قال الشاعر المجيزي قصيدة تهجم فيها على الإمام السالمي فرد الإمام السالمي عليه بقوله :
*
الصدق قل وذر الكذب ** فالصدق ينجي في العقب
والحــق فانشـره ولا **تخشى الدوائر تنقلب
ما قد مضى سيكون ** إن هبت الفنا أو لم تهب
قل للذي في زعمه ** أبدى النصائح ويك هب
إن الذي خوفتني ** إياه أمر لم يهـــب
خوفتني ما ليس عنـ ** ـه مهرب ممن هرب
الموت أخشى وهو في ** كل الورى حقا وجب
الموت أولى من حيا ** ة في المذلة والتعب
الموت عند الحر أحلـ ** ـى من دني يرتكب
فاركب من العلياء بالـ ** ـعزمات أعلى مرتكب
فإذا استويت على الذي ** تهوى فقد نلت الأرب
وإذا المنايا عاجلتـ ** ـك فقد عذرت لذي الطلب
قد خاب ذو علم إذا ** لم يبد لله الغضب
أخذ الإله عهودنا ** ألا نزين مخشلب
ربح التجارة من وفى ** بالعهد يوما واحتسب
فالله قد ضمن الوفا ** ء لمن وفى ولمن ندب
فالنفس تفدي ديننا ** لا نشري بالدين الذهب
والنفس أكرم عندنا ** من أن تهان وأن تسب
فارجع لنفسك وانهها ** عن ذا التعرض للعطب
واسمع أحاديث العلا ** ت ملى عليك وتكتتب
إن الذي أوضحته ** وذكرت من شيم العرب
عز يغادر كل قلب ** في الأعادي مضطرب
عز يذكرهم بما ** وجدوه عنا في الكتب
عز يريهم أننا ** عن حالنا لم نقلب
عز يريهم أننا ** والمجد أهل و الحسب
وبه يكون العذر للـ ** ـسلطان من أقوى سبب
إذ لم يكن عن رأيه ** ما كان منا وانتسب
لكننا قوم خشينا ** الخدع منه حين دب
أتكون ذمتكم لمن ** بالخدع أيانا حرب
والله يأمرنا بأن ** ننبذ إليهم إن نهب
فانبذ إليهم عن سواء ** إن تخف خدعا تصب
والخصم لا يخفى عليكم ** حاله حيث انقلب
سلب الممالك باحتيا ** ل قد علمتم ما سلب
وأتى يخادعكم فقلـ ** ـتم إنه الخل المحب
بتم وبات ينوشكم ** بمكائد لم تحتسب
شعواء دس إليكم ** تحت الليالي والحجب
من هم أن يصطاد من ** لم يخشه مكرا وقب
أيبركم ولديه أخـ ـ ** بار الأوائل تكتتب
كم وقعة تركت جما ** جمهم هشيما مختطب
كم عرصة تركت ملو ** كهم عبيدا للعرب
كم غزوة تركت ذخا ** ئرهم غنائم تنتهب
أيكون مع هذا ودا ** د صفاء مرتقب
أيبرخصم خصمه ** وله الأمور كما نحب
ما خلفت أسلافكم ** إلا الكتائب والكتب
وسياسة تذر البعيـ ـ ** د من المعالي مقترب
وبسالة يهتز منـ ** ـها الخصم رعبا مضطرب
لا بالخدائع حربهم ** والمكر ماكان السبب
لكنه ضرب المدافع يطيـ ** ـر الهام طيران السحب
وترى الأكف به تسا ** قط مثل أوراق تجب
وترى الدماء به تصـ ** ـب كمثل غيث ينسكب
وترى المهند فيه يلـ ** ـمع مثل برق من كثب
مع قلة منهم وخصمـ ** ـهم كأرمال الكتب
فغدوا نجوما يهتدى ** بهم من العليا طلب
من ينصر الرحمن ينـ ** ـصره ومن يخذل يتب
والله يبلو خلقه ** ليثيب منهم من أحب
وهو القدير فلو يشا ** نصر العباد بلا سبب
