مدى تعلق الابناء الذكور بهم ، و مراقبة حركاتهم منذ السنوات الاولى . و يعرف غريزيا ان هذا هو قدوته ، و كذلك البنات يركزن على امهاتهن اكثر من التركيز على اباءهن ، على العكس تماما مما يذكر فرويد . فالطفل الولد يفرح ان يحمله ابوه اكثر من امه و العكس . كما ان الحنان مختلف بين الاب والام ، فبعض الاسر تكون الام اكثر حنانا على الاطفال ، و بعض الاسر يكون العكس ، مع ان الاكثر هو حنان الاب من وجهة نظري بشكل عام . اما تضايق بعض الاطفال الذكور من اباءهم او البنات من امهاتهن احيانا ، و الذي فسره فرويد بكل عبقرية بالرغبة الجنسية و الاستحواذ ، فهذا كلام سخيف و غير منطقي ؛ لان الولد يركز على والده و يرى فيه مستقبل حياته ، و يكون حساسا من ناحيته كلما اهمله او منعه او صرخ في وجهه . و نحن نتأثر بقسوة ممن نحبهم اكثر من قسوة من لا نحبهم بشكل عام ، قال الشاعر : و ظلم ذوي القربى اشد مضاضة .. على النفس من وقع الحسام المهند .. لهذا فالبنت يبقى في نفسها شيء من معاملة والدتها لها ، تزول احيانا و ترجع وقد تنمحي نهائيا حسب المعرفة و تقدير ظروف الوالدة . وكذلك الابن مع ابيه . ليس لانهم يكرهونهم بل العكس تماما ، لانهم يحبونهم . و التأكد من اخلاص الوالدين عند الاطفال كفيل مع الزمن بازالة كل ما يعلق في النفس منهما و يعكر صفو المحبة . و كلما تقدم الانسان بالسن كلما التمس العذر لوالديه . حتى يكاد يطهّرهما من اي تقصير بعد ان يفقدهما . و دائما الابناء يعلقون اخطاء اباءهم على ظروف الحياة والاخرين . الام بسبب الضغوط الكثيرة قد تنهر ابنتها وتكشف اخطائها ، لأنه و بتلقائية : تربية الاولاد تميل نحو الاب ، وتربية البنات تميل نحو الام . و لا توجد بنات يربيهن ابوهن بالكامل مع وجود امّهن ، و لا العكس . لا بد من تأثير النوع ، حتى الاب الذي يربي بناته ، يربيهن من خلال نماذج انثوية ، وكذلك الام عندما تربي اولادها الذكور ؛ فهي تربيهم من خلال اخوانها (اخوالهم) مثلا ، لان للذكر طبيعة حياة تختلف عن طبيعة حياة الانثى بكل مناحي الحياة . والاطفال الصغار يريدون ان يتعرفوا على الحياة بشكل اسرع ، واقصر وآمن طريق هو من خلال الوالدين ، واذا كان الطفل ذكرا فالطريق الاقصر هو من خلال والده ، و للبنت فهو من خلال امها . اذا كل فكرة فرويد خاطئة . فالبنت تميل لامها اكثر ، و لكنها تغضب منها اذا لم تقدّر هذا الميل ، كذلك الولد يميل لابيه اكثر ، و لكنه يغضب من ابيه اذا لم يقدّر هذا الميل . الطفل يتعقد اكثر بسبب الاب ، والطفلة تتعقد اكثر بسبب الام ، والعيادات النفسية تشهد بذلك . فرويد جيـّر هذا على انه نفور من البنت عن امها لانها تحتل فراش الزوجية عن ابيها ! فهل هناك اغرب و ابشع من هذا التفسير ؟ مع ان السبب واضح ، فالبنت تعرف انها ستعيش كل حياتها انثى ، لذلك تهمها امها الانثى ، لانها تضمن اخلاص هذه المراة لها ، و تضمن معرفتها اكثر منها . و من خلال تقليدها تستطيع ان تخرج الى الحياة الواسعة كأنثى ، و كذلك الولد مع ابيه . و ما اكثر ان تشاهد الاولاد الذكور يلاحقون اباءهم و يفرحون بخروجهم معهم ، و كذلك البنات يلاحقن امهاتهن ، فاين هو النفور الذي يزعمه فرويد ؟ الولد ينتقد اباه اكثر ، والبنت تنتقد امها اكثر ، و نلاحظ عند الاخوان والاخوات بعد موت الوالدين ، كثرة ذكر البنات لامهن ، وكثرة ذكر الاولاد لابيهم ، و هذا يظهر في احلامهم ايضا ، و كلا الجانبين ينظران نظرة قدسية الى الوالد ان كانوا ذكورا ، او الام ان كن اناثا . هذه القدسية هي التي كانت منذ الطفولة . صورة نادرة جدا – و لها اسبابها - ان وجدتَ طفلا ذكرا يتعلق بامه ولا يتعلق بوالده . إلا أن تكون امه قد شوهت له صورة والده ، وهذا يحدث كثيرا في حالات الطلاق ، لكن مكان والده يبقى فارغا في نفسه . تركيز فرويد على كلمة الحنان غير علمي ولا واقعي ، فالطفل ليس كالبيضة التي تحتاج للدفء والحنان فقط ، الطفل يريد من يوسع مداركه ، و يُؤخذ بيده الى الحياة بدون خطر . الطفل يفتخر بقوة والده ولا يحقد عليه كما يتصور فرويد ، والطفل يفتخر بثقافة والده و يتصور انه يعرف كل شيء و يعرف من خلال اي الوالدين يكون امتداده . لا توجد فكرة الحقد اصلا بين الوالدين و الابناء ، فالوالدين لا يحقدون على ابناءهم ولا العكس ، مهما كان الوضع . و بالتالي لا احد يتمنى الشر للاخر ، وكما قيل في المثل : عداوة الاحباب تدخن ولا تحترق . لهذا يميل كل طفل الى من هو على جنسه . الولد يعرف انه لن يكون اما يوما من الايام و لا ربة منزل ولن يلبس مثل ملابس امه ولن يتكلم بنفس طريقتها ، فلماذا اذا يهتم بها و يهمل والده الذي سيكون مثله يوما ما ؟ الطفل لا يفكر انه سيكون في يوم ما مكان والده في الاسرة ، ولا البنت تفكر هكذا . الطفل يعرف انه سيكبر و تكون له اسرة جديدة غير اسرة والده ، و يكثر الطفل من كلمة : اذا كبرتُ ، وهو يعرف ان الجميع يكبر وليس فقط هو . فاذا كبر الطفل و صار في عمر والده ، يعرف ان الجميع سوف يكبرون مثله و لن يكون ابا عليهم ، لانه فرد من هذه الاسرة ، فهل يكون ابا على نفسه ايضا ؟ الطفل ليس احمقا الى هذه الدرجة حتى يتخيل زوال ابوه و يكون هو الاب لهذه الاسرة ، وزوج هذه المراة التي هي امه . النوم مع الام : هذا ليس صحيحا و لا مطردا ، بل اكثر الاولاد يحب ان ينام مع والده ، لان والده يشعره بالحماية اكثر ، و لانه يرى فيه افضل صديق . فرويد يحمـّل سلوك الاطفال معاني خبيثة لا يعرفها الاطفال . الحقيقة ان كل الاطفال و من كل الاعمار الطفولية يحبون ان يناموا مع والديهم ، لأن هذا يعطيهم احساسا بالامن و الوئام اكثر من ان يكون كل طفل في غرفة منفردة ، اذا لم يكن هذا ممكنا احبوا ان يناموا مع بعضهم . او مع اختهم الكبيرة او اخاهم الكبير ، كاقرب صورة للوالدين .. حتى البنت في غياب والدها يعجبها ان تنام مع والدتها ، و يعرف فرويد هذه الصورة ، و لكنه حذفها من الفيلم لانها لا تعجبه . وهل ذلك الطفل الذي ذكر ، ألن يفرح اذا نام بين والديه كليهما ؟ الحقيقة انه سوف تزود فرحته اكثر بحضور والديه اكثر من غياب احدهما ويشعر بالامان اكثر ، هو يقيس على نماذج مفردة و منتقاة دون استعراض حياة الطفولة باكملها . الم يلاحظ فرويد ان الطفل يحب ان يلبس ملابسا مثل ملابس والده ؟ و يفرح عندما يجلس على مقود السيارة ؟ و كذلك عندما ينام في فراش والده ؟ كل هذه من ضمن تدريبات الاستعداد للمستقبل ، و مستقبل الطفل مهم عنده . فالاب عند الطفل يعني صورته و هو كبير ، و من ضمنها ان ينام على فراش والده ، فالنوم على فراش والده تماما مثل الجلوس على مكتب والده ، او الجلوس في مجلسه و شرب قهوته وربما غليونه او سيجارته .. هذه سلوكات بريئة . الطفل مشغول بمستقبله و تحقيق ذاته و ليس مشغولا بالجنس . ولو كان مشغولا بالجنس لتبين في اوضاع اخرى . بل ان الطفل الذكر و في كل المجتمعات يحب ان يصادق اطفالا ذكورا ، و كذلك تفعل البنات . مما يعني غياب الانجذاب الجنسي قبل بوادر البلوغ . و يتضايق الطفل الذكر اذا عومل او شبـّه بالبنت ، و كذلك تتضايق البنت اذا شبّهت بالاولاد . اذا كل افتراضات فرويد من مخيلته و ليست من الواقع . فاين هو البحث العلمي الواقعي الذي يدعيه ؟ عدم وجود الانجذاب الجنسي بين الاولاد والبنات و هم يقضون اوقاتا طويلة مع بعضهم ، الا يكفي دليلا لاسقاط فكرة فرويد من جذعها ؟ انهم مجموعة ذكور واناث يلعبون ويستطيعون ان يختفون عن الانظار ، فلماذا لا تظهر تلك النوازع الجنسية الجامحة فيهم واقعيا ؟ وعوضا عن ذلك تظهر في الاحلام والامنيات المكبوتة ؟ بمعنى : لا يقوم الطفل باي انجذاب جنسي لابنة الجيران وهو يلعب معها . بل يعاملها كما يعامل الولد ، بينما يحسد اباه على ممارسة الجنس مع امه !! اليس هذا جنونا ليس بعده جنون ؟ كل طفل يريد ان يكون كبيرا ، و هذا همه الاول ، حتى امنيات الاطفال فيما بينهم كلها مسبوقة عندهم بكلمة : عندما اكبر سوف اشتري سيارة من نوع كذا ، وسوف اصبح في المهنة الفلانية ، و غالبا يتمنى ان يكون مثل والده او قريبا منه ، وهكذا كلما كبر يعدل في هذه الامنيات بحيث تبتعد عن واقع والده بعض الشيء .. مما يعني ان الوالد هو مركز اهتمامه في البداية ، ثم يبدأ بزيادة هذه الاهتمامات من غير والده كلما كبر متاثرا بالاخرين .. اذا الوالد هو مركز اهتمام الطفل الاول و ليست الوالدة , والبنت عكس ذلك تماما .. قد يميل الطفل الى امه بسبب قسوة والده او اهماله ، وليس بسبب الجنس ، وقد تميل البنت الى والدها غالبا لانه لا يدقق عليها و يراقبها كما تفعل والدتها .. الطفل يعرف - بسبب وجود الكبار - انه ليس في الوضع النموذجي ، و انه في فترة انتقالية ضعيفة و قاصرة ، لدرجة انه يكره ان يقال له : انت طفل . و يحب من يقول له : انت رجل أو امرأة . حتى اسم التدليع كلما كبر الطفل يبدا برفضه ، لانه يرمز لطفولته . وهذا ليس محتما ، بل المحتم بان يرغب ان ينام مع امه و ابيه ايضا ، لانه اذا غابت امه رغب بان ينام مع والده ، و هي صورة واقعية حذفها المخرج . لماذا لا نقول بانه يرغب باستمرار غياب والدته حتى ينعم بوالده الذي يميل اليه فطريا ؟ و كل هذا غير وارد . فالطفل انسان و ليس وحشا صغيرا كما يتصور فرويد . ---------------------------------------- انتهت الحلقة السادسة .. وتليها الحلقة السابعة بإذن الله .. |