لكنه أعطاهم عمرا ** له حدا ضرب
لا ينقصن ولا يزيـ ** ـد على الذي منه كتب
وإذا مضى في طاعة ** فازوا بحسن المنقلب
وإذا مضى في غيرها ** كان الهلاك مدى الحقب
والعمر حتما ذاهب ** إن لم تداركه ذهب
ولمن عصى نهج المتا ** ب له سبيل فليتب
فأنا النصيح وإن يكن ** قولي عليكم قد صعب
وأنا الشفيق وإن حسبـ ** ـتم أنني الخصم الحرب
وأن المحب وإن ظننـ ** ـتم أنني أعمى أدب
ما كان نصحي للبريـ ** ـة بالدراهم مجتلب
لكنه طبع طبعـ ** ـت عليه والمولى يهب
بئس المجالس للملو ** ك فتى به للدين جب
ما همة إلا امتلا ** ء البطن أو نيل النشب
أو كلمة من سيد ** يعلو بها وهو الذنب
يا رب ألهم رب دو ** لتنا المليك بأن يذب
واكشف له رتب الرجا ** ل على اختلافهم رتب
لا يستوي من يطلب الـ ** ـعليا ومن يبغي الذهب
فأخو الدراهم عينه ** حيث الدراهم تجتلب
وأخو المعالي همه ** يعلو الثواقب والشهب
ما كل من خطب المعا ** لي نالها لما خطب
مثل الكريمة لا تز ** وج ذا الحكاية والريب
تأبى العلا ينزو عليـ ** ـها كل قاص مجتنب
لكنه من ليس يقـ ** ـرع أنفه مهما وثب
ما المال والدنيا وإن ** جاء فليسا بالحسب
با إنما تقوى الإلـ ** ـه عي العلا المكتسب
فإذا رزقت مع التقى ** نسبا فأكرم بالنسب
من كان ذا نسب شريـ ** ـف للمروة يصطحب
تأبى عليه نفسه ** رعي الوخيم وإن عشب
والكامل الرجل الذي ** حاز المعالي واكتسب
دارت به العلياء من ** كل الجوانب والرتب
فنشا تربيه السعا ** دة والعناية منذ شب
ذو أنفة لا تستطا ** ع وعزة لا تستلب
شهم ترى في وجهه ** أثر البسالة يلتهب
ندب يرى الأمر العظـ ** ـيم عليه سهلا لو صعب
دمر يرى القاصي من الـ ** أشياء منه قد قرب
حر يرى فعل الدنيـ ـ ** ة كالحرام المرتكب
جلد لدى نوب الزما ** ن فلا تحركه النوب
صلد يساور عزمه ** صرف الخطوب إذا نشب
يلقى المنون كأنه ** يلقى الحبيب المحتجب
لا يثنه إلا مخا ** فة ربه عما طلب
لا جازع يوما ولا ** أسف إذا شام العطب
ماض على حلو القضا ** ء ومره لا يضطرب
راض بما قسم الإ ** له بفضله ربما وهب
فإذا دعي لملمة ** تلقاه أمضى من عضب
وإذا بسام الخسف وا ** ثب من يسوم على العضب
لا يصغ مهما زور الـ ** ـواشون قولا بالكذب
متأمل ما يعرضن ** له بفكر منتخب
كشفت له محض التجا ** رب عن أمور ترتقب
فهو الفتى فإذا ظفر ** ت به فكفك قد ترب
ربحت يداك إذا غدو ** ت لمثل هذا مصطحب
هذا الذي يدنيه من ** شاء العلا أن تنتصب
لا ينصح السلطان إلا ** من له رأي ثقب
وعزيمة ونصيحة ** وسياسة لا تقتضب
وشجاعة وبسالة ** منه الأعادي ترتهب
أما الذي من ظله ** يخشى فلا يقضي أرب
يا أيها الملك الذي ** حاز المعالي والرتب
أنظر هداك الله في ** أهل المشورة وانتخب
ما قام عز في البريـ ** ـة والرعاع له سبب
كالطود ليس يطيقه ** بيت يسقف من خشب